محمود الريماوي
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

تدخل روسي متدرّج ومتنامٍ في ليبيا

محمود الريماوي
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

يُؤذن التدخل الروسي في ليبيا بتعقيد الوضع في هذا البلد الذي تمزّقه الصراعات والانقسامات الداخلية والتدخلات الخارجية، بالنظر إلى السلوك الذي دأبت موسكو على اعتماده في كل من أوكرانيا وسورية. وقد بدأت موسكو بالاهتمام بالأزمة الليبية، عبر إعلان تأييدها نجل معمر القذافي سيف الإسلام، بعد الإفراج عنه في العام 2017. وأفادت وسائل إعلام روسية آنذاك بتلقي القيادة الروسية رسالة على الأقل من سيف الإسلام. واستقبلت موفدين منه، فيما أبرزت عن حركةٍ ليبيةٍ تدعى “مانديلا ليبيا” أن سيف الإسلام يحظى بتأييد أكثر من 90% من الليبيين. وعلى الرغم من أن المذكور مطلوبٌ للمحكمة الجنائية الدولية، إلا أن موسكو ترى أن حل هذا الإشكال أن تكفّ المحكمة عن طلب مثوله أمامها. وبتأييدها المعلن لهذا الرجل، سعت موسكو إلى شرعنة تدخلها في بلد عمر المختار، باستغلال الفوضى القائمة هناك قبل نحو ثلاثة أعوام. وبموازاة ذلك، عيّنت مبعوثا لها بصفة رئيس مجموعة الاتصال الروسية الخاصة بالتسوية الليبية، وهو ليف دينغوف. وترى موسكو في سيف الإسلام خير ضامن لنفوذها مستقبلا في هذا البلد، وعلى أمل أن ينفذ عقودا سبق أن أبرمها معها والده المخلوع بمليارات الدولارات. كما ترى فيه مكانةً رمزيةً باعتباره ابن أبيه الذي أطاحته ثورة شعبية، وموسكو لطالما أكّدت، على لسان ممثليها، إنها ضد الثورات في روسيا وفي بقية دول العالم، وإنها (وهذا ما لم تقله جهارا) تتحمل بالتالي مسؤولية إخمادها.

وبينما تعتمد موسكو أسلوب الإنكار، إلا أن التقارير المتواترة ظلت تتردد خلال هذا العام عن إيفاد شركة فاغنر الروسية الأمنية مرتزقةً إلى ليبيا، وقد تزايدت أعدادهم من بضع مئات خلال عامين إلى 1400 مقاتل، بينهم 25 طيارا. وبينما يقاتل هؤلاء إلى جانب قوات المتمرد خليفة حفتر، تعتمد موسكو، إضافة إلى أسلوب الإنكار، التشكيك بقدرات حفتر على اقتحام العاصمة طرابلس، وهو ما ردّده المبعوث ليف أدينغوف، وذلك للإيحاء بالحاجة إلى تدخلٍ ما، أو تغيير المسار العسكري بصورةٍ أكبر، وربما على يد جيش نظامي. وبالنظر إلى مسار التدخل الروسي في سورية، تطمح موسكو إلى تشريع دورها بصورة أكبر، وبما يمنحها حق التدخل المباشر وتقرير مصير هذا البلد، ومن وراء ظهر الشعب.

وسبق للمبعوث الأممي، غسّان سلامة، الذي يميل إلى التحفظ، أن أعرب عن “القلق البالغ” من عواقب التدخل الروسي في ليبيا، فالأمم المتحدة تراقب عن كثب المعالجات الروسية اللطيفة للأزمة السورية، وتخشى تكرارها في ليبيا. والخشية بطبيعة الحال في محلها، إذ تحت يافطة إغلاق الأبواب أمام النفوذ الأميركي والغربي، تعطي موسكو لنفسها الحقّ في بسط نفوذها، مع التناسي التام للشعب المعني، وحقه في الحرية والاستقلال عن أية تبعية أجنبية: أميركية كانت أو روسية أو إيرانية أو سوى ذلك.

وقد أخذ التدخل الروسي مدىً بعيداً، حين أعربت الخارجية الروسية عمّا سمّته القلق من العلاقة المتنامية بين طرابلس وأنقرة. ومن المقرّر عقد قمة تجمع قريباً الرئيسين، الروسي فلاديمير 

بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، لبحث الأزمة الليبية. وكانت حكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج، المعترف بها دوليا، قد أبرمت اتفاقيات للتعاون مع القيادة التركية. وبهذا، تمنح موسكو لنفسها حق تقرير من يجوز له الوجود في ليبيا، وفق طريقتها في سورية بمنح هذا الحق لإيران فقط.

والراجح أن التدخل الروسي المتنامي سوف يزيد الوضع في ليبيا تعقيدا، ويغلق الطرق أمام الحلول السياسية، ذلك لأن موسكو، على الرغم من العلاقات التي أقامتها مع الجنرال خليفة حفتر، والذي استقبلته أكثر من مرة، فإنها لا تطمئن إلى علاقاته الأميركية والغربية، ولا إلى نواياه إزاء رجلها المفضل، سيف الإسلام القذافي. وسبق أن كشف رئيس مجموعة الاتصال عن نوايا موسكو ومطامحها بإنشاء قاعدة عسكرية روسية في بنغازي، وذلك بنسب مثل هذا الطلب إلى حفتر، وقد نفى الناطق باسم الأخير، أحمد المسماري، هذا الطلب، غير أن المسماري نفسه سبق أن صرّح بأن “ما حدث في سورية يحدث في ليبيا، وأن الوضع في ليبيا يتطلب تدخلا روسيا”. وقبل ذلك، وفي العام 2016، فقد طبعت روسيا أربعة مليارات دينار ليبي (حوالي ثلاثة مليارات دولار) لصالح حكومة طبرق، ما أثار احتجاجات البنك الليبي المركزي في طرابلس.. وذلك على غرار طبع موسكو كمياتٍ لا حصر لها من العملة السورية.

وتشدّد القيادة الروسية، في الوقت نفسه، على أن اتصالاتها بحكومة الوفاق الوطني لم تنقطع،  وأنه يجري التباحث بشأن زيارة رئيس هذه الحكومة، فائز السراج، موسكو، وأنها تتواصل مع جميع الأطراف، وتنظر إلى ليبيا بلدا موحّدا، وإلى الليبيين شعبا واحدا. وتبدي موسكو استعدادها للمشاركة في مؤتمر برلين بشأن الأزمة الليبية، والذي ما زال موعد انعقاده غير محدّد، وينشط المبعوث الأممي سلامة لضمان عقده، وقد جاءت الدعوة إليه بمبادرة ألمانية، وسبق لموسكو أن شاركت في مؤتمر جنيف عن سورية، ولكنها بذلت بعدئذ كل ما تملك يمينها لتعطيله، والاستعاضة عنه بمؤتمرات أستانة، ولا شيء يدل على أنها سوف تفعل غير ذلك، بما يتعلق بمؤتمر برلين، إذا لم تضمن مصلحتها بتصعيد من تطمئن له إلى سدّة الحكم. وقد طالبت تركيا بانضمام تونس والجزائر وقطر إلى المؤتمر المزمع، غير أن وقائع الحرب على طرابلس تظل هي التي تستأثر بالاهتمام الفعلي، فقد قامت الحرب في طورها الأخير منذ إبريل/ نيسان الماضي، لإقصاء الجهد الدولي عن الانشغال بتسويةٍ متوازنة. وفي ظل هذه الحرب، حيث تتقاطع مصالح أطراف عديدة، أميركية وروسية وإيطالية وتركية، فضلاً عن مصر ودول المغرب العربي.. غير أن النزعة التدخلية المباشرة لا تتوفر عند جميع هذه الأطراف، وهو ما يحمل موسكو على اهتبال الفرصة والمبادرة بالتدخل المتدرّج والمتنامي، مع تصريحاتٍ تدور في العموميات (على شاكلة: لا حلّ عسكرياً للأزمة السورية!)، وبغير أطروحاتٍ سياسيةٍ جدّية لتسوية الأزمة الليبية المتطاولة.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts