بعد 7 أعوام.. الاحتلال لم يستوعب فكرة حظر الحركة الإسلامية

بعد 7 أعوام.. الاحتلال لم يستوعب فكرة حظر الحركة الإسلامية


يبدو أن “إسرائيل” لم تقتنع بقرارها الصارم بحظر الحركة الإسلامية الشمالية في الداخل الفلسطيني المحتل، بعد مرور ما يزيد عن 7 أعوام عليه، ولاتزال تتعامل مع هذا التنظيم – عقليًا- وكأنه ما زال موجودًا مثل السابق، إن لم يكن أقوى.

وتشن “إسرائيل” حملة محاكمات وملاحقات لشخصيات كانت محسوبة على الحركة الإسلامية الشمالية المحظورة، بل إنها تحاول إحكام قبضتها على هذه الشخصيات جسيدًا وسياسيًا ووطنيًا، محاولة تغييبها عن الساحة.

ومن أبرز الشخصيات بعد رئيس الحركة الشيخ رائد صلاح، نائبه كمال الخطيب، والقيادي سليمان إغبارية، ولحقه اليوم القيادي الشيخ يوسف الباز، وجميعهم يواجهون ملفات ملفقة، أبعادها سياسيةـ

وتعكس الملفات حالة “خوف وتوجس إسرائيلي من الحركة المحظورة، بل يقين بأنها لملمت أوراقها واستعادت نفسها بين الجماهير بقوة، حسبما يؤكد مختصون.

وفي 17 نوفمبر 2015، أعلن مجلس الوزراء الأمني برئاسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أن الجناح الشمالي للحركة الإسلامية تنظيمًا غير مشروع.

كما حظر ذلك المجلس 17 جمعية ومؤسسة تابعة لها، حيث تلقت أوامر حظر نشاطها، وتم استدعاء عددًا من قيادة الحركة في حينه للتحقيق، الأمر الذي لاقى استنكار مؤيدي الحركة واحتجاجهم وخروجهم بمظاهرات ومسيرات عديدة تنديدًا بهذا القرار.

واليوم تقتنع “إسرائيل” تمام القناعة بأن التنظيم “المحظور”، ما يزال يؤثر فكريًا وسياسيًا في الجماهير الفلسطينية بأراضي 48، التي تراهن على أسرلتها ومحو هويتها الوطنية.

لذلك، تفتح في محاكمها ملفات عديدة لمحاكمة أبرز الشخصيات الوازنة التي كانت تنتمي للتنظيم، وقد قدمت لوائح اتهام، أقلها خمسة وأكثرها خمسة عشر لائحة ضدهم.

حظرته وتدرك عدم الحظر

ويقول المختص الشأن السياسي في الداخل كيوان سهيل في حديث لوكالة “صفا”: إن “إسرائيل ما تزال تلاحق الحركة الإسلامية كتنظيم موجود رغم أنه محظور، وهذه عقليتها التي تفكر بها، وهذا يفسر جملة الملاحقات التي كان أخرها تجديد منع الشيخ صلاح من مغادرة البلاد”.

ويضيف: “ما يحدث من استفراد وتركيز على هذه الشخصيات التي كانت محسوبة على الحركة الشمالية، هو مطاردة سياسية، لأن لهذه الشخصيات مواقف ضد الاحتلال وحضور كبير، خاصة في قضية القدس والأقصى”.

ومن وجهة نظر كيوان، فإن “إسرائيل” تخشى شخص الشيخ رائد صلاح، خاصة وأن له مشاريع تعتبرها خطًا أحمر، منها مشروع “المجتمع العصامي”، الذي كان يقوده، ويقضي بعدم تبعية الاقتصاد لفلسطيني الداخل مباشرة للاقتصاد الإسرائيلي.

ويكمل: “صلاح لديه نظرة بإقامة مؤسسات اقتصادية مستقلة لفلسطينيي الداخل، وهو يرأس لجان أخرى، ليس لها علاقة بالتنظيم الإسلامي الشمالي، لأنه بكل بساطة محظور”.

تكتيك وملاحقة دون إثبات

ولكن كيوان، يؤكد أن فكر صلاح والشخصيات الملاحقة التي كانت محسوبة على الحركة إلى اليوم، هو الذي تستهدفه “إسرائيل”، ولا تستطيع القضاء عليه.

يقول أيضًا: “لو أن للشيخ صلاح نشاطات أمنية أو مخالفات تتعلق بأمن إسرائيل، لتم اعتقاله والحكم عليه بالسجن أعوام طويلة، لكن ولعدم وجود أي دليل، تلجأ إسرائيل للأوامر الإدارية والملاحقات والاعتقالات بين حين وأخر، له وللقيادات التي كانت محسوبة على الحركة”.

وأشار إلى أن هذه الملاحقات والأوامر، هي جزء من “التكتيكات عند إسرائيل، فهي تريد ردع الجمهور كلما قويت هذه القيادات وسطها، وهذا جزء من الصراع العام”.

وبالرغم من مصادرة كل منابع الأموال لدى الحركة الشمالية، وتأكد “إسرائيل” من ذلك منذ سنوات، حتى تلك المتعلقة بكفالة الأيتام، إلا أنها على قناعة بأنه لا يمكنها القضاء عيها شعبيًا، حسب كيوان.

ومؤخرًا، كشف تقرير للقناة الـ13 العبرية أن اعتقال قيادات مجتمع الداخل الفلسطيني وعلى رأسها محاكمة الشيخ كمال الخطيب، خلفيتهما سياسية ومبنيان على قرار سياسي، ولا علاقة لهمام بأية مخالفات للقانون كما تزعم المؤسسة الإسرائيلية.

ملاحقة الفكر الجماهيري

ويقول النائب بالقائمة العربية المشتركة والمحلل السياسي إمطناس شحادة لوكالة “صفا”: “إن ما يحدث مع قيادات الحركة الشمالية هو جزء من استمرار ملاحقة هذا التيار قبل حظره”.

ويرى شحادة بأن “إسرائيل لم توقف يومًا هذه الملاحقة، لأنها تدرك بأن الحظر كان حظرًا للتنظيم ومؤسساته وليس لفكره أو للقاعدة الشعبية.

لذلك فهي -يقصد “إسرائيل”- تخشى “من استعادة الحركة نفسها وترتيب أوراقها، وتريد قمعها من أساسها، بتغييب مؤسسيها عن الساحة.

ومن وجهة نظره، فإن “إسرائيل ما تزال تحاكم هؤلاء على أنهم محسوبون على الحركة الإسلامية، وتريد أن ترهقهم بالمحاكم والملاحقات والتنكيل، وهو ما يصعب التخمين بنتائجه، لكن في مثل هذه الملفات، تؤتي بنتائج عكسية”.

“الرسالة للجمهور”

أما المختص القانوني ورئيس مؤسسة “ميزان” لحقوق الإنسان عمر خمايسي، فيقول “إن ملاحقة شخصيات محسوبة على الحركة الشمالية إلى اليوم، يعود إلى عقدين ماضيين”.

ويضيف “الشيخ صلاح ملاحق وتم سجنه أكثر من مرة بملفات متكررة كلها منبعها حرية التعبير، وأيضًا الشيخ كمال الذي فُتحت ضده ملفات وقدمت لوائح اتهام أقلها 5 لوائح، ثم ملاحقة القيادي إغبارية، ومؤخرًا اعتقال الشيخ يوسف الباز، وكلها ملفات مال تزال مفتوحة”.

وسبق أن حملت “إسرائيل” الشيخ صلاح مسئولية شحن الجماهير لهبة القدس والأقصى، وهي تكثف حملاتها انتقامًا لهذه الهبة وغيرها من المحطات بالداخل والقدس، رغم أنها راهنت على سقوط الحركة وتأثيرها الجماهيري حينما حظرتها.

ويستدرك خمايسي “لكنها اليوم تدرك بأن الحركة خرجت كجسم أقوى مثيلًا وجماهيريًا وخدماتيًا، ضمن شخصيات تتقلد مناصب بعيدة عن الحركة كونها محظورة”.

وخلال فترة محاكمته الأخيرة، حاولت “إسرائيل” أن تخرج ملف الحركة الإسلامية وتلفق تهمًا للشيخ صلاح بشأنها، إلا أنه قال في هذه المحاكم بالحرف “إنها تنظيم تم حظره وانتهى”.

واليوم يشغل صلاح عضو بلجنة المتابعة العليا ورئيس لجنة إفشاء السلام المنبثقة عنها، والشيخ الخطيب رئيس لجنة الأسرى والشهداء المنبثقة أيضًا عن المتابعة العليا بالداخل، والشخصيات الأخرى لكل عملها الإنساني والاجتماعي، يقول خمايسي.

ويكمل وهو أحد طاقم الدفاع عن هذه الشخصيات “اليوم تلاحقهم إسرائيل بأسمائهم، بالإبعاد والمنع والاعتقال والمحاكمات، فهي ترى ي هذه الشخصيات بأنها تعيق انصهار التيار الوطني الذي تريده في الداخل، وأسرلته بالكامل”.

لكنه يؤكد بأن هذه الملاحقات هي رسالة للجماهير أكثر من أنها ملاحقة للشخص نفسه، ومفادها بأن يبتعدوا عن حيز ومساحة معينة، كقضايا القدس والأقصى، التي تؤثر فيها هذه الشخصيات.

ويخرج بنتيجة بأن هذه الملاحقات سبق وأن أثبتت بأنها لا تضعف الفكرة، بل إنها تقويها لدى الشارع الفلسطيني عامة، وأراضي الـ48 خاصة.

صفا

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: