عزالدين محمد السويركي
انتشرت الحكايا الشعبية عربيا منذ عصور ، على أنها ثقافة شعب وهويته، يجلس “الحكواتي ” في مقهى يسرد تفاصيل حدث ربما يكون واقعيا وربما لا ، يلتف الناس حلوه ينصتون ويصغون له ، علهم يخرجون بفائدة وعبرة ، صدق الذي صرح بأن الحكايات هي الصمغ الذي يجمع الناس مع بعضهم البعض .
لم تكن الحكايا عربية فقط ، بل عالمية أيضا ، هناك نسخة عربية صدرت بعنوان ” ثقافات الشعوب ” تتناول العديد من القصص والامثال لكل شعب من شعوب العالم ، وخرجت ايرلندا بتجربة عميقة لتوثيق تاريخها الشفهي قام بها أطفالها.
والحكاية الفلسطينية كأي حكاية شعبية لها أصول عالمية ورثتها الأجيال عن الأمم البدائية وعن الأديان القديمة وعن الأساطير والخرافات ، حملت -كأي مجتمع- أمثلة وافرة عن غرائب الشعوب وعن غرائب الانسان سواء في الإفراط في الذكاء أو الغباء .
صدرت العديد من المؤلفات التي تحمل في طياتها حكايات الشعب الفلسطيني وبعض من هويته ، كتبها أبناء فلسطين ،أبرزها ريشة الذهب لحسين البرغوثي وخبرني يا طير لنمر حجاب وحكايا الجليل لجهاد أحمد دكور.
تنوعت أنواع الحكايا الفلسطينية ، فمنها الحكايا الخرافية وحكايا معتقدات شعبية وحكايا نبعت عن تجارب شخصية ، هي ثمرة تفكير الشهب الفلسطيني استقاها من محيطهم وبيئتهم الخصبة وتاريخها الغني ، شغل منصب حكيها النساء والرجال على حد سواء ، بل شاع في المناطق القروية أن الحكايا الخرافية مرتبطة بالنساء اذ هن من يروينها دائما .
صنفت الحكايا الفلسطينية كأحد أهم عناصر التراث الفلسطيني الذي يحاول الاحتلال سرقته وطمسه ، الحكايا الفلسطينية جزء من معركتنا معه ، نحاول فيها تأصيل جذورنا والتأكيد على هويتنا وإرثنا الحضاري ، حكايانا أقدم من حكاياهم ووقعتا على أرض واحدة _ حسب ادعائهم _ لذا نحن أصحاب الأرض لا هم .
مؤخرا ، حازت الحكايا الفلسطينية الشعبية على جائزة الشيخ زايد لحماية التراث ، وقال العرياني سفير الامارات في اليونسكو : أن اختيار اليونسكو للحكاية الفلسطينية هو تنويه عالمي لواحدة من كبرى روائع التراث غير المادي للإنسانية ، وهذا يثبت أن لفلسطين شعب له تاريخه وحضارته وتراثه كباقي شعوب الأرض .
لذا علينا نحن الفلسطينين محاولة ترسيخ هذا التراث الشفهي والسعي لاثبات أحقيتنا بفلسطين التي يحاول أعدائنا طمسها ، نسعى لذلك – كإيرلندا- من خلال أطفالنا وشبابنا .
كتب هذا المقال كأحد متطلبات التخرج من دبلوم التراث الفلسطيني أكاديمية دراسات اللاجئين .
عزالدين محمد السويركي .