خبيرة تربوية: الآلة الحاسبة يمكن أن تحدث خرقًا بمستوى امتحان التوجيهي

عمّان – البوصلة

عبّرت المستشارة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة” عن أسفها من استمرار مظاهر التراجع والضعف في المنظومة التعليمية على كافة المستويات وانعكاسها على المخرجات النهائية للتعليم بشكلٍ واضحٍ، لافتة إلى أنّ أحد تلك المظاهر السماح باستخدام الآلة الحاسبة في امتحان الثانوية العامّة وما سيحدثه من خرقٍ جديدٍ بمستوى امتحان التوجيهي والنيل من سمعته.

وأكدت الخبيرة التربوية بشرى عربيات إنّ التعليم ومنذ سنوات يمرّ بأزمة حقيقية، بدأت من ضعف مخرجات التعليم العالي والتي انعكس أثرها السَّلبيّ بشكلٍ مباشر على العملية التعليمية داخل المدارس، بحيث أصبحت معظم الأوقات والحصص عملية إشغال فراغ، وذلك نتيجة للفراغ الحقيقي الذي يعاني منه معظم المعلمين والمعلمات للأسف الشديد، الأمر الذي دفع بهؤلاء تدريس ما يشاؤون دون التزام بخطة المنهاج، وبشكل عشوائي، ولأن إهتمام وزارة التربية والتعليم انصبَّ منذ سنوات على التوجيهي، لم يعد هناك أي إهتمام بمراحل التأسيس الدنيا والعليا، وأصبح كل معلم يغنِّي على ليلاه، وأين هي ليلى؟

وتابعت بالقول: أضف إلى ذلك التغيير المتسارع في المناهج بحيث لم يتم مراعاة الضعف في اللغة الإنجليزية عند كثير من أطياف المجتمع (طلبة ومعلمين وأولياء أمور)، الأمر الذي أدَّى إلى حدوث فجوة، شئنا أم أبينا الإعتراف بها، هذه الفجوة كانت سبباً رئيسياً في تعديلات جوهرية على امتحان الثانوية العامة، بحيث تصادفت جائحة كورونا مع أول تعديل، وهو أن تكون الأسئلة من نمط الإختيار من متعدد، والذي يعتبر من أصعب أنماط الأسئلة تحضيراً، لكنه في المقابل من أسهل الطرق للنجاح عن طريق التجربة والخطأ.

ولفتت إلى أنّه “لو تقدَّمَ لامتحان الثانوية العامة طالب في الصف الرابع أو السابع الأساسي، لتمكَّن من النجاح”، مؤكدة في الوقت ذاته على القول: أنا لستُ ضد هذا النمط من الأسئلة ، لكني لا أراه مناسباً لاتخاذه منهجاً لسنوات طالت، ولو أردنا عقد مقارنة مع البرامج الدولية، لوجدنا أجزاء من الإمتحانات الدولية من هذا النمط وفي المقابل هناك أوراق لا يُستهانُ بها من أسئلة الحل والكتابة، والتي تعمل على إظهار نتائج حقيقية، تقيسُ مستوى الطلبة الأكاديمي بشكلٍ منطقيّ.

الآلة الحاسبة انعكاس لتطوير المناهج

وأضاف عربيات جاء التعديل الآخر في السَّماح باستخدام الآلة الحاسبة في امتحان الثانوية العامة، هذا التعديل لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة حتمية لما حصل من ترجمة ونسخ ولصق في عملية تغيير أو تطوير المناهج، فترى كتب الرياضيات والفيزياء تزخرُ بالأرقام التي لا يمكن للطلبة إجراء العمليات الحسابية عليها، بسبب عدم وجود دراسة للأرقام قبل طباعتها واعتمادها في المنهاج، وبسبب الضعف الكبير لدى الطلبة في العمليات الحسابية البسيطة، لكن لا يمكن أن يكون الحل الأمثل والوحيد استخدام الآلة الحاسبة، إنما يمكن إعادة النظر في المناهج، إضافة إلى العمل وبشكل حثيث على تأسيس الطلبة في العمليات الحسابية.

إقرأ أيضًا: عربيات: ستستمر معاناة المجتمع من آثار “الفاقد التعليمي” ما لم تتم معالجته

وأعادت الخبيرة التربوية التأكيد مجدّدًا، بالقول: أنا لستُ ضد استخدام التكنولوجيا في التعليم، على اعتبار الآلة الحاسبة جزءاً منها، ولكن لو عقدنا مقارنة مع البرامج الدولية التي تسمح باستخدام الآلة الحاسبة، لوجدنا أنها لا تُستخدم في كل البرامج، وإن استُخدِمَت فهي لا تُستخدَم في جميع أوراق الإمتحان، وخصوصاً للمراحل العليا (الحادي والثاني عشر)، ناهيك عن أننا نعرف ومنذ سنوات طويلة أن الأرقام مدروسة بشكل ممتاز عند وضع أسئلة إمتحان الثانوية العامة ، فلماذا الآن؟

وخلصت عربيات للقول: “لذلك أرى أن انقلاب امتحان الثانوية العامة لأسئلة الإختيار من متعدد، بوجود الآلة الحاسبة، سوف يكونُ سبباً رئيسياً آخر، يضاف لأسباب عديدة، في انهيار وتراجع منظومة التعليم، هذا التراجع بدأَ يطفو على السطح في كثيرٍ من السلوكيات والمؤسسات التعليمية وغيرها، لذلك نأمل أن تتم مراجعة هذه القرارات بما يصبُّ في مصلحة بناء الإنسان، والتي لا تتم بدون تعليم جيد”.

وتابعت حديثها: “أما بالنسبة للقلم، الذي ينتظرُ طلبة التوجيهي في القاعة منذ سنوات، لم يُحدث هذا القلم تغييراً، وذلك بسبب ما نسمع ونرى من مخالفات أثناء الامتحان، لكني أتمنى أن يبقى القلم وحيداً دون الآلة الحاسبة التي ستكون سبباً جديداً في تسرُّب الإجابات بسهولة ويُسر، خصوصاً أن نمط الأسئلة إختيار من متعدد، الأمر الذي سوف ينعكس بالضرورة سلباً على مخرجات التعليم، حتى لو حصل البعض على معدل المئة”.

وختمت عربيات بالقول: “إنّ آلة حاسبة وقلمًا، لن تُحدث فرقاً، لكن من الممكن أن تُحدثَ خرقاً في مستوى إمتحان الثانوية العامة، والذي كان مضرب المثل لكثير من الأمم”.

التربية تسمح باستخدام الآلة الحاسبة بامتحان التوجيهي

وأعلنت وزارة التربية والتعليم، توفير آلة حاسبة لطلبة “التوجيهي” المشتركين في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة للعام 2023، “الامتحان العام.

وقالت الوزارة في منشور عبر صفحتها الرسمية بموقع فيس بوك، “إليكم صورة الآلة الحاسبة التي ستوفرها الوزارة، والتي ستسلم لكل مشترك في اليوم الأول وتبقى على مقعده إلى نهاية اليوم الأخير، وسيكون للمشترك الحق في استخدامها من عدمه”.

وأضافت أن استخدام الآلة الحاسبة اختياري ويعود لرغبة الطالب المشترك،  في أي مبحث من المباحث التي تتطلب طبيعته استخدامها.

إقرأ أيضًا: عربيات: التعليم ليس “توجيهي” فقط وحان وقت الالتفات للمراحل الأساسية

وكانت الحملة الوطنية لحقوق الطلبة ذبحتونا عبرت عن خشيتها في تصريح صادرٍ عنها وصل “البصولة” من أن يصبح استخدام الالة الحاسبة “نقطة سلبية” في امتحان التوجيهي، ستؤدي الى شكاوى الطلبة وسخطهم كونهم سيقومون بحل معادلات رقمية معقدة دون دراية بطريقة استخدام الآلة الحاسبة، مطالبة في الوقت ذاته بأن لا يركن واضعو الامتحانات لوجود الة حاسبة فيقومون بوضع ارقام معقدة ومعادلات تعتمد بالاساس على الالة الحاسبة وعملياتها المعقدة التي لم يتدرب عليها الطلبة.

وطالبت وزارة التربية الإسراع بالتعميم على مديريات التربية وتوجيه المعلمين والمعلمات لتخصيص حصص لتدريب الطلبة عليها وعلى العمليات الحسابية المطلوبة من خلالها. كما شددت على ضرورة توجيه التربية لواضعي امتحانات التوجيهي بعدم الركون على وجود الالة الحاسبة وبالتالي تعقيد الارقام والعمليات الحسابية خاصة واننا امام التجربة الاولى بوجود الالة الحاسبة.

(البوصلة)