ثقب أسود ضخم يلتهم قطعة من المادة بحجم الأرض كل ثانية

ثقب أسود ضخم يلتهم قطعة من المادة بحجم الأرض كل ثانية

الثقب الأسود

اكتشف علماء الفلك ثقبا أسود يعد الأكثر سطوعًا والأسرع نموًا في آخر 9 مليارات سنة، وهو أكبر 3 مليارات مرة من كتلة الشمس، ويبتلع جزءا من المادة بحجم الأرض كل ثانية.

أكبر 500 مرة من “ساجيتارياس إيه*”

يذكر التقرير المنشور في “لايف ساينس” (Live Science) أن الثقب الأسود العظيم الجديد -المعروف باسم “جيه 1144”- يبلغ نحو 500 مرة حجم “ساجيتارياس إيه*” (*Sagittarius A)، وهو الثقب الأسود الكبير الموجود في قلب مجرة درب التبانة، والذي تم تصويره مؤخرا لأول مرة، ويظهر كحلقة من البلازما فائقة السخونة حول الفراغ الكبير تبث ضوءا أكثر من مجرتنا بأكملها بنحو 7000 مرة.

واكتشف علماء الفلك الأستراليون هذه القوة الكونية العملاقة باستخدام بيانات من “سكاي مابر.. ماسح الفضاء الجنوبي” التابع للجامعة الوطنية الأسترالية، الذي يهدف إلى رسم خريطة للسماء كاملة في نصف الكرة الجنوبي، وقال الباحثون -في بيان صحفي نُشر على موقع الجامعة في 15 يونيو/حزيران الجاري- إن تحديد موقع الثقب الأسود كان بمثابة العثور على “إبرة كبيرة جدا وغير متوقعة في كومة قش”.

كريستوفر أونكن (يسار) وصموئيل لاي من فريق اكتشاف الثقب الجديد (جيمي كيدزتون–جامعة أستراليا الوطنية)

يقول الباحث الرئيسي كريستوفر أونكن (عالم الفلك بالجامعة الوطنية الأسترالية في كانبيرا) في البيان الصحفي “كان علماء الفلك يبحثون عن أشياء مثل هذه منذ أكثر من 50 عاما، وعثروا على الآلاف من الثقوب السوداء الخافتة، لكن هذا الثقب اللامع بشكل مذهل قد توارى من دون أن يلحظه أحد”.

ووفقا للبيان، فإن الشهية الشرهة للثقب الأسود الجديد تجعل تلك الموجودة لدى الثقوب السوداء الضخمة صغيرة؛ ففي العادة تتباطأ معدلات نمو هذه الكيانات الكونية الكبيرة عندما تصبح ضخمة، ومن المحتمل أن يكون هذا بسبب زيادة إشعاع هوكينغ؛ وهو الإشعاع الحراري الذي يُفترض أنه ينطلق من الثقوب السوداء بسبب تأثيرات ميكانيكا الكم.

يلتهم مادة بحجم الأرض كل ثانية

يلتهم الثقب الأسود المكتشف حديثا قدرا كبيرا من المادة، لدرجة أن أفق الحدث الخاص به (الحدود التي لا يمكن لأي شيء -بما في ذلك الضوء- الهروب منها) متسع بشكل غير اعتيادي، ويقول المؤلف المشارك صامويل لاي (عالم الفلك في الجامعة الوطنية الأسترالية) في البيان “إن مدارات الكواكب في نظامنا الشمسي ستتلاءم جميعها مع أفق الحدث الخاص به”.

هذا الثقب اللامع بشكل مذهل كان متواريا من دون أن يلحظه أحد (شترستوك)

عادة، لا يمكن رؤية الثقوب السوداء لأنها لا تعطي أي ضوء، ولكن يمكن لعلماء الفلك اكتشاف الثقوب السوداء لأن جاذبيتها الشديدة تسحب المادة نحو أفق الحدث بسرعة كبيرة بحيث تتحول هذه المادة إلى بلازما فائقة السخونة؛ وهذا يعطي ضوءا على هيئة حلقة حول الثقب الأسود، تسمى قرص التراكم.

والقرص التراكمي العملاق المكتشف حديثا هو ألمع قرص اكتشفه علماء الفلك على الإطلاق، بسبب “أفق الحدث” الكبير والسرعة القصوى التي تُسحب بها المادة، والباحثون “واثقون إلى حد ما” من أن تلك السرعة ذات رقم قياسي لن يتم كسره، وفقا للبيان.

يمكن حتى للهواة رؤيته

وقال الباحثون إن حدود الثقب الأسود شديدة السطوع لدرجة أنه يمكن حتى للهواة رؤيتها باستخدام تلسكوب قوي بدرجة كافية ومُوجّه للجزء الأيمن من الأفق الجنوبي للسماء.

الفريق يحاول الآن تحديد سبب بقاء الثقب الأسود الضخم متعطشا للمادة (ناسا)

ويحاول الفريق الآن تحديد سبب بقاء الثقب الأسود الضخم متعطشا للمادة، إذ يشك العلماء في أن حدثا كونيا كارثيا يجب أن يكون مسؤولا عن ولادة هذا الفراغ العظيم، يقول أونكن “ربما اصطدمت مجرتان كبيرتان ببعضهما البعض، مما أدى إلى تحويل كمية كبيرة من المواد إلى الثقب الأسود لتغذيته”.

وقد يكون من الصعب معرفة كيف تشكل الثقب الأسود بالضبط، كما يشكك الباحثون في أنهم سيجدون ثقبا أسود آخر مماثلا له في الكتلة وسرعة التوسع مرة أخرى، مما يجعل من الصعب اختبار نظرية عامة حول تكوين مثل هذه الأجسام الكونية الشرهة.

من الصعب أن نجد له مثيلا

يقول المؤلف المشارك كريستيان وولف (عالم فلك في الجامعة الوطنية الأسترالية وقائد مجموعة سكاي مابر) في البيان “هذا الثقب الأسود شاذ، ومع أنه لا يوجد مستحيل فإننا لا نعتقد أننا سنجد ثقبا مماثلا له، فلقد تم استكشاف معظم السماء، حيث لا يمكن أن تختبئ أشياء مثل هذه”.

الثقب الأسود الجديد هو الأكثر سطوعًا والأسرع نموًا في آخر 9 مليارات سنة (شترستوك)

ومع ذلك، يتوقع بعض الباحثين أن هناك ما يصل إلى 40 كوينتيليون (1 أس 18) ثقب أسود في الكون، التي يمكن أن تمثل نحو 1% من كل المادة في الكون، لذا فإن احتمالات وجود ثقب أسود أكثر ضراوة في مكان ما من الكون ليست معدومة.

تم تقديم الدراسة في الثامن من يونيو/حزيران الجاري إلى قاعدة بيانات ما قبل الطباعة (آركايف)، ولكن لم تتم مراجعتها بعد من قبل باحثين أقران، وفي حالة قبوله سيتم نشره في مجلة “بابليكيشن أوف أسترونوميكال سوسايتي أوف أستراليا” (Publications of the Astronomical Society of Australia).

لايف ساينس

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: