عايش لـ “البوصلة”: على النواب عدم التسرع بإقرار “معدل الضمان”

عايش لـ “البوصلة”: على النواب عدم التسرع بإقرار “معدل الضمان”

طالب الحكومة بوقف تدخلاتها وإدخال أطراف جديدة ذات أصوات مرجحة على صوت الحكومة في إدارة الضمان الاجتماعي

عمّان – رائد صبيح

أحال مجلس النواب، في جلسة تشريعية الاثنين، مشروع قانون معدل لقانون الضمان الاجتماعي لسنة 2022، مع إعطائه صفة الاستعجال.

من جانبه طالب الخبير الاقتصادي حسام عايش في تصريحاته لـ “البوصلة” النواب بنزع صفة الاستعجال عن نقاشات النواب، مؤكدًا على ضرورة عدم أي اتخاذ قرارات متسرعة يمكن أن تؤثر على صناديق الضمان والمستفيدين منها.

وقال عايش: علينا في الحقيقة أن نميز بين أمرين فيما يتعلق بتعديلات قانون الضمان الاجتماعي، بين تعديلات ضرورية، وتعديلات تعكس أنّ هناك مخاوف من مستقبل الضمان الاجتماعي.

ولفت إلى أنّ هناك تعديلات تحدث ي كل دول العالم فتعدل في الأنظمة المتعلقة بالضمان بالنظر إلى ارتفاع الكلف والمصادر التأمينية أو الإيرادات ربما تعرضت لمشكلات تتعلق بعدد الموظفين وقدرتهم على تمويل الالتزامات المالية للضمان، وأيضًا بالفرص الاستثمارية التي تكاد تكون واضحة.

إقرأ أيضا: خبير لـ “البوصلة”: بهذه الحالة سيكون “تأمين صحي” الضمان مفيدًا للأردنيين

وأشار عايش إلى أننا في الأردن لدينا 60% من أموال الضمان يتم استثمارها في أذونات خزانة أو في ديون مقدمة للحكومة، بمعنى أنّه لا يوجد فرص استثمارية يمكن أن توفر مزيدًا من الإيرادات.

وتابع بالقول: وعلى هذا الأساس الحسابات الإكتوراية لصندوق الضمان الاجتماعي بالرغم من أنّها مطمئنة الآن، لكنّها معرضة لمشكلات أخرى، خصوصًا مع التحولات الاقتصادية الكبيرة التي من بين نتائجها السلبية، أن فرص العمل ستكون أقل، أو أنّ العاملين سيكون عليهم صعوبات أكبر في تسديد اشتراكاتهم التأمينية.

النأي بالضمان عن مشاكل الحكومة

وطالب عايش الحكومة بضرورة النأى بالضمان الاجتماعي عن “مشاكلها” وبالذات أن لا تتحول أموال الضمان الاجتماعي وخاصة الأموال الاستثمارية بوتيرة متزايدة إلى ديون لصالح الحكومة، لأنّ في ذلك مخاطر تتعلق بتكدس هذه الاموال لدى الجيب الحكومي، وبالتالي قد تكون هناك صعوبات كما تواجه الحكومات صعوبات في ديونها العامّة، بالحصول على ديون لسداد تلك الديون، أخشى أنها تحصل على مزيد من الديون لسداد ديون الضمان الاجتماعي، أقصد ديون من الضمان الاجتماعي نفسه.

الخبير الاقتصادي حسام عايش: يجب تغيير المنظومة الإدارية الحاكمة للضمان بما فيها المنظومة  الثلاثية ووقف تدخلات الحكومة

وأضاف بالقول: من جانب آخر، مع زيادة الكلفة التأمينية التي تتجاوز مليار و200 مليون إلى مليار 300 مليون، أعتقد أنّ هذا الامر يستدعي إمّا تغييرًا في آليات الاستثمار لصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي، والأدوات الاستثمارية، وهذا يحتاج لحصافة كبيرة، ربما لهذه اللحظة لم نرها بالشكل المطلوب، والذي يوفر إمكانيات أفضل للاستثمار، أو الجانب الآخر المتعلق بالنموّ الاقتصادي الذي يتيح مزيدًا من فرص العمل سواءً على مستوى العدد أو الإيرادات والعائد، الأمر الذي يحسن من الإيرادات التأمينية.

إقرأ أيضا: خبير تأمينات يواصل كشف عيوب “قانون الضمان” الجديد.. سيحد من الاشتراك الاختياري

واستدرك عايش: للأسف فرص العمل قليلة، والنمو الاقتصادي منخفض، وبالكاد يستطيع أن يوفر 30 ألف فرصة عمل في السنة، وهذا أمرٌ في منتهى الخطورة.

مشاكل أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار

وشدد على أنّ هناك مشكلات أخرى يجب أن يأخذها الضمان الاجتماعي ومجلس النواب بعين الاعتبار، فالمخاطر البيئية ا ليوم أصبحت جزءًا من التفكير الإداري والمالي وليست مجرد ترف، وهي تأتي من خلال المخاطر البيئية ذاتها، والتي تؤثر على الاقتصاد والشركات والمؤسسات والبنوك والأفراد بشكلها الحالي، ومخاطر متعلقة أيضًا بالتحول نحو أشكال جديدة من الأنشطة الاقتصادية غير الكربونية، ما يعني أنّ الاقتصاد يتأثر من هذه الناحية.

ولفت عايش إلى أنّ الأمر الآخر له علاقة بهذه التحويلات المالية لصالح المستفيدين، في الحقيقة مع ارتفاع كلف التضخم، وزيادة الأسعار، ومع ارتفاع الكلف بشكل عام للاقتصاد، فإنّ الرواتب التقاعدية لا شك أنها لا تفي بحاجة كثيرين، خصوصًا وأن حوالي 60% ضمن هذه النسبة رواتبهم تتراوح بين 300 و400 دينار، وأن أكثر من 85% رواتبهم أقل من 500 دينار، وهذا عائدٌ قليل.

واستدرك بالقول: لكن بالطرف الآخر ونحن نفكر منطقيًا لا يجوز الاشتراك لمدة 20 عامًا وحجم اشتراكاتك لا يتجاوز الـ (10 ألاف دينار)، وهذا حد كبير، ثم تحصل على رواتب تقاعدية تتجاوز هذا الراتب بعشرة أضعاف.

وأضاف، لذلك يجب أن تؤخذ بالاعتبار لجهة تعديل التقاعد، لأنّه في البداية عندما تمّ التفكير بعمر 60 سنة، كان معدل الأعمار ضمن 58 – 60 عامًا بالإجمالي، واليوم نحن نتحدث عن معدل 73 – 74 سنة، وهذا يعني بأن هناك مشكلة بقدرة الضمان على الوفاء بالالتزامات المترتبة عليه.

ولفت عايش إلى أنّه “في جميع الأحوال، فإنّ الضمان ليس مسألة حكومية، فهو مسألة مستقبل المجتمع بكل أطيافه، وبالتالي فإنّ التفكير في تعديل أنظمته وقوانينه على كثرتها، أمرٌ يجب أن يأخذ بعين الاعتبار، الاستقرار وحاجة الناس إلى عائد يكفي للالتزامات المترتبة عليهم، وعليه أن يأخذ أيضًا التزامات المستقبل”.

وتساءل: كيف سيكون الوضع من الآن حتى 5 سنوات، ولا يكفي فقط أن ننظر للفترة الراهنة ونعدل عليها، المستقبل هو المفروض أن يؤخذ بالاعتبار.

رسالة للنواب والأعيان

ووجه عايش رسالة لمجلس الأمة في سياق مناقشة تعديلات قانون الضمان، قائلا: على النواب والأعيان أن لا يتعجلوا باتخاذ قرارات ربما تؤثر على ديمومة الضمان من جهة، وربما تؤثر على المستفيدين من جهة ثانية، أو ترهق المشتركين من جهة ثالثة، وإنّما عليهم أن يخرجوا بخلاصة تؤدي لنتائج تسمح باستدامة الضمان الاجتماعي من جهة، وعدم تحميله تكاليف.

وشدد بالقول: لعلّ ذلك يستدعي تغيير المنظومة الإدارية الحاكمة للضمان بما فيها المنظومة  الثلاثية، بمعنى أنّه آن الأوان لإدخال أطراف أخرى ليكون لها صوت مرجح وليس الصوت الحكومي الذي يكون مرجحًا للقرارات أكثر من صوت العمال والعاملين الذين يحميهم الضمان الاجتماعي.

وقف التدخلات الحكومية السلبية

وأكد على أنه وفي إطار التعديلات أيضًا يجب أن ينظر إلى أمر آخر خطير، فرئيس الوزراء أو الوزارات المختلفة تصدر قرارات بإحالة موظفين على التقاعد، دون استكمالهم للشروط القانونية التي ينص عليها قانون الضمان، وبالتالي تحوّل تبعيتهم للضمان ويتحولون لمتقاعدين يتلقون رواتبهم.

وقال: لذلك آن الأوان أيضًا لكف يد الحكومة عن اتخاذ قرارات تتعلق بتحويل موظفين إلى التقاعد بدون أن يكونوا مستوفين للشروط التي حددها قانون الضمان الاجتماعي.

وعبر عايش عن أسف من أنّ “الحكومة كثيرًا ما تشكو من المتقاعدين مبكرًا لكنها كثيرًا ما تحول موظفين للتقاعد المبكر، وهذا أمرٌ في غاية الخطورة”.

إقرأ أيضا: مطالبات للحكومة برفع يدها عن “مؤسسة الضمان” وحماية حقوق جميع المشتركين

وخلص الخبير الاقتصادي إلى أنّ “الإشكالية في الحكومة من جانبين، الأول في القرارات المخالفة حتى للتوجهات العامة، وإشكالية تتعلق بأدائها الاقتصادي المنخفض الذي لا يؤدي لحماية للضمان من طريق زيادة النمو الاقتصادي وتشجيع فرص العمل وجلب الاستثمارات، ورفع عدد المشتركين بالضمان لتمويل أنشطته المختلفة”.

وختم بالقول: لذلك الحكومة هي المطالبة اليوم بالتعديلات وخاصة ما يتعلق بضرورة تقليل تدخلها في الضمان، أو لتحسين علاقتها بآلية عمل الضمان وهذا أمرٌ في غاية الأهمية.

من الجدير بالذكر انّ الحكومة سحبت “معدل قانون الضمان” بعد ما أثير حوله من جدلٍ كبير، قبل أن تقدمه لمجلس النواب مرة أخرى ليناقش “بصفة مستعجلة”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: