تصعيد الاحتلال بالقدس.. صراع على السيادة والهوية

تصعيد الاحتلال بالقدس.. صراع على السيادة والهوية

البوصلة – محمد سعد

في محاولة لتعويض خسارتها، وبسط سيادتها واستعادة هيبتها التي فقدتها سواء في معركة “سيف القدس” أو رمضان الماضي، أمام صمود ووحدة المقدسيين، يشن الاحتلال الإسرائيلي هجمة غير مسبوقة على مدينة القدس المحتلة.

صعدت قوات الاحتلال من وتيرة هدم المنازل سواء عبر إجبار بعض المقدسيين على هدمها قسرًا، أو عن طريق جرافات بلدية الاحتلال، وكذلك إقرار عشرات المخططات الاستيطانية والتهويدية، كان أخطرها المصادقة على مشروع “القطار الهوائي” في البلدة القديمة.

ولم تكتف قوات الاحتلال بذلك، بل هاجمت مسيرات تشييع جنازات الشهداء (الصحفية شيرين أبو عاقلة والمقدسي وليد الشريف)، واعتدت على المُشيعين بالضرب والتنكيل والدفع، وإطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع.

وسبق أن شهد المسجد الأقصى سلسلة من الاعتداءات والاقتحامات من المستوطنين وشرطة الاحتلال، وسط قيود مشددة فرضتها على دخول الفلسطينيين، وإصدار عشرات قرارات الإبعاد عن المسجد، في محاولة لفرض مخطط التقسيم الزماني والمكاني.

مرحلة جديدة في المواجهة مع الاحتلال

قال الباحث في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي، أن المؤشرات تدل على أننا على اعتاب مرحلة جديدة في المواجهة مع الاحتلال.

وأوضح النعامي عبر حسابه على تويتر،”السماح بتنظيم مسيرة الأعلام في القدس يمثل نقطة تحول فارقة في مسار تصعيدي بدأ قبل شهر رمضان، نتاج توجه إسرائيل الواضح لفرض سيادتها في القدس والأقصى بمعزل عن التبعات السياسية والأمنية لهذا التوجه”.

وأضاف الباحث القلسطيني، “منع رفع الأعلام الفلسطينية وتكثيف تدنيس الأقصى وتصفية “الوصاية الأردنية” رسميا وقرار طرد مئات العائلات من منطقة “مسافر يطا”، والتهجير في غور الأردن، وتكثيف الاستيطان وتصعيدد العدوان على جنين وحملة نزع الشرعية عن فلسطيني الداخل, يؤسس لفتح صفحة جديدة من الصراع مع المحتل”.

وكان الملك عبد الله الثاني حذر خلال لقاءه الاسبوع الماضي مع رئيس وأعضاء لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ الأميركي، من عواقب مواصلة التصعيد في القدس، والأراضي الفلسطينية، ومن الانتهاكات بحق المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، وجميع الأماكن المقدسة في القدس.

ويعتبر الناشط المقدسي وعضو هيئة أمناء الأقصى فخري أبو دياب أن سلطات الاحتلال صعدت من هجمتها واعتداءاتها على المقدسيين، ومقدساتهم، وحتى المشاركين في جنازات التشييع في المدينة، لأنها أرادت تعويض خسارتها التي فقدتها خلال معركة “سيف القدس”، وشهر رمضان وما بعده.

ويضيف أن الاحتلال فقد سيطرته على القدس، ويحاول ترميم قدرات جيشه وأجهزته الأمنية، واستعادة هيبته، في مقابل اشتداد محاولاته القمعية واضطهاده المقدسيين بعد فشله في تحقيق أي إنجازات أمام صمود أهل القدس.

ويرى أن المقدسيين بدأوا يستثمرون الإنجازات التي حققوها في الآونة الأخيرة، سواء بإفشال فرض واقع جديد على المسجد الأقصى أو “إدخال القرابين”، أو رفع أعلام الاحتلال داخل المسجد، أو حتى تنظيم “مسيرة الأعلام” الاستفزازية.

ويسعى الاحتلال إلى كسر شوكة المقدسيين ومعنوياتهم، لأنهم نجحوا في إرباك المحتل وإفشال مخططاته، رغم الملاحقة والمعاناة والإصابات والاعتقالات، واستعمال القوة المفرطة بحقهم، وفق أبو دياب.

الكيان يخسر الرأي العام الدولي

ومن وجهة نظره، فإن الاحتلال بدأ يخسر الرأي العام في المجتمع الدولي نتيجة جرائمه واعتداءاته بحق الفلسطينيين، في المقابل بات هؤلاء الفلسطينيون يحققون إنجازات على أرض الواقع.

“نستبشر خيرا حين يفقد الغزاة صوابهم؛ فيلاحقون الجنازات كما يلاحقون المقاومين”، علق الكاتب الصحفي ياسر الزعاترة على اعتداءات وسلوك الاحتلال بعد رمضان.

واضاف الزعاترة، “كيان عاش على دعاية كاذبة، وحين يخسرها على هذا النحو المثير، فهذا يؤكد ما نردّده دائما من أنه يمضي نحو النهاية”.

أشار رئيس مجلس أوقاف القدس الإسلامية عبدالعظيم سلهب إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى خلال شهر رمضان “غير مسبوقة وتستهدف المسّ بالوصاية وتفريغها من مضامينها”.

واعتبر سلهب أن طلب الأردن زيادة عدد الحراس في المسجد الأقصى “فبركة إعلامية” إسرائيلية، مشيرا إلى قيام الأوقاف الإسلامية بدورها في “الحفاظ على المسجد وإدارته والقيام بأعمال الترميم نيابة عن الأمة الإسلامية وتنفيذا لوصاية جلالة الملك عبدالله”.

ولفت النظر إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي “تريد إدخال المسجد الأقصى في صراعات سياسية داخلية في إسرائيل ولا علاقة لليهود بالمسجد الأقصى لا من قريب أو بعيد هو مسجد إسلامي” خالص.

وأكد الأردن، إنه “لا يقبل المشاركة أو الإملاء” من حكومة الاحتلال الإسرائيلي في تعيين الحراس والموظفين في المسجد الأقصى.

وقالت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، الاثنين في بيان، إنها “تابعت ما تناقلته عدد من وسائل الإعلام حول موافقة الحكومة الإسرائيلية على طلب أردني بزيادة أعداد حراس المسجد الأقصى في الحرم القدسي”.

وأكد مصدر مسؤول في وزارة الأوقاف في هذا الصدد، أن “مسؤولية وصلاحية تعيين الحراس والموظفين تعود للوزارة بالتنسيق مع دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس الشريف، ولا تقبل المشاركة أو الإملاء من أية جهات كانت بما فيها حكومة الاحتلال الإسرائيلي”.

وأشار المصدر إلى أن وزارة الأوقاف “قامت بتعيين أكثر من 70 حارسا منذ عام 2016 إلا أن إجراءات التعسف والغطرسة الإسرائيلية والقيود التي تضعها الشرطة الإسرائيلية على الأرض تشكل حائلاً دون التحاق الحراس والموظفين بعملهم”.

وكذلك، أكد المصدر أن “الوزارة من خلال دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس ماضية في جهودها وإجراءاتها رغم جميع المعيقات وثابتة بموقفها المتمثل بكونها الجهة الوحيدة المكلفة بالوصاية الهاشمية على المقدسات والأوقاف الإسلامية والمسيحية واحترام الوضع التاريخي والقانوني القائم وأن المسجد الأقصى المبارك حق خالص للمسلمين لا يشاركهم فيه أحد”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: