خبير: رفع أسعار الكهرباء قفزة حكومية جديدة في الهواء ستنهك الاقتصاد

خبير: رفع أسعار الكهرباء قفزة حكومية جديدة في الهواء ستنهك الاقتصاد

عمان – البوصلة

حذر الخبير الاقتصادي محمد البشير في تصريحاتٍ لـ “البوصلة” من أن إقدام الحكومة على تطبيق التعرفة الجديدة لأسعار الكهرباء سيمس شرائح كبيرة من الأردنيين وفوقهم أكثر من أربعة ملايين من غير الأردنيين، الأمر الذي من شأنه أن ينهك الاقتصاد الأردني ويزيد الأعباء على المواطنين المثقلين أصلاً.

ووصف البشير الحكومة بأنها تمارس “المزيد من القفز في الهواء” لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي تعاني من مشكلة هيكلية نتيجة السياسات العابثة بالضرائب وخاصة ضريبة الدخل؛ منوهًا في الوقت ذاته إلى أن “أي ارتفاع أو أي زيادة على أي بند من بنود الاستهلاك في المحصلة النهائية تعني المزيد من الانكماش الاقتصادي، وهذا غير منطقي وغير صحي اقتصاديًا، بعيدًا عن العواطف”.

وأكد أن الحكومة تستمر بسياسة الجباية عبر الضرائب في هروب من الحقيقة الأساسية التي لا يمكن أن تحل أزمة الاقتصاد بل تزيدها عبر اعتماد ضريبة المبيعات كمورد حقيقي للخزينة، لتوفير السيولة، ولكن في المحصلة تؤدي إلى “إنهاك الاقتصاد”.

نتائج السياسات العابثة

وأضاف البشير بالقول: عندما نتحدث عن أن عمّان أغلى عاصمة عربية، فهذا يعني أن المنتج الاقتصادي سواءً كان سلعيًا أو خدميًا سيكون مرتفعًا جدًا لدرجة أصبحت عمّان تحتل المرتبة الأولى.

وتابع، سبب ذلك أن ضرائب المبيعات على مدخلات الإنتاج والمنتج النهائي وعلى الطاقة ومشتقاتها وعلى الاتصالات، فهذا كله كافٍ للتعبير عن مدخل مهم لارتفاع كلفة الاقتصاد.

وقال البشير: “عندما نتحدث عن كلفة الاقتراض (30 مليار) ونتحدث عن الضمان الاجتماعي، فيصبح هذا الاقتصاد غير قادر على تحمّل مزيد من الرفع”.

وأوضح أنه بالنسبة للمواطنين، هؤلاء الذين يدفعون أكثر في ظل ثبات دخول، أو تراجع دخول، أو فقدان وظيفة، هم من سيدفعون الثمن عندما ترتفع كلفة حياتهم وعندما يذهبون لشراء السلع ويدفع ثمن المشتقات النفطية ويدفع فاتورة الاتصالات والبنك والكهرباء.

وعبر عن أسفه للحال التي ستؤول إليه الأمور قائلا: نحن أمام مزيد من الأعباء التي تعكس نفسها في مؤشرات اقتصادية سالبة ومزيد من السلبية، بمعنى أن خطة الحكومة أن تصل إلى نسبة 2.7 فهذا مستحيل في ظل هذا الرفع، والأمر الآخر حلم الحكومة بتخفيض العجز في الميزان التجاري وهذا غير وارد، لأنه كلما ارتفعت الكلف وكلفة استهلاك المواطنين فإن الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي سينخفض وبالتالي نسبة النموّ لن تتحقق، بل أكثر من ذلك سيؤدي لمزيد من البطالة ومزيد من العنف الاجتماعي ومشاكل وأعراض هذه البطالة.

حكومة متمسكة بشعارات نظرية فاشلة

وانتقد الخبير الاقتصادي الحكومة بالقول: إنها بقيت تطرح شعارات نظرية ولم تنجح في تحقيق أيٍ منها، ومثال ذلك شعار الاكتفاء الذاتي، والتركيز على النهوض بقطاع الزراعة وتعزيز قطاع الصناعة.

وأوضح، عندما نقول أن هناك مشكلة في هيكلية الاقتصاد فالمقصود أن الصناعة والزراعة حصتها من الناتج المحلي الإجمالي تقل عن 30%، فالصناعة 24% والزراعة لا تزيد عن 4%، وهذا يعني أن قطاع الخدمات والتجارة والاستيراد سنبقى حصتها في الميزان التجاري تشكل اختلالا.

 واستدرك البشير بالقول: بالتالي أصبح واضحا لكل الاقتصاديين والعلماء أن الصناعة والزراعة هي مقبرة البطالة، فعندما تضمحل هذه الحصة في هذا الواقع تلقائيا التجلي يظهر في ارتفاع نسب البطالة.

وشدد على أن قطاع الخدمات لا يمكن أن يغطي حاجة سوق العمل، وطلب الناس على الوظائف، وبالتالي يصبح الواقع الذي نعيشه، متمثلاُ في أن الوظيفة العامة هي المستهدف، ويحدث فيها التراكم والأزمات، و66% رواتب للموازنة.

ونوه إلى أنه في الوقت ذاته يتراجع القطاع الخاص ولا يستطيع الاستجابة لضغوطات سوق العمل في الوظيفة.

وقال البشير: إن السياسات المالية التي تعتمدها الحكومة في رفع الأسعار والاستمرار في الاعتماد على ضريبة الدخل، هذا كله يعزز الانكماش في الاقتصاد الأردني، ويزيد من أعباء المواطنين الأردنيين كمستهلكين.

وخلص إلى أن “تجلي ذلك، في أن مديونية الأردنيين أفرادًا وشركات ارتفعت إلى 30 مليارًا، وزادت ودائع الأردنيين أيضًا لدى البنوك إلى 39 مليار، وهذه المفارقة بين الغالبية العظمى التي تستدين كيف تواجه ضغوطات الحياة اليومية، وجزء آخر يودع في البنوك أرباحًا ولا تدفع ضريبة دخل”.

وختم بالقول: “بهذه المعادلة الصعبة، هو نتاج للسياسة المالية المتمثلة في الضرائب باختصار شديد”.

الفئات المتضررة من التعرفة الجديدة

بدوره كشف الباحث المتخصص في شؤون الطاقة عامر الشوبكي عن الفئات التي ستتأثر من رفع أسعار الكهرباء والتعرفة الجديدة لها خلال العام الجديد، منوهًا إلى أن التعرفة الجديدة المتوقع تطبيقها مع بداية شهر نيسان القادم سيتضرر منها العديد من العائلات الاردنية الذين تبلغ فاتورة استهلاكهم أكثر من 50 دينار شهرياً.

وأوضح الشوبكي أنّ هذه الفئة سيطبق عليها التعرفة بسعر 20 قرشًا، لكل كيلوات في الاستهلاك.

وأشار إلى أن الفئة الثانية المتضررة ستكون للأردنيين غير المتزوجين المنفصلين في سكنهم، لا سيما وأنها ستطبق عليهم التعرفة الجديدة غير المدعومة وإن كان استهلاكهم أقلّ من 50 دينار شهريًا.

ونوه الشوبكي بالقول: أما من كان من الاردنيين يستفيد من توزيع احمال المنزل على اكثر من عداد فلم يعد بوسعة الاستفادة من السعر المدعوم إلا من عداد واحد فقط.

وأكد أن أصحاب أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية من الاردنيين والذي ستطبق عليهم التعرفة بالسعر غير مدعوم.

وقال الشوبكي إن تعرفة الكهرباء غير المدعومة ستكون بسعر  12 قرشا/كيلووات لاول 1000 كيلووات و 15 قرشًا في الاستهلاك اكثر من 1000 كيلووات.

وأضاف أن هذه التعرفة الجديدة ستطبق على الاجنبي والاردني غير المتزوج ومنفصل في سكنه ومن يملك أكثر من عداد كهرباء من الأردنيين ومن يستفيد من نظام الطاقة الشمسية.

وأكد خبير الطاقة أن التعرفة المدعومة ستطبق على عداد كهرباء واحد فقط لمنزل العائلة الاردنية بسعر 5 قروش لكل كيلووات في اول 300 كيلووات من الاستهلاك و 10 قروش/كيلووات في ثاني 300 كيلووات، و 20 قرش/كيلووات في الاستهلاك اكثر من 600 كيلووات شهرياً.

حلول ممكنة بأسعار أقل على المواطن

ونوه الشوبكي إلى أنه كان بالامكان تحقيق سعر كهرباء افضل للمواطن وتكاليف كهرباء اقل على الحكومة قبل تنفيذ تعرفة الكهرباء الجديدة، وذلك مع مزيد من الرقابة وتطبيق تعليمات حوكمة الشركات على شركات توزيع الكهرباء، ومع تقليص نسبة الفاقد من الكهرباء سواء الفني في صيانة الشبكة الكهربائية او الغير فني من جراء السرقات، مع مراجعة عقود توليد الكهرباء، وضبط الاستطاعة، لتحقيق التوازن الدقيق ما بين التكاليف من جهة و امن التزود بالطاقة في الجهة المقابلة.

وأضاف أن المفارقة تكمن في أن العالم يتجه الى دعم الطاقة المتجددة بينما يتضرر في الاردن من يتكلف في استعمال هذه الانظمة ، والمفارقة الاخطر ان الاردني الذي يملك عداد كهرباء بالسعر المدعوم يدفع مبلغ 125 دينارًا بدل قيمة استهلاك 1000 كيلووات شهرياً، بينما يدفع الاجنبي او صاحب العداد غير المدعوم 120 دينارًا، وبفارق 5 دنانير لصالح العداد غير المدعوم او الاجنبي.

وتابع بالقول: يدفع الاردني 325 دينار بينما يدفع الاجنبي او غير المدعوم 270 دينار وبفارق 55 دينار لصالح العداد غير المدعوم في بدل قيمة استهلاك 2000 كيلووات شهرياً، ويزداد الفارق مع زيادة الاستهلاك.

ودعا الشوبكي وزارة الطاقة وهيئة تنظيم قطاع الطاقة والجهات المختصة لمعالجة هذا الاختلالات في التعرفة الجديدة وحماية المتضررين قبل تطبيقها.

وأشار الشوبكي إلى أن التعرفة الجديدة للكهرباء والمنوي تطبيقها في الثلث الاول من العام الحالي،عالجت بعض مواطن الخلل في التعرفة القديمة و ستعمل على تخفيض الكلف على القطاع الصناعي والزراعي والمحال والمؤسسات التجارية والفنادق والمستشفيات، حيث تم الغاء تعرفة الحمل الاقصى وتخفيض التعرفة النهارية من 7.9 قرشا إلى 6.8 قرشاً، في حين ستبقى التعرفة الليلة كما هي 6.5 قرشاً. وتم تخفيض تعرفة القطاع التجاري لمن استهلاكه اكثر من 2000 كيلووات شهرياً من 17.5 قرشاً لكل كيلو وات الى 15.2 قرشاً لكل كيلو وات في حين ستبقى كما هي على القطاع التجاري باستهلاك اقل من 2000 كيلووات شهرياً.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: