خبير عسكري يقرأ لـ “البوصلة” تداعيات الحرب: روسيا توقف العالم على أطراف أصابعه

خبير عسكري يقرأ لـ “البوصلة” تداعيات الحرب: روسيا توقف العالم على أطراف أصابعه

أوكرانيا

عمان – البوصلة

أوقفت روسيا قرع طبول الحرب، وبات العالم أجمع يقف على أطراف أصابعه بعد أسابيع من حبس الأنفاس أمام الحشود العسكرية الروسية الكبيرة على حدود أوكرانيا، ويواجه لحظة الحقيقة ويدوّي قصف الطائرات وأصوات المدافع بعد إعلان الرئيس الروسي بدء الحرب، التي وصفها العالم بالغزو الروسي، فيما تصر روسيا على وصفها بـ”العملية العسكرية الخاصة”.

غزوٌ أو عملية عسكرية أو حربٌ أو سمّها ما شئت، فكلها تصبّ في خانة واحدة خسائر اقتصادية ومادية وبشرية ينتظرها العالم، وبدأت تكتب حروفها الأولى بالدم الأحمر، والذهب الأصفر، والأسود، والأسهم الصاعدة والمترنحة، في مشهدٍ ربما يتحوّل إذا ما تفاقم إلى “حربٍ عالميةٍ ثالثة”، لا أحد حتى روسيا ذاتها مستعدٌ لدفع تكاليفها المرعبة.

أهداف قصيرة وبعيدة.. ماذا يريد بوتين؟

وقال الخبير العسكري الدكتور قاصد محمود في تصريحات لـ “البوصلة”، إن الهدف الروسي معلن فهي تريد أن تبقى أوكرانيا غير معسكرة ولا تنضم لحلف الناتو لأن هذا يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الروسي، مستدركًا بالقول: لكن هذا لا يلغي أن هناك في ذهن قيادة روسيا الرئيس بوتين الرجل المتعصب دينيًا وقوميا والطموح إستراتيجيا والذي يريد إحياء عصور روسيا القيصرية وعظمتها وقوتها فهذا كله موجود.

وتابع محمود بالقول: مرة أخرى حين نتحدث عن حالة وصلت إليها العلاقات الدولية في هذا المجال، الآن روسيا تعلن بشكل واضح أنها لن تسمح للناتو بالاقتراب أكثر من حدودها.

وشدد على أن روسيا تعتبر أوكرانيا جزءًا من أراضيها وهذا طبيعي فقد أعلنها الرئيس الروسي أنه لا يوجد شيء اسمه أوكرانيا وهي جزء من روسيا القيصرية.

وأضاف، “بالتالي قد يكون الهدف البعيد جدًا إعادة ضم أوكرانيا لروسيا، ولكن الآن مرحليًا سيحقق الهدف القريب بمنع انضمام أوكرانيا للناتو مائة في المائة”.

الهدف الحقيقي للحرب

“لكن الهدف الذي تطور خلال الأسبوعين الماضيين، كان هو الحامل الطبيعي للحرب نفسها والذي يتمثل في تثبيت الجمهوريتين الانفصاليتين مع أوكرانيا وقد أعلن بوتين اعترافه بهما، وقامت الحرب أصلاً على مبدأ تقديم الدعم لهاتين الجمهوريتين للدفاع عن نفسيهما أمام الهجمات الأوكرانية”، والحديث للخبير العسكري.

ونوه إلى أن “هذا طبعًا يعتبر مبررًا روسيًا خاصًا، وسبق أن استخدموه في حالات مشابهة في العام 2014، حيث دخلوا على جورجيا وصنعوا جمهوريات انفصالية وما زالت موجودة”.

وقال محمود: أعتقد هذا سيكون الحامل الحقيقي للحرب، ولكن واضح استراتيجيا أن روسيا من خلال محاور الهجوم ومن جانب الجنوب الشرقي لأوكرانيا تحاول روسيا إحكام السيطرة عليها نهائيًا وهذا يشكل شبه حصار أو عزل تجاري واقتصادي لأوكرنيا.

وتابع، بالتالي بعد اقتصادي، ستكون ورقة أخرى لمواجهة الضغوط الاقتصادية على روسيا والحصار القادم.

وأوضح بالقول: “عمليا نحن أمام عسكرية ما تزال محدودة، صحيح أن روسيا وجهة ضربة من خلال الجو والبحر والبر ولكنها ما تزال محدودة من حيث الأطراف المتواجهة في الحرب وهي روسيا وأوكرانيا فقط حتى اللحظة”، مستدركًا بالقول: ذلك يثبت محدوديتها من الناحية العملياتية وإن كانت بشكلها حربًا عالمية سواء من ناحية الدعم الاقتصادي والدعم الإعلامي والعسكري غير المباشر، ولكنها ما زالت محدودة وقد تستمر من أسبوعين لثلاثة لتحريك المفاوضات وفرض شروط روسية جديدة تعيد أوكرانيا للالتزام بالاتفاقيات الدولية السابقة بعدم الانضمام للناتو.

وشدد على أن الموقف الآن واضح أنه وصل إلى الحرب العملياتية القائمة والعالم اليوم يقف على أطراف أصابعه في متابعة تطورات الحرب.

هل تنخرط أمريكا والناتو في الحرب؟

وفي إجابته على هذا السؤال علق الدكتور قاصد محمود: قلنا سابقًا لا يوجد أي دولة أوروبية يمكن أن تنخرط بهذه المواجهة العسكرية، والرئيس الأمريكي ووزير الخارجية الأمريكي كانا واضحين بالتزام أمريكا بعدم التدخل عسكريًا والاكتفاء بالدعم المقدم لأوكرانيا.

لكنه في الوقت ذاته لم يستبعد أن تذهب الأحداث لأبعد مما نتخيل: “مرة أخرى قد يكون هناك تطورات ميدانية تخلق حالة معينة وظرف معين، ولا أحد يستطيع الجزم بالعواقب”.

وقال الدكتور قاصد محمود: باعتقادي أن المنطق يقول أن بوتين يحقق مكاسب ميدانية ويفرض أمر واقع جديد، سيتم استخدامه على طاولة التفاوض ليس مع أوكرانيا، ولكن مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.

ونوه إلى أن المستفيد الأول من أي صفقة قادمة مع روسيا هي أمريكا والاتحاد الأوروبي؛ لأنه ليس لهم أي مصلحة بتطور الأمور إلى شيء يهدد أمنهم ويجبرهم ليكونوا جزءًا من حرب لا يستطيعون تحمّل تكاليفها.

النموذج الأفغاني.. واستنزاف روسيا

وتابع حديثه بالقول: إذا كان هناك في العقل الباطن الأمريكي أو بعض الأوروبيين أن هذا مستنقع جديد قمنا بجر روسيا له، وجر روسيا لحرب استنزاف من الشعب الأوكراني والجيش الأوكراني، وتتراكم خسائر روسيا اليومين ويتكرر المشهد الأفغاني مرة أخرى والذي أطاح بالاتحاد السوفييتي.

وأشار إلى أن “هذا لن يكون بالبعد ذاته الذي حصل في أفغانستان، لا سيما وأن أوكرانيا ما هي إلا ساحة خلفية لروسيا، وفي أوكرانيا ذاتها أكثر من 40% من السكان يتحدثون اللغة الروسية وبالتالي المأزق سيكون له مخارج تمكن روسيا من استخدامها وعدم توريط نفسها بحرب طويلة الأمد لا يستطيع اقتصادها بالصمود على تكاليفها لا سيما وأنها ستكون متزامنة مع عقوبات وحصار اقتصادي مفروض على روسيا”.

وحول حقيقة الدعم الأوروبي والأمريكي العسكري المقدم لأوكرانيا وعدم القدرة على صد الهجوم الروسي في أول يوم، أكد الدكتور قاصد محمود على أنه ورغم وجود الدعم الكبير إلا أن ذلك لا يمنع قوة وإمكانيات الضربة الروسية التي وجهت في اليوم الأول لأوكرانيا.

وأوضح بالقول: شاهدنا توجيه ضربات عسكرية تدميرية للبنى التحتية العسكرية لأوكرانيا والدفاع الجوي والمواقع العسكرية والمطارات العسكرية، أو البنية التحتية الاقتصادية التي تدعم الحرب، فهذا شيء طبيعي جدًا وهو من أساسيات أي حرب من هذا النوع.

وتابع، روسيا وجهت ضرباتها ولكن مستوى التدمير وتقدير ما حققه من أضرار على الأرض فهذا يحتاج لوقت لاكتشافه وتقييمه، ولكن القصف المبدئي يستهدف الأهداف الاستراتيجية الحيوية ذات القيمة الدفاعية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية وهذا ما حصل حرفيًا.

وختم الخبير العسكري حديثه بالقول: أن القصف الجوي تزامن مع عمليات بحرية وعمليات إنزال جوي وعمليات برية بحيث يكون الحضور على الأرض وتقديم الدعم المباشر للقوات الانفصالية وبالتالي العملية البرية بدأت فورًا، ولا نعلم متى ستنتهي”.
(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: