بعد تأجيلها لإصدار فواتيرٍ شهريةٍ.. هل تنوي الحكومة رفع أسعار المياه؟

بعد تأجيلها لإصدار فواتيرٍ شهريةٍ.. هل تنوي الحكومة رفع أسعار المياه؟

عمّان – رائد صبيح

عبّر مراقبون عن خشيتهم من نية الحكومة رفع أسعار المياه، بعد البيان المفاجئ الذي صدر عن وزارة المياه بتأجيل إصدار فواتير المياه شهريًا لأجلٍ غير مسمّى، لأسبابٍ رأوا أنّها “غير مقنعة”، فيما يبدو أنّ الظاهر في ثنايا القرار والمبررات الصادرة عنه عودة أصابع الحكومة لتمتد لجيوب المواطنين مرةً أخرى ولكن من خلال “فاتورة المياه”.

وأكد الخبير الاقتصادي محمد البشير في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ البيان الصادر عن الحكومة بشأن تأجيل إصدار فاتورة المياه بشكلٍ شهريٍ إلى أجلٍ غير مسمّى يؤكد أنّ الحكومة تنوي رفع أسعار المياه على المواطنين، الامر الذي من شأنه أن حصل أن يفرض أعباءً اقتصادية جديدة لا يمكن للمواطنين وخاصة الشرائح الأكثر فقرًا تحمّلها فضلاً عن انعكاسه السلبي على الاقتصاد الوطني الذي يعاني بشدّة.

ولفت إلى أنّ تراجع الحكومة عن إصدار فواتير ربعية كان بهدف تخفيف الكلف الإضافية التي تتحمّلها شركات المياه، مشددًا في الوقت ذاته على أنّ هذه الكلفة بسبب الطاقة وأسعارها المرتفعة.

وأوضح البشير أنّ “الطاقة هي العنصر الأكثر كلفة بالنسبة لسحب المياه وتوزيعها وسبب ارتفاع الطاقة هي الحكومة فالأصل أن تبقى الفاتورة السابقة لكل ثلاثة شهور مرة، وأيضًا هي وبحسب المواصفات الموجودة في الفاتورة هناك شرائح تتحمّل عبء منها بسبب الضرائب المفروضة على الطاقة التي تنعكس كهرباء على المياه التي توزع على المواطنين”.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنّ “أي مبرر تطرحه الحكومة حول التراجع عن إصدار الفاتورة الشهرية بسبب قرب حلول شهر رمضان المبارك وعدم فرض أعباء جديدة، يؤكد أنّ النيّة موجودة لدى الحكومة في رفع أسعار المياه على المواطنين، وهذا سيشكل عبئًا على الجميع، سواءً كان لاستهلاك المواطنين أو الصناعة أو الزراعة، لأنه في المحصلة النهائية ارتفاع الأسعار على فئة سيلحقه ارتفاعات على كل من يستهلك مياه”.

اللجوء لجيب المواطن لا يحل مشاكلنا الاقتصادية

وشدد البشير على أنّ لجوء الحكومة لجيب المواطن برفع الأسعار أثبت على مدى العقود السابقة فشله وأنّه لا يمكن أن يحل مشاكلنا الاقتصادية، لأنّ كل ما نراه ما هو إلا انعكاس للسياسات المالية والضريبية التي أقحمت اقتصادنا ومواطنينا على حدٍ سواء بما فيه نحن من أعباء كبيرة اليوم.

واستدرك بالقول: “فعندما يكون هيكل الاقتصاد بهذه الصورة، ويعجز قطاعا الصناعة والزراعة عن الإسهام في التخفيف من حدة البطالة باعتبارها أصبحت قدرًا، وهذا  بسبب سلوك السياسيين الذين يديرون شؤوننا في مختلف الصعد”، منوهًا في الوقت ذاته إلى أنّ موضوع التعامل مع السياسات المالية والضريبية هو الذي سيساهم في حل كثيرٍ من المشاكل، لأنّ كلفة المياه والطاقة كله انعكاس لمديونية فرضت نفسها على النفقات الجارية التي تحصل من جيوب المواطنين عبر الضرائب غير المباشرة على وجه الخصوص وعلى الأغنياء بشكل بسيط ومتواضع.

ويختم البشير تصريحاته بالتأكيد على أنّ “التغيير الجوهري يجب أن يتمّ بمعالجة جميع الاختلالات على كافة القطاعات، وأن تبدأ بتخفيف ضريبة المبيعات على كل السلع، وكل المنتجات، وكل مدخلات الإنتاج والاستهلاك، والتي أعني بها مدخلات الإنتاج الصناعي بما فيها فاتورة الطاقة وفاتورة الاتصالات والضرائب غير المباشرة التي هي العبء الحقيقي الذي يجب معالجته حتى نعالج باقي الاشتقاقات التي نتجت ممّا قدمته الحكومة وسنّه مجلس النواب على شكل تشريعات”

فاتورة المياه والتحديث الإداري

من جانبه انتقد الصحفي عبدالله المجالي التناقض الذي وقعت فيه وزارة المياه في تصريحاتها حول العمل بالفاتورة الشهرية والعودة عنها، مؤكدًا أنّ هذا التناقض يكشف عن نية مبيتة لدى الحكومة لرفع أسعار المياه على المواطنين.

وقال المجالي في مقالته بصحيفة السبيل: بعد حوالي خمسة أشهر من إعلان وزارة المياه عزمها إصدار فاتورة المياه شهريا بدل كل ثلاثة أشهر كما هو معتاد ابتداء من بداية العام 2023، تعلن اليوم تأجيل القرار إلى أجل غير مسمى.

واستدرك بالقول: أما سبب التأجيل كما أعلنت الوزارة أنها لم تنته من الإجراءات المطلوبة بهذا الخصوص!!

وأضاف المجالي، رغم أن الوزارة ذاتها كانت قد أعلنت في بداية هذا الشهر أن الفواتير الشهرية سيبدأ إصدارها في نهاية آذار.

وأكد أنه وبالرغم من أن تبرير الوزارة لتأجيل القرار غير مقنع، فإن السؤال عن سر الذهاب للفواتير الشهرية ثم العودة عنه بطريقة غير مباشرة لن يقدم أو يؤخر. فكثير من القرارات غير المنطقية أو حتى تلك الحوادث التي تشكل لها لجان تحقيقية لا نصل فيها إلى شيء قاطع!!

غياب الشفافية

وعبر عن أسفه من أن “هذا يعود في أغلبه إلى غياب الشفافية أولًا، وعدم وجود صحافة احترافية ومهنية وحرة قادرة على إجراء تحقيقات استقصائية تضع الحقائق أمام الرأي العام”.

وقال المجالي: “لن يتأثر المواطن كثيرًا إن كانت فاتورة المياه شهرية أم ربعية، وما يهمه هو ألا يكون القرار تغطية وقنبلة دخانية لرفع أسعار المياه”.   

ولفت إلى أن تبرير التأجيل يأتي أيضًا مراعاة للظروف الاقتصادية بالتزامن مع قرب حلول شهر رمضان.

وتابع بالقول: الغريب في قرار وزارة المياه اليوم حول تأجيل الفواتير الشهرية لأجل غير مسمى، أنه يأتي في سياق “مراعاة للظروف الاقتصادية بالتزامن مع قرب حلول شهر رمضان”!! فهل يعني أن الفاتورة الشهرية ستضيف أعباء اقتصادية على المواطن؟ وما هو شكل هذه الأعباء؟

وشدد على أنّ وجه الغرابة هو أن الوزارة في بيانها في شهر تشرين الأول الماضي قالت إن القرار يأتي “للتسهيل على المواطنين، وتخفيف العبء عنهم بدفع فواتيرهم شهرياً”! “فعلًا حيرتونا! وأهلين بالتحديث الإداري”، على حد تعبيره.

تأجيل مراعاة للظروف

وكانت وزارة المياه والري، أعلنت تأجيل إصدار فواتير المياه بشكل شهري إلى أجل غير مسمى، وفق الناطق باسم الوزارة عمر سلامة.

وقال سلامة إن سبب تأجيل إصدارها شهريا هو أن الوزارة لم تنته من الإجراءات المطلوبة بهذا الخصوص.

ولفت إلى أن التأجيل يأتي أيضا مراعاة للظروف الاقتصادية بالتزامن مع قرب حلول شهر رمضان.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: