خبير اقتصادي ينتقد انفلات الأسعار بالأسواق ويطالب بمزيد من الرقابة

خبير اقتصادي ينتقد انفلات الأسعار بالأسواق ويطالب بمزيد من الرقابة

عمّان – البوصلة

انتقد الخبير الاقتصادي محمد البشير في تصريحاته لـ “البوصلة” غياب الرقابة الحقيقية على الأسواق من قبل الجهات المختصة في وزارة الصناعة والتجارة في ظل حالة من “انفلات الأسعار”، الأمر الذي يفرض ضغوطًا متزايدة على بيوت الأردنيين خاصة الفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود.

فيما أظهرت بيانات للبنك الدولي، أن أسعار الأغذية في الأردن ارتفعت بشكل شهري خلال النصف الأول من العام الحالي بنسب تتراوح من 2.4% إلى 5.8%، تزامنا مع ارتفاعها في جميع الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.

وأكد محمد البشير أنّ العرض والطلب هو القانون الذي يحكم الأردن والعالم أجمع، لافتًا في الوقت ذاته إلى “أن هناك ادعاءً من الحكومة بأنّها تراقب الأسعار، ولكن حقيقة الأمر أنّ هذا الادعاء شكلي وفي حدوده الدنيا”.

وتابع البشير بالقول: “لا شك أنّ هناك في وزارة الصناعة دائرة لمراقبة الأسعار، ولكن في المحصلة النهائية ما يحكم السوق هو العرض والطلب وندرة السلعة وفترة الركود التي مرت على كثيرٍ من التجار، الذين يرفضون أن يتنازلوا عن الأسعار التي تمّ تثبيتها”.

محمد البشير: الأسعار في الأردن هي انعكاس لحالة وفرة السلع أو تراجع الطلب عليها عالمياً

ولفت إلى أنّ “هذه الآلية معروفة بالسوق الحرة، والسياسة التي انتهجها الأردن منذ التسعينات ويعتبر كجزء من السوق العالمية، وبالنتيجة لا وجود لرقابة فعلية وحقيقية أو تدخل في تحديد الأسعار”.

وأشار البشير إلى أننا “عندما نتحدث عن أسعار غالبية السلع سواء كانت سلع ذات علاقة بالاستهلاك الغذائي أو ذات علاقة في باقي النشاطات المختلفة، كلها تخضع بالفعل لمزاجية التاجر، أو سياسته المتبعة ونظرته للموضوع وكيف يناقش المبالغ المستثمرة في مشروعه وهذا ما يجعله يهدد الأسعار”.

كيف يمكن خفض الأسعار؟

ويتابع بالقول: إذا تحدثنا عن أسعار الأدوية على سبيل المثال وبعض السلع الأساسية مثل السكر والأرز، فكلها تخضع لآلية العرض والطلب ولا تخضع للتدخل الحكومي أو التسعير المباشر، باستثناء ما هو معرف “القمح” وما يتعلق ببعض أصناف الأدوية.

“بهذا المعنى أستطيع القول إنّ الحالة التي يمر فيها الاقتصاد الأردني والتراجع في الأسعار على الصعيد العالمي انعكاسًا لوفرة هذه السلع بشكلٍ أو بآخر أو تراجع الطلب عليها عالميًا باعتبار أنّ هذا هو الحلّ السليم، حتى لا يصبح الطلب الكبير هو مدعاة رفع الأسعار”، على حد تعبير البشير.

وقال: وهذا نشهده في المجتمعات التي لديها قوى اجتماعية وقوى سياسية وقوى حزبية تستطيع أن تؤثر بشكلٍ أو بآخر على إقناع فئات المستهلكين في التعامل مع بعض السلع التي ترتفع أسعارها بشكلٍ استثنائي لتكون لهم خطوة تدفع هذا التاجر، سواءً كان صانعًا أو تاجرًا بالمفرق أن يتعامل مع هذا الطلب بالشكل الذي يكون في متناول المواطنين المستهلكين.

وخلص الخبير الاقتصادي للقول: بالنتيجة أجد أنّ هذه الحالة التي نعيشها في الأردن، غير مسبوقة لكنّها واقع، وهناك ارتفاعات حقيقية ما زالت مستمرة.

الاتفاقيات الدولية تمنع التدخل الحكومي

وقال البشير إنّ الحكومة وقعت على اتفاقيات متعددة سواءً كانت ذات علاقة بوصفات صندوق النقد الدولي أو إرشادات البنك الدولي أو منظمة التجارة العالمية، وجميعها تجبر الحكومة على أن يخضع السوق للعرض والطلب بمعنى (السوق الحرّة)، وجربت الحكومة أن تؤسس شركة لاستيراد كثير من السلع وكلنا يعرف مصير هذه الشركة وفشلت فشلاً ذريعاً باعتبارها حاولت الاستجابة لضغوط الناس وأرائهم حول دور الحكومة، باعتبار أنّ هذا الدور لا يمكن أن يرتقي لدور تحديد أسعار السلع كافة.

ولفت إلى أنّ هذا يتناقض مع منظمة التجارة العالمية التي أصبح الأردن عضوًا فيها وتنازل عن دوره الرقابي، وتاريخيًا كانت الدولة عبر شقين الرقابة على الأسعار بشكل عام، وحصتها في كثيرٍ من المشاريع الرئيسية، والذي تجلّى في تخليها عن ذلك عبر “الخصخصة”.

وأشار إلى أنّ هذا السلوك هو السائد، وهذه التزامات دولية بالنسبة للسياسيين الذين يديرون ملفنا الاقتصادي، لذلك من الصعوبة بمكان تغيير هذا النهج إلا عبر تغير قوى المجتمع القوى السياسية والاقتصادية من خلال مجالس النواب وقدرتهم على تغيير التشريعات التي تستجيب لحاجات المواطنين، في أن يكون هناك حضور فعلي يقلص الفجوة بين الدخول لهؤلاء التجار وهذه المؤسسات، ودخول هؤلاء المواطنين التي تنعكس على الاقتصاد الوطني.

وختم البشير حديثه لـ “البوصلة” بالقول: أنّ التجلي المرعب الذي نراه اليوم حيث تزيد الودائع ثلاث ونصف بالمائة ويعاني الناس من المديونية وانخفاض سلة الاستهلاك بشكلٍ عام، وعدم قدرتهم على الوصول إلى السلع التي يحتاجونها بشكلٍ مريح، فهناك قسرية في التعامل مع إمكانيات المواطنين ودخولهم، مع شراء السلع، وهذا طبعًا ينعكس كله على الاقتصادي الوطني وما نحن عليه اليوم من مؤشرات صعبة على صعيد نسبة النمور، والميزان التجاري، ونسبة البطالة.

التضخم والأسعار يواصلان ارتفاعهما

وكشفت بياناتٌ صادرة عن البنك الدولي أن أسعار الغذاء في الأردن استمرت في الارتفاع العام الحالي، حيث بلغت نسبة الارتفاع في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، 2.7%، ثم ارتفعت في شباط/فبراير بنسبة 3.4%، تلا ذلك ارتفاع بنسبة 2.4% في آذار/مارس الماضي، بحسب “المملكة”.

وفي شهر نيسان/ابريل، بلغت نسبة الارتفاع في أسعار الأغذية 4.3%، فيما كانت نسبة الارتفاع الأكثر في أيار/مايو الماضي والتي وصلت 5.8%، تلاها ارتفاع في شهر حزيران/يونيو بنسبة 4.1%.

وارتفع معدل التضخم السنوي في الأردن إلى 5.2٪ خلال شهر حزيران/يونيو الماضي، ليسجل “أعلى مستوياته” منذ عام 2018 وفق بيانات شهرية للبنك المركزي وصلت “المملكة”.

وواصل التضخم ارتفاعه من 4.4٪ في أيار/مايو الماضي وجاءت أكبر زيادة في الأسعار من قطاع الترفيه والثقافة بنسبة 9.8٪، وقطاع المطاعم والفنادق 9.4٪، السكن 8.9٪ وتحديدا الوقود والإنارة 29.9٪ والغذاء 4.1٪.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: