حسين الرواشدة
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

رسالة إلى وزيرة الثقافة

حسين الرواشدة
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

أخطأت وزارة الثقافة مرتين: مرة حين سمحت بنشر رواية في سلسلة «مكتبة الأسرة :القراءة للجميع «، تحتوي على عبارات فجّة تخدش الحياء العام، ومرة أخرى حين قررت تحت -وطأة الاعتراضات الشعبية – سحب الرواية، بذريعة أن ما جاء فيها « عبارات لا يتقبلها بعض الناس «، هذه العبارة إساءة، أيضا، تضاف لما ورد في الرواية، ليس فقط لذائقة الأردنيين وقيمهم وتقاليدهم، وإنما، أيضا، لوزارة الثقافة نفسها، التي يفترض أن تكون بمستوى الثقافة التي قامت عليها الدولة الأردنية منذ تأسيسها.

ما حدث، لا يمكن أن يفهم في سياق (نشر سهوا )، فالكتب التي يجري فرزها واختيارها، تخضع لمراقبة وتدقيق لجنة تشكلها الوزارة سنويا، وقد حظيت بعضوية هذه اللجنة العام المنصرف ‏، وأعرف تماما كيف تتم العملية بدقة، وبعد نقاشات واسعة، ومع ذلك افترض -جدلا – انه خطأ ما قد حصل، ألا يستدعي ذلك أن تعتذر الوزارة أولا، ثم تقرر فتح تحقيق في المسألة، وتحاسب المسؤولين عنها؟

لم تفعل الوزارة ذلك، بتقديري، لسببين : الأول أن بعض المسؤولين فيها يعتقدون أن ما ورد بالرواية وجهة نظر، تمثل تيار « الوعي « ( لا تسأل من هو هذا التيار؟)، وهي بالتالي إبداع يستحق الاحتفاء، وليس ‏إساءة واضحة تستوجب الرفض والإدانة، ومع ذلك تقرر سحبها من المكتبات والأسواق، لمجرد أن بعض الناس لم يتقبلها، لاحظ اختيار كلمة (بعض)، وكأن في مجتمعنا من يقبل ذلك، ثم لاحظ كلمة (الناس )، وكأن الأردنيين ليس لهم هوية وطنية، ليتم مخاطبتهم بها، صحيح أنهم (ناس ) لكنهم أردنيون ومواطنون أيضا.

أما السبب الثاني، فهو أن بعض الإدارات العامة بالدولة أسقطت من قواميسها مبدأ المحاسبة والمسألة، وخاصة فيما يتعلق بما يصدر عن بعض المسؤولين من إهانة للمجتمع، أو استفزاز له، هؤلاء -للأسف – لا يرون في إهانة المجتمع أي مبرر للاعتذار او للمحاسبة، ويتعاملون معه بمنطق الاستعلاء والاستهانة، ولا استبعد، أبدا، أن بعض المحسوبين على مخازننا الثقافية ‏، يتحركون في سياقات غير مفهومة، تتعارض مع قيم الدولة والمجتمع، بل وربما يعتبرون هذه القيم من مخلفات الماضي، أو من عوائق التقدم والإبداع، ولا يلزم محاسبة من يتطاول عليها.

لا أحتاج، هنا، للتذكير بعلاقة الإبداع الحقيقي (لا المزيف) مع قيم المجتمع الدينية والاجتماعية والإنسانية، وضرورة احترام المثقف لذائقة القراء ومشاعرهم ‏، أو التذكير بحق المجتمع بالدفاع عن منظومة «العفة والحياء العام «، وواجب الدولة حماية ذلك، أريد أن أشير، فقط، لمسألة مهمة، وهي أن ما يحدث من «جرأة « لزعزعة المنظومة الأخلاقية المنسجمة تماما مع المنظومة الوطنية، يتجاوز ما حصل في الرواية التي سحبتها الوزارة، إلى مجالات أخرى تتعلق بمناهجنا التربوية، وممارساتنا في المجال الفني والإعلامي..وغيرها ‏.

هنا، أجد من واجبي تصحيح إحدى الحجج التي يستند إليها البعض عند الاستهانة بردود فعل الأردنيين ضد الترويج لأي ثقافة تتعارض مع العفة والأخلاق العامة، هذه الحجة تتغذى على أسطورة مفادها أن التيارات الدينية توظف الدفاع عن أخلاق المجتمع، و تستخدمه لأغراض سياسية، فيما أغلبية المجتمع لا علاقة لها بهذه الحملات، وهي ليست جزءا منها، هذه حجة غير صحيحة ‏، اغلبية الأردنيين محافظون ومتدينون، ولا يقبلون أن تستخدم فزاعة الإبداع للإساءة إلى الثقافة التي تربوا عليها، أو التي يريدون أن ينشأ عليها ابناؤهم.

بقي لدي رسالة أخيرة، أضعها على طاولة وزيرة الثقافة: بلدنا جزء من هذه الأمة التي تأسست حضارتها، وازدهرت على أساس الدين والعروبة، والباعث الديني جزء أصيل ‏من تاريخنا وثقافتنا، وحاضرنا ومستقبلنا أيضا، وبالتالي فإن احترام الثقافة الدينية وإفساح المجال لها فيما يصدر عن الوزارة من كتب ومهرجانات وغيرها، مسألة في صميم واجباتها، ولا تتعارض، أبدا، مع دعوات تشجيع الإبداع (!)، أو هواجس «تديين « الثقافة، على العكس، تماما، فهي تصب في مصلحة الدولة التي تدعم الخطاب الديني المعتدل، لمواجهة التطرف والإرهاب والانحراف بكل اشكاله، ومن أي «تربة «خرج.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts