خبير اقتصادي ينتقد التقصير الحكومي الواضح بضبط الأسعار في الأسواق

خبير اقتصادي ينتقد التقصير الحكومي الواضح بضبط الأسعار في الأسواق

طالب المواطنين بتحمّل المسؤولية وعدم التهافت على السلع

عمّان – رائد صبيح

استهجن الخبير الاقتصادي محمد البشير في تصريحاته لـ”البوصلة” التقصير الحكومي الواضح بضبط الأسعار في الأسواق لا سيما تلك التي لا علاقة لها بالأزمة العالمية الحالية، مطالبًا في الوقت ذاته بعدم الاعتماد على وزارة الصناعة والتجارة لوحدها فقط بمراقبة الأسواق، وتعاون الوزارة الأخرى وخاصة وزارة الداخلية.

وشدد البشير على أن كوادر وزارة الصناعة والتجارة وموظفيها لا يستطيعوا لوحدهم فرض رقابة شاملة، ولذلك فلا بد من تعاون وزارة الداخلية على سبيل المثال لا سيما وأنها تمتلك جيشًا من الحاضرين بكل المواقع، وهذا التعاون يجب أن يكون حاضرًا في هذه الأزمة الوطنية.

وحذر من أنّ ضبط الأسعار في الأسواق اليوم أهمّ من الجائحة التي تدخلت الحكومة وأجهزتها بضبط كل تفاصيلها؛ لأنه يشكل عبئًا حقيقياً على حياة الناس في ظل مداخيل متواضعة.

وكان رئيس الوزراء بشر خصاونة توعد المضاربين والمسؤولين عن رفع الأسعار بالعين الحمراء، وأكثر من ذلك “عينان حمراوان”، فيما لم يلمس المواطنون على أرض الواقع سوى الارتفاعات الجنونية في عدد كبيرٍ من السلع وعلى رأسها البندورة والخيار التي تجاوزت أسعارها الدينار للكيلو الواحد.

وعلى الرغم من أنه لم ينكر “أن المشكلة التي نواجهها اليوم عالمية بامتياز، خلفها هذا المتوحش المجعو رأس المال والذي يتحكم بالغذاء العالمي ويرفع الأسعار بذريعة حرب روسيا وأوكرانيا”، إلا أنّ البشير أكد أنّ هناك العديد من السلع التي ارتفعت أسعارها لم يتمّ استيرادها على الأسعار الجديدة، وبذلك يكون ارتفاعها غير مقبول أو مبرر.

وفي المقابل حمّل الخبير الاقتصادي المواطنين مسؤولية الإقبال والتهافت على سلع لا يحتاجونها، أو أخذ كميات فوق طاقتهم، فالجميع مسؤول في هذه المرحلة الصعبة.

أزمة متراكمة ونظام مالي عالمي ظالم

وأعاد البشير التذكير بأن أزمة الاقتصاد الأردني الذي يعاني من الانكماش وخلل في الهيكلة، تتجلى بوضوح في القطاع الزراعي الذي يشهد اهتمامًا حكوميًا إعلاميًا فقط؛ ولكن على أرض الواقع ليس هناك أي اهتمام حقيقي، وهذه مشكلة عمرها عقود، منوها إلى أن الرقعة الزراعية أصبحت متواضعة وغالبية المواطنين بعيدون عن الزراعة، والمزارعون اليوم مدينون للبنوك ومؤسسات الإقراض الزراعي ويعانون من مشاكل متعددة.

وقال البشير: أسوأ تجليات هذه المشكلة يتمثل في أن يباع على سبيل المثال بكسة البندورة أو الخيار بدينار وفجأة يصبح الكيلو الواحد منها بدينار ودينار ونصف، وفي الوقت ذاته ليس المزارع المستفيد من هذه المبالغ، ولكن الحلقة الوسيطة والتسويق (الوساطة).

إقرأ أيضًا: الخيار والبندورة والحليب.. ارتفاعات جنونية في الأسعار و”العيون الحمراء” مغمضة

وأضاف بالقول: جزء من المشكلة بقدر ما هي مشكلة محلية وعالمية، لأننا نرتبط بشكل وثيق في السوق العالمي والنظام الحر الذي يستطيع أن يتخذ قراراً بالحجز على أموال خاصة للروس باعتبار روسيا بدأت بالحرب على أوكرانيا، بينما هو ذاته لا يستطيع أن يوقف ارتفاع أسعار النفط التي تؤثر على مليارات البشر.

“هذا التناقض الصارخ يدلل على أنّ معركتنا معركة رأسمال وشركات، وأناس يتحكمون في النفط والغذاء والنقل”، على حد تعبير البشير.

ونوه إلى أننا بالأمس كنا نعاني من الشحن بعد جائحة كورونا، وهذا الاضطراب يتمثل في أن هذا النظام المالي العالمي نظام ظالم ونظام التجارة العالمية تتحكم فيها الشركات، مؤضحًا أنّ الذي يصطوا على اقتصادنا اليوم هو عابرٌ للحدود وفي الوقت نفسه هذه الحكومات تعتبر نفسها جزءًا من هذه المنظومة العالمية الظالمة.

أزمة سياسية بامتياز

ولأنه يرى أنّ الأزمة الحقيقية هي أزمة سياسية بامتياز، عبر البشير عن أسفه لاستمرار ضعف مشاركة الناس في قراراتها ومستقبلها، مؤكدًا أنّ انسحاب المجتمع سيعمّق المشكلة، فهذا التغوّل الذي يمارسه تحالف السياسة ورأس المال هي المسؤولعن إنتاج هذه الأوضاع الصعبة.

وأضاف أنه ما دام المجتمع مستكينًا لهذا الوضع، ومبتعدًا عن العمل المنظم والعمل السياسي، ومستجيبًا لشيطنة الأحزاب، ستتعمّق الأزمة وتتراكم.

وختم البشير تصريحاته لـ”البوصلة” بالقول: لسان حال الدولة اليوم تكلم بما تريد ما دام أنّك لم تفعل من خلال عمل منظم واختيار ممثليك في المواقع المختلفة وخاصة مجلس النواب، فهذا كله يؤدي لهذه النتائج التي نعيشها في اضطراب هيكل الاقتصاد من جهة وفي تغول على التشريعات التي في المحصلة هي الناظم لموضوع توزيع الثروة وفرض العدالة.

الحاج توفيق: مقبلون على ارتفاعات أخرى للأسعار

بدوره أكد رئيس غرفة تجارة عمّان، نقيب تجار المواد الغذائية، خليل الحاج توفيق، أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية خاصة الزيوت النباتية والسكر لم تكن بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

وأوضح خلال اجتماع لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية اليوم الأحد، أن الأسعار ستبقى مرتفعة خلال الفترة المقبلة، لأن العالم اليوم مقبل على ارتفاعات أخرى، لكن محليا لن يكون زيادة في الأسعار خلال شهر رمضان المبارك نتيجة زيادة كميات الطلب عليها.

وشدد على ضرورة معالجة المشكلة من خلال زيادة المخزون في الأردن للحفاظ على استقرار الأسعار محلياً، وهذا يحتاج إلى تعاون الجميع، مشيرا إلى أن الجيش الأوكراني صادر شحنات من أحد الموانئ منها شحنات للأردن.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: