“النواب” يواصل مناقشة “تشجيع الاستثمار” وسط مطالبات خبراء بتعديلات حقيقية جاذبة

“النواب” يواصل مناقشة “تشجيع الاستثمار” وسط مطالبات خبراء بتعديلات حقيقية جاذبة

عمّان – البوصلة

طالب خبراء اقتصاديون مجلس النواب بإقرار تعديلات حقيقية جاذبة للاستثمار، مؤكدين على أنّ ما تمّ من تعديلات على 14 مادة من “مشروع قانون تنظيم البيئة الاستثمارية للعام 2022” ما زالت مخيبة للآمال ولا تشكل أي تحفيز حقيقي لجذب المستثمرين وتشجيعهم على القدوم للأردن.

وأكدوا على أنّ تشجيع الاستثمار بشكل حقيقي يجب أن يحل المشاكل العميقة التي حصلت لاقتصادنا وأدت لهجرة عكسية للمستثمرين وعلى رأسها كلفة الاقتصاد العالية والضرائب والفوائد البنكية والضمان الاجتماعي، مشددين على أنّه دون حلٍ جذريٍ لهذه المعضلات فلن يكون هناك أي تحفيز للمستثمرين كما تزعم الحكومة.

لا استثمار دون معالجات حقيقية

وقال الخبير الاقتصادي محمد البشير في تصريحاتٍ لـ “البوصلة” إنّ كل التعديلات التي تحدث على التشريعات، وما يتعلق منها بقوانين تشجيع الاستثمار على وجه الخصوص هي محاولات لا تدخل في عمق الأزمة، التي تتمثل في كلفة الاقتصاد العالية، وأسبابها واضحة تحدثنا فيها كثيرًا وهي متعلقة بضريبة المبيعات والطاقة والفوائد البنكية والضمان الاجتماعي.

ولفت إلى أنّه “دون معالجة حقيقية لهذه القضايا لا يمكن أن نستقطب الاستثمارات”، مشددًا في الوقت ذاته على أنّ “كل الاستثمارات التي كانت تأتي خلال الفترة الماضية كانت تأتي نتيجة النشاط السياسي للملك عبدالله الثاني وانعكاس لها، من خلال اتفاقيات مع صناديق سيادية في الخليج مثلاً أو بعض الدول الأوروبية”.

الخبير الاقتصادي محمد البشير: الممارسات الضريبية في الأردن تعبر عن “عقلية جباية” وتنفر المستثمرين

وأوضح البشير أنّ “سبب ذلك أنّ رأس المال يبحث عن المردود، وهذا يعني أن يجد كلفة اقتصادية مناسبة بالإضافة إلى العنوان الذي توسعوا فيه كثيرًا وهم يتحدثون عنه وهو متعلق بالبيئة التي لها علاقة بالإجراءات والبيروقراطية وكيفية التعامل مع المستثمر، بمعنى أنها تتقاسم مع الفساد وتدخل أصحاب النفوذ والمشهد الذي نراه على صعيد الممارسات الضريبية”.

ممارسات ضريبية كارثية

وكشف البشير  لـ “البوصلة” عن ممارسات ضريبية كارثية تؤدي لهروس المستثمرين قائلا: “بالأمس في ممارسة ضريبية على مستثمر محلي وضعوا عليه ما قيمته مليار دينار ضريبة، وبعد تحكيم لجنة الخبراء سقط المليار، وأصبح صفر، وقبله كان هناك آخرون، وما زالت القضايا في المحاكم”.

ولفت إلى أنّ “هذه الممارسات التي تعبر عن عقلية جباية بشكل أو بآخر، وتنشر في الإعلام، وكل ذلك يجعل المستثمرين يهربون ويجعل البيئة الاستثمارية الأردنية غير جاذبة، وتصبح المشكلة ليست مشكلة نصوص فقط”.

ولإثبات صدقية ما ذهب إليه البشير، قال: “تمامًا عندما نتحدث عن استقطاب المستثمرين من خلال الجنسية والممارسات التي تمّت سابقًا والنتائج التي رأيناها كانت مخيبة للآمال، وتعبر عن أنّ العقلية التي تدير الأمور على طريقتها الخاصة، وبالتالي تعبير عن طبقة من المستفيدين من الأوضاع القائمة التي تتمثل في مكاسب متعددة والقلة التي لديها 40 مليار دينار في البنوك بالإضافة لما يمتلكوه من أموال”.

وعبر البشير عن أسفه من أنّ “هذه الطبقة السياسية والاقتصادية المتحالفة التي تحافظ على الوضع الذي نعيشه وهم سعداء بذلك، ويتركون الصناعة والزراعة وباقي شعبنا بهذا الوضع الصعب الذي يدفع ثمنه، وبالنتيجة هؤلاء المستثمرون الذي يريدون القدوم من الخارج يبقون مترددين في الاستثمار في الأردن”.

لا يرقى لقانون استثماري جاذب

من جانبه قال رئيس جمعية سيدات ورجال الأعمال المغتربين فادي المجالي: إنّ هذا القانون بتعديلاته الأخيرة لا يرقى إلى مستوى قانون استثماري جامع وعصري ويكون قادرًا على معالجة المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الأردني.

وقال المجالي خلال حديثه في برنامج “صوت المملكة”: نحن نتحدث اليوم عن نسب نموّ منخفضة 2%، فيما نحتاج لنموّ على أقل تقدير يصل إلى 5%، ونتكلم عن نسب بطالة تهدد المجتمع، وإن لم يكن هناك قانون استثمار قوي جدًا يغري المستثمر للدخول باستثماراته ويوفر فرص عمل لا يمكن الحديث عن قانون استثمار عصري وجامع كما يُروّج له أنّ هذا القانون يخدم الاستثمار.

وأضاف: لا أعتقد أنّ هذا القانون يخدم البيئة الاستثمارية ولا أعتقد أنه قادر على تلبية وتنفيذ ما جاء في خطة التحديث الاقتصادي الذي أطلقها الديوان الملكي”.

وتابع المجالي حديثه قائلا: أعتقد حقيقة وبعد دراسات مقارنة مع دول محيطة انّ الإبقاء على القانون الحالي العائد للعام 2014 أفضل بكثير من هذا القانون حتى يُصار إلى صياغة قانون جامع وعصري وجاذب بالمعنى الحرفي وليس بمجرد.

ولفت بالقول: “ثلاثة أشياء تجعلني أصف القانون بالجيد أو غير ذلك ماذا يقدم من حوافز، وكيف عالج مشكلة الإجراءات والبيروقراطية، وماذا قدم هذا القانون للثورة الرقمية التي تقود العالم وكيف عالج مشاكل الطاقة وكلف الإنتاج”.

ويعقد مجلس النواب الأحد، جلستين تشريعيتين صباحية ومسائية، لاستكمال مناقشة مشروع قانون تنظيم البيئة الاستثمارية لسنة 2022، اعتبارا من المادة 15.

وباشر مجلس النواب مناقشة المشروع بعد إدخال لجنة الاقتصاد والاستثمار تعديلات على مواده، حيث أقرّ 14 مادة من أصل 52 من إجمالي مواد المشروع، بحسب “المملكة”.

وقال رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النائب خير أبو صعيليك، خلال الجلسة، إن اللجنة أجرت أكثر من 23 اجتماعا مع معنيين في القطاع الخاص ومستثمرين، لمناقشة مشروع القانون، موضحا أنه “جرى تعديل قرابة الـ 50% من نصوص ومواد المشروع”.

ووافق المجلس على قرار لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية المتعلقة بالمادة الـ13 من مشروع القانون، والتي منحت مجلس الوزراء، بناء على تنسيب لجنة الحوافز والإعفاءات، صلاحية اعتماد أي حوافز أو إعفاءات للأنشطة الاقتصادية في أي منطقة من مناطق المملكة على الرغم مما ورد في أي تشريع آخر، بما في ذلك إعفاءات وحوافز متعلقة بسعر بدل للبيع أو الإيجار للأراضي المملوكة للخزينة العامة لغايات إقامة الأنشطة الاقتصادية، ودعم كلف الطاقة والمياه ومشاريع الطاقة المتجددة، وكذلك السماح للمستثمرين بتخصيم كلف إنشاء خدمات البنية التحتية التي قاموا بإيصالها للنشاط الافتصادي من الذمم المستحقة في حال تشغيل المشروع خلال مدة زمنية معينة، ومنح إعفاءات أو تخفيضات ضريبية أو جمركية مقابل تشغيل حد أدنى من العمالة الأردنية.

ووافق المجلس على مقترحات نيابية متعلقة بإضافة بند 8 للفقرة “ب” من المادة 13 تتعلق بالحوافز، ينص على “الأنشطة التي تستهدف الأطراف والمناطق الأكثر فقرا لتنمية المجتمع المحلي”.

وأقرّ مجلس النواب المادة 14 من مشروع القانون التي أعطت مجلس الوزراء بناء على تنسيب لجنة الحوافز والإعفاءات، صلاحية منح موافقة واحدة لإقامة مشروع لمستثمر، إذا كان هذا المشروع يشكل نشاطا اقتصاديا استراتيجيا يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، بحيث تعتبر الموافقة بديلا عن أي ترخيص أو تصريح أو إذن يتطلبه أي تشريع.

ونصت المادة أيضا على أنه لا يجوز التنازل عن الموافقة الممنوحة لإقامة المشروع أو نقل ملكيته أو تأجيره للغير إلا بموافقة مجلس الوزراء، بناء على تنسيب لجنة الحوافز والإعفاءات، وأن تنظم شروط وإجراءات الحصول على الموافقة الواحدة بمقتضى نظام.

وبحسب مشروع القانون، صوّت المجلس بالموافقة على تشكيل مجلس الاستثمار كما جاء من اللجنة برئاسة رئيس الوزراء، ووزير الاستثمار نائبا للرئيس، وعضوية وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والمالية، والصناعة والتجارة، والتموين، والاقتصاد الرقمي والريادة، ومحافظ البنك المركزي، ورئيس مجلس إدارة غرفة تجارة الأردن.

وتضم تشكيلة المجلس كذلك رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة الأردن، وأربعة ممثلين عن القطاع الخاص على أن يكون من بينهم سيدة أعمال وثلاثة ممثلين عن القطاع الزراعي والسياحي والخدمات المالية، ويتم تسميتهم بقرار من مجلس الوزراء، بناء على تنسيب رئيس الوزراء، ولمدة سنتين قابلة للتجديد لمرة واحدة ويجوز إنهاء عضوية أي منهم بتعيين بديل له للمدة المتبقية من عضويته بالطريقة ذاتها.

ويتولى مجلس الاستثمار بموجب مشروع القانون جملة من المهام المتمثلة بإقرار السياسة الاستثمارية التي تتضمن القطاعات والمشاريع ذات الأولوية المستهدفة وبما يتفق مع السياسة العامة للدولة والرؤية الاقتصادية والخطط والبرامج التنفيذية الاقتصادية والاجتماعية، وإقرار الخريطة الاستثمارية للمملكة ومتابعة تحديثها، ومناقشة التقارير المتعلقة بتنفيذ الخطط والاستراتيجيات والبرامج المتعلقة بالاستثمار والتوجيه بشأنها.

كما يتولى مجلس الاستثمار، التوجيه باتخاذ كل ما يلزم لتطوير البيئة الاستثمارية للمملكة، والتوصية بالتعديلات التشريعية والتنظيمية اللازمة لتحسين بيئة الاستثمار، والبت في الخلافات التي قد تنشأ بين الجهات الرسمية فيما يتعلق بالبيئة الاستثمارية وأي أمور أخرى تتعلق بالاستثمار باستثناء ما هو من صلاحيات وزارة الاستثمار.

وصوت المجلس بالموافقة على المقترح الذي تقدم به النائب خالد أبو حسان على الفقرة “د” من المادة الثامنة والتي نصت على “يجتمع المجلس بدعوة من رئيسه مرة على الأقل كل ثلاثة أشهر ويكون اجتماعه قانونيا بحضور ما لا يقل عن أغلبية أعضائه ويتخذ قراراته بأغلبية أصوات أعضائه”، حيث تم شطب “… يتخذ قراراته بأغلبية أصوات أعضائه” والاستعاضة عنها بـ “… يتخذ قراراته بثلثي أصوات أعضائه”.

وتضمنت مواد مشروع القانون حرية التملك، باستثناء الأنشطة الاقتصادية المقيدة بمقتضى نظام، واستخدام غير الاردنيين في الوظائف الادارية والفنية التي تتطلب مهارات متخصصة بنسبة لا تزيد على 25% من اجمالي عدد العاملين، ويجوز رفع هذه النسبة إلى ما لا يزيد على 40% في حال عدم إمكانية توفير عمالة أردنية لهذه الوظائف، بالاضافة لبنود أخرى متعلقة بالتحويلات المالية.

وتضمنت كذلك عدم جواز نزع ملكية أي استثمار او جزء منه الا بمقتضى القانون ولغرض عام ومحدد ومشروع وبطريقة غير تنموية مقابل دفع تعويض عادل للمستثمر، مع مراعاة أن يكون الدفع بالدينار الأردني او بعملة قابلة للتحويل، وأن يكون مساويا للقيمة السوقية العادلة للأصول المعنية قبل اتخاذ قرار نزع الملكية، وأن يشمل سعر الفائدة ما يعادل التمويل المضمون لليلة واحدة.

كما وافق المجلس بالنص على إعداد مشروع الخريطة الاستثمارية للمملكة التي تحدد الفرص الاستثمارية المتاحة حسب القطاعات والمحافظات بما فيها مشاريع الشراكة مع القطاع الخاص بالتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية، على أن يتم التحديث بشكل مستمر.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: