خيارات الأردن لمواجهة “صفقة القرن”.. خبراء يحذرون من خطورة “تسويق الكارثة”

خيارات الأردن لمواجهة “صفقة القرن”.. خبراء يحذرون من خطورة “تسويق الكارثة”

د. منذر الحوارات: نحذر من العودة لـ “الخيار الأردني” لأنه كارثة على الأردن

د. منذر الحوارات: أمريكا تقول لنا اقبلوا “الترضية الاقتصادية” أو اضربوا رؤوسكم بـ”الحائط”

د. منذر الحوارات: تسريبات قوية تقول إن تفاصيل “صفقة القرن” بحوزة الأردن

حسين الرواشدة: السياق الأخطر هو تسويق “صفقة القرن” والتطوع للتكيف معها

حسين الرواشدة: “صفقة القرن” تم تنفيذها قبل إشهارها وهي تمثل تهديداً لوجودنا وأمننا

حسين الرواشدة: الطابور الخامس بدأ يتحرك لتخويفنا وتيئيسنا من مواجهة “صفقة القرن”

عمّان – رائد الحساسنة

حذر خبراء استراتيجيون ومحللون سياسيون في تصريحاتٍ لـ “البوصلة” من خطورة تمرير صفقة القرن باعتبارها سيناريو كارثي لـ “تصفياتٍ كبرى” في سياق تحولات قسرية ستسبب زلزالًا كبيرًا في المنطقة ستشمل ارتداداتها المنطقة العربية والإسلامية، وطالبوا صانع القرار الأردني بعدم الانخراط في أي مشروع لتصفية الجغرافيا الفلسطينية وعودة “الخيار الأردني” لأنه سيكون بمثابة كارثة على الأردن وأمنه.

وشددّوا على أن الأردن يمكنه إعادة الكرة إلى ملعبها الحقيقي إذا ما حاولت الإدارة الأمريكية فرض إرادتها، وأن نرفض أن نكون بديلاً عن أي مؤسسة فلسطينية شرعت دوليا ومحليًا، مؤكدين في الوقت ذاته على أن كما أن الصفقة ليست قدراً لا مفر منه، بل هي كأي حرب يمكن رفضها ومواجهتها والتحايل سياسياً عليها.

كما حذروا ممّا أسموه “الطابور الخامس” الذي بدأ يتحرك لتخويفنا من الكارثة وتيئيسنا من مواجهتها، والتطوع لتجريف القنوات لتعبر إلينا كأي عاصفة دون ان نرفع أصواتنا بكلمة: لا واحدة، مؤكدين على أن “التعاطي الإيجابي” للأردن مع النقاش الدائر حول الصفقة لا يعني بحالٍ من الأحوال أن نوافق على صيغة تجعل الأردن يتحمّل مسؤولية تبعات هذه الصفقة الكارثية.

العودة لـ “الخيار الأردني” هو الكارثة بعينها

المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي الدكتور منذر الحوارات، حذّر الإدارة السياسية في الأردن من خطورة الانخراط في أي تصفية للجغرافيا الفلسطينية أو القضية الفلسطينية لمصلحة العودة إلى “الخيار الأردني”، الذي سيكون بمثابة الكارثة على الدولة الأردنية وأمنها ومستقبلها.

وقال الدكتور منذر الحوارات في تصريحاتٍ لـ “البوصلة” إن الولايات المتحدة تحولت من مؤيد لإسرائيل إلى مؤيد للاحتلال الإسرائيلي، وحولت نفسها أيضًا من سياسة التفاوض بين الأطراف للوصول إلى حلول إلى إملاء الحلول بالصيغة التي تريدها أمريكا وإسرائيل وهذه الإدارة خير من مثل مصالح “إسرائيل”.

ونوه إلى أن إدارة ترامب الحالية تقول أيها العرب أيها الفلسطينيون لكم حقوقكم لكن لن تأخذوها، فنحن الطرف الأقوى، وبالتالي لن تستطيعوا أن تنتصروا علينا، فبدلاً من الخسائر التي يمكن أن تتكبدوها بمواجهتنا فعليكم القبول وتحسين وضعكم الاقتصادي والاجتماعي، أما أن تقفوا في وجه الولايات المتحدة وإسرائيل فباعتقادي لن يحصل لأن الإدارة الأمريكية تملك جميع الأوراق في المنطقة.

وأشار الحوارات إلى أن هذا يعود بنا إلى الصيغة التقليدية التي كانت تدور حول شيئين، الأول: كل الإدارات الأمريكية اعتمدت قرارات الشرعية الدولية للبدء في مفاوضات وجعلت الترضيات الاقتصادية كجزء من الحوافز ليجلس الأطراف مع بعضهم البعض، فكانت الحوافز الاقتصادية تأتي بالدرجة الثانية.

وتابع حديثه بالقول: أما نص الاتفاقيات فكان وفق قرارات الشرعية الدولية، لكن الآن منذ إدارة ترامب تحولت الأمور إلى ترضية اقتصادية بدون أي شرعية لأي مفاوضات، وكل ما لكم أن تحصلوا عليه “الترضية الاقتصادية” أو اضربوا رؤوسكم بـ”عرض الحائط”، منوها إلى أن “هذا المبدأ الذي تتعامل به إدارة ترامب”، على حد وصفه.

هل تفاصيل الصفقة في حوزة الأردن؟

وشدد الحوارات على أن الأردن والفلسطينيين اليوم وحيدون في الساحة، وهم كذلك منذ البداية، فهنالك تغير في مفهوم الصراع العربي الإسرائيلي، وهناك تغير في مفهوم الأخطار التي تواجه المنطقة العربية، فالخطر الماثل للعيان اليوم وضخم بما يكفي أنه بالدرجة الأولى هو إيران، فيما أصبحت “إسرائيل” شريكًا في مواجهة هذا الخطر، وأصبحت “إسرائيل” ضمن المنظومة الاستراتيجية لمواجهة إيران في المنطقة وتراجعت حظوظ القضية الفلسطينية في المنطقة كثيرًا، وتراجع الاهتمام فيها عربيًا وإقليميًا لصالح خطر آخر يبدوا بالنسبة لجميع الأطراف أنه هو الأهم.

ونوه الحوارات إلى أن الأردن خلال الفترة الماضية في بداية المشاريع التي بدأت تتحدث عن صفقة القرن رفض وبقوة، لأن كل بوادرها تشير إلى أن الحلول ستكون على حساب الأردن من موضوع اللاجئين الذي قطعت عنه الولايات المتحدة كل دعم عن الأونروا، إلى القدس الذي حاولت إسرائيل وتحاول في كل لحظة أن تضمه والولايات المتحدة اعترفت بذلك الواقع، إلى المستوطنات التي تؤدي كل يوم إلى تآكل أي فرصة لأي حظ لنشوء دولة على هذه الجغرافيا الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل، وبالتالي الاعتراف بالمستوطنات ربما أنهى فرصة إنشاء دولة على جغرافيا متواصلة ذات قيمة يمكن أن يكون لها بعد دولي.

وخلص إلى القول: إذن، الأردن هو ضحية لهذه الصفقة ولكن ثمّة كلام استمعنا له أخيرًا حول نظر الأردن للجانب الممتلئ من الكأس، فهل هذا يعني أن الأردن سيبدأ التعاطي مع الصفقة، ويجيب على التساؤل السابق بالقول: لا أدري ولا أستطيع أن أقول ذلك، لكن التسريبات الإعلامية تقول إن الصفقة في حوزة الأردن منذ أسابيع، فهل هذا يعني بدء فتح مسار للحديث بين الأردن والولايات المتحدة، لا أعلم حتى الآن فالمعلومات شحيحة.

وتابع الحوارات حديثه: أقول اليوم كمستشرف وليس كمحلل إن إعادة الأردن لخياره في الحلول للقضية الفلسطينية سيشكل بدون شك كارثة على الأردن على المدى الإستراتيجي، وإذا ما أوكل للأردن قضية رعاية السكان الفلسطينيين في الضفة ضمن جزر بشرية معزولة عن بعضها البعض بعيدة عن التواصل هذا سيحمل خطرًا كبيرًا في تصفية القضية الفلسطينية وفي الأعباء الاقتصادية التي ستواجه الأردن.

ونوه إلى أن “كل الترضيات الاقتصادية” لا تستند إلى دعم مباشر من الولايات المتحدة وإسرائيل فهم لن يدفعوا، وبالتالي لو جئنا للشق الاقتصادي فإن الذي سيدفع هي دول الطوق المحيطة بالمنطقة، ونحن نعلم حجم المعاناة السابقة التي كانت تواجه الدعم الاقتصادي من تلك الدول للأردن لأنها كانت دائمًا تحمل في طياتها تنازلات سياسية عديدة.

كيف سيتعامل الأردن مع الصفقة؟

أجاب الحوارات على تساؤل “البوصلة” حول السيناريوهات التي يمكن الأردن أن يتعامل من خلالها مع الصفقة قائلا: باعتقادي إذا ما تعامل الأردن مع الصفقة فيمكن أن يجلس إلى طاولة المفاوضات ويقبل الحديث ولكن لا يجب إعادة الخيار الأردني ويجب أن يبقى قرار فك الارتباط بين الأردن وفلسطين قائمًا ولا يجب زحزحته، ويجب أن تبقى منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ويجب أن تكون السلطة الوطنية الفلسطينية هي الخيار والممثل لمنظمة التحرير لتناقش القضية الفلسطينية.

واستدرك بالقول: عدا عن ذلك سوف يحرقوا الأردن وفلسطين في متاهة جهل الإدارة الأمريكية بالتاريخ وهيمنة اليمين الإسرائيلي المتطرف ورغبته اللامتناهية في تصفية الفلسطينيين.

وقال الحوارات: باعتقادي أن الأمور إذا سارت كما نسمع فهذا أمرٌ خطير، فعلّ وعسى أن تبقى المواقف الأردنية كما كانت فقد تمتعت بموقف شعبي مساند، صحيح أن الأردن عانى من أزمات كثيرة خلال الفترة الماضية، ولكن يمكن تجاوزها إذا ما شعر الشعب الأردني أن مؤسسات الدولة تقف في صفه وفي صف المستقبل المشرق.

وشدد على أن “الإدارات الأمريكية والإسرائيلية” ستذهب، سواء هذه المرة أو في المرة التي تليها من الانتخابات، ولكن ستبقى الأرض الفلسطينية، والشعب الفلسطيني ويبقى الصراع العربي الإسرائيلي قائمًا، ولن تنهيه اتفاقيات محدودة.

هل يمكن للأردن التخلي عن الدعم الأمريكي؟

وحول خيارات الأردن وإمكانية التخلي عن الدعم الأمريكي، أكد الحوارات قائلا: لا يمكن للأردن أن يتخلى عن الدعم الأمريكي، ولكن يمكنه إعادة الكرة إلى ملعبها الحقيقي، بمعنى أننا في الأردن لن نكون بديلاً عن أي مؤسسة فلسطينية شرعت دوليا ومحليًا، ولا يمكن لهذه الصفقة أن تتم بوجود الطرفين الأمريكي والإسرائيلي ودون وجود الطرف الثالث الفلسطيني.

وشدد على أنه طالما الفلسطينيون يتمسكون بمواقفهم فعلينا أن نقف إلى جانبهم، ولا يجب أبدًا أن نحل مكانهم.

وأكد الحوارات أن المشكلة الآن أنه يطلب من الأردن وإن كان بشكل موارب أن يحل مكان الفلسطينيين في المسؤولية، وهذا الفعل سيكون له آثار خطيرة مستقبلية.

ونوه إلى أن الأردن يجب أن يتعاطى مع الصفقة من حيث أننا لسنا الطرف الذي يقبل أو يرفض، ونحن حينما ننظر للجزء الممتلئ من الكأس لا يعني أن نوافق على صيغة تجعل الأردن يتحمّل مسؤولية انتهى منها منذ زمن، على حد تعبيره.

وقال الحوارات: المسؤولية الأساسية لمنظمة التحرير الفلسطينية ويجب أن تبقى، والمنفذ الحقيقي للقرارات هي السلطة الوطنية الفلسطينية ويجب أن تبقى، لا يجب للأردن أن يحل محل أي أحد في حل القضية الفلسطينية.

وختم حديثه لـ”البوصلة” بالتحذير مرة أخرى بالقول: عدا عن ذلك نحن مقبلون على كارثة، نستطيع أن نتنصل أمام المجتمع الدولي أن الولاية لنا ليست إلا على المسجد الأقصى والمقدسات ونحن معنيون بالتعامل مع هذ الجزئية، أما أن نكون محل أحد فهذا لن نقبل به. 

ما هو السياق الأخطر؟

بدوره حذر الكاتب والمحلل السياسي حسين الرواشدة في تصريحاته لـ “البوصلة” ممّا أسماه السياق الأخطر في خطة السلام الأمريكية المتمثل بـ “تسويق الصفقة” أو التطوع للتكيف معها، سواء بحسن نية أو بسوء نية، مشددًا في الوقت ذاته على أنّ هذا الأمر “لا يقل خطراً عن إقراراها وإشهارها”.

ونوه الرواشدة إلى أن أطرافًا عربية – لم يسمّها –  بدأت بطرح بدأت بإطلاب “بالونات اختبار”، مشددًا على أنها تأتي في سياق تسويق “الصفقة” واقتراح ما يلزم من مخارج لـ “تسهيل ابتلاعها وتنفيذها”، على حد وصفه.

وشدد الرواشدة على أنّ هذا السياق هو الأخطر لأكثر من سبب، أبرزها يتعلق بـ”ماكينة تنفيذ الخطة الأمريكية أو فرضها في بيئات ترفضها”، إذ لا يمكن ان يتم ذلك بسهولة دون توافر أذرع أو روافع تتعهد بمساندتها وفتح القنوات أمامها.

واستدرك بالقول: لا أتحدت هنا عن قرارات تصدر فقط، وإنما عن محاولات تبدو أحياناً بريئة، وقد تأتي في سياقات تحذيرية أو تحليلية، لكنها في الحقيقة عكس ذلك تماماً.

وذهب الرواشدة للتدليل على ما سبق بما يتم اليوم الحديث عنه من “فتح ملف فك الارتباط”، مشددا على أن المروجين لها يعرفون تماماً من أين تؤكل الكتف، ولأنهم ثانياً يلبسون طاقيته الوطنية والدفاع عن المصالح العليا، لكنهم في النتيجة يقدمون خبراتهم ونصائحهم لتمرير الصفقة، من خلال إيجاد بيئة اجتماعية تتصارع عليها، أو تتواطأ لقبولها، أو من خلال التغطية على خطرها الأصلي لحساب قضايا أخرى اقل منها خطراً وأهمية.

عصر “التصفيات الكبرى”

وشدد الرواشدة على أن عصر التسويات في عالمنا العربي، وعلى صعيد قضيته التي كانت الأولى والمركزية، انتهى إلى غير رجعة، وبالتالي فنحن أمام تحولات قسرية جديدة عنوانها “التصفيات الكبرى”، وهذه لن تقتصر على هذه الصفقة وإنما ستتجاوزها إلى صفقات أخرى ستكون امتداداً لهذا الزلزال الكبير،  وستشمل ارتداداتها المنطقة العربية، وربما الإسلامية أيضا.

وحذر المحلل السياسي من أن هذه الصفقة التي تم تنفيذها قبل إشهارها تمثل تهديداً لوجودنا أمننا الوطني كدولة وكمجتمع، وليس تهديداً لحدودنا مصالحنا فقط، كما أنها ليست قدراً لا مفر منه، ولا سبيل لمواجهته أو إزالة ما يترتب من آثار للعدوان الذي يتضمنه، على العكس تماماً، فهي كأي حرب يمكن رفضها ومواجهتها والتحايل سياسياً عليها، ولدينا أوراق عديدة لفعل ذلك.

واستدرك بالقول: لكن بشرط واحد وهو أن نمتلك الإرادة الحقيقية، ونفتح عيوننا على أية أبواب يفتحها البعض لتسهيل ابتلاعنا لها، أقصد هنا الطابور الخامس الذي بدأ يتحرك لتخويفنا من الكارثة وتيئيسنا من مواجهتها، والتطوع لتجريف القنوات لتعبر إلينا كأي عاصفة دون ان نرفع أصواتنا بكلمة: لا واحدة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: