“انقلاب” أم “مرحلة للديمقراطية”.. أزمة بوليفيا تقسم الرأي العام العالمي

“انقلاب” أم “مرحلة للديمقراطية”.. أزمة بوليفيا تقسم الرأي العام العالمي

تتباين آراء مسؤولين في شتى أرجاء العالم حول الاضطرابات في بوليفيا، بين من يعتبر أن التغيير السياسي الحاصل يصحح انتخابات “مزورة”، ومرحلة “مهمة للديمقراطية”، وبين من يصف ما حدث بـ”الانقلاب”.

وفي 10 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، استقال الرئيس البوليفي إيفو موراليس من منصبه، في أعقاب مطالبة الجيش له بترك المنصب، حفاظا على استقرار البلاد التي شهدت احتجاجات عقب إعلان فوزه بولاية رابعة، وهو ما رفضه خصوم الرئيس واصفين الانتخابات بأنها “مزورة”.

وبالتزامن مع استمرار أعمال العنف في البلاد، أعلنت جانين آنييز، نائبة رئيسة مجلس الشيوخ البوليفي، نفسها رئيسة مؤقتة للبلاد.

** تباين المواقف

وفي 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بيانًا غداة استقالة موراليس، وقال إن الأحداث سترسل “إشارة قوية إلى الأنظمة غير الشرعية في فنزويلا ونيكاراغوا”.

وأضاف البيان: “الولايات المتحدة تشيد بالشعب البوليفي لمطالبته بالحرية، والجيش البوليفي لالتزامه بقسمه لحماية ليس شخص واحد فحسب ولكن دستور بوليفيا”.

لكن كثيرين لم يشاطروه الرأي، منهم المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2020، السيناتور بيرني ساندرز، والنائبة الديمقراطية ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، اللذان وصفا الاضطرابات السياسية بـ”الانقلاب”.

وكتبت كورتيز في تغريدة عبر “تويتر” يقول: “ما يحدث الآن في بوليفيا ليس ديمقراطية، إنه انقلاب”.

وأضافت: “شعب بوليفيا يستحق انتخابات حرة ونزيهة وسلمية – وليس استيلاء على السلطة بالقوة”.

أما السياسي الآخر الذي حظيت تصريحاته باهتمام كبير، فهو زعيم المعارضة البريطانية جيريمي كوربين زعيم حزب “العمال”.

وقال كوربين إن “رؤية إيفو موراليس الذي حقق الكثير من التقدم الاجتماعي، وقد أجبره الجيش على ترك منصبه أمر مروع”.

وأضاف عبر “تويتر”: “أدين هذا الانقلاب ضد الشعب البوليفي وأقف معه من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والاستقلال”.

وكان الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل أيضًا من أشد المنتقدين لما يحدث في بوليفيا، ووصفه بأنه “انقلاب على قلب الديمقراطية”.

** دعم أمريكي لـ”الانقلاب”؟

سؤال يطرح نفسه في حال تبني فرضية أن ما يحصل في بوليفيا “انقلاب”، فهل هو انقلاب مدعوم من الولايات المتحدة؟

جوناثان سي براون، الأستاذ بجامعة تكساس الذي يدرس الثورات في أمريكا اللاتينية، قال إنه في الوقت الراهن، لا يرى دليلا على أن التغيير السياسي في بوليفيا انقلاب بتحريض من الولايات المتحدة.

وأضاف: “يبدو أن ثمة توافق في الآراء بهذا الصدد بين معظم الخبراء الأمريكيين، ومن السابق لأوانه تحديد دور الولايات المتحدة في التغيير السياسي”.

لكنه أشار إلى أن “الولايات المتحدة لديها تاريخ في التأثير على النتائج السياسية في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية.”

وبشكل عام، للولايات المتحدة تاريخ من التحريض على الانقلابات ودعمها في أمريكا اللاتينية.

ويقول خبراء إن معظم الانقلابات التي لعبت الولايات المتحدة دورًا فيها كانت خلال سنوات الحرب الباردة؛ لا سيما في الستينيات والسبعينيات بعد الثورة الكوبية.

ومن بين الانقلابات الأكثر شهرة، انقلاب البرازيل عام 1964، حين أطاحت القوات المسلحة البرازيلية بالرئيس جواو غولار، بدعم من الحكومة الأمريكية، التي ساندت النظام العسكري بعد أن ساورها القلق من أن الرئيس يتجه نحو الشيوعية.

والأرجنتين في السبعينيات، حيث علمت الحكومة الأمريكية بالخطة المسبقة للإطاحة بالرئيس واستبداله بمجلس عسكري، أو بمجموعة من القادة العسكريين ممن يديرون الحكومة؛ فدربت المعارضة خلال الفترة الانتقالية، وقالت إنها تقدم دعمها الكامل المجلس العسكري، الذي قُتل أو اختفى في عهده ما يقدر بنحو 30 ألف شخص.

وخلال السبعينيات أيضا، كانت الحكومة الأمريكية بقيادة الرئيس ريتشارد نيكسون على علم بخطط الإطاحة بالحكومة في تشيلي، ودعمت المجلس العسكري وساعدته عندما تولى السلطة.

** أزمة بوليفيا

بدأت الاضطرابات السياسية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما أعلن موراليس فوزه بالانتخابات، وكان من المقرر أن يبدأ الرئيس الاشتراكي الذي ينحدر من السكان الأصليين للبلاد فترة ولاية رابعة.

لكن المتظاهرين نددوا بالانتخابات، وقالوا إن ثمة تضارب في النتائج، وخرجوا إلى الشوارع طيلة أسابيع.

وفي ظل الاحتجاجات “اقترح” الجيش البوليفي تنحي موراليس الذي استقال وتوجه إلى المكسيك التي عرضت عليه اللجوء السياسي.

ولاحقا، أعلنت السياسية المسيحية اليمينية جانين آنييز، نائبة رئيسة مجلس الشيوخ البوليفي، نفسها رئيسة مؤقتة.

غير أن بوليفيا لم تستقر بعد التغيير السياسي، بل في الواقع، ازدادت الأمور سوءًا.

وخرج مؤيدو موراليس ومعظمهم من سكان الريف والسكان الأصليين للاحتجاج بجميع أنحاء بوليفيا، ومنها العاصمة لاباز.

ومنذ الجمعة، قتلت قوات الأمن خمسة متظاهرين من مؤيدي موراليس على الأقل، ليرتفع عدد القتلى إلى 23.

والأحد، أعلنت اللجنة الأمريكية لحقوق الإنسان، ارتفاع عدد ضحايا مؤيّدي الرئيس موراليس، إلى 23، خلال الفترة ما بين 20 أكتوبر/تشرين الأول و16 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.

وفي غضون ذلك، يواصل موراليس من مقر إقامته بالمكسيك نشر تغريدات على “تويتر” حول الاحتجاجات، ويقول إن 24 قتلوا.

وقال موراليس الأحد: “نطالب حكومة الأمر الواقع التي تقودها آنييز بتحديد المدبرين والمنفذين لـ24 حالة قتل خلال خمسة أيام بسبب القمع الشرطة والجيش”، على حد تعبيره.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: