“توجيهي بدون توجيه”.. هكذا أفرغت المرحلة الثانوية من مضمونها الحقيقي

“توجيهي بدون توجيه”.. هكذا أفرغت المرحلة الثانوية من مضمونها الحقيقي

عمّان – البوصلة

أكدت الخبيرة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة“، أنّ مصطلح “التوجيهي” الذي نقصد به شهادة الثانوية العامّة لم يعد يملك من اسمه نصيب، لا سيما وأنّه تحوّل إلى “توجيهي بدون توجيه”، مشددة على ضرورة إعادة النظر في كثيرٍ من الكلمات والشعارات التي لم تعد تحملُ أثراً إيجابياً على أرضِ الواقع.

واستعرضت عربيات عددًا من الأسباب الموضوعية التي أفرغت مرحلة الثانوية العامّة من مضمونها وأفقدتها “ميزة التوجيه”، مطالبة في الوقت ذاته بضرورة إعادة النظر في منظومة التربية والتعليم لتصبح قادرة على تدريب الأجيال على رسم خطواتهم وأهدافهم “بتوجيه” حقيقي يرسمه خبراء ومختصون.

إقرأ أيضًا: خبيرة تربوية تحذر: أجيالٌ مهدَّدةٌ بفقدان الهوية بعد فقدان اللغة

المستشارة التربوية بشرى عربيات: علينا إعادة النظر في كيفية تدريب الأجيال على رسم خطواتهم وأهدافهم بأسلوب موَجَّه

وقدمت حديثها بالقول: سنواتٌ طويلةٌ مضت على عقد إمتحان الثانوية العامة، أو ما يُسمَّى بالتوجيهي ولا أعلم لماذا أُطلقَ عليه توجيهي، لكن ربَّما لأنها مرحلة إنطلاق الطلبة للحياة، سواء كانت الحياة الجامعية أو العملية، حيثُ يحتاجُ الطالب  مهما كانت قدراته المعرفية والثقافية إلى توجيه، ومرَّت السنين والأعوام ورأينا نتائج ونماذج مميزة من الخريجين الذين حملوا مسؤولية المجتمع على أكتافهم وفي أعناقهم في جميع المجالات، سواء كانت التعليم أو الصحة، وغيرها من المجالات التي دفعت مسيرة التقدم إلى الأمام، علماً بأنَّ الإمكانيات المادية كانت بسيطة، من حيث عدد المدارس الثانوية والجامعات، ومع ذلك كان هناك نماذج بشريَّة لديها القدرة على تحمُّل الصِّعاب مع الإصرار على النجاح وتحقيق الآمال المنشودة على مستوى الأسرة، وبالتالي على المستوى المجتمعي، ولذلك في اعتقادي التصق إسم التوجيهي بهذه المرحلة، المرحلة الثانوية.

زيادة أعداد بلا آثار إيجابية

وتساءلت عربيات: لكن، ما الذي حدث اليوم؟ ما الذي حدث بعد زيادة عدد المدارس الحكومية والخاصَّة، وبعد زيادة عدد الجامعات الرَّسمية والخاصة، بعد توفر كثير من الإمكانيات المادية، ربما أبسطها وسائل المواصلات، هذه الإمكانيات التي لم نرَ أثرها الإيجابي في الآونة الأخيرة، بل على العكس صرنا نرى ونسمع آثاراً سلبية في المجتمع بأكمله، ولم تستثني هذه الآثار فئة المتعلمين أو المثقَّفين.

وأضافت عربيات: هنا يبرز السؤال المهم، وهو هل فقدت مرحلة الثانوية العامَّة ميزة التوجيه؟ وهل فقد التعليم بكافة المراحل القدرة على توجيه الطلبة؟ إنني ويكل أسف أقول “نعم”، لقد فقدت المؤسسات التعليمية القدرة على التوجيه، فترى معلمين ومعلمات ومدراء ومسؤولين بكافَّة المواقع، حتى المرشدين التربويين بحاجة إلى توجيه، ناهيك عن تراجع دور المعلم المربي، والمعلم القدوة داخل المدارس.

معاني مؤلمة وقيم غائبة

واستدركت بالقول: إضافةً إلى ذلك تراجع ملموس في دور الأُسرة، الذي اقتصرَ مؤخَّراً على دفعِ الأقساط المدرسية دون أدنى متابعة، سواءً من الناحية التربوية السلوكية أو من الناحية التعليمية، وبالتالي نتج عن هذه الممارسات طلبة هائمين على وجوههم، حائرين في مستقبلهم، لا يعرفون لهم هدفاً، فاقدين توجيه الأسرة والمدرسة على حدِّ سواء!

إقرأ أيضًا: خبيرة تربوية تحذر من استمرار “طبقية التعليم” وانعكاساتها الخطيرة على المجتمع

وقالت الخبيرة التربوية: “توجيهي، بدون توجيه!”، هذه الكلمات الثلاث تحوي الكثير من المعاني المؤلمة وكثيراً من القيم الغائبة، وكثيراً من الأهداف الضائعة، وكثيراً من الأجيال الخاسرة! ذلك لأن غياب التوجيه يعتبر سبباً كافياً لعدم تحقيق الآمال والطموحات المرجوَّة من الأجيال، وبالتالي تكون خسارة المجتمع كبيرة جداً، لأن الهدم أسرع من البناء، فقد يحتاج بناء بنايةٍ سنة، على سبيل المثال، لكن يمكن هدمها في دقائق!!

وتابعت، “نعم، إنه توجيهي دون توجيه، بل هو تعليمٌ لكافة المراحل، دون توجيه، إذ  مجرد أن يخرج الطلبة من قاعات الإمتحان، يعمل البعض منهم على تمزيق الكتب والأوراق في الشوارع، بأسلوب غير حضاري لا يدل على تربية أو تعليم، ومجرد إعلان نتائج إمتحان الثانوية العامة،  سواءً الدورة الصيفية النظامية أو التكميلية، نرى الفوضى في الشوارع من خلال ما يسمى بالإحتفال بالنتيجة حتى لو كان المعدل خمسون بالمئة!”.

فوضى وعقدة نقص

وعبرت عن أسفها الشديد للحالة التي وصل لها الأمر، قائلة: إنه توجيهي دون توجيه عندما نرى الفوضى المجتمعية عند انتهاء الإمتحان الأخير ولكافَّة المراحل أيضاً، ترى الفتيات والشباب  بحضور أولياء الأمور، يرقصون ويصرخون في الشوارع دون حياءٍ أو خجل، فأين هي التربية؟ وأين هو التعليم؟ بل أين هو التوجيه؟ إنني أرى أمهات تصفِّق لبناتها في الشارع، وكأنها كانت تتمنى أن ترقص معها! تلك هي عقدة النقص لدى بعض السيدات  الأمهات التي نسيت أو تناست مسؤوليتها التربوية! بينما بعضُ الآباء اقتصر دورهم على الإنفاق وفقدوا دورهم في التوجيه والإرشاد والمتابعة!

وختمت عربيات تصريحاتها بالقول: في المحصِّلة، نرى أجيالاً تخرَّجت من المدارس دون توجيه، علماً بأنها تحملُ شهادة “التوجيهي” ، لكن لحسن الحظ أن هذه الشهادة تحملُ عنوان الثانوية العامة فقط، وليس التوجيهي، من هنا علينا إعادة النظر في كثيرٍ من الكلمات والشعارات التي لا تحملُ أثراً إيجابياً على أرضِ الواقع، كما علينا إعادة النظر في منظومة التربية والتعليم على حدِّ سواء، بل علينا إعادة النظر في كيفية تدريب الأجيال على رسم خطواتهم وأهدافهم بأسلوب موَجَّه من قِبَل مختصِّين حريصين على دفع مسيرة التربية والتعليم إلى الأمام!    

إقرأ أيضًا: خبيرة تربوية: هدفنا الأسمى الارتقاء بمستوى التعليم وليس النقد

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: