خبراء لـ”البوصلة” يحذرون من السيناريو الأخطر على الأردن بصفقة القرن

خبراء لـ”البوصلة” يحذرون من السيناريو الأخطر على الأردن بصفقة القرن

جميل أبو بكر: لا بد أن يستمر أصحاب القضية برفض صفقة القرن مهما كان الثمن

جميل أبو بكر: الشعب الأردني “توأم” الشعب الفلسطيني انتفض رفضًا لـ “مؤامرة الصفقة”

جميل أبو بكر: تنسيق المواقف أردنيًا وفلسطينيًا مهم جدًا لإفشال “الصفقة”

د. قاصد محمود: “صفقة ترامب” من أسوأ المبادرات في تاريخ القضية الفلسطينية

د. قاصد محمود: الصفقة تشكل مخاطر سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية محدقة بالأردن

د. قاصد محمود: السيناريو الأخطر مستقبلًا تفريغ الضفة من سكانها على حساب الأردن

عمان – رائد الحساسنة

طالب خبراء عسكريون ونخب سياسية تحدثت إليها “البوصلة” بضرورة إعداد مشروع إستراتيجي لمواجهة “المشروع الصهيوني القادم” الذي تكشفت تفاصيله بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “صفقة القرن”، محذرين في الوقت ذاته من السيناريو الأخطر على الصعيد الأردني المتمثل بـ”عملية تفريغ وتهجير الفلسطينيين للأردن كمرحلة قادمة أكثر سهولة لتحقيق يهودية الدولة”.

وأكدوا أن دولة الاحتلال الصهيوني ستستغل الصفقة الأمريكية لفرض أمرٍ واقع أحاديّ الجانب واستمرار ممارسات الخداع والتضليل ومزيد من الضغوط على الشعب الفلسطيني ومعاملته كأنه أقلية في “دولة إسرائيل الكبرى كاملة السيادة على الأراضي الفلسطينية”.

وشددوا على أن الشعب الأردني الذي انتفض رفضًا للصفقة يعبر عن موقفه الأصيل كتوأم للشعب الفلسطيني، مطالبين في الوقت ذاته بأن تكون صفقة القرن محطة عابرة نضعها تحت أقدامنا ووراء ظهورنا ونستمر في تطوير البدائل عربيًا ودوليًا لمواجهتها.

“إملاءات أمريكية” لإنهاء القضية الفلسطينية وتصفيتها

وقال أمين سر جماعة الإخوان المسلمين في الأردن جميل أبو بكر في تصريحاتٍ لـ”البوصلة” إنه من الواضح أن الصفقة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليست مجرد صفقة بل مجموعة من الإملاءات والأوامر يراد تنفيذها لصالح الاحتلال.

وحذر أبو بكر من أن سيناريو الخداع والتضليل والضغط على الشعب الفلسطيني سيستمر بعد إعلان ترامب، ومن المتوقع أن يبدأ الاحتلال بتنفيذ الخطة الأمريكية عبر ضم المستوطنات أو غيرها كما تمّ في موضوع القدس من طرف واحد.

وشدد على أن الصفقة من أولها لآخرها هي مصلحة إسرائيلية خالصة وليس فيها أي قيمة فيما يخص الشعب الفلسطيني صاحب القضية والأرض والحقوق، مؤكدًا أن ما يخص الشعب الفلسطيني هو تصفية هذه القضية وتشكيل معازل سكانية في الضفة الغربية، وهذه المعازل تكون متصلة من خلال أنفاق وجسور أشبه بالجزر المتناثرة في بحر لا يربطها شيء.

وأكد أبو بكر أن تفاصيل الصفقة تنهي ما كان يسمّى بحل الدولتين الذي عولت عليه كثير من الدول العربية واعتبرت أنه الحل الذي ما زال مطروحًا، يتم تصفيته في النهاية، مستدركًا بالقول: حتى السيطرة  على القدس والأماكن المقدسة وإبقاء طريق أو ممرات للجميع ليؤدي الصلاة فيها، تحت رحمة الكيان الصهيوني، وتحت سيادته وقراره وإرادته.

ونوه إلى أن ما تقوله الصفقة يعني أن الفلسطيني أصبح هو الدخيل وليس صاحب الحق، وكأن إسرائيل وأمريكا تمنّان عليه بإعطائه شيئًا من أرضه وحقوقه.

وقال أبو بكر: الذين صاغوا “مؤامرة الصفقة” ليس لديهم ضمير وليس لديهم قيم، في انحياز كامل وموقف عنصري متآمر على الشعب الفلسطيني.

“توأم الشعب الفلسطيني” ينتفض بوجه الصفقة

وأكد جميل أبو بكر في تصريحاته لـ “البوصلة” أن انتفاضة الشعب الأردني بوجه صفقة القرن هو موقف الشعب الأردني الأصيل، وهو الموقف المستمر الذي بدأ من يوم أعلن عن هذا المشروع حتى اللحظة وهو أيضًا موقف من القضية الفلسطينية المساند فالشعب الأردني التوأم للشعب الفلسطيني.

وأضاف، من ناحية ثانية فإن هذه الانتفاضة تعزز الموقف الرسمي الأردني ويعطيه قوة سياسية وقوة معنوية حتى يستمر في موقفه الثابت في رفض صفقة القرن وعدم التراجع عنه.

وتابع القول: من الضرورة بمكان أن يكون هناك تنسيق وتكامل بين الموقفين الأردني والفلسطيني على أعلى مستوى، فالموقف الفلسطيني أساس الرفض وإفشال مشروع الصفقة، كما لا يقل عنه أهمية ويأتي بعده مباشرة الموقف الأردني، مشددًا على أن الأردن متضرر بالدرجة الثانية أو مثله من صفقة القرن، التي ستزلزل الأمن والاستقرار في المنطقة مستقبلاً.

الموقف العربي ضعيف ولا يعوّل عليه

وشدد جميل أبو بكر على أنه وعلى الرغم من التعددية في الموقف العربي، لكن هناك دولًا عربية وازنة موقفها في دعم القضية  مهم للغاية في رفض الصفقة، لكنها “مع الأسف” أعلنت قبولها وتأييدها للصفقة، ونوه إلى أن بعض الدول العربية مؤيد للصفقة وإن لم يعلن موقفه، ويعمل تحت الطاولة.

وأكد أن الموقف العربي ضعيف ولا يعوّل عليه بانتظار ما سيسفر عنه اجتماع وزراء الخارجية العرب بشكل واضح متفق عليه.

وختم بالقول: “لا بد أن يستمر أصحاب القضية برفض صفقة القرن مهما كان الثمن”.

الصفقة الأسوأ بتاريخ فلسطين

بدوره أكد الخبير العسكري د. قاصد محمود في تصريحاتٍ لـ “البوصلة” أن “صفقة ترامب” من أسوأ المبادرات في تاريخ القضية الفلسطينية، وتحمل كل أشكال تصفية القضية الفلسطينية إلى غير رجعة، خاصة فيما يتعلق بالملفات المهمة جدًا المتعلقة بالقدس أو اللاجئون أو المستوطنات ووضعتها في إطار صهيوني وتحت السيادة الإسرائيلية المطلقة وتفقد الفلسطينيين كل حقوقهم المشروعة تاريخيًا.

وقال محمود: هي من أسوأ المبادرات ولا يمكن لعاقل أن يتصور بها حل القضية الفلسطينية؛ بل هي تصفية للقضية الفلسطينية لحساب المشروع الصهيوني.

ونوه إلى ان خطر الصفقة على الفلسطينيين واضح تمامًا؛ لكنّها في الوقت ذاته تحمل على الأردن مخاطر سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية دفاعية بكل المعايير.

وأكد محمود أن الأردن معني تمامًا كقضية وطنية بقضية فلسطين، حيث الارتباط الديمغرافي العريض جدًا وممتد جدًا، فضلا عن الارتباط التاريخي المتصل بالعقيدة وقيمة القدس في نفوس المسلمين والعرب ورعاية الهاشميين للحرم القدسي الشريف.

واستدرك بالقول: كما أن الأمن الإستراتيجي الأردني مرتبط ارتباطًا واضحًا بغرب النهر ووجود هذا الكيان الصهيوني الذي تمتد طموحاته لما بعد فلسطين والأردن والإقليم بأكمله.

تحديات أمنية دفاعية أم يهودية الدولة

وحذر الخبير العسكري الدكتور قاصد محمود في تصريحاته لـ “البوصلة” من أنّ ما تزعمه إسرائيل بشأن تبرير سيطرتها على غور الأردن من أجل مبررات أمنية دفاعية، هو أمرٌ عارٍ عن الصحة.

وقال محمود: في الجزئيات المباشرة جدًا في هذه الصفقة يُدّعى أن أمن إسرائيل هو ما استدعى سيطرتها على الغور، وأن مبررات السيطرة هي مبررات أمنية دفاعية من وجهة نظر الاحتلال، لكنني أنا أعتقد أن المبرر الدفاعي هو المبرر رقم واحد؛ بل إن المبرر الأول هو يهودية الدولة، وتحويل الضفة إلى جزيرة سكانية لا يوجد لها أي ارتباط جغرافي إلا من خلال “إسرائيل” نفسها.

وتابع أن هذا الوضع الخانق سيؤدي إلى إبقاء الفلسطينيين أقلية في دولة إسرائيل الكبرى التي تسيطر على كل فلسطين الآن وفرض السيادة الكاملة عليها، وما يسمّى دولة فلسطينية عبارة عن “مخترة” وإدارة محلية لا علاقة لهم بالسياسة ولا بالدفاع ولا بشيء لإدارة أمورهم للتخفيف عن إسرائيل عبء الإدارة.

وشدد الخبير العسكري على أن الفكرة هنا أن بهذه الإحاطة الكاملة بالضفة وتحويلها إلى جزيرة معزولة سكانيًا، هذا لن يستطيع أن يعيشوا فيها ولا يكون لهم امتداد، وبالتالي تكون عملية التفريغ والتهجير كمرحلة قادمة أكثر سهولة لتحقيق يهودية الدولة وفرض واقع أقلية فلسطينية معزولة، مؤكدًا أن “الفكرة هنا ترتبط بيهودية الدولة وليس بالأمن الدفاعي”.

واستدرك محمود بالقول: لكن أقول أن هذه الإحاطة ستحمّل إسرائيل أعباء دفاعية جديدة، لأن إسرائيل ستكون بهذا الشريط الغوري من فوقها من الغرب الضفة الغربية وسكان فلسطين وعددهم سيكون أكبر من الكيان الصهيوني ويصل إلى 3 ملايين أو أكثر، ومن شرقها الأردن بحدودها الطويلة التي ستزيد 100 كم، وهذا يناقض اتفاقية السلام (وادي عربة) مع الأردن، لا سيما وأن المنطقة الحدودية كانت مرتبطة بحل القضية الفلسطينية وترسيم الحدود مع فلسطين وليس مع الاحتلال الإسرائيلي.

أعباء دفاعية أردنيًا.. لكن المستقبل أخطر

ولم يقلل الخبير العسكري الدكتور قاصد محمود في تصريحاته لـ “البوصلة” من الأعباء الدفاعية التي سيتحملها الأردن مستقبلاً مطالبا بأن يكون الأردن أكثر حذرًا رغم الكلفة التي سيتحملها في سبيل ذلك.

وشدد محمود على أن “الخطورة الحقيقية” ليست المراقبات والحذر، بل الخطورة الحقيقة تكمن في أن هذا الوضع سيؤدي مستقبلاً إلى تفريغ فلسطين ولن يستطيع الفلسطينيون البقاء في هكذا حالة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي للانفجار والعنف الذي سيكون في منطقة غور الأردن ويصبح على حدود الأردن.

ونوه إلى أن هذه التبعات التي يمكن أن تكون محتملة في المستقبل إذا ما أريد لهذه المبادرة أن تفرض؛ لأنه من الواضح الرفض الدولي لها وعدم قبولها حتى بين الأحزاب الإسرائيلية هناك من يرفضها.

وشدد الخبير العسكري على أنه يجب أن تكون صفقة القرن محطة عابرة نضعها تحت أقدامنا ووراء ظهورنا ونستمر في تطوير البدائل ومعالجة مواطن الخلل الموجودة فينا، سواء في الوضع الفلسطيني أو الوضع العربي كله.

وختم حديثه بالتأكيد على رسالة مفادها أن علينا أن نبدأ باستراتيجية مواجهة للمشروع الصهيوني أفضل مما فعلنا حتى الآن.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: