بين الروايتين الإسرائيلية والفلسطينية.. هكذا تم تحريف فيلم “أميرة”

بين الروايتين الإسرائيلية والفلسطينية.. هكذا تم تحريف فيلم “أميرة”

البوصلة – #اسحبوا_فيلم_أميرة .. هاشتاق اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، احتجاجًا على الفيلم الروائي الذي يحمل اسم أميرة، ويشكك في نسب أبناء الأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، الذين تم انجابهم عبر نطف مهربة لآبائهم.

الفيلم الذي يمثل الأردن في ترشيحات جوائز “الأوسكار” لعام 2022، تم تصويره هناك عام 2019 بإنتاج مشترك مع مصر وجهات فلسطينية.

ويتبنى سيناريو الفيلم الرواية الإسرائيلية التي يسلط من خلالها الضوء على قصة فتاة اسمها “أميرة”، ولدت عبر نُطفة مهرّبة لوالدها القابع في سجن “مجدو” الإسرائيلي، لتُفاجأ في فترة لاحقة أن هذه النُطفة تعود لضابط إسرائيلي مسؤول عن التهريب من داخل السجن، بعدما استبدل العينة قبل أن يتم تسليمها للعائلة.

“صفا” تابعت تفاصيل الفيلم، والاستياء الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي، وردود فعل المؤسسات المعنية بشئون الأسرى، التي رفضت الإساءة للأسرى داخل سجون الاحتلال وأبنائهم، واعتبرت أن أحداث الفيلم تتساوق بشكل مباشر مع رواية الاحتلال، ويتنافى تماما مع الحقيقة.

فمن أين جاءت فكرة الفيلم؟ وكيف تم تحويرها لصالح الرواية الإسرائيلية؟

بين روايتين

البحث عن إجابة الأسئلة السابقة بدأ من إسطنبول، حيث يقيم المخرج الفلسطيني عمار التلاوي، الذي قال لوكالة “صفا” إنه بدأ بكتابة ذات سيناريو الفيلم عام 2014، ويقوم على تهريب نطف الأسرى خارج السجن في محاولة منهم للإنجاب متجاوزين قيود السجان.

سيناريو التلاوي الذي بدأ بترويجه منذ عام 2016 لدى المؤسسات التي تعنى بالإنتاج، كان يحمل اسم “نطفة” ومتشابه تماما في ذات الفكرة لفيلم “أميرة”، حيث يدخل مرحلة معقدة من الصراع والشكوك لإثبات هوية ابن الأسير.

ما يختلف في الروايتين المشهد الأخير من الفيلم فقط، فيدحض التلاوي من جانبه رواية المخابرات الإسرائيلية بالتشكيك في هوية الأطفال، بينما يدعم المشهد المقابل في فيلم “أميرة” رواية الاحتلال بخلط الأنساب.

ويظهر المشهد الأخير الذي رسمه التلاوي، اقتحام جيش الاحتلال لبيت أسير بحثًا عنه بعدما نجح في الفرار من السجن، ليتفاجأ بشخص يشبهه تمامًا يبلغ من العمر ستة عشر عاماً، تبين أنه ابن الأسير الذي ولد عبر نطفة مهربة من داخل السجن، وبالتالي عمل على تثبيت الرواية الفلسطينية.

أما سيناريو “أميرة” فيحاول التشكيك بأن الطفلة جاءت نتيجة نطفة مهربة من الأسير، وإنما تعود لضابط إسرائيلي مسؤول عن التهريب من داخل السجن بعد استبداله نطفة الأسير بعينة منه.

إثارة الشكوك

وتثار الشكوك لدى المخرج التلاوي، حول إمكانية تسريب سيناريو الفيلم الخاص به، الذي أثبت بالوثائق والمراسلات التي حصلت “صفا” على نسخة منها، أنه خاطب عام 2016 مؤسسات عديدة لرعاية الفيلم، منها مؤسسة الدوحة للإنتاج، وصندوق انتاج الأفلام الفلسطينية التابع لوزارة الثقافة الفلسطينية، لكنه لم يلق تجاوبا في تلك الفترة.

WhatsApp Image 2021-12-08 at 8.28.41 PM.jpg
WhatsApp Image 2021-12-08 at 8.31.01 PM.jpg
WhatsApp Image 2021-12-08 at 8.30.52 PM.jpg
WhatsApp Image 2021-12-08 at 8.29.08 PM.jpg
WhatsApp Image 2021-12-08 at 8.30.45 PM.jpg

ويؤكد التلاوي، أنه أرسل السيناريو وفكرة الفيلم لقنوات محلية فلسطينية، وكتاب أردنيين ومقدسيين، وترجمه للغة الإنجليزية لعرضه على مانحين أجانب، كان آخرها عام 2019.

ويخشى التلاوي الذي أنتج المسلسل الفلسطيني “الروح” من إمكانية تسرب سيناريو الفيلم بعد هذه المراسلات للعديد من الجهات، معبرًا عن استيائه من عدم تبني الأفكار التي تدعم الرواية الفلسطينية، واستغلالها من قبل آخرين يميلون لدعم الرواية الإسرائيلية.

ومن الجدير بالذكر أن العديد من الشكاوى والأحداث التي انتشرت في السنوات الأخيرة حول سرقة السيناريوهات، والملكية الفكرية للأعمال الفنية.

واختارت الأردن في 12 نوفمبر الماضي، فيلم “أميرة”، للمخرج محمد دياب، كي يمثّلها رسمياً في الدورة الـ94 لجوائز الأوسكار للتنافس عن فئة الأفلام الطويلة الدولية لسنة 2022؛ والتي سيتم الإعلان عن جوائزها في مارس العام المُقبل.

البحث عن حياة

وتعود بداية فكرة تهريب النطف من السجون، إلى عام 2012 عندما خاض الأسير عمار الزبن غمار تلك التجربة، ورُزق بأولَ مولود عبر نُطفة مهرَّبة في أغسطس من العام نفسه، أُطلق عليه اسم مهند.

وفتحت تجربة عمار البابَ أمام محاولات كثيرة لعشرات الأسرى، ليبلغ عدد الأطفال الذين جرى إنجابهم عام 2015، عبر النطف المهربة من داخل السجون، 30 طفلًا من 23 نطفة مهرَّبة.

وفي عام 2016، خاض 28 أسيراً تجربة تهريب النطف، ونجحوا في إنجاب 38 طفلًا.

وتوالت المحاولات عام 2017، بحيث أنجب 44 أسيراً 56 طفلًا، وارتفع العدد إلى 67 طفلاً مع انتهاء عام 2018، ثم إلى أكثر من 80 طفلاً في عام 2019، بحيث استطاع 12 أسيراً الإنجاب عن طريق النطف المحررة.

ويطلق على أطفال الأسرى الذين يولدون من النطق المهربة اسم “سفراء الحرية” حيث انضم في عام 2020 ثمانية أطفال إلى قافلتهم، ليرتفع العدد الإجمالي للمواليد 100 طفل بينهم 20 حالة توائم، أنجبهم 70 أسيرًا.

وتمر عملية تهريب النطف بمراحل معقدة، فيها الكثير من السرية والحرص على العينة، خوفًا من تلفها خلال الطريق، حيث توضع داخل أقلام أو كبسولات صغيرة.

ويتم تخزين العينة في مركز خاص لتجميد الحيوانات المنوية، وتستخدم بعد تجهيز زوجة الأسير للزراعة أو لعملية أطفال الأنابيب”.

وتشير الإحصاءات الى أن عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال يبلغ نحو (4650) أسيراً، حتّى نهاية شهر أكتوبر 2021، من بينهم (34) أسيرة، و(160) قاصراً، ونحو (500) معتقل إداري.

وتبلغ نسبة الأسرى المتزوجين نحو 35 %، وفقاً للإحصاءات الفلسطينية الرسمية لهيئة شؤون الأسرى والمحررين وللجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

النطف المحررة

تعددت ردود الفعل الغاضبة تجاه الفيلم، وكان أبرزها بيان الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال التي طالبت في بيان لها اليوم الأربعاء، جميع من شارك في الإنتاج والإخراج والتمثيل والتسويق لهذه الجريمة بحق شرف وعرض الأسرى، الاعتذار العلني للأسرى و”سفراء الحرية” وعوائلهم.

وقالت في بيانها ” يصدمنا نفرٌ من ناطقي اللغة العربية في معاونة آسرنا -بقصدٍ وغير قصد- في معركته الشرسة ضد أنفاسنا التي تتحرَّرُ رُغمًا عن أنفه عبر “النُّطف المحرَّرَة”، وذلك بصناعة وتسويق فيلم أميرة الذي مسَّ فيه صانعوه والمروجون له بنضالات الأسرى وعوائلهم.

وأضافت الحركة الأسيرة “على الرغم من مجانبة ذلك ومجافاته للحقيقة، فقد تم التواصل مع منتج الفيلم الرئيسي عام 2019م من قبل الحركة الأسيرة عبر قنوات عدة وأهمها إحدى زوجات الأسرى والتي كانت تحمل في أحشائها “نطفة محررة” معترضةً على الحبكة المسيئة، وعارضةً خدمات الحركة الأسيرة الكاملة للمساعدة في توفير الرواية الصحيحة والتي تنافي ما ذهبت إليه قاعدة الفيلم الأصلية”.

وتابعت:” وقد أوضحنا لهم استحالة ثقتنا بالسجان في الأمور البسيطة، فكيف بأقدس شيءٍ لدينا “أبناؤنا الذين من أصلابنا؟!”، لنتفاجأ بعرض الرواية الكاذبة والخاطئة والمسيئة للأسرى ولأعظم ظاهرة في التاريخ الحديث “النطف المحررة”.

واستنكرت الحركة الأسيرة تجاهل القائمين على الفيلم الشواهد والدلائل التي اضطروا لسوقها لهم عن قيامهم بطعن وتحطيم رؤوس بعض الضباط والسجانين لمجرد أنهم حاولوا تفتيش أمهاتنا وبناتنا وأخواتنا بصورة غير لائقة، فكيف يُعقل أن نحرر نطفة من أسوأ أعدائنا؟!”.

صفا

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: