“حظر الجمعة” يحرم الموظف من متعة إجازته الوحيدة

“حظر الجمعة” يحرم الموظف من متعة إجازته الوحيدة

 بعد أن كان الثلاثيني عماد عبدالله ينتظر بفارغ الصبر قدوم يوم اجازته الجمعة ليذهب خلالها لزيارة عائلته في السلط للاطمئنان على والديه الكبار بالسن، ثم العودة في نهاية اليوم استعدادا لدوام السبت؛ يأتي حظر الجمعة لأسبوعين متتاليين، لينسف له كل مخططاته وما اعتاد على عمله كل أسبوع.


يقول عبدالله ان يوم الجمعة، فرصته الوحيدة للخروج هو وابناؤه وزوجته بعد أسبوع عمل طويل لا يوجد فيه أي نوع من الراحة؛ غير أن ما كان يجعله يحتمل كل ذلك هو انه يقضي يوما جميلا ويرفه عن نفسه مع عائلته في السلط، ووالديه، والأولاد يلعبون ويفرغون طاقاتهم استعدادا لبداية أسبوع جديد.
غير انه حاليا، يفتقد هذا اليوم الوحيد، ويبقى “محجورا” في البيت، مع الصغار الذين ينتظرون عطلة أهلهم، للخروج والتنزه بعيدا عن أجواء المنزل، يفررغون طاقاتهم بما ينعكس عليهم ايجابيا الأسبوع بأكمله.

انتقادات لاذعة لـ “حظر الجمعة”.. ذريعة سياسية وقرارات اعتباطية وحبس حرية


ولعل هند علي هي واحدة أخرى تستدعي طبيعة عملها الدوام يوم السبت، وهو ما كان يجعل يوم الجمعة هو عطلتها الوحيدة، وعادة ما يكون مزدحما في كل مرة، وإنجاز ما هو متراكم اسبوع كامل. أما الآن ومع وجود حظر شامل اصبح الامر مأساوي بالنسبة لها، فهي منتظمة بالدوام طوال الأسبوع، وفي يوم عطلتها تكون “محبوسة” في المنزل كما وصفت.


تقول هند “الأمر يجلب الكآبة فيوم الجمعة هو المتنفس الوحيد بالنسبة لي والذي انتظره من اجل القيام بالعديد من الأمور التي اعجز عن القيام بها طوال الأسبوع بسبب العمل”، مبينة أن هذا الحظر جاء ليقتل الحياة الاجتماعية وينهي المتنفس الوحيد لدى الأشخاص، بعد اشهر طويلة من التعب والضغط النفسي الذي لم يزل أثره واضحا حتى الان.


وكان وزير الاعلام أمجد العضايلة قد اقر إقامة حظر يوم الجمعة للأسبوع الثاني على التوالي، وهو الأمر الذي لم يلق استحسان فئة كبيرة من المجتمع كون يوم الجمعة يعتبر يوم الاجازة وهو المتنفس الوحيد للعائلات، خصوصا بعد اشهر من الانقطاع بسبب جائحة كورونا.


ويشير أخصائي علم النفس التربوي الدكتور موسى مطارنة أن يوم الجمعة هو يوم راحة الناس ممن اعتادوا على الخروج والتجول بعد أسبوع عمل شاق، لافتا الى أن حظر الجمعه يشكل “حالة من الإختناق الذاتي والضغط النفسي”، فيشعر الإنسان وكأنه محكوم عليه بالسجن، فيلجأ للهروب من الحظر من العاصمة إلى المحافظات الأخرى كالبحر الميت والعقبة.
ويجد مطارنة خروج المواطنين من العاصمة هربا من الحظر له أضرار اقتصادية كبيرة وتؤثر بشكل كبير على أصحاب المحلات والمولات والمطاعم الذي تتوقف أعمالهم ومصدر رزقهم بسبب الحظر.
ويعتقد مطارنة أن هذا الحظر له انعكاسات سلبية على الأطفال والأسرة، خصوصا في ظل إنفتاح المدارس والمصانع والتجمعات الكبيرة التي تكاد تكون أكثر خطورة من يوم الجمعة.


ويذهب الاختصاصي الأسري المفيد سرحان، انه منذ منتصف شهر آذار الماضي بدأت الجهات الرسمية باتخاذ إجراءات وقائية لمنع إنتشار وباء كورونا، وقد اعتمدت هذه الجهات على عدة إجراءات منها الحظر الشامل والحظر الجزئي، ووقف العمل في المؤسسات بشكل كامل أو جزئي، والدعوة إلى التباعد الجسدي ومنع التجمعات، واستخدام المعقمات وارتداء الكمامات في الأماكن العامة وأماكن العمل، والتقليل من الاختلاط، وغسل اليدين باستمرار.


وكان التجاوب جيدا مع هذه الإجراءات في الأشهر الأولى، إلا أن الآثار الاقتصادية الكبيرة التي تركها التوقف عن العمل والحظر الشامل على غالبية المؤسسات والأسر والأفراد دعت الى ضرورة مراجعة كفاءة هذه الإجراءات، من جميع الجوانب واثرها على الجميع، مع أهمية الموائمة بين إيجابيات الحظر وسلبياته من جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والنفسية. وهي جوانب مهمة ولا يمكن إغفال اي منها، وهي ضرورية لتمكين الفرد والاسرة والمجتمع من مواجهة هذا الوباء، وخصوصا مع الحديث المستمر الى أن فترة إنتشار هذا الوباء قد تستمر لاعوام، ولا بد من التعايش معه، بمعنى إستمرار الحياة بالحد المعقول مع الأخذ بالاجراءات الوقائية الصحية للحد من إنتشار الوباء. وهي معادلة ليست بالسهلة.

غير أن سرحان يؤكد أن تكرار الحظر في يوم الجمعة بالذات بحاحة الى إعادة تقييم الأمور ومشاركة فئات المجتمع ومؤسساته في هذا التقييم، لأن الأثر والفعالية يجب ان لا يتم قياسه وتقييمه من جهة واحدة، خصوصا مع الإستمرار في الحديث عن أن الوباء لن ينتهي في عدة شهور.
ويبين أن يوم الجمعة هو عطلة رسمية للعاملين والعاملات، وهو متنفس للأسرة ويوم للتواصل مع الأرحام والأقارب وكبار السن الذين ينتظرون هذا اليوم بفارغ الصبر لزيارة ابنائهم والجلوس معهم. كما أن الأطفال ينتظرون هذا اليوم للخروج من المنزل.


كما أن الترفيه والخروج عن الروتين اليومي حاجة أساسية للانسان، الأمر الذي يساهم في زيادة النشاط والانتاجية، وظروف الوباء بحاجة الى رفع المعنويات وتحسين الصحة النفسية للكبار والصغار، وهي عوامل مهمة في تحسين المناعة والمقاومة.
ويضيف سرحان انه للفرد والمجتمع حاجات متعددة، كما أن توفر القناعة والثقة بالاجراءات الرسمية أمر ضروري، لأن الثقة والقناعة أهم العوامل التي تؤدي إلى الالتزام الذاتي للإنسان، وهو أكثر فعالية من القوانين والعقوبات.
وهو ما يجب تعزيزه والعمل عليه كلما تزايدت مدة إنتشار الوباء، ولا ينبغي للجهات ذات العلاقة إغفال ذلك أو تجاوزه، ودراسة الأسباب الحقيقية لضعف الإلتزام أو عدمه عند البعض.


ويلفت إلى أن تحقيق النجاح بحاجة الى جهود الجميع، والتعامل مع الوباء لا يمكن أن يحكمه قانون أو أمر فقط، إذا لم توجد القناعة والفهم والالتزام، فالأصل أن الإنسان حريص على صحته وصحة أسرته.
وقد شهدت محافظتي عمان والزرقاء فرض الحظر الشامل يومي الجمعة الماضيين، وهو إجراء أعلن عنه وتم تبريره للحد من إنتشار الوباء في تلك المحافظتين لوجود اعداد من المصابين والمخالطين.


لكن، ووفق سرحان، فإن التواصل الشخصي ضرورة في الكثير من الأحيان، ومع أهمية “السوشال ميديا” بتعويضها لجانب كبير مما نفتقده من التواصل الشخصي، الا أنها بالتأكيد ليست بديلا دائما. ومع الإستمرار في إنتشار الوباء لا بد من التركيز أكثر على التوعية والإلتزام الذاتي القائم على القناعة والوعي حتى يمكن منع أو الحد من انتشار الوباء، والتذكر دائما أن المجتمع الواعي المتكافل والروح المعنويه العالية، والصحة النفسية، أسلحة مهمة في مواحهة الوباء.

الغد

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: