خبير إستراتيجي يقرأ زيارة بايدن للمنطقة والمنتصر الأكبر فيها

خبير إستراتيجي يقرأ زيارة بايدن للمنطقة والمنتصر الأكبر فيها

عمّان – البوصلة

أكد الخبير الإستراتيجي وأستاذ الصراعات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني في تصريحاته لـ “البوصلة” انّ علاقة أمريكا بالمنطقة اتسمت بالتذبذب الصارخ خلال العشرين سنة الأخيرة، بين التدخل المباشر لأقصى حد، وتقليل الاشتباك لحدوده الدنيا قبل أن يغادر ترامب الذي شكل حالة “التناقض الأكبر” خلال حكمه بانحيازه لدولة الاحتلال، منوهًا في الوقت ذاته إلى أنّ هذه الزيارة ستشكل انتصارًا دبلوماسياً لدول المنطقة. 

ولفت إلى أنّ إدارة بايدن أعادت للذاكرة خاصة لبعض الدول تجربتها المريرة مع إدارة أوباما، منوهًا إلى أننا نلاحظ منذ البداية وحتى اليوم أن بايدن يتعامل بنوع من السلبية مع قضايا المنطقة إلا في قضايا محددة كـ “قضية الملف النووي الإيراني”. 

وقال المومني إن سياسات وتوجهات بايدن أثناء العملية الانتخابية كانت حادة باتجاه بعض الدول العربية خاصة المملكة العربية السعودية، والاوصاف التي أطلقها عليها بعد حادثة “مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي”. 

د. حسن المومني: بايدن أراد حفظ ماء وجهه من خلال التأكيد على أنّ زيارته للمنطقة من أجل “أمن إسرائيل”

وأكد أننا شهدنا عدد من الاستدارات في سياسات كثير من دول المنطقة بعيد رئاسة بايدن، لافتا إلى أن هذا التذبذب في العلاقات الأمريكية العربية خلق حالة من الوعي عند عدد من الأطراف العربية بضرورة التخفيف من الاعتمادية على الولايات المتحدة الأمريكية بشكل تدريجي ، والبحث عن خيارات وخلق هامش جديد. 

وشدد على أن أزمة الطاقة والغذاء التي خلقتها الحرب الروسية على أوكرانيا اضطرت الرئيس بايدن للتخلي عن مواقفه “الليبرالية المثالية”، لينحى باتجاه “الواقعية السياسية” المتعلقة بالمصالح الأمريكية، لافتا إلى أنّ إدارة بايدن توصلت إلى قناعة أنّ الشرق الأوسط مهما حاولت الولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب منه يبقى من الأهمية بمكان، حتى في السياق العالمي.

 وأضاف بالقول: بالتالي شهدنا هذه الإستدارة وفي نهاية المطاف جاء بعد سنتين تقريبا بزيارة للمنطقة وبالذات للعربية السعودية التي بالأساس لم تكن توجهاته وتصريحاته تحمل تجاهها توترًا كبيرًا. 

انتصار للدبلوماسية العربية 

واعتبر الخبير الإستراتيجي هذه الزيارة انتصارًا دبلوماسيا للأطراف العربية والإقليمية في المنطقة، لا سيما وأن بايدن لم يعد يملك سوى خيار أن يأتي للمنطقة، واستدرك بالقول: دعنا لا نركز على السياق العربي فقط، فهناك العامل الإسرائيلي وهو مهم جدًا بالنسبة لأمريكا وعلاقاتهما الإستراتيجية. 

وتابع بالقول: كل تلك العوامل تجعل لزيارة بايدن أهمية كبرى ليس على اعتباره منقذًا للمنطقة بل كقوة عظمى لا يمكنها تجاهل أهمية المنطقة، وهذا انتصار للمنطقة خاصة عند الحديث عن المملكة العربية السعودية و”إسرائيل”. 

المصالح كمحرك رئيسي للزيارة  

وقال المومني: نحن نعلم أن المحرك الرئيسي خلف هذه التحركات هي المصالح المشتركة، مشددًا على أنّ من مصلحة أمريكا أن تعيد تعيير علاقتها مع أطراف وازنة في الاقتصاد الدولي، يعني مثل العربية السعودية، وتعيد تعيير علاقتها مع إسرائيل التي لها نوع من التأثير العضوي داخل الولايات المتحدة، خاصة وأنه مقبلٌ على انتخابات نصفية ستظهر مدى شعبيته. 

ولفت إلى أنّ بايدن سعى جاهدًا لحفظ ماء وجهه بعد تحول مواقفه تجاه السعودية بإعلانه الهدف الرئيسي للزيارة وأنها من أجل “أمن إسرائيل وذلك ليغادر “مربع الاتهامات الموجهة له”. 

وقال المومني أعتقد أن “هناك متغيرات على هذه الزيارة مرتبطة بـما ورثته من مباركة العلاقات العربية الإسرائيلية، ضمن ما يسمى بالاتفاقات الإبراهيمة والسعي لتطويرها. 

وأوضح أنّ أمريكا رضخت لحلفائها في المنطقة الأمر الذي أثر بشكل واضح على المحادثات النووية مع إيران التي كانت قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى اتفاق، والتطورات الدراماتيكية التي أظهرت فشل الاتفاق والتصعيد نحو مواجهة محتملة، وأكثر من ذلك حديث أمريكي عن “إدماج إسرائيل في المنطقة”. 

هل يمكن أن تشارك دولة الاحتلال في المؤتمر؟  

واستبعد الخبير الإستراتيجي حسن المومني في تصريحاته لـ “البوصلة” مشاركة دولة الاحتلال في القمة الأمريكية العربية القادمة، مؤكدًا أن الإعلاميين السعوديين المرافقين للأمير محمد بن سلمان خلال زيارته أكدوا في لقاءات شارك فيها على موقف السعودية الثابت تجاه القضية الفلسطينية وما ورد في المبادرة العربية بهذا السياق، لافتًا في الوقت ذاته إلى أنّ البيان السعودي الأردني المشترك أكد على هذه المضامين أيضًا. 

ولكنّ المومني لم يستبعد أن يكون هناك قنوات خلفية للتواصل بين السعودية والاحتلال، بشكل غير رسمي، مشددًا على أنه لا يوجد مؤشرات لانخراط السعودية في اتفاق تطبيعي مع الاحتلال كما فعلت أطراف عربية. 

وقال المومني السؤال المطروح هل مشاركة الاحتلال ستشكل إضافة للقمة أم ستكون عبئًا على الأطراف جميعها. 

وأضاف بالقول: أكاد أكون جازمًا أن العربية السعودية المستفيدة من هذه القمة لا سيما وأن “بايدن جاء صاغرًا” ، واعترف بالسعودية قائدًا إقليميًا في المنطقة 

وشدد المومني على أنّ الدخول للمنطقة من بوابة السعودية وإسرائيل يشكل رسالة أمريكية مهمة، وإن حاولت تقديم بعض الإجراءات الشكلية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والحديث عن زيارة لرام الله. 

وأكد على أنّ الدور الأمريكي أشبه ما يكون بالسلبية الإيجابية، فليس نشيطًا لدرجة تحريك الواقع وتقديم الحلول الحقيقية للقضية الفلسطينية، لكن مواقفه إذا ما قورنت بمواقف ترامب، فإنها إيجابية جدًا. 

ولفت المومني بختام تصريحاته لـ “البوصلة” إلى أهمية الدور الأردني بحصول الزيارة لا سيما وأنها جاءت على خلفية زيارة قام بها الملك عبدالله الثاني للولايات المتحدة الأمريكية مؤخرًا، وشكلت نجاحا كبيرًا كزيارة نوقشت خلالها قضايا متعلقة بالإقليم، مشددًا على أنّ الاشتباك الملكي مع دوائر صنع القرار الأمريكي أسهمت بازياد قناعة إدارة بايدن بضرورة زيارة المنطقة خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والملف الإيراني وغيرها من القضايا.  

(البوصلة) 

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: