تخوفات من “قمع ناعم” للعمل الحزبي في الجامعات

تخوفات من “قمع ناعم” للعمل الحزبي في الجامعات

البوصلة – أثارت مسودة مشروع نظام ممارسة الأنشطة الحزبية في الجامعات، الذي أعدته وزارة التعليم العالي، انتقادات واسعة، منها العمل على ممارسة “قمع ناعم”، والتضييق على الأحزاب بدلا من منحها مزيدا من الحريات، رغم الحديث الملكي المتكرر عن أهمية انخراط الشباب والطلبة الجامعيين في العمل الحزبي.

ويؤكد مشروع النظام على حق الطلبة في ممارسة الأنشطة الحزبية داخل الحرم الجامعي، بما يشمل الأنشطة المرتبطة بالتوعية والتثقيف الحزبي، وتلك الهادفة إلى التعريف بالعملية الانتخابية وتشجيع مشاركة الطلبة فيها، وعقد الندوات والمناظرات السياسية والمشاركة فيها، و”أي نشاط آخر توافق عليه” عمادة شؤون الطلبة.

ويستدرك بأنه على الطالب الالتزام عند ممارسة النشاط الحزبي؛ بعدم إقامته في غير الأمكنة والأوقات المصرح بها “وفق أحكام هذا النظام، والتعليمات الصادرة بمقتضاه”.

ويشترط النظام تقديم طلب إقامة النشاط الحزبي إلى العمادة قبل أسبوع على الأقل، على أن تلتزم مؤسسة التعليم العالي بالرد على طلب إقامة النشاط الحزبي خلال مدة أقصاها ثلاثة أيام عمل من تاريخ تقديم الطلب، فيما تتولى العمادة الإشراف على ممارسة الطلبة للأنشطة الحزبية داخل الحرم الجامعي وفق التشريعات النافذة.

لا حاجة لتشريعات جديدة

ورأى منسق الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة (ذبحتونا) فاخر دعاس، أن مشروع النظام فرّغ فكرة العمل الحزبي داخل الجامعات من هدفها المعلن بانخراط الشباب في الأحزاب، وتقزيمها لتصبح مجرد طلب إقامة نشاط، على حد تعبيره.

واستدرك بالقول إن “السماح للعمل الحزبي في الجامعات لا يحتاج إلى تشريعات، وإنما إرادة حقيقية للإصلاح؛ تتمثل بإعادة النظر بأنظمة التأديب القمعية، والسماح بقيام اتحادات طلابية منتخبة”.

وأوضح دعاس أن “المادة (6/ج) من المشروع؛ جعلت من عميد شؤون الطلبة حاكما إداريا يمتلك صلاحيات مطلقة بالمنع والسماح لأي نشاط حزبي، بل والتدخل في تفاصيل النشاط، والتعديل عليه من حيث المكان والزمان والأسماء المشاركة، ومحتوى النشاط نفسه، بينما منحته المادة (6/د) الحق بوقف فعالية الحزب الموافَق عليها مسبقا أثناء انعقادها”.

وأضاف أن “أنظمة التأديب التي يتم تطبيقها في الجامعات، والتي تتعارض مع حرية العمل الطلابي وتقوم بتجريمه؛ لم يتضمن مشروع النظام إجراء أي تعديل يُذكر عليها”.

وتابع دعاس: “لم يلزم المشروع الجامعات بالسماح بوجود اتحادات طلابية منتخبة داخلها، بل إن المادة (9/أ) منحت الجامعات بشكل غير مباشر الحق بعدم السماح بوجود هذه الاتحادات”.

وتنص المادة المذكورة على أنه “تلتزم مؤسسات التعليم العالي بتنظيم اتحادات أو نواد أو جمعيات طلابية، وإتاحة الفرصة للطلبة بممارسة حقهم في الترشح والتصويت لانتخابات هذه المجالس أو الاتحادات أو النوادي، والتعبير عن هوياتهم الحزبية”.

وفي السياق، أوضح عضو كتلة التجديد العربية في الجامعة الأردنية، الطالب فاروق الطباع، أن تخيير الجامعات بين تنظيم اتحادات طلابية، أو أندية وجمعيات طلابية، يعني بكل وضوح التخلي عن فكرة تشكيل الاتحاد الطلابي الذي يمثل الطلبة تمثيلا حقيقيا، والاستعاضة عنها بتنظيم نواد طبية أو ثقافية أو ما شابه.

إيجابيات على الورق

وقال الطباع إن الحديث عن وجود إيجابيات في مشروع النظام لا يعدو كلاما على الورق، “فقد كان لدينا اتحادات طلابية ونظام انتخابي ممتاز في فترة من الفترات، ومع ذلك فقد كان يُضيَّق على العمل الطلابي، ويتم تحويل أعضاء في الاتحادات إلى التحقيق بسبب أنشطتهم داخل الجامعة”.

وأضاف الطباع أن الطلبة عانوا الكثير من المضايقات الأمنية ومن جانب عمادات شؤون الطلبة، وهذا لن يتغير مع وجود الأحزاب داخل الجامعات؛ لأن المشروع جعل من عميد شؤون الطلبة حاكما إداريا، ولم يمنح العمل الطلابي مزيدا من الحريات.

وأوضح أن ثمة تهويلا حول الفروق التي سيحدثها المشروع إزاء الحركة الطلابية، مرجحا أن لا يعدو الأمر “القيام بتنظيم ندوات للأحزاب داخل الجامعات، ليس أكثر”.

وبيّن الطباع أن انتساب طلبة الجامعات للأحزاب ليس ممنوعا أصلا، فهناك طلبة حزبيون بالفعل، ويمارسون أنشطتهم كغيرهم من الطلاب، مؤكدا أن “مشروع النظام لن يستبدل القوى الطلابية بقوى حزبية كما يسوّق البعض، ولن نرى قائمة للحزب الفلاني داخل الجامعة؛ لأن بإمكان عمادة شؤون الطلبة أن تمنع ذلك”.

وأكد أن المطلوب هو إلزام الجامعات بتشكيل اتحادات طلبة، وإطلاق الحريات الطلابية، وإلغاء العقوبات التي تُفرض على الطلبة بسبب تعبيرهم عن آرائهم، والتراجع عن جعل عميد شؤون الطلبة بمثابة حاكم إداري.

عودة إلى الوراء

من جهته؛ وصف حزب جبهة العمل الإسلامي (أكبر الأحزاب الأردنية) مشروع النظام بأنه “مخيب للآمال”، و”يوسع من قيود العمل الطلابي، بدلاً من التشجيع عليه”.

ورأى القطاع الشبابي في الحزب عبر بيان أصدره مؤخرا، أن المشروع “ردة حقيقية عن مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، لِما يمثله من تضييق للعمل الحزبي”، مؤكدا أن “عقلية الوصاية على الطلبة ما تزال مهيمنة لدى صانع القرار”.

واستهجن البيان جعل المشروع من عميد شؤون الطلبة “وصيا مشرفا على النشاط الحزبي، على قاعدة التبعية والتحكم، لا الشراكة الحقيقية، دون أي ضمانات حقيقية للحياد”.

ولفت البيان إلى أن البند الرابع من هذا النظام يتضمن مصطلحات فضفاضة، واشتراطات واسعة لأي نشاط حزبي في الجامعات، ويمنع إقامة العمل الحزبي في فترات الامتحانات وتخريج الطلبة وانتخابات مجالسهم.

وأكد “العمل الإسلامي” على ضرورة البدء بخطوات حقيقية لتوفير “البيئة المناسبة للطلبة؛ بتعديل أنظمة التأديب في الجامعات، والتي تشكل سيفا مسلطا على العمل الطلابي”، منوها إلى أنه “لا يمكن الحديث عن العمل الحزبي في الجامعات، بينما معظم الجامعات الحكومية والخاصة لا يوجد بها اتحاد طلبة”.

وخلص إلى أن “هذا النظام بهذا الشكل يمثل عودة للوراء، ويتناقض مع التوجيهات الملكية نحو الإصلاح السياسي، وضرورة تشجيع الشباب على الانخراط في العمل الحزبي دون أي تضييق عليهم، والدفع نحو حياة حزبية طلابية”.

ودعا الحزب إلى “توفير مناخ سياسي حقيقي، بعيدا عن القبضة الأمنية التي ما زالت تتحكم في المشهد، وتهيئة الأجواء للعمل الحزبي والسياسي الحقيقي”.

وكان الملك عبد الله الثاني قد دعا خلال لقاء عقده مع رؤساء الجامعات الرسمية في 26 تموز/ يوليو الماضي، إلى أن يكون الشباب الجامعي جزءا أساسيا في عملية التحديث السياسي، والانخراط في العمل الحزبي البرامجي.

وأكد الملك “ضرورة إنجاز نظام تنظيم الأنشطة الحزبية بالجامعات، والعمل بشكل مؤسسي لمنع وضع أي حواجز أمام الشباب في المشاركة بالحياة السياسية”، لافتا إلى أهمية “توفير بيئة جامعية إيجابية تساهم في التحديث السياسي المنشود”.

(عربي21)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: