انسحاب تدريجي للقوات ورفع للعقوبات.. اتفاق سلام تاريخي بين أميركا وطالبان بالدوحة

انسحاب تدريجي للقوات ورفع للعقوبات.. اتفاق سلام تاريخي بين أميركا وطالبان بالدوحة

الملا عبد الغني برادر نائب الشؤون السياسية لحركة طالبان والمبعوث الأميركي زلماي خليل زاد وقعا الاتفاق (الأناضول)

وقعت الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية اليوم السبت في الدوحة اتفاق سلام تاريخيا، بحضور شخصيات من دول عدة، وسط آمال كبيرة بانتهاء أطول حروب الولايات المتحدة وبدء إعادة الإعمار في أفغانستان.

وخلال مراسم التوقيع، قال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان هو الخطوة الأولى لإقامة السلام الشامل في أفغانستان، داعيا المجتمع الدولي لمواجهة تحديات السلام في أفغانستان.

وأضاف الشيخ محمد بن عبد الرحمن أن بلاده كانت مدركة لعدم جدوى أي حل عسكري للأزمة في أفغانستان، ولذلك بذلت جهودها لتقريب وجهات النظر بين مختلف أطراف الأزمة سياسياً، تمهيداً لاتفاق سلام شامل. 

بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال الحفل إن الولايات المتحدة وطالبان واجها عقودا من العمل العدواني وغياب الثقة، مؤكدا أن حركة طالبان أثبتت أنه بإمكانها تحقيق السلام عندما تقرر ذلك.

وقال بومبيو أمام ممثلين عن الحركة “التزموا بوعودكم حيال قطع العلاقات مع القاعدة والتنظيمات الإرهابية الاخرى وواصلوا محاربة تنظيم الدولة الاسلامية حتى الانتصار عليه”.

وأضاف “توصلنا إلى سلسلة من التفاهمات وكلنا ثقة أن الحكومة الأفغانية وطالبان يدركان أهمية الالتزم بها.. هذه لحظة تاريخية ونود أن نتأكد أنه لن تكون هناك هجمات إرهابية مستقبلا انطلاقا من أفغانستان”.

لكن الوزير الأميركي حذر أيضا من أنه في حال لم تنفذ طالبان التزاماتها فلن تتردد بلاده في اتخاذ ما يلزم من قرارات، موضحا أن الولايات المتحدة ستحدد مستوى انسحابها من أفغانستان بناء على تنفيذ طالبان التزاماتها في الاتفاق الموقع اليوم.

وقدم بومبيو الشكر للدول المجاورة لأفغانستان، وعلى وجه الخصوص باكستان، لما بذلوه من جهود حتى تنعم أفغانستان بالسلام. كما ثمّن “دور قطر في دعم هذا الاتفاق التاريخي”.

واعتبر بومبيو أن بلاده ساهمت في تحسين حياة الشعب الأفغاني وهو أمر تفتخر به، وقال “نحن لدينا احترام للشعب الأفغاني ونعرف أنه جاهز لتقرير مصيره”.

أما الملا عبد الغني برادر نائب الشؤون السياسية لحركة طالبان فقال في كلمته، “أهنئ الجميع بهذا الإنجاز ونحن ملتزمون بتنفيذ الاتفاق”، معتبرا أن الشعب الأفغاني يعاني منذ أربعة عقود ويأمل في حياة جديدة يسودها الرخاء.

وأضاف برادر أن طالبان تدخل مرحلة العمل السياسي وتفتح صفحة جديدة مع المجتمع الدولي وتتعهد بتنفيذ كافة بنود الاتفاقية، معتبرا أن ما يحدث اليوم هو “إنجاز تاريخي”. 

وبعد التوقيع، قال وزير الخارجية القطري للجزيرة “نحن أمام مفترق طرق ولابد من البدء في إجراءات بناء الثقة بين طالبان والحكومة”، لافتا إلى وجود أطراف تحاول التأثير على بعض القوى لعرقلة الاتفاق في إطار المناكفة السياسية.

وأضاف أنه لم يحدد مكان للحوار الأفغاني، وأن بلاده مستعدة لاستضافته بالتعاون مع الأطراف الدولية.

وقال أيضا “نتمنى أن تكون دول الجوار مشاركة لنا في هذا الحدث التاريخي اليوم”، كما أعرب عن تمنيه أن يكون هناك حلا للأزمة الخليجية، موضحا “لكن لم يكن هناك أي نجاح لجهود الحل”.

أهم البنود
وأصدرت حكومتا الولايات المتحدة وأفغانستان بيانا مشتركا اليوم أفاد بأن “التحالف سيكمل سحب باقي القوات من أفغانستان خلال 14 شهرا بعد نشر هذا الإعلان المشترك والاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان… شريطة أن تفي طالبان بالتزاماتها بموجب الاتفاق”.

ووفقا للاتفاق، ستقوم الولايات المتحدة مبدئيا بخفض قواتها من خمس قواعد في أفغانستان إلى 8600 جندي، خلال 135 يوما من الاتفاق، ثم سحب جميع القوات الأجنبية خلال 14 شهرا.

وتزامنا مع عملية انسحاب القوات، من المفترض أن تبدأ مفاوضات سلام مباشرة غير مسبوقة بين حركة طالبان وسلطات كابول، وأن يتم إطلاق سراح “نحو خمسة آلاف سجين (من طالبان)… وحوالي ألف سجين من الطرف الآخر (القوات الأفغانية) بحلول العاشر من مارس/آذار” المقبل.

كما ستعمل الولايات المتحدة على رفع كل العقوبات المفروضة على حركة طالبان بحلول 27 أغسطس/آب المقبل.

وبالمقابل، تلتزم حركة طالبان بقطع علاقاتها مع كل الحركات التي تصنفها الولايات المتحدة تنظيمات إرهابية، وعدم استخدام طالبان الأراضي الأفغانية لاستهداف الآخرين.

من جهة أخرى، قال عضو لجنة المفاوضات في طالبان أمير خان متقي للجزيرة، “نشعر ببالغ السرور لأننا أنجزنا هذا الاتفاق التاريخي، إذ سيسمح بانسحاب جميع القوات الأميركية.. وسيجلب السلام والاستقرار لأفغانستان والجميع أقر به”.

وأضاف أن طالبان قدمت ضمانات بعدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد الآخرين، مؤكدا أن الحركة منفتحة على جميع أطياف المجتمع الأفغاني، وأنها لم تقرر بعد أين ستتفاوض مع الحكومة.

وشارك في حفل التوقيع مسؤولون عن 18 دولة أبرزهم بومبيو، ووزيرا خارجية باكستان شاه محمود قريشي، وتركيا مولود جاويش أوغلو، إضافة إلى مشاركة أربع منظمات دولية.

ولم تكن حكومة كابل ممثّلة في حفل التوقيع بالدوحة، لكنها أرسلت فريقا مؤلّفا من ستة أشخاص لفتح قناة اتصال مع المكتب السياسي لحركة طالبان الذي تأسّس في الدوحة عام 2013.

كابل
وقبيل بدء حفل التوقيع في الدوحة، عقد الرئيس الأفغاني أشرف غني في كابل مؤتمرا صحفيا مشتركا مع وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر والأمين العام لحلف النيتو ينس ستولتنبرغ، حيث قال غني “نرحب بالمفاوضات بين واشنطن وطالبان وهناك نقاط سنعمل عليها عبر مفاوضات مباشرة مع طالبان”.

وأضاف الرئيس الأفغاني أن الوصول للسلام تطلب تضحيات من الأطراف المعنية والتوافق بينها على ضرورة وقف الحرب، مؤكدا أن السلام جزء من خطة حكومته وهدف للمجتمع من أجل إعادة بناء البلاد.

أما وزير الدفاع الأميركي فقال محذرا إنه “في حال عدم احترام طالبان التزاماتهم فسوف يخسرون فرصتهم للجلوس مع مواطنيهم الأفغان ومناقشة مستقبل بلادهم”، مضيفا “كما أن الولايات المتحدة لن تتردد في إلغاء الاتفاق”.

واشنطن
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه إذا التزمت حركة طالبان والحكومة الأفغانية بالاتفاق، فإن ذلك سيكون طريقا لإنهاء الحرب وإعادة القوات الأميركية إلى الولايات المتحدة.

وأضاف ترامب -في بيان للبيت الأبيض- أن الاتفاق مع طالبان ثمرة جهود شاقة بذلها من قاتلوا بشدة في أفغانستان لصالح الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الاتفاق خطوة مهمة لإحلال سلام دائم في أفغانستان جديدة، خالية من تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، وأي جماعة إرهابية تسعى لإلحاق الأذى بالولايات المتحدة، وفق تعبيره.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: