عربيات: التعليم ليس “توجيهي” فقط وحان وقت الالتفات للمراحل الأساسية

عربيات: التعليم ليس “توجيهي” فقط وحان وقت الالتفات للمراحل الأساسية

عمّان – البوصلة

في الوقت الذي يعترف فيه المسؤولون في وزارة التربية والتعليم في الأردن بـ “مشاكل جوهرية” أصابت العملية التعليمة وعلى رأسها ضعف الطلبة في عدد من المساقات وعلى رأسها اللغة العربية والرياضيات، وارتفاع نسبة الفاقد التعليمي لديهم وغيرها من المشكلات، يدعو مختصون وخبراء تربويون أصحاب القرار لضرورة إعادة النظر في بناء العملية التعليمية من الصفوف الأساسية الدنيا وتقويتها ووضع الخطط العلاجية اللازمة لذلك وعدم الاكتفاء بوضع جلّ الاهتمام فقط بمرحلة “التوجيهي”.

وقالت المستشارة التربوية بشرى عربيات في تصريحات لـ “البوصلة” إنّه يجب على المسؤولين عن التعليم في الأردن الالتفات مرحلة التعليم الأساسي باعتبارها لا تقل أهمية عن التعليم الثانوي و”التوجيهي”، مشددة في الوقت ذاته على ضرورة أن يتم البناء التعليمي وبشكل صحيح من أسفل لأعلى لأنّ المراحل الأولى من التعليم الأساسي ربما تكون أكثر أهمية من التوجيهي.

ولفتت إلى أنّه “ومنذ عشرات السنين، لم يكن إمتحان الثانوية العامة التوجيهي معضلة كما هو عليه في السنوات الأخيرة، حتى إنه صار يُسمَّى بتوجيهي الشخص المسؤول في الوزارة وهو ليس كذلك بالتأكيد أو بالأحرى لا يجب أن يكون كذلك”.  

المستشارة بشرى عربيات: من المسؤول عن هذه المتاهة التي تواجهها العملية التعليمية في كافة مراحلها؟

وقالت عربيات: لو عقدنا مقارنة ما بين التوجيهي وامتحانات البرامج الأجنبية على اختلاف أنواعها، لا نجد إرتباطاً وثيقاً بين الإمتحان والأشخاص، وبصورة أدق، نحن لا نعرف الأشخاص المسؤولين عن تلك الإمتحانات، ذلك لأنها برامج دولية لا علاقة لها بالأشخاص، وبالتالي فإنَّ امتحان الثانوية العامة  الذي كان مضرباً للمثل  لا يقلُّ أهمية عن تلك البرامج، ذلك لأنه برنامج وطني بامتياز، هذا البرنامج الذي عمل على تخريج المسؤولين عن التعليم، في كافَّةِ المواقع.

واستدركت بالقول: منذ بداية العام الدراسي، يتم تأمين غالبية المعلمين لهذه المرحلة ، ناسين أو متناسين المراحل الأساسية الدنيا والعليا، وكأن تلك الفئة ليست من أبنائنا الطلبة، وكأن البناء – أيَّ بناء – يبدأ من الأعلى للأسفل، فهل يُعقل أن نبني الطابق الثاني عشر قبل بناء الطابق الأول؟ وعلى أي أُسس ممكن أن يقوم هذا البناء؟

التعليم الأساسي أكثر أهمية

وشددت المستشارة التربوية على أنّ مرحلة التعليم الأساسي لا تقلُّ أهمية عن مرحلة التوجيهي، بل ربما تكون أكثر أهمية من مرحلة التوجيهي.

وأكدت أنّ هؤلاء الطلبة الذين وصلوا امتحان الثانوية العامة بدون تأسيس حقيقي في جميع المواد بلا استثناء، هم ضحية للإهمال الموجود في الغرف الصفيَّة للمراحل الأساسية، هم ضحية عدم المتابعة من قِبَلِ المسؤولين سواءً بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، أرى أن اختيار المعلمين والمعلمات أكاديمياً وسلوكياً للمراحل الأساسية الدنيا لا يقلُّ أهمية عن بقية المراحل.

إقرأ أيضًا: مستشارة تربوية: “تحفيظ دون تحفيز”.. هكذا تتراجع المنظومة التعليمية باستمرار

ولفتت إلى أنه وقبل سبعة أعوام، أعلن وزير التربية والتعليم آنذاك أن حوالي مئة ألف طالب من الصف الأول حتى الثالث الأساسي، لا يقرؤون ولا يكتبون! هذا العدد من الطلبة سوف يتقدم لامتحان الثانوية العامة بعد سنتين أو ثلاثة! فهل يا تُرى تمت متابعة هؤلاء؟ أم أنهم ينتظرون دورهم في المتابعة أثناء تقديمهم لامتحان الثانوية العامة بعد سنتين أو ثلاثة؟!

ونوهت إلى أنه “مع اقتراب الدورة النظامية أو التكميلية لامتحان الثانوية العامة، نقرأ ونسمع تصريحات كثيرة من المسؤولين للحديث عن الجاهزية لهذا الإمتحان، وكأنها المرَّة الأولى التي يُعقد فيها هذا الإمتحان، كما تكتظ الشاشات بهم للحديث عن هذه الجاهزية، وعن طبيعة الأسئلة، وعن موعد إعلان النتائج، وعن غيرها من الأمور المتعلقة بهذا الإمتحان فقط! ليس أكثر! وربما يكون هناك ذكراً في سياق الحديث لوضع التعليم بشكلٍ عام، ربما!”.

أهمية الالتفات لكافة المراحل التعليمية

وعبرت عربيات عن اعتقادها بأنّ الوقت قد حان لضرورة “الإلتفات لكافة المراحل الدراسية، ليس فقط في تغيير المناهج التي أصابها الضعف في مفاصل كثيرة وعديدة”.

وتابعت حديثها بالقول: ومنها  على سبيل المثال لا الحصر، استبدال الحروف والأرقام في المباحث العلمية، في وقتٍ نحن متأكدين منه من ضعف اللغة الإنجليزية عند غالبية طلبة المدارس الحكومية وعند بعض المعلمين والمعلمات والمشرفين والمشرفات! ذلك لأن الحروف تعبّر عن مصطلحات المفاهيم العلمية باللغة الإنجليزية! الأمرُ الذي يؤدي إلى إرباك وتشويش، ناهيك عن الأسئلة الواردة في نهاية الفصل أو الوحدة، فهي أسئلة مترجمة حرفياً من الكتب الأجنبية، مع تزيينها بأسماء عربية لنقول أننا نعمل على التطوير والتغيير، ولكنها عملية ترجمة ونسخ ولصق فقط!

إقرأ أيضًا: خبيرة تربوية تحذر: أجيالٌ مهدَّدةٌ بفقدان الهوية بعد فقدان اللغة

ووضعت المستشارة التربوية بشرى عربيات في ختام حديثها “رزمة من الأسئلة” أمام المسؤولين ما زالة بحاجة لإجابات جادّة حولها، وقالت: تُرى من المسؤول عن هذه المتاهة؟ ومن المسؤول عن جيلٍ بل أجيال في المراحل الأساسية الدنيا والعليا؟ من المسؤول عن أجيال لا تستطيع القراءة أو الكتابة،  أو حتى الحساب بامتلاك مهارات الحساب بعيداً عن استخدام الآلة الحاسبة، ذلك لأن الآلة الحاسبة أداة لتعطيل التفكير، وربما تكونُ مطلباً في قادم الأيام، نتيجة الترجمة الحرفية لأسئلة المواد العلمية دون دراسة الأرقام!

وأضافت، من المسؤول عن تراجع اللغة العربية بين أبنائنا الطلبة نتيجة اختزال الكتب، ونتيجة عدم إستخدام كثير من المدارس الخاصة كتب اللغة العربية في مدارسهم بحجج واهية؟ ومن المسؤول أمام رب العالمين عن أجيال تمرُّ بها السنين لترى أنها وصلت مرحلة التوجيهي، بدون توجيه؟! مؤكدة في الوقت ذاته أنّ “الأسئلة كثيرة، وللحديث بقية”.

اعتراف رسمي بالفاقد التعليمي وخطط للعلاج

من جانبه أكد مدير إدارة الامتحانات والاختبارات في وزارة التربية والتعليم الدكتور محمد كنانة أن التربية انتهت من تنفيذ المرحلة “قصيرة المدى” من خطة الفاقد التعليمي لطلبة المدارس والتي بدأت منذ سنتين.

وأضاف كنانة في تصريحات إذاعية منتصف الأسبوع الماضي أن التربية بدأت بتنفيذ المرحلة الثانية “متوسطة المدى” من برنامج الفاقد التعليمي في الفصل الدراسي الأول وستستكمل تنفيذها خلال الفصل الدراسي الثاني القادم .

وأشار أن التربية تعمل لإعداد مواد علاجية لبرنامج الفاقد التعليمي في الفصل الدراسي الثاني سيركز على مبحثي اللغة العربية والرياضيات .

وتابع ” سيتم الإعلان عن خطة الفاقد التعليمي للفصل الدراسي الثاني قبل بدء الدوام والتي تم إعدادها وفق خطة محكمة “.لافتا إلى أن التربية مستمرة بتنفيذ البرنامج ولغاية المرحلة “طويلة المدى” والتي تستهدف مبحثي اللغة الانجليزية والعلوم .

وحول ملاحظات أولياء الأمور بشأن تأثير برنامج الفاقد التعليمي على المنهاج الأساسي للطلبة من حيث الوقت أكد كنانة أن التربية تعمل بشكل مستمر على إعادة تصور تنفيذ البرامج العلاجية بما لا يؤثر على المنهاج الأساسي للطلبة.

إقرأ أيضًا: عربيات: تغييبُ العقول تهديدٌ حقيقيٌ لأجيال الشباب والمجتمع

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: