خبير لـ “البوصلة”: لبنان يتجه للمجهول وبحاجة لخطة أممية لإنقاذه

خبير لـ “البوصلة”: لبنان يتجه للمجهول وبحاجة لخطة أممية لإنقاذه

عمان – البوصلة

قال الخبير العسكري الدكتور قاصد محمود في تصريحاتٍ إلى “البوصلة” إن الدولة اللبنانية اليوم تتجه نحو المجهول، مؤكدًا في الوقت ذاته على أنه لا بديل عن خطة أممية كبيرة لإنقاذه، في ظل صعوبة قراءة تداعيات المشهد وتضارب المعلومات والكارثة المحققة الماثلة أمامنا بكل معنى الكلمة.

وعبّر محمود عن أسفه من أن تفجير مرفأ بيروت سيذهب بلبنان إلى ما وراء التاريخ على الأرجح، فالخسائر الأولية لا يمكن تصورها سواء البشرية أو المادية، والأسوأ من ذلك أن الحالة اللبنانية برمّتها حالة غير صحيّة، على حد وصفه.

وحذر من أن “لبنان مرشحة تمامًا للانهيار إلا إذا أراد العالم أن يبقيها”، محملا ما اسماها الحالة اللبنانية المبنية على أسس غير منطقية وغير سليمة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع.

وقال محمود: إن السنوات العشرين الماضية خاصة بعد مقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري أدخلت لبنان في مرحلة مختلفة تماماً لا تستطيع تشخيصها وغاب فيها نموذج الدولة المتعارف عليه، موضحًا أن هناك في لبنان فئة أقوى من الدولة وهناك فئة ممّن يتاجر ليحقق مصالح على حساب الحالة، فأصبحت حالة الفساد وحالة عدم الرضوخ والالتزام بالمبادئ مستشرية فضلا عن أن أسس وعلوم الدول غير موجودة إلى الآن.

تفجير المرفأ بين الفساد والاستثمار في الحالة

ويرجح الخبير العسكري أن يكون الحادث بلا شك نتيجة طبيعية للإهمال والفساد، لكنه في الوقت ذاته يشير إلى سيناريو آخر محتمل وهو أن يكون الحادث استثمارًا في الحالة لمن يريد توجيه الأوضاع باتجاهات أخرى لصالحه مستدركًا بالقول: لكن هذه الحالة بحاجة لإنصاف وتدقيق في ما يجري.

وأشار محمود إلى أن هناك معلومات أن جزءًا من بناء بيروت هو تحت سيطرة حزب الله وتمنع حتى المخابرات الحربية والجيش أن يقترب منها، ولهم مستودعاتهم وموادهم.

ويستدرك بالقول: لكن نيترات الصوديوم التي يتم الحديث عنها اليوم على أنها تسببت بالحادث فهي لا تعود لحزب الله إذا أردنا أن نكون واقعيين، أما إن كان هناك مستودعات سلاح ومتفجرات لحزب الله فهذا يحتاج لتحقيق وتمحيص.

وشدد على أن وجود حزب الله بهذه الحالة وهذه القوة وله أعلامه وله نقاط تفتيشه هي مأخذ كبير على الدولة اللبنانية، منوهًا إلى أنه عاين ما ذهب إليه شخصيا عام 2002 عندما زار لبنان وكان ميشيل سليمان قائدًا للجيش اللبناني، معبرًا عن أسفه من أن الدولة اللبنانية ليست دولة والآن الحالة العامة تمر بمخاض حقيقي.

لمن توجه أصابع الاتهام؟

وأكد الخبير العسكري قاصد محمود أن أصابع الاتهام يمكن أن توجه لأطراف داخلية وخارجية بسبب تعقيدات المشهد اللبناني لا سيما وأن الصراع محتدم بين الجميع.

وقال محمود: أصابع الاتهام قد توجه لحزب الله وأطرافًا أخرى: دول الخليج، أو إيران، أو أمريكا، أو داعش، أو دولة الاحتلال، وهذا مجالٌ كبيرٌ للغط، فضلا عن الصراع الإقليمي الإيراني الإسرائيلي، والصراع العربي العربي.

وتابع حديثه بالقول: إن كنا نتحدث عن حادث مدبر سندخل بسيناريوهات عدة لا سيما وأن إيران وحزب الله سيتهموا إسرائيل  خصوصا أن حسن نصر الله قبل أشهر تحدث عن حالة كيف يمكن أن يحدث دمارًا كبيرًا في “إسرائيل”، وتحدث أن صواريخه تستطيع أن تدمير مستودعات النيترات في حيفا، وهذا الميناء مومجود في مكان يحيط به أكثر من 800 ألف مواطن، وفيه أكثر من 50% من اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي.

وأشار بالقول: الآن الخطاب سيعاد عرضه والتأكيد عليه بهدف الإشارة إلى أن إسرائيل مسؤولة عن هذا الحادث، ونحن لا نستبعد أي سيناريو من باب الواقعية.

ونوه إلى أن هذا الكلام يجب أن يكون فيه تركيز كبير على البينات الكافية والاعترافات التي تشير إلى من ارتكب الحادث،  موضحًا أنه حتى اللحظة لا يوجد ما يشير إلى أنه حادث مدبر أو تفجير أو قنبلة من الخارج، وفي الوقت ذاته هذا لا ينفي أن يكون هناك أيدٍ خفية خارجية.

ولم يستبعد محمود أن يكون وجود مادة النيترات لمدة 6 سنوات في مرفأ بيروت جزءًا من مخطط، لكي يتم في اللحظة المناسبة افتعال حادث بهذا الحجم، وهذا يساوي ما سبق إن كان هناك تدبير للأمر، منوهًا في الوقت ذاته إلى أنه إذا افترضنا أن الحادث عابر وناتج عن تقصير وإهمال وأخطاء فلا بد من وجود خطأ بشري.

إعادة صياغة لبنان

وشدد الخبير العسكري على أنه إذا كان المراد أن يكون الحادث مدبرًا، فهذا يعني إعادة صياغة لبنان بطريقة جديدة، لا سيما وأنه أتى على كل عوامل القوة لأي كان، الأمر الذي من شأنه أن ينقل لبنان لحالة قابلة لإعادة بناء المرجعيات الأساسية للدولة التي يدور حولها جدلٌ كبير.

وتابع، أما إن كانت كارثة بسبب أخطاء بشرية وحدثت فسيهب الناس مع لبنان ويساعدوه وتعود لبنان وتتعلم من أخطائها وتنهض من جديد.

وعبر عن أسفه أن لبنان أصبح ضحية للصراعات الإقليمية والداخلية، مشددًا على أنه من الصعب على أي محلل أن يذهب بعيدًا في الرؤية لأن المعلومات ما تزال متضاربة ومتلاطمة واتهامات من كل صوب لجميع الأطراف الداخلية والخارجية.

نحو المجهول بلا مقومات للحياة

وأكد محمود في حديثه لـ “البوصلة” أن لبنان يتجه نحو المجهول، وبحاجة لخطة عالمية كبرى لإنقاذه وإن لم يكن ذلك، سينتهي لبنان وبسرعة ولن يأخذ وقتًا طويلاً، لأن مقومات الاستمرار في الحياة غير موجود، حتى أن القمح غير موجود في لبنان اليوم، فالميناء يوجد 70% من مستوردات لبنان الأساسية فيه: النفط، القمح، الدواء.

وقال: الشعب اللبناني اليوم يجوع، وإن لم يكن هناك خطة عربية ودولية وإسناد دولي لكي تبقى الدولة اللبنانية، كيف تستطيع الاستمرار في ظل وجود أسلحة وجماعات وبلطجة وفوضى. محذرًا في الوقت ذاته من أن عناصر الدمار والحرب الداخلية موجودة جدًا، فالمشهد مخيف ومرعب بغض النظر عن حجم الرعب الحاصل في الحادث نفسه.

وأما بالنسبة للأمور الفنية في الحادث ومن يتحمّل المسؤولية، فيعتقد محمود أن :”الجميع مسؤول والمسؤولية الكبرى تقع على رخاوة الدولة التي يسيطر عليها جهات مختلفة، فالدولة اللبنانية تقودها حكومة رخوة جدًا وما حدث نتيجة طبيعية لهكذا حالة”.

وشدد على أن لبنان يحتاج  إلى مد يد المساعدة له من الخارج حتى يستمر، ويحتاج لخطة كبيرة رغم ما ستواجهه من صراعات الدول العربية والإقليمية عليه، مؤكدًا على ضرورة وجود  مبادرة أممية وقرار أممي كبير لإنقاذ لبنان.

وختم محمود حديثه إلى البوصلة بالقول: “نحن أمام كارثة والدولة اللبنانية تذهب إلى المجهول ونرجو الله أن يجد لها مخرجًا”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: