“الوظائف العليا”.. رواتب فلكية وفشلٌ مستمر لحكومة متخبطة

“الوظائف العليا”.. رواتب فلكية وفشلٌ مستمر لحكومة متخبطة

رئاسة الوزراء - الحكومة

الخبير الإستراتيجي د. منذر الحوارات لـ “البوصلة“:

  • الحكومة تعين الوظائف العليا وفق منطق المحاصصات الضيقة والشللية
  • الحكومة تضع الخبرات والكفاءات على “الرف” وتعمق شعور الأردنيين بالمظلومية
  • يجب إيجاد حوكمة رشيدة للوظائف العليا بمعايير “غير حكومية”

الناطق باسم نقابة المعلمين نور الدين نديم لـ “البوصلة“:

  • تعيينات الوظائف العليا تثبت ما تعيشه الحكومة من انفصام وتخبط
  • إن كانت الحكومة تملك المال لرواتب فلكية بالوظائف العليا فلتعد العلاوة لأصحابها
  • النهج الحكومي مستمر في انتهاج آلية “نهب جيوب الفقراء”

الخبير الاقتصادي محمد البشير لـ “البوصلة“:

  • الحكومة أخلفت بكل وعودها في إعادة هيكلة رواتب “المؤسسات المستقلة”
  • يجب أن لا تزيد رواتب الوظائف العليا عن 10 أضعاف الحد الأدنى للأجور
  • إقرار الحكومة لرواتب بمبالغ كبيرة في هذا التوقيت أمرٌ مثيرٌ للقلق

عمّان – رائد الحساسنة

لم يكن تسريب كتاب التعيين الحكومي لإحدى الوظائف الحكومية العليا وبراتب كبير، هو القنبلة الأولى التي تنفجر بوجه حكومة الرزاز وتثير الضجة مجددًا حول مصداقية الحكومة في تصحيح المسار الاقتصادي وشد الأحزمة على رواتب موظفي القطاع العام ووقف علاواتهم؛ فثمة قصة مشابهة في الربع الأول من العام الماضي لتسريباتٍ مشابهة لعقودٍ بوظائف عليا برواتب “فلكية” وتعيينات أثارت الرأي العام الأردني لما حوته من شبهة مصالح وتنفيعات دخل على خطها أشقاء لنوابٍ في البرلمان، بحسب مراقبين.

“التعيينات في الوظائف العليا” ملفٌ أصبح يؤرق الأردنيين وزاد فجوة الثقة المتسعة أصلاً بين المواطن والحكومة وفقدانها المصداقية في إجراءات التقشف التي تسعى لإقناع المواطن الأردني فيها من جهة بسبب الجائحة التي يعيشها الأردن والعالم من جهة، وبين إقرار تعيينات برواتب تعد فلكية بالنسبة لرواتب القطاع العام من جهة أخرى، الأمر الذي يرى فيه مراقبون انفصامًا وتخبطًا حكوميًا غير مفهوم.

رواتب فلكية وكمٌ هائلٌ من الفشل بمشاريع الدولة

قال الخبير الإستراتيجي الدكتور منذر الحوارات في تصريحاتٍ إلى “البوصلة“: “إن الإدارات والمؤسسات التي لا تحتكم للأسس الموضوعية المبنية على الخبرة والكفاءة في تعييناتها، من الطبيعي أن تتفجر فيها بين الحين والآخر تجاوزات إدارية هنا أو هناك”، مشددًا في الوقت ذاته على أن أي تجاوز لقواعد العقلانية باختيار الكفاءات التي تخدم في قطاعات الدولة سيبقيها مبنية على محاصصات ضيقة الأفق وفق تركيبة الاسترضاء والمصالح التي لا تأخذ المصلحة الوطنية العليا بعين الاعتبار.

وأكد أن منطق الاسترضاءات والمصالح في التعيين بالوظائف الإدارية العليا من شأنه أن يؤدي بشكل هائل إلى تجاوز الخبرات القيمة ووضعها على الرف وإحساس عميق بالمظلومية للعديد ممن ينتظرون منذ سنوات ولا يقلون كفاءة وقدرة عمّن تختارهم الحكومة بطريقة “الواسطة والشللية والقرب السياسي من صنّاع القرار”.

وعبر عن أسفه لا سيما وأن هذه الطريقة في التعيين أصبح وجودها في الأردن “مؤسسًا” ويدلل بشكل كبير على مدى تغلغل بعض الفئات في جهاز الدولة، وبالتالي اختيارها للأشخاص الذين يتوافقون مع رؤاها، محذرًا من أن تراكم هذه المجموعات ضمن جهاز الدولة يؤسس لقاعدة من المصالح المبنية على أسس شخصية وليست مبنية على أسس وطنية كبرى، الأمر الذي يجعل الدولة ومشاريعها تتعرقل بين حينٍ وآخر.

وحذر من أن هذا سيؤدي إلى نتائج خطيرة في المجتمع، وتراكم إحساساً عميقا بالخلل والظلم وهذا بدوره يزيد شحنة القهر وهذا يؤدي في النهاية إلى تفجرات في غير مكان ليست في مصلحة الدولة العليا ولا في مصلحة الوطن.

ونوه الحوارات إلى أنه طالما لم تتم حوكمة الجهاز الإداري للدولة وبنائه على أسس حقيقية ستبقى المظلوميات قائمة، وستبقى النظرة للحكومة بأنها غير صادقة في تصريحاتها حول إرادة تحقيق معايير للعدالة في التعيين.

وعبر الحوارات عن استغرابه من أن الحكومة في الوقت الذي تقرر فيه اقتطاع أجزاء مهمّة من رواتب العاملين في الدولة، نجدها تقدم الرواتب العالية لبعض موظفيها بغض النظر عن المصلحة والمردود الحقيقي لذلك.

ونوه إلى أن هذه التعيينات التي يفترض فيها الكفاءة لا نجد نتائج من كفاءتهم؛ بل نجد أنفسنا بعد سنوات نرزح تحت كم هائل من الفشل وإلا لو كانت كفاءات حقيقية لكانت النتائج بارزة، مشددًا على أن المشكلة لن تحل إلا بالذهاب لقوننة الدولة ورقابة مجتمعية ديمقراطية عبر نواب يردعون الحكومة حين تخطئ.

وختم بالتأكيد على أنه “في ظل غياب الحوكمة الرشيدة يجب إيجاد معايير محددة للوظائف العليا في الدولة لا تستند إلى الحكومة، بل تستند إلى معايير خارج الحكومة”.

الانفصام الحكومي

بدوره رأي الناطق باسم نقابة المعلمين الأردنيين نور الدين نديم في تصريحاتٍ إلى “البوصلة” أن ما يجري من تجاوزات في تعيينات الوظائف العليا في الدولة يدلل على أن الحكومة تعيش في حالة اضطراب وانفصام كامل، مؤكدًا في الوقت ذاته على أن النقد ليس موجهًا ضد أشخاص بعينهم مهما كانت صفتهم.

وعبر نديم عن استغرابه من أن “الحكومة تعلن أننا في وضع اقتصادي سيء والموازنة فارغة ومضطرة لوقف العلاوات عن الكادحين في القطاع العام بسبب الظروف القصوى والطارئة ثم تنافي ذلك بتعيينات دون أسس ومعايير ثابتة، ودون سلم رواتب، وبقيم وأرقام فلكية”.

وشدد على أن “مشكلتنا لا تكمن مع الأشخاص ولكن مع النهج الحكومي الذي ينتهج نهب جيوب الفقراء والضغط عليهم والتسبب بعوزهم وفقرهم وحاجتهم، وزيادة مأساتهم ومعاناتهم وزيادة البطالة بوقف التعيينات، ثم يقوم بمناقضة كلامه بتعيينات برواتب فلكية على حسابنا وعبء على الموازنة من جهة أخرى”.

وقال نديم: نريد أن نفهم هل يوجد لدى الحكومة أموال أم أن موازنتها فارغة كما تزعم، وإن كان كذلك فعلى أي أساس تقوم بتعيين موظفين بهذه الطريقة، وإن وجد المال لدى الحكومة فعليها أن تعيد العلاوات التي أوقفتها لأصحابها.

وشدد على أن الوظائف سواءً كانت عليا أو دنيا فإنّه يجب أن يكون هناك سلم رواتب واضح وآلية للتعيين والتوظيف شفافة وواضحة.

الحكومة تخلف بجميع وعودها

بدوره رأى الخبير الاقتصادي محمد البشير في تصريحاتٍ إلى “البوصلة” أن ما يتسرب من تعيينات الحكومة في الوظائف الأخرى بين كل حين وآخر يثبت أن الحكومة أخلفت بكل وعودها السابقة حول هيكلة رواتب المؤسسات المستقلة، مشددًا في الوقت ذاته على أن المشكلة ليست في استقلالية الوحدات الحكومية من عدمه بل في الفجوة الحقيقية بين رواتب الموظفين في الوحدة ذاتها من جهة والموظفين في باقي القطاع العام الأمر الذي يظهر غياب العدالة.

وقال البشير: أن تأتي الحكومة هذه الأيام في ظل هذه الأوضاع وفي ظل تراجع إيراداتها وارتفاع مديونيتها وأن تقرر تعيينات بهذه الرواتب الكبيرة، فهذا مدعاة للقلق، ويؤكد مرة أخرى أننا لسنا ذاهبين للإصلاح وإنقاذ الأردن من مشاكله المالية، التي بالمحصلة النهائية تشكل فيها الرواتب والمنافع ما يزيد عن 60% من الموازنة العامّة.

ونوه إلى ما يتم تداوله من شعورٍ كبير بالمظلومية وغياب العدالة وعدم الشفافية في المنافسة بين المتقدمين إلى الوظائف العليا وما له من آثار سلبية، مطالبا في الوقت ذاته بضرورة معالجة الرواتب الكبيرة ضمن منظومة لا تزيد فيها الرواتب عن 10 أضعاف الحد الأدنى للرواتب في الأردن، بما فيها العلاوات والمكافآت والبدلات.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: