خبيرة تربوية تناقش الآثار السلبية لـ “التوجيهي المحوسب” وتقدم نصائح

خبيرة تربوية تناقش الآثار السلبية لـ “التوجيهي المحوسب” وتقدم نصائح

أكدت أنه يشبه أحد البرامج الدولية نظام (SAT ) ولكنّه بدون مقدمات

عمّان – رائد صبيح

عبّرت المستشارة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة” عن خشيتها من أنّ تطبيق نظام “التوجيهي المحوسب” الذي أعلنت وزارة التربية والتعليم عن نيتها تطبيقه خلال العامين المقبلين، سيسهم في زيادة الفجوة في العملية التعليمية وانحدارها.

وقدمت عربيات مجموعة من الملاحظات حول فكرة “التوجيهي المحوسب” ووضعتها أمام صنّاع القرار والمسؤولين في وزارة التربية والتعليم مؤكدةً في الوقت ذاته أنّ الانتقادات الموجهة لأي مشاريع تنوي وزارة التربية والتعليم تطبيقها يأتي في سياق السعي نحو الارتقاء والتطوير وليس لمجرد النقد بحدّ ذاته، ولفت نظر أصحاب القرار للتركيز على كافة المراحل التعليمية وليس التوجيهي فحسب وصولاً للثمرات والمخرجات التربوية والتعليمية التي نصبوا إليها للارتقاء بطلابنا ووطننا.

وأضافت أنّه لم يكن “التوجيهي” يوماً عبئاً ثقيلاً على المجتمع كما هو في السنوات الأخيرة والتي من المفروض أن تكون أكثر مرونة في التعامل مع ملف الثانوية العامة، أو ما يُسمَّى ” توجيهي ” ، فقد مرَّت سنوات طويلة لعدد من الأجيال الذين لم يكونوا يتذمرون من أي إمتحان، ذلك لأنهم كانوا حريصين على استقاء العلم والمعرفة، منتبهين إلى أهمية الوعي الفكري والثقافي، بالرغم من قلَّة الموارد والإمكانيات المادية، تلك الأجيال التي أخذت على عاتقها مسؤولية بناء الوطن فكراً وعملاً ومحبةً وانتماءً ونماء، دون تذمُّر من طبيعة أسئلة أي إمتحان مهما كان! فما الذي يحدث اليوم؟

ولفتت الخبيرة التربوية إلى أنّه بلا شك فإن التطوير مهم ومطلوب، لكن ينبغي أن لا يكون هذا التطوير أو التعديل ذو تأثير سلبي على مخرجات العملية التعليمية، والتي باتت آثارها السلبية تطفو على السطح  في كثير من المشاهدات اليومية، وفي كثير من المؤسسات التعليمية وغير التعليمية!.

المستشارة بشرى عربيات: امتحان التوجيهي في الأردن مشهود له على مستوى العالم بالمصداقيَّة والحِرَفيَّة.. فهل يجوز الاستمرار بالتراجع الحاصل؟

استمرار التركيز على التوجيهي

وأوضحت عربيات أنّه قبل ثلاث سنوات، رافقت أزمة كورونا عدة قرارات فيما يتعلق بالتعليم بشكلٍ عام، سواءً كان تعليماً عن بُعد أو عن قرب، وتركزت قرارات وزارة التربية والتعليم، كما هو معتاد، على المرحلة الثانوية وخصوصاً الثانوية العامة، فقد كانت قرارات وزارة التربية والتعليم تتأرجح، حتى استقرت، وقبل الإمتحانات العامة بأسبوع آنذاك، أن تكون الأسئلة موضوعية من نوع الإختيار من متعدد، ومنذ ذلك اليوم ارتفعت معدلات الطلبة في امتحان الثانوية العامة بشكلٍ لافت على الرغم من الفاقد التعليمي أو التعلُّمي الذي صاحب تلك الفترة وغيرها، وهنا ينبغي أن نتساءل لماذا استمر هذا النمط في امتحان مشهود له منذ سنواتٍ طويلة، على مستوى العالم، بالمصداقيَّة والحِرَفيَّة؟.

إقرأ ايضًا: عربيات: التعليم ليس “توجيهي” فقط وحان وقت الالتفات للمراحل الأساسية

وقالت: إنّ هذا النمط من الأسئلة، يذكرني بأحد البرامج الدولية وهو SAT، إذ أن جميع الأسئلة في المرحلة الأولى SAT 1 من نوع الاختيار من متعدد، مع عدم السماح باستخدام الآلة الحاسبة! ولكن الفرق بين الثانوية العامة وهذا البرنامج أنه لا توجد نسبة في معدل الطالب من علاماته المدرسية، ولربما نشهد ذلك في قادم الأيام، ذلك لأننا مقبلون على مرحلة انحدار مستوى التعليم، للأسف الشديد، ويبدو أنَّ هذه المرحلة تتطلب تراجع في مخرجات التعليم، حتى ولو كانت المعدلات النهائية مرتفعة، وحتى لو كانت نسبة النجاح عالية جداً.

وشددت عربيات على أنَّ ارتفاع نسب النجاح  وظهور علامة المائة في السنوات الثلاث الأخيرة ، ليست دليلاً على أن التعليم تطور فجأة، وليست دليلاً على ارتفاع التحصيل العلمي لدى الطلبة فجأة، ذلك لأن نتائج الثانوية العامة لم ولن تكون يوماً مؤشراً على نجاح المنظومة التعليمية، فقد تراجع التعليم في المدارس وفي الجامعات منذ سنواتٍ طويلة، وارتفع عدد حاملي الشهادات العلمية الناتجة عن عمليات التلقين والغش وغيرها من العمليات التي لا ترتقي بالمجتمع ولا بالأجيال الحالية والقادمة.

واستدركت بالقول: “عذراً أنني قلت أن عدد حاملي الشهادات قد ارتفع، لكنه في واقع الأمر زاد عدد من تحملُهم الشهادات وهم لا يحملونها”.

الفاقد التعليمي منذ فترة كورونا لم يتم علاجه بعد باعتراف وزارة التربية والتعليم

ملاحظات مهمّة

وأكدت عربيات أنَّ فكرة وجود إمتحان محوسب يتقدم له الطالب متى شاء، سوف تزيد من الفجوة الحاصلة في التعليم، فقد  سمعنا ورأينا كيف قام بعض أولياء الأمور بتقديم الامتحانات بدلاً من أبنائهم فترة التعليم عن بُعد! فهل نتوقع غير ذلك في حال كان الامتحان محوسبًا؟ نأملُ ذلك، منوهة في الوقت ذاته إلى أنّ فكرة أن يكون التوجيهي مقسَّماً على سنتين (حادي عشر وثاني عشر) ، فهذا سوف يزيد العبء على أولياء الأمور وبالتالي على المجتمع، لذلك لا أعتقد أنها فكرة قابلة للتطبيق!

إقرأ أيضًا: خبيرة تربوية: الآلة الحاسبة يمكن أن تحدث خرقًا بمستوى امتحان التوجيهي

وتابعت عربيات حديثها: بما أنَّ الشيء بالشيء يُذكر، ماذا بالنسبة لتوزيع طلبة الصف التاسع على مسارين مهني وأكاديمي في نهاية العام الدراسي الحالي، والذي سوف ينتهي خلال أسابيع قليلة؟ تُرى  ما مدى جاهزية مدارس التعليم المهني لاستقبال أعداداً ضخمة من الطلبة؟ ليس هذا فحسب؛ بل علينا أن نتذكر جميعاً أن طلبة الصف التاسع حالياً كانوا في الصف السادس أثناء جائحة كورونا، ولم يتم تعويضهم بعد عمَّا فقدوه من تعليم وبالتالي لا توجد لديهم المقدرة على اتخاذ قرار مصيريّ يتعلق بالمسار المهني أو الأكاديمي، ناهيك عن عدم وضوح الأسس التي سيتم اعتمادها لتصنيف الطلبة حتى الآن!.

وختمت عربيات حديثها لـ “البوصلة” بالقول: تلك هي حكاية التعليم المستمرة، وكما أشير دائماً، لا نهدف الانتقاد بالتأكيد، بل نهدف الإرتقاء لمستوى الطموح نتيجة امتلاك الخبرة الواسعة لتحليل ما يتعلق بالتعليم والعملية التعليمية، وأعتقد أن علينا الالتفات للمراحل الأساسية الدنيا والعليا، فالتعليم ليس فقط توجيهي.

خبراء تربويون يؤكدون أنّ نمط الامتحان اختيار من متعدد لا يقيس المستوى الحقيقي للطلاب

امتحان محوسب بدلا عن التوجيهي

وكشف وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي عزمي محافظة، الخميس الماضي، عن امتحان محوسب بدلا عن التوجيهي وسيختار الطالب موعد تقديمه في الوقت المناسب له.

وقال عبر برنامج “صوت المملكة” إن الطالب بعد أن ينجح مدرسيا في مواد الصف الحادي عشر يحق له التقدم لمواد الثقافة المشتركة وهي 4، وهذا الجزء الأول حيث يتقدم لامتحان اللغة العربية والإنجليزية والثقافة الإسلامية والتاريخ، وهذا الامتحان يستطيع التقدم به بمواعيد مختلفة وربما لأكثر من مرة.

وأضاف المحافظة: بمجرد نجاح الطالب في الصف الحادي عشر يصبح متاحا له الامتحان المحوسب، وذلك بعد تأسيس بنك أسئلة، ويكون هناك مواعيد معلنة لامتحان كل المواد، ولا يتقدم جميع الطلبة للامتحان في فترة واحدة.

إقرأ أيضًا: عربيات: هكذا نترك بصمةً إيجابيةً بشخصيات أبنائنا الطلبة في جميع المراحل

وفي حال لم يحالف الطالب الحظ بالامتحان، أشار المحافظة إلى أنه يحق له التقدم مرة أخرى، لكن عدد الفرص المتاحة لم يحدد بعد.

وبشأن الصف الثاني عشر، أوضح أن الطالب يتفرغ لتقديم مواد التخصص التي اختارها، وهي 4 مواد وكل مادة ستكون علامتها من 100، والتوجيهي سيكون على جزأين، 4 مواد بعد الصف الحادي عشر، و4 مواد بعد الصف الثاني عشر، مبيناً أن شهادة الثانوية العامة تعني إنهاء الامتحانات المدرسية في الصف الثاني عشر بنجاح.

وحول آلية حساب المعدل، بعد أن يتقدم الطالب بـ 8 مواد، قال المحافظة، إن احتساب المعدل لغايات القبول الجامعي سيعرض على مجلس التربية قريباً، والمقترح أن تعطى هذه المواد الـ 8 معدلا، ولهذا المعدل وزن لنفرض أنه 60% موزعة بين مواد الثقافة المشتركة والمواد التخصصية وبالتالي 30% لمواد الثقافة المشتركة و30% للمواد التخصصية.

وتابع: المواد التي تؤهلك للقبول الجامعي هي التي يكون لها الوزن الأكبر، وهي التي يجب أن يكون لها الوزن الأكبر لأنها هي التي تحدد التخصص، وهذا ما زال مقترحاً، ويجب أن يقره مجلس التربية.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: