خبير إستراتيجي يقرأ لـ “البوصلة” مخاوف الأردن من تصعيد مرتقب على الحدود السورية

خبير إستراتيجي يقرأ لـ “البوصلة” مخاوف الأردن من تصعيد مرتقب على الحدود السورية

عمّان – رائد صبيح

أكد الخبير الإستراتيجي وأستاذ الصراعات الدولية في الجامعة الأردنية الأستاذ الدكتور حسن المومني في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ الأردن ينظر دائمًا للتحديات المتصاعدة على حدوده مع سوريا بنظرة استباقية وقائية لمواجهة أي حالة فوضى يمكن أن يتركها الفراغ الروسي هناك بعد انشغال روسيا بما أسماها “الاولوية الأوكرانية”.

وقال المومني: إنّ القراءة التي قدمها الملك في مقابلته الأخيرة حول التحديات المرتقبة على الحدود السورية واحتمالية حدوث التصعيد هي قراءة عميقة في المسألة السورية، منوها إلى أننا “لا نبالغ إن قلنا أنّ الأردن هي الدولة الأكثر قراءة للواقع السوري نتيجة لخبرات تراكمية وعلاقة معقدة تتطلب بأنّ يكون هناك نمطٌ أردنيٌ خاصٌ في التعاطي مع الموضوع السوري بكافة مراحله وليس في مرحلة الربيع العربي فقط”، على حد تعبيره.

ولفت إلى أن الأردن أيضًا منذ أن نشب الصراع في سوريا تعاطى مع القضية السورية من منطلق عقلاني براغماتي مع الواقع السوري آخذًا بعين الاعتبار تعقيدات الواقع “الجيوسياسي” الأردني بحكم القرب الجغرافي والقرب الاجتماعي وباقي الجوانب، والأردن تحمّل تبعاتٍ كثيرة في هذا الأمر.

واستدرك المومني بالقول: لذلك سوريا كانت واحدة من القضايا الإقليمية التي تدريجياً أصبحت قضية سياسة خارجية وسياسة داخلية نتيجة الصراع الذي نتحدث عنه.

وسائل عديدة لمواجهة فوضى محتملة

وقال المومني إن الأردن انتهج وسائل عديدة سواءً من خلال التشبيك مع الشركاء الإستراتيجيين أو الانفتاح على القوى الأكثر تأثيرًا في سوريا وخاصة روسيا، وكنا نرى كيف كان هناك دبلوماسية أردنية نشطة ودبلوماسية عالية ما بين الملك وبوتين.

ولفت إلى أنّ التنسيق الأردني الروسي وإلى حدٍ ما التفاهم الأمريكي الروسي في مسألة خفض النزاع مكن الأردن إلى حدٍ ما من تخفيف حدة تأثيرات الصراع الأمنية على حدوده،  مضيفًا: نحن نعلم بأن سوريا خلال الصراع الدائر أصبحت مسرحًا وبازارًا للجماعات المتطرفة المدعومة من قوى إقليمية مدعومة من إيران إضافة لوجود حزب الله وإيران في الساحة السورية.

واستدرك بالقول: لكن الآن بعد الحرب الروسية الأوكرانية من الأكيد أن يكون لها تأثير على روسيا وقدرتها على إشغال نفسها على أكثر من جبهة، موضحًا أن المسألة بالنسة لروسيا أصبحت الآن مسألة أولويات، وبالنسبة لها أولوية أوكرانيا أهمّ التي قد تكون استنتجت أنّ النظام السوري بالإضافة لإيران قادران على الحفاظ على الوضع بسوريا.

ولفت المومني إلى أنه  “لطالما كان الوضع مقلقًا في سوريا في ظل الغياب الروسي، الذي قد يجعل رجوع الفوضى إلى الحدود الأردنية السورية في الجنوب، وهي حدود تصل لقرابة الـ 400 كيلومتر، وما تفرضه من تحديات إقليمية”.

أ. د. حسن المومني: الوضع مقلق في سوريا ولكن الأردن راكم من الخبرات والإمكانات ما يمكنّه من مواجهة أي تصعيد مرتقب

وأضاف أنه “ما دام النظام غير قادر على السيطرة على كامل التراب السوري، ونحن نعلم أن ميليشيات حزب الله والمليشيات الطائفية وحزب الله وغيرها المدعومة إيرانيًا وكذلك الحرس الثوري”.

ونوه المومني بالقول: إن الملك كان بمنتهى الصراحة وهذا العمق في الحديث عن القضية السورية، وباعتقادي يجب أن يزداد درجة التنسيق الأمني مع الأمريكان المتواجدين في الجنوب الشرقي من سوريا بقاعدة التنف وغيرها.

“لذلك باعتقادي الأردن يقدم فهمًا استباقيًا وتحذيرًا استباقيًا للمسألة، ويمكن في ظل الاتحاد الروسي الذي كان إلى حدٍ ما فارضًا نظامه وسيطرته بشكلٍ كامل”، على حد تعبيره.

وحذر من أنه “قد تستغل الجماعات المتطرفة من داعش وغيرها الفراغ الروسي، ولذلك تحدث الملك عن أولوية أردنية في هذه المسألة إضافة للقضية الفلسطينية التي كانت على جدول وسلم أولويات الأردن”.

سيناريو التصعيد وتغيير قواعد الاشتباك

وأكد المومني أنّ الأردن لن يتساهل مع أي فوضى محتملة على حدوده مذكرًا بأنه ومع ازدياد عمليات التهريب فإن الأردن غير قواعد الاشتباك واتبع ما يسمّى السياسة الصفرية في التسامح، (zero tolerance)، خاصة بعد حادثة استشهاد جنود أردنيين من قبل المهربين وازدياد وتيرة التهريب وكذلك الموضوع الأمني واستخدام “طائرات بدون طيار” والاختراقات والخطر المتعدد الجهات سواء كانت جماعات طائفية أو جماعات متشددة أو إيران.

وختم الخبير الإستراتيجي  تصريحاته لـ “البوصلة” بالتأكيد على أنّ “الأردن مع مرور السنوات استطاع أن يبني إمكانات ووعي ومعرفة بالحالة السورية، ولا شك الأخطار كبيرة ولكن الأردن مع شركائه الإستراتيجيين وخاصة الأمريكيين قادرون على مواجهتها”.

الملك يحذر من تصعيد محتمل على الحدود مع سوريا

يذكر أنّ الملك عبدالله الثاني أجرى خلال زيارته إلى الولايات المتحدة الأميركية، الأسبوع الماضي، مقابلة مع الجنرال المتقاعد هربرت ماكماستر ضمن البرنامج العسكري المتخصص (Battlegrounds)، الذي ينتجه معهد هوفر في جامعة ستانفورد الأميركية، وحذر خلالها من تصعيد محتمل على حدود سوريا بعد الفراغ الذي تركته روسيا.

وأكد الملك خلال المقابلة على عمق العلاقات الأمريكية الاردنية منوهًا إلى أن الأردن يعيش في منطقة صعبة، وأثبت الزمن أن الأردنيين والأميركيين يقفون جنباً إلى جنب في مواجهة الصراعات المختلفة.

وبين الملك أنه وبعد عامين من انتشار فيروس كورونا عاد تنظيم “داعش” الإرهابي للظهور سواء أكان ذلك في سوريا أو العراق، أو في إفريقيا، معتبراً أن زيارته إلى الولايات المتحدة من أجل التنسيق مع الأصدقاء، ومناقشة ما يمكن القيام به من الناحية التكتيكية والاستراتيجية لما تبقى من عام 2022.

وفي إجابته على سؤال عن طريقة التعامل مع إيران، أشار الملك إلى جهود بعض الدول العربية في التواصل مع طهران قائلا “نحن بالطبع نريد أن يكون الجميع جزءا من انطلاقة جديدة للشرق الأوسط والتقدم للأمام، لكن لدينا تحديات أمنية”.

وأشار الملك إلى أن الوجود الروسي في جنوب سوريا، كان يشكل مصدرا للتهدئة، مبينا أن “هذا الفراغ سيملؤه الآن الإيرانيون ووكلاؤهم، وللأسف أمامنا هنا تصعيد محتمل للمشكلات على حدودنا”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: