خبراء يحذرون من خطورة التمييز الحكومي بين موظفي القطاع العام والخاص

خبراء يحذرون من خطورة التمييز الحكومي بين موظفي القطاع العام والخاص

عمّان – رائد صبيح

أثار التمييز الحكومي بين موظفي القطاع العام والخاص فيما يتعلق بعدم المساواة بينهم في الحق بالعطل الرسمية وبلاغات الحكومة الرسمية فيما يتعلق بالدوام وخاصة بشهر رمضان المبارك لغطًا واسعًا حول سر التغير المفاجئ في لغة الحكومة تجاه موظفي القطاع الخاص والتخلي عن الدفاع عن حقوقهم أسوة بموظفي القطاع العام.

وكان لافتًا تغيّر خطابات وزارة العمل لتوضيح كل بلاغ رسمي للحكومة بشأن عطلة الانتخابات البلدية ودوام شهر رمضان الفضيل، بالقول إن “القطاع الخاص” غير مشمولٍ بهذه القرارات؛ بل أكثر من ذلك اعتبار أنّ الموظف في القطاع الخاص لا يستحق الأجر الإضافي خلال دوامه في الأيام والساعات المخصصة، وهو أمرٌ مخالفٌ لما اعتاد عليه موظفو القطاع الخاص من الحكومة بالإعلان أنّ الجميع مشمولون بهذه القرارات ويستحقون الأجر الإضافي خلال العطل والإجازات الرسمية.

الدولة وأحادية التفكير

وحذر المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات في تصريحاتٍ لـ”البوصلة” من خطورة استمرار التمييز بين موظفي القطاع العام والخاص مطالبًا في الوقت ذاته بعدم الرضوخ لما أسماه “لوبيات القطاع الخاص والشركات الكبرى”، وتحقيق العدالة بين جميع موظفي الدولة على قدمٍ سواء حتى لا يتمّ اللجوء إلى تفسيرات وتأويلات سياسية أخرى لسنا بحاجة لإقحام المجتمع فيها.

وقال الحوارات إن المواطن الأردني هو المواطن الأردني، حينما يعطى موظف القطاع العام فرصة للإدلاء بصوته ويعبر عن رأيه وما يشبه أن يحرم موظف القطاع الخاص من هذا الرأي لأنه معروف لنا جميعًا أنّ القطاع الخاص لا يعطي حوافز سياسية لموظفيه وبالتالي أضاع على هؤلاء حقهم في أن يكون لهم يوم عطلة بمناسبة وطنية وهذا مهم، وثانيا أن يعطيهم الفرصة المتاحة حتى يقوموا بممارسة حقهم الانتخابي بطريقة سهلة وبدون تعقيدات وأن لا يؤدي ذلك لمشاكل في العمل.

وأضاف بالقول: باعتقادي وكأنّ الدولة تقول إن حق التصويت يقتصر على موظف القطاع العام بتسهيلات إضافية، إنّما موظف القطاع الخاص عليه أن يبذل الجهد الإضافي حتى يستطيع الإدلاء بصوته.

واستدرك، كذلك الأمر يتكرر الآن في رمضان، فيعطى موظف القطاع العام فترة طويلة تسمح له بأن ينام ويتسحر ويصحوا على راحته بينما موظف القطاع الخاص ليس مهمّا.

وتابع حديثه: هذا أيضًا حصل في كورونا فموظفو القطاع العام قضوا فترة ما لا يقل عن 40 يومًا مدفوعات الأجر في منازلهم، بينما موظف القطاع الخاص لما يحصل سوى على جزء من راتبه وحقه، وبعضهم أدت به هذه الظروف لمشاكل عديدة.

كما حذر الحوارات من أن هذا الأمر يشير لغياب العدالة في التعامل بين القطاع العام والخاص، ويشير أيضًا إلى أحادية الدولة في التفكير: “في أنّ القطاع العام هو ما يخصني فقط”، في حين يجب على الدولة أن تفكر بأنّ ما يخصها هو البلد كله وليس القطاع الخاص، ولا يجب أن تخضع لضغط اللوبيات من أجهزة القطاع الخاص والشركات الكبرة، وأن تعدل بين الجميع، وإن لم يكن متاحًا أن تكون هذه الفرصة متوفرة لطرفي المعادلة وهم في الحقيقة طرف واحد، في تصوري ليكن الجميع بالمستوى نفسه، ولكن التمييز بين الجميع في كل الأشياء، والقطاع الخاص مستفيد من العمّال طوال الوقت، و

وختم بالقول: “إذا استمر هذا الوضع يجب أن يشار إليه ويفسر بكل تفاصيله وإلا فإنه سيفسر تفسيرات سياسية أخرى لا نريد الدخول فيها”.

تمييز مخالف للقانون والدستور

بدوره أكد رئيس اللجنة القانونية في حزب جبهة العمل الإسلامي المحامي والحقوقي عبدالقادر الخطيب  في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ إعلان وزارة العمل أنّ موظفي القطاع الخاص غير مشمولون بالبلاغات الحكومية بشأن العطل الرسمية ودوام شهر رمضان وعدم استحقاقهم للأجر الإضافي أمرٌ مخالفٌ للقانون والدستور، لا سيما وأنّ القاعدة الدستورية العامّة أنّ الأردنيين أمام القانون سواء.

وتساءل الخطيب ما الذي تغيّر عن السنوات السابقة والقرارات الحكومية التي تشمل موظفي القطاعات الخاص بالعطل الرسمية والإجازات وبلاغاتها الرسمية حتى يتم استثناء موظفي القطاع الخاص من هذا الحق، محذرًا في الوقت ذاته من أنّ الظاهر من هذه القرارات المخالفة للقانون السعي الحكومي لاسترضاء القطاع الخاص بعد جائحة كورونا، على حساب حقوق الموظفين في هذا القطاع.

وأكد أنّ القرارات الإدارية الحكومية المخالفة للقانون والدستور يحق للموظفين الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية وجميع المحاكم في حال وقوع الضرر عليهم بسببها.

واستهجن الخطيب حديث بعض الشركات الخاصة عن عقود ملزمة للموظفين بدوام أيام العطل الرسمية بموافقة من وزارة العمل، مشددًا على أنها تشكل “عقود إذعان” متعسفة ومخالفة لقانون العمل والعمال.

وطالب الخطيب بإنصاف جميع الأردنيين والعودة للمساواة كما كانت سابقًا، محذرًا من خطورة التمييز بين المواطنين الأردنيين وانعكاساتها على المجتمع.

تصريحات متناقضة

وأظهرت تصريحات وزارة العمل مؤخرًا بعدم شمول الموظفين في القطاع الخاص بالعطلة خلال الانتخابات البلدية أو دوام رمضان تناقضًا ومخالفة صريحة لما كان يصدر عن الحكومة ووزارة العمل تحديدًا في وقتٍ سابقٍ حول إلزامية القطاع الخاص بما يصدر عن الحكومة من عطل وبلاغات رسمية متعلقة بتأخير الدوام بسبب الظروف الجوية أو شهر رمضان الفضيل وحق الموظف في الأجر الإضافي حال دوامه لهذه الأيام وهذه الساعات.  

كما كان لافتًا حذف التصريحات الحكومية المتعلقة بحق موظفي القطاع الخاص بالعطل والبلاغات الرسمية للحكومة والأجر الإضافي وإلزامية ذلك بحسب ما رصدت “البوصلة” على الموقع الرسمي لوزارة العمل، على الرغم من توفر الأرشفة لهذه التصريحات على محركات البحث.

حق مكتسب لموظفي القطاع الخاص

يذكر أن رأيًا لديوان الرأي والتشريع حول شمول القطاع الخاص بالعطل والبلاغات الحكومية الرسمية أكد أنه “يحق للعامل التعطيل فيها بدون تمييز … ويحق لصاحب العمل تشغيله في الأعياد الدينية والعطل الرسمية مقابل أجر إضافي لا يقل عن 150% من أجره المعتاد…”.

من جانبه قال الأمين العام السابق لوزارة العمل حمادة أبو نجمة في منشور على حسابه بفيسبوك: إن التصريح الصادر عن وزارة العمل بعدم استحقاق العامل أجرا إضافيا عن دوامه يوم الإنتخابات البلدية لا يعدو كونه مجرد رأي غير ملزم.

وشدد على أنه ليس من صلاحيات الجهات الحكومية تفسير نصوص القوانين أو إصدار الأحكام بشأنها، فالقضاء هو المعني بهذا الدور، وهو في قيامه بذلك لا يأخذ بعين الإعتبار آراء الجهات الحكومية وفهمها لمضمون النص، بل يعتمد في القضايا المعروضة عليه على المعاني اللغوية والإصطلاحية للنصوص القانونية وتأويله لها بغية الوقوف على قصد المشرع.

وأكد أن اجتهاد المحاكم بكافة مستوياتها أكد منذ سنوات طويلة على استحقاق العامل للأجر الإضافي بواقع 150% من أجره المعتاد عن عمله في أي من أيام العطل الرسمية والأعياد الدينية، سواء كانت عطلا متكررة سنويا (مثل عطل أعياد الإستقلال والفطر والأضحى ورأس السنة والميلاد…) أو عطلا طارئة (مثل حالات تراكم الثلوج والإنتخابات والحداد العام…).

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: