باحث: نجاح المقاومة بالضفة هو إيصال الاحتلال لحالة الإجهاد

باحث: نجاح المقاومة بالضفة هو إيصال الاحتلال لحالة الإجهاد

أكد باحث مختص بالشأن العسكري للمقاومة الفلسطينية أن نجاح المقاومة بالضفة الغربية يتطلب الاعتماد على الانتشار والاختفاء وعلى اللسع في أماكن متفرقة حتى توصِل الاحتلال إلى حالةٍ من الإجهاد والنزيف.

وأوضح الباحث رامي أبو زبيدة في مقالٍ له السبت أن الأرقام تُدلل على ارتفاع قياسي في عمليات المقاومة، في أشكالها، سيّما عمليات إطلاق النار على الاحتلال.

وكان شهر سبتمبر الماضي سجّل بالضفة 833 عملاً مقاومًا؛ تنوعت بين إلقاء الحجارة والطعن أو محاولة الطعن والدعس بالسيارات وإطلاق النار وزرع أو إلقاء العبوات الناسفة.

وأضاف الباحث أبو زبيدة: “نحن أمام مقاومة تواصل انتشارها بما من عدد وسلاح مستخدمين أسلوب حرب العصابات التي تضرب الاحتلال وتسعى للنكاية المستمرة فيه من أجل إضعافه، في الوقت الذي تسعى لتقوية نفسها عبر توحيد جهود أفرادها”.

وقال إن الغاية التي تحققها عمليات المقاومة في الاحتلال أن تزرع الرعب في قلوب جنوده ومستوطنيه وتفقده السيطرة على الأرض، فأي مجموعات عسكرية تكون عادة في مراحل تأسيسها الأولى قليلة العدد خفيفة التسليح ضعيفة الارتباط والتنظيم وهذه الصفات كلها تمنعها من المنازلة القوية في معارك حاسمة”.

وأشار الباحث إلى أن دخول مجموعات المقاومة في صدمات مباشره مع جيش الاحتلال المنظم القوي قد يعرضها لخسائر كبيرة هي في غنىً عنها في هذه المرحلة.

ولفت إلى أن عمليات المقاومة الأخيرة فرضت على الاحتلال أن يعيد انتشار قواته الأمنية وحجمها في الضفة وحتى شرطة الاحتلال وما يُسمى بـ”حرس الحدود” في القدس، وهو أكبر انتشار منذ سنوات طويلة، بنحو 25 كتيبة للجيش تنتشر في منطقة الضفة الغربية، معزّزة بـ “وحدة “جدعون” التابعة للشرطة ووحدة “كيدون” التي تنسق مع الموساد.

وأضاف: “في الحالات الضرورية يستقدم الجيش وحدة “سايرت متكال” وهناك الفرقة 98 (فرقة مشاة احتياطية) التي تلعب دوراً في حالات الطوارئ، كما أدخل الاحتلال المسيرات كسلاح جديد في الضفة التي شاركت في العمليات العدوانية الأخيرة خاصة نابلس”.

ووفقًا لتحليل سابق أجراه مركز الفكر الإسرائيلي “مولاد” عام 2017، ينشر جيش الاحتلال من 50% إلى 75% من قواته النشطة في الضفة، بينما يتعامل ثلثها فقط مع الدول العربية وإيران وحزب الله وغزة والتهديدات الخارجية الأخرى، 80% من القوات المنتشرة بالضفة للحفاظ على أمن المستوطنات، بينما 20% تعالج التهديدات الأمنية المتعلقة بالمقاومة”.

وذكر أبو زبيدة أنه إذا علمنا أن مساحة الضفة تشكل ما يقارب 21% من مساحة فلسطين التاريخية، يستغل الاحتلال بشكل مباشر نسبة 76 بالمئة من مجمل المساحة المصنفة (ج) التي تمثل 30 بالمئة من إجمالي مساحة الضفة وتبلغ المساحات المصادرة لأغراض عسكرية نحو 18 بالمئة من مساحة الضفة، ويبلغ عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية بنهاية عام 2020 في الضفة 471 موقعًا، بينها 151 مستعمرة و26 بؤرة مأهولة، وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) هناك 522 حاجزًا تعرقل حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية؛ إضافة إلى495 حاجزًا طيارًا في المتوسط شهريًا.

وقال: “من المعلومات السابقة فإن الحل الأمثل لإضعاف وحدات وقوات الاحتلال بالضفة، هو أن تقوم المقاومة بإيقاع الاحتلال في مصيدة التمركز والانتشار، حيث تستطيع المقاومة بمجموعات صغيرة العدد مهاجمة المواقع والحواجز والبؤر الاستيطانية”.

وأضاف “أن ذلك يُشعر الاحتلال أن مراكزه الصغيرة ضعيفة وفيها أعداد بسيطة، فيقوم بإفراغ المراكز الكبيرة من القوات وتوزيعها بشكل واسع على امتداد جغرافية الضفة؛ لأنه يشعر أنه لا يسيطر وينشر قواته في كل مكان”.

وأكد الباحث أن نشر قوات الجيش في كل الضفة من أجل السيطرة سيقود إلى أن عدد القوة في المكان الواحد بسيط، فإذا كان عنده 100 ألف شخص نشرهم على ألف موقع فعنده 100 شخص في الموقع، بينما لو نشر 100 ألف شخص في 100 موقع يكون عنده ألف شخص في الموقع.

وأشار إلى أن الاحتلال عندما ينتشر يفقد القوة في كل مركز لوحده، ويكون أمامه أحد خيارين؛ إما يجمع القوات في مراكز قليلة حتى تكون قوية، فيفقد السيطرة، أو ينشرها في كامل الضفة فيفقد القوة، فإذا جمع القوات في مراكز أساسية يصبح المسافة بين كل مركز وكل مركز آخر مسافة طويلة ليس فيها قوات للاحتلال. فهو إذا انتشر يفقد القوة وإذا تمركز حتى يكسب القوة يفقد السيطرة.

وطالب أبو زبيدة بدعم كل جهد مقاوم بالضفة الغربية حتى تستطيع أن تلعب على إيقاع الاحتلال في هذه المشكلة؛ أنه إما يفقد القوة لصالح السيطرة أو يفقد السيطرة لصالح القوة، فعندما يقوم الاحتلال بإنزال القوات من مراكزه وقواعده الأساسية حتى يسيطر على البلد.

وقال إن المقاومة يمكن لها أن تستفيد عبر نقطتين أساسيتين، وهما أن الاحتلال حتى يسيطر يتحرك كثيراً، والتحرك يضعفه وهي نقطة ضعف القوات العسكرية، فتقوم بعمليات الكمائن والإغارة.

أما النقطة الثانية فتتلخص في أن المراكز الأساسية والقواعد التي فيها السلاح والذخيرة أصبحت الأعداد الفردية فيها قليلة، فتستطيع أن تهاجم مراكز فيها أعداد قليلة.

وقال إن العديد من التقارير الاسرائيلية تحذّر، من أن الجيش ليس مستعدًّا كما هو مطلوب لاستمرار القتال في الضفة الغربية.

ووفق الموقع الإلكتروني للقطاع الديني “سيروج”، فقد تم نشر تقرير لـ”مراقب الدولة” العبرية، ماتنياهو إنجلمان، على خلفية التوترات الأمنية في الأسابيع الأخيرة واستمرار عملية “كاسر الأمواج”.

وحذّر التقرير أن “الجيش الإسرائيلي ليس مستعدًا بما فيه الكفاية من الناحية اللوجستية، من أجل استمرار القتال في الضفة الغربية”، مطالبًا بـ “فحص الحاجة إلى تحسين غلافه اللوجستي، للجنود النظاميين والاحتياطيين في الضفة الغربية”.

ويُجمع المسؤولون الإسرائيليون على أنّ الضفة الغربية تشكل خطراً وتحدياً كبيراً أمام الاحتلال، في ظل تزايد العمليات الفلسطينية، والإرادة الشعبية لمناهضة الاحتلال، والدعوات المستمرة إليها.

وقال الباحث إن المقاومة بالضفة اليوم تستمر بخصائص ووسائل مختلفة، فعمليات المقاومة الفردية الغير المنظّمة أو شبه المنظمة وتشكيل الكتائب والوحدات في تطور متصاعد، هذا التطور يصحبه توجيه مكثف بالخبرات الامنية والعسكرية من المقاومة الفلسطينية بغزة، هذا التوجيه مدروساً بمتطلبات المرحلة ونواقصها فمن شأنه أن يرفع من كفاءة المقاوم الفرد، ومن حسّه الأمني ووعيه العسكري، وحسن اختياره للأهداف، وصولاً إلى التطور من الخلية الفرد إلى الخلية المكونة من عدة أفراد وهذا بدأ في العمليات الاخيرة.

وقال: “لك أن نتخيّل لو تشكلت في كل مدينة وقرية عدة خلايا صغيرة منفصلة بعيدة عن التسلسل الهرمي التنظيمي، حيث ستشكّل ضامناً لاستمرار المقاومة بفاعلية تضرب أهدافاً محددة ومجدية، ولن يشكل انكشاف أحدها أو بعضها انهياراً لبقية الخلايا والمجموعات”.

واختتم بالقول: “يحتاج المقاوم هنا إلى تدريب والتركيز على أن يستخدم القوة الذهنية والقوة البدنية بشكلٍ مرتفع عشر أضعاف الجندي النظامي، فالجندي النظامي يعتمد على التكنولوجيا، ويعتمد على الإمداد، ويعتمد على الخدمات اللوجستية الكثيرة جداً، فالجندي فيها متعود على التعليمات والأوامر العسكرية”.

ولفت إلى أن التكتيك الأساسي الذي يجب أن يتبع في حالة المقاومة بالضفة الغربية هو استنزاف الاحتلال من خلال العمليات المتنوعة والمنتشرة في نقاط مختلفة ممتدة وتعزيز دور المطاردين وحمايتهم، هذه الحالة ستعمل على تقويض القوة العسكرية للاحتلال عبرَ استنزافِ مقدراتها وإيقاعها في مصيدة التمركز والانتشار، من خلال جرهم إلى دائرةٍ مفرغة من المواجهات المتقطعة، فالقاعدة العسكرية تقول أرهق عدوك بالهجمات المتكررة إذا كانت قواته مستريحة، واعمل على تجزئته إذا كان موحداً، وهاجم عندما يكون عدوك أقل استعداداً، وبادر بالعمل في الوقت الذي لا يتوقعه منك عدوك.

صفا

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: