تعديل قانون غسل الأموال المصري: تفصيل يفيد شقيق السيسي

تعديل قانون غسل الأموال المصري: تفصيل يفيد شقيق السيسي

مجلس النواب المصري

وافق مجلس النواب المصري في جلسته العامة، اليوم الأحد، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل قانون غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002، في مجموع مواده، مع إرجاء أخذ الموافقة النهائية إلى جلسة قادمة، وذلك في حضور وزير العدل، عمر مروان، ومجموعة من المسؤولين التنفيذيين في الحكومة.

وقال النائب المعين إبراهيم الهنيدي، رئيس اللجنة التشريعية في المجلس، إن تعديلات القانون تستهدف مواجهة مخاطر غسل الأموال ومكافحة الإرهاب، وفقاً للأطر الدولية في هذا الشأن، بما يسهم في تحسين التقييمات الممنوحة لمصر من قبل المنظمات الدولية الإقليمية، في ما يخص تقييم نظم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وأضاف أن التعديلات تدعم موقف بلاده بشأن طلب الانضمام إلى مجموعة العمل المالي (FATF)، وهي المنظمة الدولية الأهم في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ارتباطاً بخضوعها لعملية تقييم نظامها القانوني لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بموجب عضويتها في مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

فيما دعا النائب محمد عبد الحكيم إلى مصادرة أي أموال يثبت أن مصدرها غير مشروع، والنص على ذلك صراحة في تعديلات القانون، بدعوى سد الثغرات في القانون القائم، ومواجهة ظاهرة “الأموال المشبوهة” التي تهدف إلى الإضرار بالاقتصاد المصري، ومن ثم محاصرة الإرهاب، والحد من تمويل ما يرتبط به من جرائم أخرى، على حد زعمه.

في المقابل، رفض النائب عبد المنعم إمام، رئيس حزب العدل، التعديلات المقدمة من الحكومة على القانون، بقوله إنها “لا تتوافق مع الأنشطة التي تشهدها مصر حالياً، ولا تستطيع التصدي لظاهرة مثل (المستريح) المنتشرة بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة”.

وطالب إمام الحكومة بإعداد تشريع جديد للحد من مجالات النشاط المالي المخالف على غرار ظاهرة “المستريح”، وغسل الأموال عبر التطبيقات الإلكترونية.

بدوره، طالب النائب عاطف المغاوري الحكومة بـ”دراسة تبرئة بعض المتهمين بنهب أموال الشعب، بحجة عدم كفاية الأدلة”.

وقال: “خرج علينا جمال مبارك، نجل الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك، ليعلن براءة أسرته من اتهامات الفساد المالي في بيان باللغة الإنكليزية، وعلى الدولة أن تقطع صلاتها بجميع من تسبب في نهب أموال المصريين وتعقبهم”.

جدل حول المادة الثانية

وشهدت جلسة البرلمان جدلاً واسعاً حول المادة الثانية من مشروع القانون، والتي نصت على على أنه “لا يشترط صدور حكم بالإدانة في الجريمة الأصلية لإثبات المصدر غير المشروع للأموال، طالما توافرت أدلة على أن تلك المتحصلات ناتجة عن أفعال من شأنها الإضرار بأمن البلاد من الداخل أو الخارج، أو بالمصالح الاقتصادية للمجتمع، أو إفساد الحياة السياسية في البلاد، أو تعريض الوحدة الوطنية للخطر”.

ورفض رئيس المجلس حنفي جبالي مطالب بعض النواب إزاء تعديل المادة، حتى تكون مصادرة الأموال بعد صدور حكم بالإدانة، وثبوت ارتكاب الجريمة.

وطالب النائب أيمن أبو العلا، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب “الإصلاح والتنمية”، بحذف الفقرة الثانية من المادة، قائلاً: “ماذا لو حصل الشخص على حكم بالبراءة من الجريمة الأصلية، التي تترتب عليها جريمة غسل الأموال؟ وهل من حق الدولة اعتبار الأدلة فقط كافية لمصادرة الأموال؟!”.

وتابع أبو العلا أن “الجريمة الأصلية قد تكون جريمة اتجار في الآثار أو المخدرات، وجريمة غسل الأموال هي جريمة مترتبة علي الجريمة الأصلية، وبالتالي فإن جريمة غسل الأموال بمثابة ركن مادي وفق الجريمة الأصلية”.

واقترح أبو العلا إضافة ركن ثالث للمادة يعاقب كل من يسهل تلك المتحصلات من جرائم غسل الأموال، بغرض مواجهة الثغرات التي تواجه القانون الحالي.

وقال رئيس المجلس، معقباً: “هذه هي الفلسفة من القانون الجديد، فالجريمة الأصلية هي كل فعل يشكل جناية أو جنحة بموجب القانون المصري، وليس معنى ذلك أن جريمة غسل الأموال جريمة فرعية، ولكنها تعد جريمة مستقلة، وهذه فلسفة التعديل الجديد لسد ثغرة قانونية”.

وأضاف: “هذه المسألة منتهية دستورياً، ولا يشترط في الجريمة أن يكون الشخص مداناً إلا إذا توافرت أدلة. فمن الوارد أن يحصل المتهم على البراءة في الجريمة الأصلية، لكن توجد أدلة تثبت أن المال غير مشروع. والهدف هنا هو حماية المجتمع، وليس الاعتداء على حرية الأشخاص، لأن المصادرة تكون بناءً على حكم قضائي”.

مجاملة شقيق السيسي

وحسب مصادر سياسية وقضائية مطلعة، حملت تعديلات قانون غسل الأموال شبهات كبيرة، بخصوص مجاملة بعض الشخصيات القضائية والاقتصادية والسياسية المقربة من دوائر السلطة الحاكمة، إذ إن طريقة اختيار القائمين على تنفيذها، والمهام والمسؤوليات المخولة لهم، من شأنها تحويل القانون إلى أداة سياسية يمكن استخدامها ضد الأفراد والكيانات التي لا يرضى النظام عنها.

وفي خطوة استهدفت منح المستشار أحمد سعيد خليل السيسي، شقيق الرئيس عبد الفتاح السيسي، امتيازاً خاصاً، بشأن استمرار تواجده على رأس لجنة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، نصت التعديلات على أن “ينشأ في البنك المركزي المصري وحدة مستقلة، ذات طابع خاص لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تُمثل فيها الجهات المعنية، وتتولى الاختصاصات المنصوص عليها في هذا القانون. ويكون للوحدة مجلس أمناء يرأسه أحد الخبرات القضائية الذي لا تقل مدة خبرته عن 15 عاماً في محكمة النقض، أو إحدى محاكم الاستئناف”.

وتمت هندسة تعديلات القانون خصيصاً ليتواءم مع شقيق السيسي، الذي لم يتبق له في خدمته سوى بضعة أشهر قليلة، قبل أن يحال للتقاعد لبلوغه سن الـ70 عاماً. وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول 2016، أصدر رئيس الوزراء السابق شريف إسماعيل، قراراً بتشكيل مجلس أمناء وحدة مكافحة تمويل الإرهاب، برئاسة شقيق السيسي، في أعقاب تعيينه في منصب نائب رئيس محكمة النقض (أعلى سلطة قضائية في البلاد).

ووفقاً لأحد المصادر، الذي تحدث سابقاً لـ”العربي الجديد”، فإن التعديلات تتيح لشقيق السيسي الاستمرار على رأس وحدة مكافحة غسل الأموال، ذات المخصصات المالية الكبيرة لأعضائها”.

وأوضح أن القانون الحالي لا يسمح له بالاستمرار، حيث نص في مادته الثالثة على أن يكون رئيس الوحدة من العاملين في الهيئات القضائية المعنية، وهي الصفة التي سيفقدها شقيق السيسي ببلوغه سن التقاعد.
وأضاف المصدر أن “التعديلات أسقطت تلك الصفة، واستبدلتها بأن يترأس اللجنة أحد الخبرات القضائية، وهو ما يعني إمكانية استمرار شقيق السيسي في رئاسة اللجنة طوال حياته”.

وتتمتع الوحدة باختصاصات واسعة في الرقابة على الحسابات البنكية للأشخاص والشركات والكيانات التي تدور حولها شبهات غسل الأموال، أو دعم الإرهاب، أو تلقي الأموال من جهات أجنبية، وترفع أعمالها للنيابة العامة، كما يمكنها التوصية بالتحفظ على الحسابات المصرفية وتجميدها.

العربي الجديد

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: