وليد عبد الحي
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

تحولات العلاقة الإيرانية السعودية ودلالاتها المعاصرة

وليد عبد الحي
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

منذ اندلاع الثورة الايرانية قبل 44 عاما، عرفت العلاقات الايرانية السعودية تأرجحا متفاوت المسافة بين فترة وأخرى، وتبادل الطرفان اللكمات أحيانا والقبلات احيانا أخرى، وسعى كل طرف الى تكريس ادبيات قامت من الطرف السعودي في بعدها المركزي على تأجيج العداء المذهبي لايران ومن الطرف الايراني على اعتبار السعودية أداة للهيمنة الامريكية ، وحاول كل طرف حشد الشواهد المادية والمعنوية الكاذبة والصادقة لتكريس صورة الآخر في أذهان المتلقين ، خلال ذلك مرت فترات “تسلل دبلوماسي” هادئ من كل طرف نحو الطرف الآخر وتحت عباءات مختلفة عربية احيانا(بخاصة من سلطنة عمان) وغير عربية كان آخرها عباءة ارتداها التنين الصيني الزاحف للمنطقة.

لكن الفترة من 2015( اعلان محمد بن سلمان وليا للعهد السعودي) حتى الآن شهدت العلاقة بين البلدين اضطرابا عميقا،رغم عبور هذا الاضطراب بغيوم صيف متفرقة ونادرة، فتهديدات محمد بن سلمان بنقل المعركة الى قلب طهران واشعال الحرب اليمنية وتشديد الضغط على حزب الله واعتقال قيادات مقاومة فلسطينية في الرياض الى دبلوماسية التقارب الخجول مع اسرائيل الى استمرار الآلة الاعلامية السعودية في تعزيز فكرة السياسة المذهبية لايران والتشكيك في النوايا الايرانية من وراء برنامجها النووي، الى جانب اعدام بعض رموز الشيعة في السعودية ورد فعل ايراني باعتداء على البعثة الدبلوماسية السعودية في طهران..الخ..كل ذلك قابلته ايران بتوظيف ضربات أنصار الله اليمنيين لبعض المرافق السعودية واتهامات بخطف دبلوماسيين إيرانيين والتضييق السعودي على الحجاج واتهامات بمساندة “جند الله” في نشاطاتهم ضد ايران على حدود ايران مع باكستان واعتبار المخابرات السعودية امتدادا للسي آي ايه ثم توظيف العلاقة القطرية الايرانية لاجهاض السعي السعودي لشل الدور القطري في دبلوماسية الانابة من ناحية وفي خنق علاقاتها مع الاخوان المسلمين الذي يمثلون الحركة الاكثر حضورا في المجتمع السياسي المدني السعودي من ناحية اخرى, وغير ذلك كثير..

والآن طلعت علينا وسائل الاعلام بخبر عن تطور واضح في العلاقات السعودية الايرانية ” بوعد ” باستئناف العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016 بين البلدين وبوساطة صينية..فكيف نفهم ذلك؟
اولا: بدأت بوادر الزحف الهادئ لإعادة العلاقات منذ الاعلانات العراقية المتكررة منذ شهورعن اجتماعات –على مستويات مختلفة- بين الطرفين في بغداد ، وساندها بين الحين والآخر محاولات عمانية..وهو ما يعني أن الامر الحالي ليس مفاجأة بأي شكل من الاشكال بل هو مسار وصل غايته المنشودة والمتواضعة حتى الآن بفعل قوة دولية كبرى هي الصين.

ثانيا: من الزاوية الايرانية ، تدرك طهران ان اعباء القوى الاقليمية بل والدولية المساندة لها كثيرة وخشنة ،وان ثقل الحصار الغربي عليها أكثرها عبئا، وان نسبة الاستقرار السياسي الداخلي فيها تعرضت لهزات مقلقة بخاصة في الفترات الاخيرة، وان التطويق الاسرائيلي لها من خلال التجذر الصهيوني في اذربيجان وفي دول خليجية عربية بعد اتفاقات ابراهام يستوجب فتح ثقوب في جدران التطويق هذا، ناهيك عن ان الحفاظ على وحدة الاوبك أمر ضروري بخاصة في الظروف الحالية لا سيما ان السعودية وايران طرفان وازنان في هذه المنظمة.
وبالمقابل فان السعودية تشعر ان حربها في اليمن فشلت فشلا ذريعا، فرغم توقع بن سلمان عند نشوب الحرب أنها لن تستغرق الا اسبوعين او ثلاثة فهي الان على اعتاب عامها الثامن دون اي بوادر لتحقيق اي هدف بل وتفكك تحالف الدول التسع التي انضمت للسعودية، من جانب آخر يبدو ان القنوط السعودي من امكانية خنق حزب الله في لبنان وصل ذروته، ناهيك عن ان ضرب الحركة الدينية الوهابية وتحدي منظومة القيم الشعبية السعودية بانفتاح فيه سمات الغرائزية المتسرعة،وضرب مراكز القوى في العائلة الحاكمة ، بدأ كل ذلك يترك هواجس تستقر تدريجيا في روع صانع قرار تنقصه الخبرة الميدانية والعلمية ، فاذا اضفنا لذلك توتر امريكي سعودي يمكن رصد ملامحه في الاعلام الغربي وبخاصة الامريكي،ودلالات التقارب السعودي الروسي بخاصة في السياسات الطاقوية بعد ازمة اوكرانيا وبكيفية لم ترق للولايات المتحدة، ثم الاقتراب السعودي الهادئ من سوريا ، كل ذلك جعل صانع القرار السعودي يدرك ان “الاستدارة شرقا” تحتاج ليقظة وحذر شديد لان اليد الامريكية تمتد في مفاصل الدولة السعودية حتى لما وراء الستائر وقادرة على ان تفعل الكثير.

إذن نحن امام دولتين متجاورتين جغرافيا ، وكل منهما يعيش مآزق داخلية وخارجية، أحدهما –وهي ايران- لديها استقرار في منظورها الاستراتيجي للعلاقات الدولية (بغض النظر عن اي راي في هذا المنظور)،ودولة هي اقل استقرارا منذ عام 2015 في منظورها الاستراتيجي، وهي ما يعني ان التقارب الحالي هو من باب “مكره اخاك لا بطل”.

السؤال الاهم هو: وما المستقبل؟، وهنا لا بد من التأمل في بعض المؤشرات:

1- اعطاء مهلة شهرين للاستئناف الفعلي للعلاقة الدبلوماسية ، وهو ما يعني ان هناك بعض اثاث المسرح بحاجة لاعادة ترتيب لكي يؤدي ابطال الرواية ادوارهم بشكل يستحق التصفيق، لكن ذلك لا ينفي احتمال حدوث امر ما قد يضع احتمالا للتسويف في انجاز الوعد بل وقد يلغى الوعد او يتوارى تدريجيا.

2- ان استئناف العلاقات –إذا تم بعد شهرين- قد يجلب معه ردات فعل غربية وبخاصة امريكية ، وقد تكون الدوائر الصهيونية في الرحم الامريكي هي الاكثر استعدادا للبحث في سيناريوهات التعطيل حتى لو وصل الامر الى حد تغيير المشهد السعودي كله لا سيما انه الطرف الاقل تماسكا والأكثر قابلية للتسلل الامريكي في اوصاله الخشنة والناعمة على حد سواء.

3- ان حجم التبادل التجاري بين الصين والسعودية يفوق مجموع حجم التبادل التجاري السعودي مع كل من الولايات المتحدة + الاتحاد الاوروبي(87 مليار دولار مقابل 78 مليار)، وحجم التبادل التجاري الصيني الايراني حوالي 15 مليار دولار، لكن الملاحظ ان حجم التبادل التدجاري الصيني مع البلدين يتزايد بشكل واضح، في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة للتضييق على الصين وايران تجاريا، ولعل النجاح الصيني في التقريب بين الرياض وطهران يزيد الموقف الامريكي ضيقا من طرفي العلاقة وبخاصة السعودية.

4- من الضروري أخذ بعض الجوانب الاخرى بخاصة من الزاوية السعودية في الأعتبار:


أ‌- يبدو ان الاحساس بتراجع المكانة الاستراتيجية للشرق الاوسط في المنظور الأمريكي شجع السعودية على موقفها.

ب‌- ان انغماس الولايات المتحدة في الازمة الاوكرانية واحتمالات الانغماس في الازمة التايوانية وفي توترات الكوريتين ناهيك عن التوترات الصامتة مع اوروبا في بعض الجوانب الاقتصادية والعسكرية والسياسية تزيد من الغواية لصانع القرار السعودي للاستدارة شرقا بخاصة إذا سيطر الملك الجديد على الوضع الداخلي بعد وفاة الملك الحالي.

5- لقد اعلنت السعودية منذ حوالي سبعة شهور عن فتح مجالها الجوي امام الطيران الاسرائيلي” المدني”، ولعل التقارب مع ايران سيجعل احتمال عبور طائرات اسرائيلية حربية للاجواء السعودية لضرب ايران اكثر تعقيدا، وهو ما قد يدفع الى زيادة المكانة الآذرية في الاستراتيجية الاسرائيلية من ناحية ويقلل من البهجة الاسرائيلية من الانفتاح الخليجي الرسمي عليها.

6- قد يفي الطرفان بوعد اعادة العلاقات الدبلوماسية لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن كل ما “فات مات”، فمنذ آب في العام الماضي اعادت دول خليجية علاقاتها الدبلوماسية مع ايران(الكويت والامارات العربية) بعد قطيعة زادت عن ست سنوات،لكن ذلك لم يحمل معه تغيرات ذات دلالة استراتيجية، فالامارات تعزز علاقاتها مع اسرائيل بوتيرة تفوق في تسارعها العلاقة مع ايران، كما ان اغلب الدول العربية لها علاقات دبلوماسية مع ايران دون ان يحمل ذلك معه تحولات استراتيجية.

أخيرا، هي خطوة لن ترضى عنها اسرائيل ولا الولايات المتحدة، ولكن التحدي هو هل القرار السعودي هو قرار تكتيكي ام استراتيجي ، أظنه قرار استراتيجي لكنه ينطوي على مخاطر استراتيجية عالية داخليا…فالدرس الباكستاني مع عمران خان يستحق التأمل من هذه الزاوية تحديدا.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts