جنود للإيجار.. التاريخ السري لعلاقات مرتزقة فاغنر وروسيا

جنود للإيجار.. التاريخ السري لعلاقات مرتزقة فاغنر وروسيا

فاغنر

يوم 7 فبراير/شباط 2018 شن حوالي 600 مقاتل ينتمي معظمهم إلى مجموعة فاغنر هجوما في دير الزور السورية ضد القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.

كان الهدف من العملية هو الاستيلاء على مصفاة نفط متمركزة في مكان قريب، لكن الوحدة التي شنت الهجوم لم تتفطن لوجود عشرات الجنود الأميركيين بين الأكراد بالمنطقة، والذين طلبوا من واشنطن بسرعة تقديم دعم جوي واسع النطاق ردا على الهجوم.

أسفرت العملية عن مقتل ما يصل إلى 200 عنصر من مقاتلي مجموعة فاغنر في ساحة المعركة، إلى جانب سقوط العديد من الجرحى، ولم يصب أي جندي أميركي.

بهذه المقدمة استهلت مجلة “غلوبال فيلاج سبيس” (Global Village Space) الباكستانية تقريرا للكاتب شين كوين تناول تاريخ مجموعة فاغنر وعلاقتها مع نظام بوتين، مؤكدة أن هذه المنظمة شبه العسكرية التابعة للكرملين رأت النور أول مرة عام 2014 على يد مؤسسها رجل الأعمال الثري يفغيني بريغوزين.

وذكر الكاتب أن مجموعة فاغنر غالبا ما تصف نفسها في وسائل الإعلام الغربية بأنها “مرتزقة” وهي تتألف من قدماء المحاربين المتقاعدين من خدمات أمن الدولة الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و55 عاما، بالإضافة إلى مقاتلين موالين لموسكو من دول الاتحاد السوفياتي السابق وكذلك من حليفتها صربيا.

وبحلول ديسمبر/كانون الأول 2017، أضحى عدد عناصر مجموعة فاغنر حوالي 6 آلاف مقاتل، مقارنة بألف مقاتل بداية 2016.

وتتراوح الرواتب الشهرية لأعضاء المجموعة بين 1200 و4 آلاف دولار، ويتقاضى كبار موظفيها والعاملون في الخارج بشكل عام أجورا أعلى.

قتال وتمويل

وظهر أفراد فاغنر أول مرة ربيع 2014، عندما شوهد متعاقدوها بين القوات العسكرية الروسية أثناء استيلاء موسكو على شبه جزيرة القرم، كما شوهد عناصر من المجمعة أيضا الأسابيع التالية شرق أوكرانيا التي نشبت فيها أعمال قتالية منذ أبريل/نيسان 2014.

وترجح مصادر أن فاغنر تتلقى الدعم والتمويل من قبل بريغوزين الذي أطلق عليه لقب “طباخ بوتين” والذي سجن عام 1981 بتهمة السرقة والاحتيال، وقضى 9 أعوام في السجن.

يمتلك بريغوزين الآن شركة تموين كبيرة، وقد كان خلال الأشهر الأخيرة هدفا لعقوبات من قبل واشنطن حيث فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات مالية على ممتلكاته الشخصية، على غرار طائراته الخاصة الثلاث ويخته. وفي فبراير/شباط 2018، اتهمه مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق روبرت مولر بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016.

كما أفادت وسائل الإعلام عدة بأن بريغوزين هو من أمر بالهجوم في دير الزور شرقي سوريا حيث يتمركز الجنود الأميركيون، ومن المرجح أن تكون لديه مصالح في احتياطيات النفط والغاز بسوريا، ما يفسّر وجود فاغنر بالمنطقة في المقام الأول.

يقود المجموعة ديمتري أوتكين، وهو مقدم مولود في أوكرانيا ويتعاطف بشدة مع موسكو، وكان عضوا سابقا في فرقة سبيتسناز التابعة لمديرية المخابرات الرئيسية، التي تأسست بعهد ستالين. يُذكر أن بوتين نفسه منح أوتكين أوسمة عسكرية.

ويبدو أن أوتكين تربطه علاقة عمل وثيقة مع بريغوزين. فمنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2017، شغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة “كونكور” للإدارة والاستشارات التي أسسها الأخير عام 1995 ويمتلك نصف أسهمها على الأقل.

ولم تتوقف الحكومة الأميركية عن متابعة نشاطات أوتكين الذي يخضع بدوره للعقوبات منذ يونيو/حزيران 2017.

يُذكر أن فاغنر تدخلت لأول مرة بسوريا في أكتوبر/تشرين الأول 2015 بعد أيام فقط من إعلان بوتين التدخل العسكري في هذا البلد لدعم حليفه بشار الأسد. بعد ذلك، شاركت المجموعة في سلسلة من المعارك على الأرض.

أوامر بوتين

وترى المجلة أنه في حين لا يعترف الكرملين رسميًا بالمنظمات السرية -مثل فاغنر- فإنه من غير المحتمل أن يُسمح لمثل هذه الجماعات بممارسة نشاطاتها دون موافقة بوتين. ومن المرجح أن المجموعة تشكل طرفا إضافيا مسؤولا عن تنفيذ أجندة السياسة الخارجية الروسية.

فعلى سبيل المثال -تضيف المجلة- وصف بوتين في أبريل/نيسان 2012 الشركات العسكرية الخاصة بأنها “أداة لتحقيق المصالح الوطنية لروسيا دون مشاركة مباشرة من الدولة”. ومع ذلك، يظل تأثير بوتين الشخصي على فاغنر غير واضح.

وتستفيد موسكو من طبيعة “العمل السري” الذي تقوم به المجموعات القتالية مثل فاغنر، حيث إنها لن تجبر على الاعتراف بعدد القتلى في حال لقي مقاتلوها حتفهم، ويمكن لموسكو كذلك تجنب تحمل المسؤولية والنأي بنفسها عن هذه المجموعة عندما يُتهم مقاتلوها بارتكاب جرائم حرب.

علاوة على ذلك، ينشط موظفو فاغنر بالمناطق النائية مثل البلدان الأفريقية، على غرار ليبيا والسودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، التي تعتبر مهمة من الناحية الإستراتيجية.

وكشف تقرير تم تسريبه للأمم المتحدة في مايو/أيار الماضي أن ألف عنصر من مجموعة فاغنر موجودون بليبيا لدعم الجنرال المتقاعد خليفة حفتر.

كما توسعت أنشطة المجموعة منذ يناير/كانون الثاني 2019 لتصل إلى أميركا الجنوبية حيث ساعدت في “توفير الأمن” لنيكولاس مادورو رئيس فنزويلا التي تضم أكبر احتياطيات نفط معروفة في العالم.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: