حسين الرواشدة
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

حالة اكتئاب عام

حسين الرواشدة
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

يمر راعي اغنام بالقرب من خط مياه الديسي فيخطر في باله ان يسقي اغنامه خوفا عليها من العطش، يتلفت حوله ثم يجد «هواية» وزنها نحو نصف طن، يقرر ان يزيلها لتشرب الاغنام، فتنقطع المياه عن اكثر من نصف سكان المملكة لمدة خمس ايام (تصور..!).

خبر ثان، تصدر الحكومة تعميما للجمارك بتحديد كروز دخان واحد للمسافرين القادمين عبر المنافذ الحدودية، والزام احدى شركات الدخان بالانضمام الى الشركات الاخرى العاملة في المنطقة الحرة والالتزام بشروط بيع الدخان داخل المملكة بدل تصديره وعودته للسوق مهربا، فيخرج المحتجون في الرمثا للاحتجاج على القرار، وتشهد المدينة ليلة ساخنة (تصور..!).

خبر ثالث، يسطو احد العابثين على بئر ماء قريب من معان، فتنقطع المياه عن المدينة، ثم يسطو اخرون في سحاب على خط مياه لغسيل السيارات فتتحرك الوزارة لمناشدة المواطنين بالابلاغ عن اي عبث يهدد السلامة «المائية».

لا شك بانك – اخي المواطن –ستشعر «بالعجز» عن فهم هذه «السلوكيات» السياسية والاجتماعية التي قفزت فجأة الى مشهدنا العام، ربما تسأل فقهاء السياسة والاجتماع فيغرقونك بالتحليلات لدرجة الغثيان،ربما تفكر بسماع وجهة نظر المؤرخ، لكن ستكتشف ان كلام المؤرخ مثل كلام السياسي مسكون بهواجس كثيرة، تأخذك الى عوالم اخرى لا علاقة لها احيانا بالواقع، كما ان الاثنين لا يسعفانك في فهم ما يجري الا بمقدار «الزاوية» التي ينظران منها الى الحدث لدرجة انهما «يتلبسان» الوقائع فيصبحان جزءا منها.

ترى هل حاولت – مثلي – ان تذهب الى عنوان اخر يعينك على فهم ما يجري؟ حين قرأت خبرا اخر يقول بان مجموعة من الشباب قرروا اقامة اكبر تجمع للمكتئبين في الاردن ( 30 آب الجاري) اعجبتني الفكرة فسألت احد فقهاء علم النفس، قلت له: كيف يمكن ان نفسر مثل هذه السلوكيات والردود، كيف نفهم حالة الوجوم التي ترتسم على وجوه الناس، وحالة الاشتباك التي رأيناها في الشارع وفي الحكومة، وحالة الغيبوبة التي نعاني منها جميعا؟

قال لي الرجل كلاما طويلا، فهمت منه اننا نعاني من حالة اضطراب نفسي، او ان شئت اكتئابا عاما، فالناس تشعر بالخوف من الحاضر والقادم، ويراودها وسواس قهري يدفعها الى الارتباك في المشاعر وفي تحديد الاهداف، وكثير من النخب – ايضا – تعاني من الاضطرابات ذاتها، خذ – مثلا – ما نشاهده من عنف في البيوت والشوارع وفي المؤسسات، وما نراه من ارتجال في اتخاذ القرارات، وما نسمعه من اشتباكات وصراعات وعدم قدرة على التفاهم والتوافق، خذ – ايضا – حالة الجمود التي اصابت حقلنا السياسي، وحالة التمرد الاجتماعي و التنمر التي تحولت الى بروفات للاستعراض، ومنطق الاستعلاء الذي يتعامل به البعض، خذ حالة مجتمعنا بتفاصيلها المختلفة، ستجد انك امام حالة لا يمكن فهمها سياسيا وانما تحتاج الى خبير نفسي ومشارح نفسية ومعالجات نفسية ايضا.

باختصار، لدينا حالة «اكتئاب» عام، فكل ما يحدث داخلنا وحولنا يدفع الى الشعور بالخوف والحزن والاضطراب النفسي، وكل ما نراه يعبر عن اضطرابات نفسية تحتاج الى معالجات فورية، الى اطباء لا الى سياسيين، الى منطق احترام وتعزيز وتقدير لا الى مجرد عقاقير مسكنة او تصريحات مجاملة.

حين فكرت فيما قاله صديقي الطبيب النفسي، فهمت اننا نمرّ في مرحلة انتقالية تحتاج الى اعادة النظر في اخلاقياتنا وسلوكياتنا، والى معالجات حقيقية تضعنا على مشرحة الاعتراف بالمرض والاصرار على الخروج منه بارادة اقوى، واصرار اشد..

(الدستور)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts