بعد 22 عاما على استشهاد الدرة.. سياسة القتل الإسرائيلية متواصلة

بعد 22 عاما على استشهاد الدرة.. سياسة القتل الإسرائيلية متواصلة

البوصلة – عمّان

رغم مرور 22 عاما على الجريمة الوحشية التي وقعت على مرأى ومسمع العالم أجمع، إلا أن آلة القتل الصهيوني ما تزال ملطخة بدماء الأبرياء في كافة المدن والمحافظات الفلسطينية، فلا يكاد يمر يوم إلا ويعلن فيه عن ارتقاء شهيد هنا وجريح هناك.

وليست جريمة اغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة ببعيدة، حيث قام جنود قوات الاحتلال باستهداف صريح للصحافية وقتلها وهي تقوم بعملها، على مرأى العالم أجمع، ليثبت من جديد أنه قوة وحشية تستهدف كل شيء حتى الكلمة.

الدرة أيقونة الانتفاضة الثانية

وقعت حادثة مقتل الطفل محمد الدرة في قطاع غزة في الثلاثين من سبتمبر عام 2000، في اليوم الثاني من انتفاضة الأقصى، وسط احتجاجات امتدت على نطاق واسع في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية.

والتقطت عدسة المصور الفرنسي شارل إندرلان المراسل بقناة فرنسا 2 مشهد احتماء جمال الدرة وولده محمد البالغ من العمر اثنتي عشرة عامًا، خلف برميل إسمنتي، بعد وقوعهما وسط محاولات تبادل إطلاق النار بين الجنود الإسرائيليين وقوات الأمن الفلسطينية.

وعرضت هذه اللقطة التي استمرت لأكثر من دقيقة، مشهد احتماء الأب وابنه ببعضهما البعض، ونحيب الصبي، وإشارة الأب لمطلقي النيران بالتوقف، وسط إطلاق وابل من النار والغبار، وبعد ذلك ركود الصبي على ساقي أبيه.

وبعد تسع وخمسين ثانية من البث المبدئي للمشهد في فرنسا، بتعليق صوتي من رئيس مكتب فرنسا 2 في دولة الاحتلال، شارل إندرلان، الذي لم يشاهد الحادث بنفسه، ولكنه اطلع على كافة المعلومات المتعلقة به، من المصور عبر الهاتف، أخبر إندرلان المشاهدين أن محمد الدرة ووالده كانا “هدف القوات الإسرائلية من إطلاق النيران”، وأن الطفل قد قتل.

وبعد التشييع في جنازة شعبية تخلع القلوب، مجّد العالم العربي والإسلامي محمد الدرة باعتباره شهيدًا.

إنكار صهيوني

في البداية أعلنت قوات الاحتلال تحمّلها المسؤولية، كما أبدت أسفها لمقتل الصبي، ولكنها تراجعت عن ذلك، عندما أشارت التحريات إلى أن جيش الاحتلال ربما لم يطلق النيران على الدرة، وعلى الأرجح أن الفتى قتل برصاص القوات الفلسطينية.

حاول الاحتلال وجهات يمينية متطرفة التنصل من الجريمة، إلا أن الصحفي أندرلان أورد في كتابه (موت طفل) اعتراف قائد العمليات في الجيش الإسرائيلي جيورا عيلاد الذي صرح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2000 بأن “الطلقات جاءت على ما يبدو من الجنود الإسرائيليين”.

خرج جمال الدرة، صباح 30 سبتمبر 2000، من منزله في مخيم البريج بقطاع غزة مع طفله محمد إلى مزاد للسيارات حتى يقتني واحدة، وفجأة وجد نفسه محاصرًا ومستهدفًا بنيران جنود الاحتلال الإسرائيلي في شارع صلاح الدين.

تمكن جمال من الاختباء خلف برميل أسمنتي وأسند صغيره محمد خلفه وكان يصرخ على جنود الاحتلال لوقف إطلاق النار إلا أن صرخاته لم تجد صدى.

طلقة، طلقتان، عشرة ثم عشرين.. رصاصات طالت كل ما حولهما ووصلت إلى الجسد والأقدام والأيدي حتى الحوض، واخترقت بطن محمد الذي صرخ والده: “مات الولد.. مات الولد.”

واستشهد محمد وأصيب والده بجروح في مشهد هز العالم ووثق بالفيديو لمدة 63 ثانية بعدسة مصور قناة فرانس2 طلال أبو رحمة، الذي قال في شهادة خطية له بعد أيام من الواقعة أن المتظاهرين الفلسطينيين تجمعوا من مختلف الأنحاء في تمام السابعة من صباح يوم 30 سبتمبر وألقوا الحجارة وقنابل المولوتوف فأطلق الجيش الإسرائيلي الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع.

سياسة القتل متواصلة

تتواصل الحكومات الإسرائيلية المتطرفة بسياسة القتل واستهداف المقاومة الفلسطينية، وحتى الأبرياء في كل يوم، ورغم كل المطالبات، إلا أن هذه الحكومة تتعامل بعنجهية وهمجية وتصر على القتل وليس سواه.

ولا تكاد تهمد نار الحرب في قطاع غزة، حتى تنشب مجددا في محاولات لاستهداف أكبر قدر ممكن من الفلسطينيين الأبرياء، ولتزيد مأساة القطاع المحاصر.

وفي الضفة الغربية تتواصل الاقتحامات والاستهدافات بشكل مستمر، ففي كافة المدن والمحافظات هناك شهيد أو جريح كل يوم، أما في المسجد الأقصى المبارك فإن ممارسات المستوطنين الاستفزازية لا تكاد تقطع في تحد صارخ لكل المواثيق الدولية، لتثبت “إسرئيل” أنها دول قتل وإجرام واحتلال.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: