وائل قنديل
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

انتصار العاشر من رمضان الإسرائيلي

وائل قنديل
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

باستثناء بيان منشور على صفحة الأزهر الشريف في موقع فيسبوك، لا تشعر بأن هناك في مصر من يهتم بالمعركة البطولية التي يخوضها المرابطون في القدس المحتلة، دفاعًا عن المسجد الأقصى ضد الاقتحامات الإسرائيلية المتكرّرة.

تطغى قضية تبعية أطفال المطلقة، إذا تزوّجت، في مسلسل رديء لأحد منظّري التطبيع الجدد، على قضية تبعية القدس والأقصى، التي تتراجع من كونها معركة مصير في قضية تحرّر وطني باسلة، إلى مجرد أحداث عنف، بحسب بيان الخارجية المصرية، التي تقف على مسافة واحدة من المجرم والضحية، وتختار من المفردات ما يجعلها تساوي بين الاحتلال وأصحاب الأرض الحقيقيين.

لا يسمّي بيان الخارجية المصرية الاحتلال احتلالًا، ولا يصنّف المقاومة الوطنية مقاومة، إذ لا وجود لمفردة الاحتلال في البيان المائع الصاقع الذي يقول في فقرة كاشفة منه “أعاد المتحدّث باسم وزارة الخارجية التأكيد على رفض العنف والتحريض بكافة أشكاله، بما في ذلك الدعوات المُطالبِة باقتحام المسجد الأقصى المُبارك خلال شهر رمضان المُعظم، محذّرًا من مغبة ذلك على الاستقرار والأمن في الأراضي الفلسطينية والمنطقة”.

وعلى الرغم من أن البيانات الرسمية لا تقدّم أو تؤخر، ساخنة صاخبة حادّة في لهجتها كانت أم باردة باهتة خجولة، بل هي، واقعيًا، شكلٌ من أشكال الدجل أو الشعوذة الدبلوماسية، تنتمي إلى فنون “البكاشين” كما تعرّفهم الثقافة الشعبية، فإن الملاحظ هو إسقاط كلمة “الاحتلال” عند الحديث عن الكيان الصهيوني، إلى الحد الذي يُخشى معه أن تصبح الكلمة ضمن معايير الحظر والمنع من النشر على فيسبوك الجديد، الذي يستعمل مراقبي المحتوى العرب في محاصرة المنشورات المدافعة عن فلسطين.

من القاهرة، كما من الرباط، على سبيل المثال، تجد أن ردّات الفعل العربية الرسمية على جريمة الاحتلال الصهيوني في القدس تلفّ وتدور، في معظمها، حول ضرورة حماية مسار التطبيع مما تسميه “أعمال العنف” في الأراضي الفلسطينية.

غير أن لغة البيانات شيء ومفردات الواقع شيء آخر، إذ لا يكفي ألف بيان إدانة للتغطية على حقيقة واضحة، تقول إن هاتين الدبلوماسيتين تحديدًا رائدتان في طريق التطبيع الكامل، الذي يصل في مراحل منه إلى تحالفاتٍ استراتيجية مع الاحتلال الصهيوني، فبيان دبلوماسية القاهرة المندّد بالاقتحام، يصدر في تزامنٍ بليغ مع الإعلان عن استضافة مؤسسة الجيش المصري في أحد فنادقها السياحية بسيناء مهرجانًا غنائيًا صهيونيًا، يفاخر الصهاينة بتنظيمه مع ذكرى انتصار المصريين والعرب في معركة العاشر من رمضان (السادس من أكتوبر 1973) رافعين شعار “أعظم انتصار لنا هو وجودنا”، وبحسب بيان الحملة الشعبية المصرية لمقاطعة إسرائيل (BDS) فإن الدعوة موجّهة إلى الجميع من كل أنحاء العالم للرقص على أرض سيناء، في المهرجان الذي يقول منظموه الصهاينة إنه يعتبر دليلًا على انتصارهم وإصرارهم فهم أبدًا لم يهزموا ولم يهربوا وأنهم صبروا واليوم يثبتون للعالم أنهم لا يتركون ما يحصلون عليه أبدًا.

فيما تختفي ميكانيزمات اللفّ والدوران عند عرب أبراهام، الذين يعلنون عن مواقفهم بمنتهى الشجاعة والصراحة والوضوح، في شجب الممارسات الشعبية الفلسطينية ضد القوات الإسرائيلية وإدانتها، وضد المسجد الأقصى، ليصل التعرّي في إعلام محور اعتدال الصهيوني العربي إلى حدودٍ غير مسبوقةٍ من اعتماد أكاذيب الدعاية الصهيونية نصوصًا موحدّة ومقدّسة، فيكون الفلسطيني هو المعتدي الذي يقتحم المسجد الأقصى، وينتهك حرمه، بينما الإسرائيلي هو المدافع عن الحرم الشريف ضد اعتداءات الفلسطينيين.

هذا موقف منطقي للغاية من دولة مثل الإمارات، التي تفتح خزائن صناديقها الاقتصادي لدعم الوجود الصهيوني في مواجهة “الاستيطان الفلسطيني في فلسطين”، فتخصص لهذا الهدف “القومي الجليل” عشرة مليارات دولار.. وبالتالي، يصبح مثيرًا للدهشة حقًا أن يعبر بعض الناس عن اندهاشهم من منشورات لطلائع إعلاميي وساسة أنظمة “محور اعتدال” تجسّد شكلًا من أشكال المزايدة على الصهاينة أنفسهم في تبنّي روايات كاذبة معادية للفلسطينيين، ومناصرة للصهاينة بحماسة مفرطة.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts