مهنا الحبيل
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

تفتيت العرب بين المؤامرة والميدان

مهنا الحبيل
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

هناك تطورات مستمرة، في مدارات الأحداث اليوم، تعصف بالوطن العربي، ما بعد اندلاع الثورة المضادة، وحربها الشرسة التي استثمرت أخطاء الربيع العربي في كوارث ومشاريع تفتيت، سواء في ليبيا أو سورية أو اليمن أو العراق أو لبنان، هذا في مستوى الاشتباك الميداني المسلح أو الأمني العنيف، ثم أضف مصر وتونس وحتى السعودية لأسباب مهمة سنستعرضها، وربما دولا أخرى ستتأثر كأحجار رقعة الشطرنج.

وعلى الرغم من أن بعض التحليلات المتشائمة أو المتفائلة رسمت تصوراً يستشرف الواقع الذي ستؤول له هذه الدول، إلا أن عجلة الأحداث تسقطها، أو تتجاوزها. وبالتالي لم يثبت على الواقع وجود حل سياسي نسبي، ولو كان ظالماً، يوقف آلة الحرب في سورية، مع بقاء الأسد في مقابل بعض الضمانات للسلام الأهلي وتأمين اللاجئين، ومشاركة رمزية ضعيفة للمعارضة، ولا يعتبر هذا الملف مركزيا في مفاوضات أنقرة وموسكو، فضلاً عن موقف طهران.

وعلى الرغم من أن الوصول إلى هذا المستوى مهم جداً لدى الأتراك، لكونه مدخلا للتخلص من ملف اللاجئين، لكن الروس لم يحرصوا مطلقاً عليه، وتم تفريغ كيان المعارضة السياسية، بعد أن صُفيّ الميدان، ووظف أغلب ما تبقى ميدانياً للصراع مع الهامش الكردي، أي أن موسكو وواشنطن، ومن خلال النظام أو اليساريين الأكراد، لا يزالون يديرون اللعبة، وفقاً لقاعدة مستقبل الشمال السوري، والبعد القومي التعدّدي المضطرب فيه.

وفي العراق، على الرغم من تضحيات الشباب في الثورة الثقافية السياسية، والضغط الأميركي لمصالحها، إلا أنه لم يسفر عن قوة تذكر لرئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، المدعوم من واشنطن، بل إن تصفية هاشم الهاشمي، رحمه الله، الذي كرّس آخر حياته لعمل موازنة واقعية، تحمل العراق إلى نوع من المدنية تستوعب نفوذ الشيعية السياسية، كانت صفعةً مباشرة للكاظمي. وبالتالي، عادت قواعد اللعبة تتجاذب بشراسة على حساب العراقيين، بعد أن استُخدم التيار الصدري لمحاصرة شباب الثورة، ونفذت جدولة أمنية للتصفيات في صفوفهم.

وفي المشهد اليمني، فإن اتفاق أبوظبي والرياض على وقف الحرب تطوّر في سيناريوهاته، ووصل إلى مرحلة نقل الشرعية إلى شخصية أخرى، أو توقيع الرئيس عبد ربه منصور هادي اتفاقية جديدة، بعد أن وقع اتفاقا يضمن سيادة أبوظبي، من خلال المجلس الانتقالي في الجنوب، وبرغبة سعودية، لكون الرياض اليوم حريصة على أن تُحتوى هزيمتها العسكرية بإطار سياسي، يضمن وقف إطلاق النار مع الحوثيين، ثم يترك الشمال إلى مصيره، فوقفُ الحرب هنا سيكون على جسدٍ هشٍّ قابلٍ لانفجارات متشظية.

وفي المغرب العربي الكبير، كادت الحرب السياسية التي سعّرها محور أبوظبي، أن تُسقط ميثاق صمود تونس السياسي لصالح بقاء الدولة المدنية بعد الثورة، ولا يزال التجاذب شرساً، وخصوصا مع صعود فكرة الصراع الثقافي، في استدعاء المرجعية العثمانية، وقلق الجزائر وتونس من ارتدادات الصراع الليبي. وفي ليبيا ذاتها، هناك فرصة للحل السياسي، لو كان الحل مقبولاً لدى أطراف التأثير على الداخل، وتحققت وحدة وطنية نسبية، تضمن عبور الحل السياسي، غير أن تأثرات الحسابات الأورومتوسطية، وإضافته إلى صراع المحاور عقّدت اللعبة.

لقد بدا مشهد مصر القومي في أسوأ صوره وهزالة موقفه، ووضح أن عبد الفتاح السيسي أثر على البنية المعنوية، على شخصية مصر التي أُهينت أمام الموقف الإثيوبي وغيره، ولعب تصدّع الداخل عبر القمع الأمني السياسي المتطرّف للنظام، دورا في تكريس هذا الموقف الهزيل، وإن كانت لعبة التهديد في ليبيا ستكون كارثية، لو دخل الجيش المصري في اشتباك مسلح مع أي طرف ليبي، فضلاً عن حكومة الوفاق، فإن خسائرها كبرى على مصر، لكن الواضح أن قواعد اللعبة في الجيش المصري تجنّبت هذا الأمر.

وقس على ذلك تحدّيات يعيشها الصومال وغيره من البلدان التي ذكرنا. أما السعودية فإن ما أقدم عليه العهد الجديد، والتوترات الداخلية وتطور صراعه مع قطر ومع داخله الحقوقي دولياً، والذي تزامن مع أزمة سياسية كبرى داخل الأسرة الحاكمة، يعزّز مخاوف سقوط الدولة وتفتيتها، ويُقرّب المرحلة الزمنية التي لم يتوقعها أسوأ سيناريو تحليل مهني. وكثيراً ما تردّدت لدى الرأي العام العربي فكرة الخوف من سقوط الدول الكبرى، أو تطورات الحرب الأهلية المتعدّدة، وربطها بنظرية المؤامرة، وهي ثقافةٌ لم تكن تنتشر في إطار صحي، بل في إطارٍ مُحبَط عاطفياً يخلق نفسية متأزمة، لا روحاً مسؤولةً تسعى إلى جمع شتات مجتمعها، يتشارك في ثقافته الوطنية الحقوقية والسياسية، أو بذل المعروف في أي مدارٍ ممكن.

وحتى نخرج من منطق المؤامرة، بعرض صحيح موضوعي، نقول: تشارك الأطراف الدولية والإقليمية في التأثير على الدول العربية، وتعزف نفوذها بناءً على مصالحها، لكن في أحيانٍ كثيرة، قد لا تُقدم مباشرة على الدفع بإسقاط الدول أو تحويلها إلى أقاليم منفصلة. وإنما تستعد لهذه اللحظة، وخصوصا في الدول التي تكون جغرافيتها الطبيعية والاجتماعية مهيأة، بعد أن أوجد الاستبداد أرضية الصراع والانفصال الاجتماعي السياسي، وهو يشمل دولا كثيرة ذكرناها. والمخيف هنا أن تكون السيناريوهات القادمة أسوأ لدولٍ كثيرة، ليس فقط في تغيير الخرائط ولا الاستقلال أو الانفصال، ولكن في الحروب الممتدة عبر هذه الصراعات، في حين أن تصورات العقل الشعبوي الديني توحي وكأن هناك حلا سحريا، يأتي من هذا الطرف أو ذاك، إنقاذا أسطوريا، لا يوجد لها واقع سياسي على الأرض. وليست منهجاً تشريعياً في رسالة الإسلام القطعية التي حضّت العرب، بعد البعثة، على تبنّي التدافع، لأجل الحقوق والعدالة، والقصاص حين التمكّن من الظالم، عبر المدافعة التي تعيشها الأمم في سنن الخلق الكونية. ولذلك الحل هو في فطنة كل قوم، بما فيهم قوم المستبدّين، لتحقيق معادلة إنقاذٍ ليحلّ السلام في أرضهم، قبل خرائط الخريف الأخير.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts