حسين الرواشدة
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

جرائم تعكس حالة المجتمع أيضًا

حسين الرواشدة
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

هذا الأسبوع تفاجأنا ( هل تفاجأنا حقا..؟!) بحادثتين: إحداهما تتعلق بشاب قتل والدته، والأخرى بأب ألقى على ابنته حجرا فأرداها قتيلة، أول سؤال ربما خطر على بالنا هو : لماذا فعلا ذلك..؟ مهما تكن الإجابة فإنها لن تكون كاملة او مقنعة، لكن الأهم من هذا السؤال هو الظاهرة نفسها، فقد تكررت هذه الحوادث في مجتمعنا، وتعددت أسبابها،فيما النتيجة واحدة وهي : هذه القسوة التي دخلت إلى بيوتنا لدرجة الكراهية والقتل، كيف تسللت إلى مجتمعنا، فأفقدتنا الإحساس بالرحمة، والشفقة والعطف، وجردتنا من إنسانيتنا حتى لم نعد نرتعد أمام هذه النماذج السلوكية المفجعة، وكأنها أصبحت جزءا من حياتنا او ضريبة ندفعها – كما ندفع غيرها – دون أن يهتز لنا طرف؟

 إن قسوة هؤلاء الذين دفعتهم انحرافاتهم النفسية او اضطراباتهم العقلية او ظروفه الاقتصادية الى فعل ما نستنكره، لا تقل – أبدا – عن قسوة المجتمع الذي خرجوا منه وعليه، كما ان خيبتنا بهم لا تقل عن خيبتهم بنا، وإذا كانوا بحكم التشريعات والأعراف أصبحوا مجرمين يستحقون العقاب، فان جريمتنا بحق السكوت على «التربة» التي أخرجتهم، والمقدمات التي استقوا منها ما آلوا إليه من نتائج، لا تقل بحال عن جريمتهم.

لقد اخطأ هؤلاء حقا، ولكن هذا الخطأ كان انعكاسا لحالة نفسية ومزاج عام مضطرب يعاني منه مجتمعهم، او هو – ان شئت الدقة – احد التعبيرات الصارخة والشاهدة – في آن – على توعك المجتمع واعتلاله، اما كيف حدث ذلك، فإننا لا نعدم من يدلنا على المحطة التي انطلق منها الانحراف، وتولدت فيها التعقيدات والأمراض النفسية والعقلية، وهي – على كل حال – تتجاوز الفرد والأسرة، بل والمجتمع أيضا، لتشمل منظومة طويلة من المجالات السياسية والاقتصادية والفكرية التي خرج منها كل ما نعانيه من اضطرابات وتشوهات.

صحيح أن احدنا يشعر بالاشمئزاز والغضب والاستنكار من هذا الذي يفعله شاب مجنون، أو أم ظالمة، او والد مريض.. الخ بحق اقرب الناس إليه، لكن ثمة شعورا غائبا بالشفقة على هؤلاء الضحايا لا بدّ من استحضاره، ومعه دعوة إلى قراءة أعماق المجتمع الذي أفرزهم، بكل ما فيه من توعكات وشقوق وأورام، واحسب أنها مهمة تستدعي من الباحث النفسي (دعك من السياسي والاقتصادي) مزيدا من التأمل، لا مجرد الإدانة وإصدار الأحكام والشعور بالشفقة أو الاشمئزاز.

ثمة من يربط بين العنف وبين الإحباط وتراجع الاحتكام لمنطق «القانون» وسيادة الانتماءات الفرعية على حساب «الهوية» الجامعة، وهذا يبدو صحيحا لكنه لا يكشف عن حقيقة المشكلة وجذورها فهنالك ارتباط -مثلا – بين العنف وبين الثقافة السائدة وبينه وبين مخرجات السياسة وانسداداتها وبينه وبين البحث عن الهيبة والكرامة وبينه وبين تراجع الدخل وانتشار الفقر وبينه وبين افتقاد شبكة «تعليمية» ناضجة، وشبكة مفاهيمية صحيحة تنتج «تدينا» صالحا للحياة، وشبكة اجتماعية لا تخضع «لمزادات» السياسة وتجاربها.

لا يوجد لدينا، حسب علمي، دراسات جادة عن علاقة الشخصية الأردنية -تحديدا – بالعنف عموما وبمثل هذا الجرائم داخل الأسرة الواحدة تحديدا، ولا عن ارتباط هذه الحالة بما طرأ على مجتمعنا من تحولات اقتصادية وأخلاقية وسياسية، كما لا يوجد لدينا بحوث علمية ترصد بدقة «خرائط» انتشاره او دوافعه او أنماطه او حجم الزيادة في معادلاته، وبالتالي فان سؤال العنف الاجتماعي ما زال معلقا بلا إجابات واضحة.

(السبيل)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts