خبير قانوني لـ”البوصلة”: من يتضرر جراء أوامر الدفاع يحق له اللجوء للقضاء

خبير قانوني لـ”البوصلة”: من يتضرر جراء أوامر الدفاع يحق له اللجوء للقضاء

أمر الدفاع 8

عمان – رائد الحساسنة

قال المحامي والخبير القانوني بسام فريحات في تصريحاتٍ إلى “البوصلة” أمر الدفاع رقم 8 لامس جوهر “مكافحة الوباء”، منوهًا إلى أنه لامس جوهر الصلاحيات الممنوحة لرئيس الوزراء في قانون الدفاع، بإصدار أوامر دفاع تتعلق بمكافحة الوباء، وجاءت متوائمة في هذا السياق رغم بعض ما شابه من الخلل.

ونوه فريحات بالقول: لكن في الوقت ذاته مع هذه الصلاحية الممنوحة لرئيس الوزراء فهناك رقابة قضائية أولا، إذ أنه يجوز الطعن في أوامر الدفاع لدى المحكمة الإدارية، وثانيا هناك حق في التعويض لأي شخص يتضرر نتيجة هذه الأوامر وسوء تنفيذها له الحق اللجوء للمحكمة للمطالبة بالتعويض.

وتابع الخبير القانوني بالقول: أن أمر الدفاع رقم 8 غطى وراعى بعض السلوكيات التي تنم عن عدم مسؤولية صادر عن بعض الأشخاص كانوا مصابين أو مخالطين لمصابين أو جهات قد تتستر على هذا الوباء أو المصابين فيه، أو العكس فيما يتعلق بالتهويل والتخويف والإساءة للمصابين فعالجها أمر الدفاع 8.

وأشار إلى أن مواجهة وباء كورونا التي أوجدت الظروف الاستثنائية التي يمر به الأردن والعالم بأجمع، جعلت الدول والحكومات أمام وسائل مختلفة لمكافحة هذا الوباء فمنها الصحي والاقتصادي والجانب القانوني.

وأضاف فريحات، فيما يتعلق في الجانب القانوني فإن قانون الدفاع منح صلاحيات واسعة لرئيس الوزراء لاتخاذ إجراءات فورية واستثنائية لمكافحة هذا الوباء من الناحية القانونية.

الاستثناء مقيد ولا يجوز التوسع فيه

وقال فريحات: لكن هذه الصلاحيات هي استثناء والقاعدة في الاستثناء أن لا يتوسع فيه وهو مقيد، وبالتالي صلاحية رئيس محصورة في مواجهة وباء كورونا، واتخاذ التدابير السريعة التشريعية اللازمة لمواجهة هذا الوباء.
وأشار فريحات إلى أنه إذا تعارض أي نص مستقر سابق على هذه الأوامر، يفعل قانون الدفاع ويعطل القانون السابق ولا ينفذ.

وشدد على أن النقطة الرئيسية الواجب ذكرها في هذا السياق، أن أوامر الدفاع وقانونها يختلف عن الأحكام العرفية وبالتالي فإن الحقوق والحريات مستقرة ولم تمس، وحتى الآن أوامر الدفاع الثمانية التي صدرت لا يوجد فيها شيء يمس أو يقيد من الحريات بحقيقته.

واستدرك بالقول: لكن إذا الناس بدأت تتخوف أو الجهات الرسمية بدأت تلوح بأوامر الدفاع للتضييق على الحريات فإن هذا الأمر “غير صحيح”.

وأضاف، “تحديدا ما يتعلق بالإعلام والصحفيين والصحافة وحق النشر، لم يرد أي أمر يتعلق بهذا الموضوع يضيق على عمل الإعلاميين والصحفيين”.

مثلبة في أمر الدفاع رقم 6

ونوه الخبير القانوني فريحات إلى أن الملاحظة والمثلبة على أوامر الدفاع فيما يتعلق بأمر “الدفاع رقم6″، أولا يوجد خلل في ميزان مراعاة أصحاب الحقوق المختلفة من عمال وأصحاب العمل والدولة، لم يكن عادلا، حيث تنصلت الدولة من كافة واجباتها ومهماتها الملقاة على عاتقها في هذه الظروف، وحملت الموضوع لأصحاب العمل ذو المشاريع الصغيرة والمتوسطة ولم تلزم الضمان الاجتماعي الذي هو ملزم أصلاً وقانونًا أن يكون سببًا وسندًا في حل هذه المشكلة.

وشدد على أن الأخطر من ذلك ما يتعلق في الحقوق والحريات الذي تحدثنا عنه، وأنه رتب عقوبة الحبس على العلاقة التعاقدية، إذا قصر صاحب العمل نتيجة الظرف المالي، ولم يؤدي المطلوب منه سواء في قانون العمل أو في عقد العمل بالوضع المستقر أو فيما ورد بأمر الدفاع رقم 6، فقد رتب عليه عقوبة الحبس وهذا إجراء خطير مخالف للنسق القانوني المستقر، والمفترض إذا خالف صاحب العمل أن يكون عليه عقوبات الغرامة أو أي حق للجوء بالقضاء.

وشدد فريحات على أن القضاء مفتوح وغير معطل لكن بموجب أوامر الدفاع فهو في عطلة رسمية شاملة كل الدوائر الرسمية ومنها مرفق القضاء فهو في إجازة.

وأكد أنه عندما تباشر المحاكم أعمالها أي شخص متضرر له الحق في اللجوء إلى القضاء فبالتالي في العلاقة التعاقدية ما بين صاحب العمل والعامل إذا حدث أي خلل في ميزان العلاقة على الطرف المتضرر أن يلجأ للقضاء وهو الذي يحكم.

وأوضح فريحات أنه لا يجوز تنفيذ أو التلويح بعقوبة الحبس على من يخالف علاقة تعاقدية، وهذا هو المثلب على أمر الدفاع رقم:6.

نقطة قانونية: هل يجوز لرئيس الوزراء استحداث تشريعات جديدة؟

وقال فريحات خلال حديثه لـ “البوصلة“: هناك نقطة قانونية دقيقة لكنها جوهرية في الموضوع، أن صلاحية رئيس الوزراء في إصدار أوامر الدفاع فقط لمواجهة هذا الوباء واتخاذ إجراءات مستعجلة ضرورية لمواجهته، منوها في الوقت ذاته إلى أنه لكن لا يجوز لرئيس الوزراء بأوامر الدفاع أن يشرع أحكامًا جديدة، فله من الصلاحيات أن يصدر تعليمات وأوامر ما فيه سبيل لمكافحة هذا الوباء، وإذا تعارضت هذه الأوامر مع قوانين أخرى تقدم أوامر الدفاع.

واستدرك بالقول: لكن لا يجوز لرئيس الوزراء أن يستحدث أحكاما جديدة في أوامر الدفاع، وهذا ما حصل في أمر الدفاع رقم6، هو استحدث أحكاما جديدة غير موجودة في قانون العمل أو القانون المدني ولا في العلاقات التعاقدية ما بين الأطراف، فهو استحدث أحكاما جديدة وهذا جوهر الخطأ فيه.

وأضاف فريحات قائلا: أتوقع عندما تباشر المحاكم أعمالها سيتقدم المتضررون بطعن في أمر الدفاع رقم 6، وستصدر المحكمة الإدارية أحكامها في أمر الدفاع رقم 6 وما يترتب عليه حال تقديم الطعون به من تاريخ صدوره نتيجة هذا الخلل الذي شرع لأحكام جديدة.

شرح لبعض نصوص القانون

ونص قانون الدفاع رقم 8 في بنده الرابع والخامس على أنه: رابعا: 1. يعاقب كل من يخالف أيا من الالتزامات أو التدابير المفروضة بموجب أمر الدفاع هذا بالحبس حتى ثلاث سنوات أو بغرامة مقدارها ثلاثة آلاف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين.

لا يحول تطبيق أي عقوبة بموجب أمر الدفاع هذا من تطبيق أي عقوبة اشد ورد النص عليها في أي تشريع آخر.

وجاء في البند خامساً: يعطّل العمل بأحكام الفقرة (ب) من المادة (22) والبند (3) من الفقرة (ب) من المادة (62) والمادة (66) من قانون الصحة العامة رقم (47) لسنة 2008 بالقدر اللازم لتنفيذ أمر الدفاع هذا.

وأوضح فريحات حول البندين السابقين بالقول إن الفقرة المتعلقة بتعطيل بعض أحكام قانون الصحة العامة الموجودة والمستقرة، وأوامر الدفاع المتعلقة في الموضوع ذاته تتقدم على أحكام القانون في هذه الحالة ولها الأولوية.

وأضاف، لذلك فإن أي مواد قانونية تتعارض مع ما جاء في أمر الدفاع رقم 8 يتم تعطيلها والأولى والأوجب في التطبيق هو ما جاء في أمر الدفاع.

وأوضح الخبير القانوني أنه وعلى سبيل المثال قانون الصحة العامة رتب الحبس لمدة سنتين على الطبيب أو الشخص أو المصاب بأحد الأمراض السارية ولا يقوم بالإبلاغ للجهات المختصة عنه أو يفصح عنه، لكن أمر الدفاع رقم 8 غلظ العقوبة لتكون 3 سنوات، وما ينفذ في هذه الحالة هو ما ورد في أمر الدفاع رقم 8، ومعروف فقها أن أوامر الدفاع تقدم على غيرها.

وشدد على أن الضرر المالي يختلف عن العقوبة فالأخيرة مقدرة بالحبس 3 سنوات، ولكن من رتب ضررا كأن يكون مريضًا لم يفصح عن مرضه، وتسبب بالعدوى لأشخاص آخرين، وعطل مصالح وأدى لإغلاق منشآت ورتب عليها ضررًا ماليًا، فإن النيابة العامة تحرك ضده قضايا في المحاكم يترتب عليها عقوبة الحبس لمدة 3 سنوات.

ونوه إلى أن عقوبة من لم يفصح عن مرض سارٍ أصابه بموجب قانون الدفاع ثلاث سنوات وبموجب قانون الصحة سنتان، لكن العقوبة التي ستطبق بحقه هي الثلاث سنوات، لكن فيما يتعلق بالضرر المالي فإن المتضرر يحق له اللجوء للمحكمة وتقديم شكوى بحق المتسبب بالضرر.

وقال فريحات: على سبيل المثال إن كان من وقع عليه الضرر يتحصل من فتح منشأته في اليوم الواحد 100 ألف دينار واضطر للإغلاق بسبب شخص لم يفصح عن مرضه وأدى لإغلاق هذه المنشأة لأسبوع على سبيل المثال فإنه يتقدم بقضية في المحاكم للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي تعرض له من هذا الشخص.

وأضاف، في قانون العقوبات يتحدث عن القتل العمد وغير العمد والقتل نتيجة الإهمال وعقوبته على سبيل المثال الأشغال الشاقة، وإذا تم تكييف التهمة لمن تستر على المرض الذي أصابه، ليس فقط بموجب أحكام قانون الدفاع8 ولا قانون الصحة العامة، فيمكن أن ينسب له تهمة الإهمال المتسبب في الوفاة، وبهذا يطبق في حقه عقوبة التسبب في الوفاة التي قد تصل عقوبتها إلى الأشغال الشاقة لمدة 7 سنوات.

“لذلك فإن أمر الدفاع 8 لا يحول دون أن تطبق بحقه العقوبة الأشد وهي الأشغال الشاقة لمدة 7 سنوات وليس 3 سنوات بحسب ما ورد في قانون الدفاع”، بحسب الخبير القانوني بسام فريحات.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: