بشرى عربيات
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

جفاف ينابيع المعرفة

بشرى عربيات
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

   بقلم المستشارة التربوية: بشرى سليمان عربيات

   لا يمكن أن يغفل عاقل عمَّا يحدث من تراجع في العملية التعليمية، ومنذ سنوات وذلك لعدة أسباب، من أهمها تراجع مخرجات التعليم المدرسي والجامعي على حدٍّ سواء، الأمر الذي نتج عنه – بالضرورة – تراجع في العملية التعليمية، والذي سوف يؤدي إلى جفاف – أو تجفيف – منابع وينابيع المعرفة والتعليم شيئاً فشيئاً، ذلك لأنه لكل فعل ردّ فعل مساوٍ لهُ في المقدار ومعاكس له في الإتجاه.

       لقد حدثَ الفعل على مراحل بحيث تمَّ تغيير مسار التعليم بأسلوبٍ غريب ومقلق، الأمر الذي نتجت عنه فوضى في المدارس والجامعات، هذه الفوضى مرئية للجميع وخصوصاً بعد انتهاء أي امتحان –  الثانوية العامة على سبيل المثال لا الحصر – فترى الطلبة وبعض أولياء الأمور يتصدرون الفيديوهات على مواقع التواصل الإفتراضي- وليس الإجتماعي-، يظهر فيها مقدار التذمر الكبير من أسئلة لم يتأكدوا بعد من مستواها سواءً كانت سهلة أو صعبة، ويرافقهم – للأسف – بعض من المعلمين والمعلمات وعدد من وسائل الإعلام، كل هذه الممارسات دليل واضح على تراجع في المنظومة التعليمية، فالعلمُ يرفعُ بيوتاً لا عمادَ لها!

   وقد تجاوز تجفيف ينابيع المعرفة هذه الممارسات، لنرى كم اختُزِلت مناهج اللغة العربية والتربية الإسلامية، إضافة للكتب العلمية، لكني أركز على اللغة والدين لأنهما التعبير الرئيسي عن هويَّة الفرد في المجتمع، حيث فرغت هذه الكتب من كثير من القيم والمبادئ التي من المفروض أن يتم غرسها في نفوس أبنائنا الطلبة في مراحل معينة، ناهيك عن الفراغ الفكري لدى العديد من المعلمين والمعلمات، بحيث لا يمكن ردم الفجوة الحاصلة في تلك المناهج المختزلة.

   أضف إلى ذلك تشويه بعض الأساسيات بوضع صور في درسٍ معين، هذه الصور لا تليق ولا تتناسب مع المحتوى – على سبيل المثال لا الحصر، هل يُعقل وضع صورة إشارة ضوئية لشرح درس علامات الوقف في القرآن الكريم؟، وذلك في كتاب التربية الإسلامية للصف العاشر الأساسي! إن هذا مجرد مثال على تغيير مسار التعليم ليصبحَ مثاراً للسخرية والإستهزاء، حيثُ نعلمُ جميعاً مدى عدم التزام البعض بالوقوف أمام الإشارة الضوئية، والأهم من ذلك أنه لا علاقة بين الموضوعين، ذلك لأن القرآن الكريم أسمى وأعلى من تشبيه علامات الوقف بإشارات المرور! إن مثل هذا الخطأ ينحرف عن مسار التعليم، إضافة إلى العمل على تجفيف ينابيع المعرفة لدى الطلبة.

   وقد وصل الأمر مؤخراً إلى اقتراح عدم مطالبة الطلبة في حفظ المواد الأدبية في مبحثي اللغة العربية والتربية الإسلامية في امتحان الثانوية العامة، إن هذا الإقتراح – لو تمَّ تطبيقه لا قدَّر الله – سيكون سبباً في تجفيف ينبوع رئيسي من ينابيع العلم، ألا وهو مقدرة الطلبة على الحفظ قبل مقدرتهم على الفهم والإستيعاب!! ذلك لأنه لا يمكن تفسير شيء غير محفوظ في الذاكرة، أضف إلى ذلك أنه لم يحدث لعقول الأجيال السابقة شيئاً حين كانوا مطالبين بحفظ أبيات أو قصائد من الشعر أو حفظ آيات من القرآن، فإلى أين نحنُ ذاهبون؟!

   إن عملية تطوير المناهج لن ترتقي إذا كان الهدف منها التقليد الأعمى لمراجع مختلفة، وإذا كان الهدف منها استبعاد اللغة والدين، بل على العكس، ستكون النتيجة الحتمية تدمير جيلٍ بل أجيال، والدفع بهم نحو صحراء قاحلة جفَّت فيها كل ينابيع المعرفة.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts