ذي هيل: عند حرية الصحافة على أمريكا ألا تميّز بين حلفائها.. شيرين أبو عاقلة مثالاً

ذي هيل: عند حرية الصحافة على أمريكا ألا تميّز بين حلفائها.. شيرين أبو عاقلة مثالاً

نشر موقع “ذي هيل” مقالاً لروبرت ماهوني، مدير المشاريع الخاصة في لجنة حماية الصحافيين، حول ضرورة فتح مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) تحقيقاً بمقتل الصحافية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة، قال فيه إن على الولايات المتحدة القتال من أجل حرية الصحافة، حتى لو كانت ضد حلفائها المقربين.

وأشار إلى مقتل الصحافي الأمريكي دانيال بيرل في باكستان عام 2002، حيث قام أف بي آي بالتحقيق بمقتل مواطن أمريكي. إلا أن عملاء أف بي آي لم يتحركوا عند مقتل أبو عاقلة في جنين بالضفة الغربية هذا العام.

وتساءل عن سبب عدم إرسال إدارة بايدن فريقاً للقيام بعملية تحقيق معمق في مقتل المراسلة التلفزيونية؛ هل أصل المواطنين الأمريكيين الفلسطيني أقل أهمية من الآخرين؟ وهل تعامل إسرائيل بطريقة أفضل من حلفاء الولايات المتحدة؟ هذه بعض الأسئلة التي طرحها 57 عضواً ديمقراطياً في مجلس النواب و24 عضواً في مجلس الشيوخ طالبوا بتحقيق مستقل بمقتل مواطنة أمريكية. ورغم شجب الإدارة القتل، إلا أنها حللت إسرائيل، وبشكل فعلي، من المسؤولية عن مقتل صحافية أخرى من طابور صحافيين قتلوا في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأصيبت أبو عاقلة بالرأس عندما كانت تغطي عملية مداهمة للجيش الإسرائيلي في 11 أيار/ مايو بمدينة جنين، وكانت ترتدي خوذة الصحافيين والسترة الواقية المكتوب عليها وبخط عريض “صحافة” بالإنكليزية، وهو ما فعلته طوال حياتها الصحافية وهي تغطي النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني على مدى 25 عاماً.

وألقت إسرائيل اللوم على مقاتلين فلسطينيين. وقال واحد من المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي إن أبو عاقلة والصحافيين الآخرين كانوا “يصورون ويعملون لقناة إعلامية وسط فلسطينيين مسلحين، وكانوا مسلحين بالكاميرات لو سمح لي قول هذا”.

وأثار التحليل للصور، الذي قامت به قناة “الجزيرة”، حيث عملت أبو عاقلة، ووسائل إعلام أخرى الكثير من ظلال الشك على رواية الجيش الإسرائيلي من الأحداث. ووجد تحقيق، أجرته صحيفة واشنطن بوست ونيويورك تايمز وأسوشيتد برس وبيلينغكات والأمم المتحدة، أن أبو عاقلة قتلت، على الأرجح، برصاص الجيش الإسرائيلي.

وفي تموز/يوليو، وبعد فحص قصير للأدلة والرصاصة، اعترفت الولايات المتحدة أن القوات الإسرائيلية “من المحتمل أنها مسؤولة” عن إطلاق النار، ولكنها أضافت: “لا يوجد سبب يدعو للاعتقاد أن هذا كان مقصوداً”. وأضافت أن الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة “كانت متضررة بشكل كبير، وهو ما منع من التوصل لنتيجة واضحة”.

وفي أيلول/ سبتمبر، أعلن الجيش الإسرائيلي عن نتائج تحقيقه، الذي اعترف أن واحداً من الجنود هو الذي أطلق النار على أبو عاقلة، ولكن بالخطأ. وبناء على تحقيقات سابقة في مقتل صحافيين، رفض الجيش الإسرائيلي نشر أدلة، أسماء المسؤولين أو توجيه اتهامات. بل وترك إمكانية إطلاق فلسطيني النار مفتوحة، وهي نظرية دحضها كل تحقيق مستقل. ورحبت وزارة الخارجية الأمريكية بالتقرير الإسرائيلي، وتعهدت بمواصلة الضغط على إسرائيل والتأكد من أن حادثاً كهذا لن يحدث مرة أخرى.

وبالنسبة للجميع، من عائلة أبو عاقلة إلى بقية الصحافيين، فقد كان الرد الأمريكي متأخراً وغير كامل. ومرة أخرى حمت الولايات المتحدة حليفاً في الشرق الأوسط من التمحيص الدولي والنقد.

وقبل يوم من عملية القتل، تعهد الرئيس جو بايدن، في يوم حرية الصحافة العالمي، بدعم حرية الصحافة على المستوى العالمي، وكانت هناك فرصة لعمل هذا، إلا أن التأثير السياسي الإسرائيلي في الولايات المتحدة كسب. ولم يدهش الموقف الأمريكي ابنة أخ أبو عاقلة، لينا، والتي تعهدت بالعمل على تحقيق العدالة لعمتها.

وفي مقال رأي، نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، لاحظت فيه كيف يقتل مواطنون أمريكيون، وبدون خوف من الملاحقة، في الأراضي الفلسطينية، مثل راشيل كوري التي دهستها دبابة في غزة عام 2003، عندما كانت تحاول حماية بيت فلسطيني من الهدم.

ويعلق الكاتب بأن السياسة الواقعية كانت في أعلى تجلياتها عند زيارة بايدن إسرائيل في تموز/ يوليو حيث رفضَ مقابلة عائلة أبو عاقلة. وفي نفس الرحلة زار بايدن السعودية المتهمة بقتل صحافي وتعهد بمعاقبتها، وكانت قبضته لولي العهد السعودي بمثابة إشارة عن إعادة تأهيله.

 ويرى الكاتب أن فشل الولايات المتحدة للتحرك، وبشكل حاسم في هذه الحالات، يغذي السرطان الذي ينهش، وبشكل متزايد، حرية الصحافة العالمية. وعادة ما ترفض إسرائيل الاتهامات التي توجّه لجنودها بسوء التصرف ضد الصحافيين الفلسطينيين، لمعرفتها أن الولايات المتحدة ستحميها من أي عقاب دولي جدي.

 وخلال العقدين الماضيين، قتل 19 صحافياً في الأراضي الفلسطينية، مات 18 منهم برصاص يشتبه أنه إسرائيلي، حسب لجنة حماية الصحافيين، وهي مؤسسة الرقابة على حرية الإعلام. ولم يتم التحقيق بشكل كامل في ظروف قتلهم، ولم ينشر الجيش الإسرائيلي نتائج تحقيقه. وفي غياب الشفافية والفحص الذاتي فإن الجيش الإسرائيلي لن يغير، على الأرجح، من سلوكه تجاه الصحافيين الذين يغطون تفاعلهم مع سكان يريدونهم خارج حياتهم.

 ولدى إسرائيل حلفاء أقوياء وتأثير سياسي في الولايات المتحدة، لكن واشنطن لديها بالمقابل تأثير على دولة تدعمها كل عام بحوالي 4 مليارات دولار، ويمكنها عمل المزيد بدلا من التربيت على يد إسرائيل. ويمكنها الضغط عليها لتقبل تحقيقاً يقوم به أف بي آي، أو تحقيقاً آخر.

فيما بعد، عندما ثبت أن التحقيق في مقتل بيرل عام 2003 كان غير مكتمل، ألغت محاكم باكستانية لاحقا أحكاماً ضد متهمين، ولكن كان هناك تحقيق على الأقل. وأرسل رسالة بأن العنف ضد صحافي أمريكي لن يمر بدون محاسبة.

تقول عائلة أبو عاقلة إن الجيش الإسرائيلي هو المسؤول عن مقتل شيرين، وينفي الجيش هذا الاتهام. وبدون تحقيق من وكالة ذات مصداقية، مثل أف بي آي، لن نعرف الحقيقة، وسيظل الصحافيون، حتى من يرتدي منهم ستر الصحافة، هدفاً محتملاً.

(القدس العربي)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: