عايش لـ “البوصلة”: هكذا أصبح “يوم الأرض” ملمحًا قويًا للصمود الفلسطيني

عايش لـ “البوصلة”: هكذا أصبح “يوم الأرض” ملمحًا قويًا للصمود الفلسطيني

عمّان – رائد صبيح

تحلّ اليوم الخميس الذكرى الـ47 ليوم الأرض الذي جاء بعد هبة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، ضد سياسات الاقتلاع والتهويد التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي، في الوقت الذي أكد فيه جهاز الإحصاء الفلسطيني أن الاحتلال يسيطر على أكثر من 85 % من المساحة الكلية للأراضي في فلسطين التاريخية، فيما يصرّ الفلسطينيون اليوم على الوقوف والتضحية بدمائهم لمنع المخططات الصهيونية الرامية لتهويد كامل التراب الفلسطيني واستباحة المسجد الأقصى المبارك والقدس.

بدوره أكد رئيس جمعية حق العودة للاجئين الفلسطينيين كاظم عايش في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ حلول الذكرى الـ 47 ليوم الأرض يعطينا ملمحًا مهمًا وقويًا أنّ الشعب الفلسطيني لم ولن يتنازل عن حقوقه في أرضه مهما حاول العدوّ، أن يبتدع من وسائل الاحتلال والقهر، مشددًا في الوقت ذاته على أنّ هذا لا يعني أن الشعب الفلسطيني سيستسلم في لحظة من اللحظات ويسلم أرضه لهذا المحتل.

ويستذكر عايش الذكرى الأليمة بالقول: يوم الأرض كان في عام ١٩٧٦ وصدر قرار نص على مصادرة ما يقارب ٢٠ ألف دونم من منطقة عرابة وسخنين ودير حنا وغيرها فيما عرف بـ “مشروع تهويد الجليل”.

وأضاف أنّ “الشعب الفلسطيني في الداخل لم يقبل بهذا وخرج في مظاهرات عارمة رغم محاولات الاحتلال العارمة منعه، وسقط عددٌ من الشهداء في ذلك الوقت، وأصبح يوم الأرض يومًا للشعب الفلسطيني يحتفل به في كل عام ليؤكد أنه سيبقى صامدًا رغم كل شيء ولن يتنازل عن أرضه”.

رئيس جمعية حق العودة كاظم عايش: الشعب الفلسطيني لن يستسلم وسيبقى في مواجهة هذا المشروع الصهيوني الإحلالي حتى زوال الاحتلال

ما يجري اليوم لا يختلف عن الأمس

وقال عايش: الآن ما يجري في الضفة الغربية لا يختلف كثيرًا عمّا حصل فيما مضى، ويحاول الاحتلال أن يشرعن المستوطنات ويستولي على منطقة (ج) وهو بذلك سيتجاوز الـ (٨٥٪) من أرض فلسطين التاريخية، ولا يبقى للفلسطينيين سوى ١٥٪ من فلسطين رغم أنّ الشعب الفلسطيني خلال سنوات سيتجاوز عدده الصهاينة المحتلين في ارض فلسطين.

وولفت إلى أنّ “هذا طبعًا يذكرنا بالنكبة فحين حدثت كان الفلسطينيون كان بيدهم أكثر من ٩٠٪ من الأراضي، وعندما جاء قرار التقسيم ليعطي الصهاينة ٤٦٪ من أرض فلسطين”.

إقرأ أيضًا: عايش لـ “البوصلة”: جريمة الاحتلال في نابلس نكراء و”سلطة التنسيق الأمني” متورطة

وشدد على أنّ “هذا لا يعني أن الشعب الفلسطيني يستسلم وسيبقى في مواجهة هذا المشروع الإحلالي الذي يريد أن يستولي على الأرض ويطرد السكان، لأنّ هذا أهم إستراتيجية في موضوع الاحتلال الإسرائيلي، ولكنّ الشعب الفلسطيني أدرك هذه المعادلة مبكرًا وهو اليوم مستعد للدفاع عن أرضه وبذل الروح من اجلها مهما بلغ التخاذل الرسمي العربي والتفريط بفلسطين، فكل ذلك لا يعني أن ينتهي الأمر كما تريد الصهيونية للشعب العربي الفلسطيني”.

وأكد على أنّ “الشعوب العربية المسلمة كلها تقف في خندق واحد في موضوع فلسطين والقدس والأرض وبالتالي أعتقد أنه ليس هناك أي مستقبل لأصحاب الأرض المتمسكين بالحق، والمستقبل لمن يدافع ويضحي، وهذا متوفر في الشعب الفلسطيني وهم مستعدون لتقديم أرواحهم بأي لحظة”.

أزمة الاحتلال فأل خير ومشروعهم سيفشل

وعبر عن تفاؤله الشديد بما يجري من تفكيك داخلي لدولة الاحتلال والأزمة التي يعانيها، قائلا: “لم يساورني شك في أن المشروع الصهيوني سيفشل في النهاية، وها هو يتفكك من داخله وكما قال الله سبحانه وتعالى: (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى)، (يخربون بيوتهم بأيديهم)”.

وأكد على انّ المشروع الصهيوني في فلسطين مشروع فاشل لأنه قائم على احتلال أرض الآخر وعلى الظلم، وأتى بلقطاء من أصقاع الأرض ليحلوا مكان شعب متجدر ومتمسك بأرضه، وتحكم علاقته بأرضه عقيدة وليس مجرد مصالح قريبة أو سطحية.

واستدرك عايش بالقول: بالتالي متأكدون من اللحظة الأولى أن المشروع الصهيوني سيفشل، ولكن متى والعوامل التي ستؤدي لفشله، فبعضها بدأ ظهوره على الساحة، وبدأوا يعانون من التمييز الذي مارسوه ضد أنفسهم وسكانهم ومواطنيهم، وهذا كيان ظالم قام على باطل فليس له جذور في الأرض وبالتالي سينتهي، وما يحدث له اليوم هي مبشرات إن شاء الله لتفكك هذا الكيان بدأت تلوح بالأفق.

إقرأ أيضًا: عايش لـ “البوصلة”: ذكرى الانتفاضة تكرس إرادة الشعب الفلسطيني وحقه في التحرر

ولفت إلى أنّ “اليهود هم أحرص الناس على حياة، وبمجرد انفراط عقد الأمن سيهربون، فكل واحد منهم يحمل جنسيتين أو أكثر، وبالتالي هم لن يتحملوا ما تحمله الشعب الفلسطيني من الأذى والظلم والقهر، ولكنّه ما زال يدافع عن حقه”.

وختم عايش تصريحاته بالقول: “أعتقد أن المقدمات بسقوط كيان الاحتلال بدأت منذ زمن، ولكنها اليوم بدأت تأخذ صورًا أخرى وبإذن الله لن يطول هذا الاحتلال وسيكنس من أرض فلسطين”.

“الإحصاء الفلسطيني”: الاحتلال ينهب أكثر من 85 % من أرض فلسطين

من جانبه قال جهاز الإحصاء الفلسطيني إن الاحتلال الاسرائيلي يسيطر على أكثر من 85 % من المساحة الكلية للأراضي في فلسطين التاريخية، مع العلم أن اليهود في عهد الانتداب البريطاني وحتى العام 1947 كانوا يسيطرون فقط على 1,682 كم2 شكلت ما نسبته 6.2% من أرض فلسطين التاريخية.

وأضاف الجهاز في تقرير له بمناسبة الذكرى السنوية السابعة والأربعين ليوم الأرض الذي يصادف غدا الخميس، إن سلطات الاحتلال الاسرائيلي تقوم بإجراءات تهويدية متسارعة في القدس لطمس المعالم الاسلامية والمسيحية وتشريد الفلسطينيين من المدينة وإحلال الاسرائيليين القادمين من شتى بقاع الأرض مكانهم.

وأوضح أن حكومة الاحتلال صادقت خلال العام الماضي على نحو 70 مخططا استعماريا لبناء أكثر من 10 آلاف وحدة استعمارية في محافظة القدس ومحيطها، في حين هدم الاحتلال أكثر من 258 مبنى وأصدرت قرارات هدم لأكثر من 220 مبنى، منها 100 مبنى سكني في حي البستان ضمن سياسة الهدم الجماعي، ما أدى الى تشريد 1,550 فردا غالبيتهم من الاطفال والنساء.

May be art of 2 people

قصة الذكرى

ويحيي الشعب الفلسطيني ذكرى يوم الأرض سنويا وهو اليوم الذي استشهد فيه ستة من الشبان الفلسطينيين بالداخل ردا على قرار مصادرة الاحتلال الإسرائيلي 21 ألف دونم من أراضي الجليل والمثلث والنقب، في 30 آذار عام 1976، حيث أصبح هذا اليوم ذكرى لتخليد وتجسيد تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه ووطنه وتخليدا لشهداء يوم الأرض”.

وشهداء يوم الأرض الخالد هم: خير ياسين من عرابة البطوف، رجا أبو ريا من سخنين، خضر خلايلة من سخنين، رأفت الزهيري من عين شمس، حسن طه من كفر كنا، خديجة شواهنة من سخنين.

وكان الشاب خير ياسين أول من ارتقى شهيدًا بيوم الأرض بمظاهرة خرجت بقرية عرّابة، حينما قمع جيش الاحتلال بقرار من رئيس الحكومة اسحاق رابين هذه المظاهرة، ليشكل إعلان استشهاده إيقادًا لشرارة الانتفاضة، إذ كسرت الجماهير حظر التجول وخرجت في مسيرات توالى فيها سقوط الشهداء والجرحى.

وصباح الثلاثين من مارس/ آذار، ورغم حظر التجول انطلقت في معظم البلدات الفلسطينية مظاهرات غاضبة كانت أهمها في مدينة سخنين، التي سقط فيها ثلاثة شهداء آخرين برصاص جنود الاحتلال وهم: رجا أبو ريا وخضر خلايلة وخديجة شواهنة.

استهداف مستمر

وأشار تقرير جهاز الإحصاء الفلسطيني الى زيادة وتيرة استهداف الفلسطينيين حيث استشهد 19 مقدسيا وأصيب نحو 2,486 برصاص الاحتلال الاسرائيلي خلال العام 2022، كما زاد عدد حالات الاعتقال والتي شنها الاحتلال في محافظة القدس خلال العام نفسه حيث بلغ عدد حالات الاعتقال نحو 3,504 مقارنة بنحو 2,879 حالة في العام 2021 بزيادة بلغت نحو 22%”.

ويبلغ عـدد الفلسطينيين المقدر في العالم في نهاية عام 2022 حوالي 14.3 مليون، يقيم 5.4 مليون منهم فـي دولة فلسطين، وحوالي 1.7 مليون في أراضي 1948، فيما يبلغ عدد الفلسطينيين في الدول العربية حوالي 6.4 مليون فلسطيني، وحوالي 761 ألفا في الدول الأجنبية.

ويبلغ عدد اليهود في فلسطين التاريخية 7.1 مليون فرد، وبذلك تساوى عدد الفلسطينيين واليهود في فلسطين التاريخية مع نهاية العام 2022 بواقع 7.1 مليون فرد لكل منهم.

واضاف، “استغل الاحتلال الإسرائيلي تصنيف الأراضي حسب اتفاقية أوسلو (أ، ب، ج) لإحكام السيطرة على أراضي الفلسطينيين خاصة في المناطق المصنفة (ج) والتي تخضع قضايا الأمن والتخطيط والبناء بالكامل لسيطرة الاحتلال الاسرائيلي، حيث يستغل الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر ما نسبته 76% من مجمل المساحة المصنفة (ج)، تسيطر المجالس الإقليمية للمستعمرات على 63% منها، فيما بلغت مساحة مناطق النفوذ في المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية (تشمل المساحات المغلقة والمخصصة لتوسيع هذه المستعمرات) نحو 537 كم2 في نهاية العام 2022، وتمثل ما نسبته حوالي 10% من مساحة الضفة الغربية، فيما تمثل المساحات المصادرة لأغراض القواعد العسكرية ومواقع التدريب العسكري حوالي 18% من مساحة الضفة الغربية بواقع 1,016 كم2، بالإضافة إلى جدار الضم والتوسع الذي عزل أكثر من 10% من مساحة الضفة الغربية، وتضرر ما يزيد على 219 تجمعا فلسطينيا جراء إقامة الجدار والذي يبلغ طوله حوالي 714 كم، كما قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي منذ 1967 بمصادرة حوالي 353 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية وتصنيفها كمحميات طبيعية تمهيدا لضمها .

واشار التقرير الى ان عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية بلغ في نهاية العام 2021 في الضفة الغربية 483 موقعا، تتوزع بواقع 151 مستعمرة و25 بؤرة مأهولة تم اعتبارها كأحياء تابعة لمستعمرات قائمة، و163 بؤرة استعمارية، و144 موقع مصنف أخرى وتشمل (مناطق صناعية وسياحية وخدماتية ومعسكرات لجيش الاحتلال)، وفيما يتعلق بعدد المستعمرين في الضفة الغربية فقد بلغ 719,452 مستعمرا في نهاية العام 2021.

وتشير البيانات الى أن معظم المستعمرين يسكنون محافظة القدس بواقع 326,523 مستعمرا (يشكلون ما نسبته 45.4% من مجموع المستعمرين)، منهم 239,951 مستعمرا في منطقة (J1) وتشمل ذلك الجزء من محافظة القدس الذي ضمه الاحتلال الإسرائيلي اليه عنوة بعيد احتلاله للضفة الغربية في عام 1967، يليها محافظة رام الله والبيرة بواقع 143,311 مستعمرا، و95,279 مستعمرا في محافظة بيت لحم و50,067 مستعمرا في محافظة سلفيت.

وتعتبر محافظة طوباس والأغوار الشمالية أقل المحافظات من حيث عدد المستعمرين بواقع 2,629 مستعمرا.

وتشكل نسبة المستعمرين إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية حوالي 23 مستعمرا مقابل كل 100 فلسطيني، في حين بلغت أعلاها في محافظة القدس حوالي 69 مستعمرا مقابل كل 100 فلسطيني.

وشهد العام 2022 زيادة كبيرة في وتيرة بناء وتوسيع المستعمرات الإسرائيلية حيث صادقت سلطات الاحتلال على نحو 83 مخطط استعماري لبناء أكثر من 22 ألف وحدة استعمارية في جميع أنحاء الضفة الغربية بما فيها القدس.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: