مفيد سرحان
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

ذكريات الحج الجميلة تتجدد كل عام

مفيد سرحان
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

الحج عبادة وركن من أركان الإسلام الخمسة التي ربما لا يستطيع أي شخص القيام بها، سواء من حيث الاستطاعة المادية أو الجسدية، أو فرصة الذهاب للحج بسبب اعتماد الدول لأنظمة معينة لاختيار الحجاج، نظرا لتحديد عدد حجاج كل دولة.
ومن يقدر له أداء فريضة الحج فإنه يكون سعيدا بذلك، وهذه السعادة لا تنتهي لمجرد أداء مناسك الحج، بل تستمر مدى الحياة.
 وذكريات الحج تتجدد عند الحجاج كل عام خصوصا في موسم الحج، فالحج عبادة، وهو رحلة، وزيارة، ومؤتمر، ودورة روحانية، وفيها يكتسب الحاج أمور كثيرة.
ومع إعلان بدأ التسجيل لموسم الحج يتذكر الشخص الذي أدى مناسك الحج كيف تم اختياره ومشاعره أنذاك، بل إنه يسرد التفاصيل وكأنه يعيشها الأن.
وعند مغادرة الحجاج تكون له أيضا ذكريات يسردها لأسرته وأصدقائه،  فليس غريبا أن يتذكر الحاج لون الحافلة التي اقلته للديار المقدسة، ومن جلس بجانبه، بل إنه ربما يتذكر غالبية المسافرين الأخرين معه، فصحبة الحج مختلفة عن غيرها، وإن كانت الرحلة لا تخلوا من بعض المواقف الطريفة التي تبقى في الذاكرة.
ومع بدأ المناسك يزداد الحنين إلى تلك الديار ويعيش الإنسان تلك اللحظات بتفاصيلها ويسترجع شريط الذكريات، حتى وإن مضى على أداءه لفريضة الحج عدة سنوات،
فرحلة العمر لا تنسى.
ففي المدينه المنورة حيث إعتاد الحجاج الاردنين  لأعوام الذهاب قبل التوجه الى مكة المكرمة، أياما جميله وممتعة؛ الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإسترجاع اجمل اللحظات عند الاقتراب من منبر الرسول صلى الله عليه وسلم لزيارته وقراءة الفاتحة، والناس من شتى بقاع العالم يقرؤنه السلام.
اما الانتظار لفترة قبل التمكن من صلاة ركعتين في الروضة المشرفة بسبب حرص الجميع على الصلاة في هذا المكان يكسبها مكانه خاصة في القلب والذاكرة، وخصوصا وانت ترغب في الجلوس في هذا المكان لفترة أطول لكن ترقب اعداد من المصلين ليجدوا لهم مكانا يدفعك إلى أن تفسح مكانا لغيرك للصلاة، خصوصا وانت ترقب عيونهم في تلمس أصغر بقعة للصلاة فيها، وقد جاءوا من أماكن بعيدة وجنسيات متعددة.
تستذكر الراحة الجسدية والنفسية ايام الإقامة في المدينة، فطقسها معتدل وتضاريسها ليست جبلية، واسواقها واسعة، وأماكن السكن ليست بالبعيدة عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 والشرب من ماء زمزم الذي يتم نقله من مكة المكرمة يشعرك بأن ما تشرب أكثر من مجرد ماء. خصوصا وانت تستشعر بركته.
الجلوس في المسجد لقراءة القرأن أو الذكر أو التسبيح، وأحيانا للتفكر، والاستمتاع بعظمة المكان وجماله، ترقب الوان رواده وأجناسهم، وتسمع خليط اللغات التي لا تفهمها، لكنك تفهم مقصد اصحابها وشعورهم بالفرحة لزيارة هذا المكان.
زيارة سوق التمر في المدينة مهمة يقوم بها الكثير من زوار المدينة حيث ترى أنواعا لا تعد من التمور، ربما أكثرها يشاهد لأول مرة. والتمر هدية الحاج الرئيسية وخصوصا تمر المدينة، التي يقدمها للمهنئين بعد العودة إلى الوطن.
ومع أن أجواء المدينة المنورة مريحة والصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بها تعدل ألف صلاة، إلا أن عيون الجميع تتجه إلى المكان الأعظم والمقصد الرئيسي وهو مكة المكرمة وبيت الله الحرام.
يحزم الحجاج امتعتهم ويركبون حافلاتهم منطلقين بشوق إلى وجهتهم،  وبعد بضعة كيلو مترات يتوقفون في ميقات اهل الشام لارتداء ملابس الاحرام، وينوون نية الحج  قبل إكمال مسيرتهم. حيث الشعور ببداية العد التنازلي لأداء المناسك.
الشعور بعد ارتداء ملابس الاحرام لا يوصف. الجميع يرتدون لباسا متشابها من حيث اللون الابيض، وهو قطعتين منفصلين، الإدراك إنك بدأت تتخلى عن ما في هذه الدنيا من أموال وزينه، فأنت ذاهب لأعظم شعيرة، لتعود بعدها بلا ذنوب.
 السكينة تملئ قلوب الجميع، ينظرون إلى بعضهم البعض وهم جميعا متساويين _ المساواة الحقيقية _ ضمن ميزان الله الخالق العادل.
وما ان تنطلق الحافلة حتى يبدأ التكبير والتهليل _ لا تعب ولا ملل- بانتظار الوصول إلى المبتغى.
واذا قدر لك أن تصل مشارف مكة المكرمة ليلا وتقترب من المسجد الحرام، فالمآذن العالية باضوائها تأسر القلوب وتضيف جوا من الخشوع يرتفع معها صوت التلبية والتكبير.
فالوصول إلى بيت الله الحرام والطواف بالكعبة المشرفة، هدف يرنوا اليه الجميع. وشرف كبير ينتظره المسلم عشرات السنين، حتى وإن  زرت هذا المكان مرة أو أكثر معتمرا، فإن موقف زيارته بنية الحج مختلف تماما.
جموع الحجيج توافدوا إلى هذا المكان من مختلف بقاع العالم رجالا ونساء، شيوخا واطفالا، المكان مزدحم لكنك تشعر بلذة خاصة برغم التعب.  
يومين أو ثلاثة في مكة المكرمة، معظمها داخل المسجد الحرام طواف بالكعبة وصلاة وذكر . فالصلاة تعدل مئة ألف صلاة .
تدرك عظمة هذا الدين الذي اختاره الله تعالى ليكون دينا للبشرية.
تجلس في المجلس واذا بك تجاور عدة أشخاص من دول مختلفة.
 العالم كله يلتقي هنا، لا تفهم لغة الكثير منهم. لكنك تحبهم وتطمئن إليهم.  لا ترغب في فراقهم، فالكلام ليس فقط باللسان، بل لغة القلوب أكثر وضوحا، لغة المؤمنين مهما اختلفت جنسياته .
لغة عابرة للحدود لا تحتاج إلى تأشيرة.
الانطلاق للصعود الى جبل عرفات فيها ذكريات جميلة، فالبرغم من ان المسافة بين مكة وجبل عرفات ليست بالبعيدة _ مقارنه بالمسافات الأخرى،  إلا أن الرحلة من مكة الا جبل عرفات تستغرق وقتا ليس بالقصير، فالجميع يذهب إلى جبل عرفات، من يركب الحافلة ومن يركب السيارة والدراجة،  ومن يمشي على قدميه فليس هنالك فرق كبير في زمن الوصول مهما كانت وسيلة التنقل.
لكنه مشهد مؤثر وجميل، الكل يتوجه إلى جبل ليمضي يوم عرفه. كيف لا والجميع يدرك عظمة هذا اليوم، فهو المحطة الأكبر في الحج.
الجلوس على جبل عرفات فيه تفكر. يوما كاملا للدعاء والتوجه إلى الله ليس لك من أمور الدنيا شيئ. هنا المؤتمر الأكبر يحضره ممثلوا العالم، مستوى التمثيل فيه طالبي المغفرة من الله.
الغني والفقير، الكبير والصغير، الذكر والأنثى، الحاكم والمحكوم في مكان واحد يتضرعون إلى الله، الجميع سواء عند الله.
وما ان يأتي وقت الغروب حتى يبدأ الحجيج بالنزول عن جبل عرفات، وقد ايقنوا ان الله تعالى قد غفر لهم ذنوبهم، يقين كامل على الله. لا يمكن التشكيك به.

وفي رمي الجمرات تدرك رمزية المكان، وعظمة التعبير، انت ترجم بضع حصوات، تذكيرا بعداوة الشيطان للانسان، ترمي وتكبر “الله اكبر”.
في منى متسع من الوقت للالتقاء بكثير من الأشخاص،  للتعرف عليهم وعلى عاداتهم وشعوبهم، فمؤتمر الحج يمتد عدة أيام،  فيه برنامج ملزم للجميع، وفيه أوقات يستثمرها الحاج بحسب رغبته.
لا تخلوا بالإضافة إلى التعارف من الحوارات والنقاشات المختلفة، ولا يمكن للحاج ان ينسى لحظات أداءه لطواف الوداع فهي لحظات مؤثرة تشعر فيها انك تغادر  اقدس بقاع العالم وقد عدت كيوم ولدتك أمك دون ذنوب. لتعود إلى اسرتك وبلدك واعمالك، فرح لأداء عبادة الحج، لكنك مشدود إلى هذه الديار المقدسة.
ذكريات الحاج لا تنسى حتى لو كانت وسيلة التنقل الطائرة فإنك لا تنسى أصوات التلبية والتكبير وهي ترتفع ما ان تغادر الطائرة ارض المطار وقد لبس الجميع ملابس الاحرام من أرض المطار .
وفي العودة تعيش لحظات جميلة بالرغم من التعب وانت تنتظر موعد طائرتك لعدد ساعات حيث ازدحام مطار جدة بالطائرات والحجاج المغادرين.
الحج عبادة يتمناه من أدى الحج كما يتمناه من لم يكتب له الحج.
كثير من الرجال يحلقون شعرهم والبعض يقصر ، لكن المحلق يرى نفسه من جديد وهو يذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم “رحم الله المحلقين” ترى النور يشع من وجوه الحجيج.
كلما شاهدت صورك بعد أداء مناسك الحج، تشعر انك كنت شخصا آخر، انسان بلا ذنوب، تتمنى أن تعود مرة وأكثر.

(السبيل)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts