تكليف “أديب”.. “تسوية” فرنسية-إيرانية على “أشلاء لبنانيين”

تكليف “أديب”.. “تسوية” فرنسية-إيرانية على “أشلاء لبنانيين”

– الرئيس اللبناني كلف مصطفى أديب بتشكيل حكومة جديدة تحل محل حكومة دياب التي استقالت على وقع انفجار مرفأ بيروت المدمر
– طوني أبي نجم: تسوية ربما تمنح باريس إطلاله لبنانية على البحر المتوسط.. عدم رضا أمريكي عربي.. وباريس غير قادرة إلا على إعطاء وعود
– منير الربيع: فرنسا تستهدف إكمال تطويق دور تركيا في المتوسط وتعتقد أن وقوفها بوجه أنقرة قد يأتي بدعم عربي 
– طوني بوليس: ما حصل هو تسوية دولية على أشلاء اللبنانيين.. وترقيع للمشهد السياسي وليس حلا جذريا يرضي طموحات اللبنانيين

تستغلّ الدولة الفرنسيّة، وعلى رأسها إيمانويل ماكرون، انفجار مرفأ بيروت ومعاناة الشعب اللبناني من أوضاع اقتصادية خانقة، لتفرض سيطرتها على القرار الحكومي اللبناني، عبر فرض اسم جديد لرئاسة الحكومة المقبلة، علّها تستطيع توسيع نفوذها في المنطقة من خلال تعويم الطبقة السياسية الحاكمة، بحسب محللين سياسيين.

وكلّف الرئيس اللبناني، ميشال عون، الإثنين، السفير مصطفى أديب (48 عاما) بتشكيل الحكومة، عقب حصوله على 90 صوتا‎ من إجمالي 120، في الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة.

وأديب (سُني) من مدينة طرابلس شمالي لبنان، وحاصل على درجة الدكتوراه في القانون والعلوم السياسية، وتولى عام 2000 منصب مستشار ومدير مكتب رئيس الحكومة آنذاك، نجيب ميقاتي، حتى تعيينه سفيرا لدى برلين، في يوليو/تموز 2013.

وبدأ ماكرون، مساء الإثنين، زيارة للبنان، في ظل أحاديث عن أنه مارس ضغوطا على زعماء البلد العربي المنقسمين للتوصل إلى اتفاق بشأن أديب.

** مجرد وعود فرنسية

قال طوني أبي نجم، محلل سياسي، للأناضول، إن تسمية أديب هي “تسوية فرنسية – إيرانية”.

ونفى وجود موافقة أمريكية بقوله إن “الولايات المتحدة استبقت تسمية أديب، عبر تصريح لسفيرتها في بيروت، حيث اعتبرت أن اقتراحات فرنسا تخصها وحدها، وبالتالي الولايات المتحدة غير معنية بما يجري”.

وتابع: “بحسب المعلومات المتوفّرة، الدول العربيّة غير موافقة على هذه التسوية، فرنسا تسعى لإقامة مصالحها في لبنان عبر فتح خط تفاهم مع إيران”.

وتحدّث أبي نجم عن أهداف فرنسا خلف هذه التسوية، قائلا: “أولا، يؤمّن السماح بدور فرنسي ما على الساحة اللبنانية يمكن من خلاله أن تطل على البحر الأبيض المتوسط، لتقوم الشركات الفرنسية بالتنقيب عن النفط وغيره”.

وتشهد منطقة شرقي المتوسط توترًا بين تركيا ودول أخرى؛ بسبب مواصلة اليونان اتخاذ خطوات أحادية مع الجانب الرومي من جزيرة قبرص وبلدان أخرى، منها فرنسا، بخصوص مناطق الصلاحية البحرية.

واستطرد: “في الوقت عينه تسعى فرنسا إلى إراحة (جماعة) حزب الله و(حليفته) إيران في لبنان، بتأمين وعود بعقود لشركات فرنسية في إيران، في حال خسر (الرئيس الأمريكي) دونالد ترامب الانتخابات الرئاسية المقبلة (في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل)، وفاز منافسه (الديمقراطي جو) بايدن، وتمّت العودة (من جانب واشنطن) إلى الاتفاق النووي (الموقع) مع إيران (في 2015)”.

وأردف: “فرنسا تحاول مغازلة وإراحة إيران في لبنان، وتسهّل لها أمورها بتأمين حكومة جديدة بغطاء سنُّي – لبناني.

واعتبر أبي نجم أن حكومة أديب لا تفرق عن الحكومة الحالية، إذ قال إنها “تشبه حكومة (تصريف الأعمال برئاسة حسان) دياب من حيث المواصفات وخضوعها لحزب الله، لكن مع مباركة سنُيّة عبر موافقة تيار المستقبل (بزعامة سعد الحريري) ورؤساء الحكومات السابقين، وهذا هو الفرق الوحيد بالتسوية الجديدة”.

وعن إمكانية حدوث صدام فرنسي – أمريكي في لبنان، أجاب أبي نجم: “عندما نقول كباش (صدام) فرنسي نكون نضخم حجم فرنسا ودورها إن كان على الساحة اللبنانيّة أو غيرها”.

وقلّل من قدرة فرنسا على لعب دور أساسي في لبنان، فهي “غير قادرة إلّا على إعطاء وعود، فهي لا تمسك أموالا في لبنان لإعادة الإعمار ولإنقاذ لبنان من الانهيار المالي والاقتصادي الذي نحن فيه”.

ويعاني لبنان، منذ شهور، من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، في مشهد تتداخل فيه مصالح دول إقليمية وغربية.

وتابع: “مفاتيح القرار المالي والمساعدات تملكها كلّ من واشنطن والعواصم العربية الخليجية، واشنطن من باب صندوق النقد الدولي، والعواصم العربية تملك المال وهي عادة من تمسك وتضع الأموال وتستثمر في لبنان، وبالتالي فرنسا غير قادرة”.

ورأى أن “سقف قدرة فرنسا هو تأمين الغطاء السنُي مقابل وعود بالإصلاح لن تثمر”.

وإن كانت زيارة ماكرون الراهنة للبنان، بعد تكليف أديب، ستلعب دورا بارزا، رد أبي ماضي بأن “زيارته لا تقرّش (لا قيمة لها) لا من الناحية العمليّة ولا من الناحية الاقتصاديّة ولا سياسيّا ونحن في غنى عن تقديم المزيد من التنازلات لإيران وحزب الله”.

ويحتفل اللبنانيون، في الأول من سبتمبر/ أيلول 2020، بالذكرى المئوية لتأسيس دولة لبنان الكبير.

ففي هذا اليوم من عام 1920، أعلن الجنرال الفرنسي هنري غورو، المندوب السامي للاحتلال الفرنسي على لبنان وسوريا، دولة لبنان الكبير، بعد إعادة ترسيم الحدود بين البلاد التي كانت خاضعة للحكم العثماني.

** تطويق دور تركيا

متفقا مع أبي نجم، قال منير الربيع، كاتب ومحلل سياسي، للأناضول، إن تسمية أديب هو “اتفاق فرنسي – إيراني”.

واستدل على ذلك بـ”أولا سرعة تبني حزب الله لهذا الخيار (أديب)، وثانيا إيران باعت موقفا إيجابيا لفرنسا في لبنان بعد وقوف باريس بوجه مشروع القرار الأمريكي خلال التصويت (في مجلس الأمن) على (تمديد) العقوبات على طهران وموضوع (قوات الأمم المتحدة جنوبي لبنان) اليونيفيل والانفتاح على حزب الله”.

ورأى أن “هناك اختلاف في الرؤى الفرنسية – الأمريكية.. الفرنسيون يعتبرون أن حزب الله هو شريك أساسي لا بدّ من التعاون معه، ويراهنون على العلاقة مع حزب الله للتمتّع بنفوذ في لبنان، وكأنهم يسلّمون بنفوذ الشيعية السياسية بعد أن كانوا في المئة سنة السابقة يراهنون على المارونية السياسية، مع المحافظة على علاقات جيدة مع السنية السياسية”.

وردا على سؤال بشأن أهداف فرنسا من هذه التسوية، أجاب الربيع: “الخطوة الفرنسية تهدف إلى تطويق أو إكمال تطويق دور تركيا في المتوسط، فالمعركة أوسع من لبنان”.

واعتبر أن “الفرنسيين يراهنون على العلاقة مع الإيرانيين من جهة وعلى حزب الله من جهة أخرى، ويراهنون على أن وقوفهم بوجه تركيا قد يأتي بدعم العرب”، في ظل توتر العلاقات بين أنقرة وعواصم عربية.

وإن كانت هذه التسوية تحظى بمباركة أمريكية، قال إن “الولايات المتحدة تعتبر حزب الله إرهابيا ومستمرّة بالعقوبات ضدّه، ومن الواضح أنها لم تكن شريكة بهذه التسمية.. الفرنسي استغل الانشغال الأمريكي بالانتخابات الرئاسية ومرّر التسوية”.

واستطرد: “الأمريكي ينتظر متفرجا من دون تقديم دعم أو مساعدات ليرى ماذا سيحقق الفرنسي، لكن الأمريكي لن يتراجع عن شروطه، إلا إذا قدم حزب الله تنازلات تتلائم مع الشروط الأمريكية، وحينها يمكن أن توافق واشنطن على التسوية.. وإن لم يقدم الحزب أي تنازلات، فحتما الضغط الأمريكي مستمرّ والعقوبات مستمرّة والانهيار أيضا”.

** نتيجة الانتخابات الأمريكية

اعتبر طوني بولس، كاتب ومحلل سياسي، أن “تسمية أديب هي تسوية فرنسيّة- إيرانيّة، نتيجة مباحثات الرئيس الفرنسي ونظيره الإيراني (حسن روحاني)”.

وتابع بولس للأناضول أن “الإيرانيين يعتبرون أن تشكيل حكومة حاليا هو مضيعة للوقت لحين (ظهور) نتيجة الانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة، لاسيما وأنهم يدركون أنها مرحلة شد حبال”.

واعتبر أن ما حصل هو تسوية دوليّة على أشلاء اللبنانيين، بعد تفجير مرفأ بيروت، في 4 أغسطس/ آب الماضي، والذي تقول السلطات مبدئيا إنه نتيجة لتخزين مواد شديدة الانفجار منذ عام 2014.

وخلف الانفجار أكثر من 180 قتيلا وما يزيد عن ستة آلاف جريح وعشرات المفقودين، بجانب دمار مادي واسع، وخسائر تتجاوز 15 مليار دولار، وفق أرقام رسمية غير نهائية.

وختم بولس بأن التسوية الفرنسية- الإيرانية “هي ترقيع للمشهد السياسي، وليس حلا جذريا يرضي طموحات اللبنانيين، التي هي بعيدة المدى وبعيدة عن هذه الطبقة السياسية”.

ويشهد لبنان، منذ 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية، وتطالب برحيل الطبقة السياسية الحاكمة، التي يتهمها المحتجون بالفساد وانعدام الكفاءة.

وبعد 12 يوما من هذه الاحتجاجات استقالت حكومة سعد الحريري، وحلت محلها، منذ 11 فبراير/ شباط الماضي، حكومة دياب، التي رفض “تيار المستقبل” وقوى سياسية أخرى عديدة المشاركة فيها.

الأناضول

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: