عربيات: تغييبُ العقول تهديدٌ حقيقيٌ لأجيال الشباب والمجتمع

عربيات: تغييبُ العقول تهديدٌ حقيقيٌ لأجيال الشباب والمجتمع

عمّان – البوصلة

قالت المستشارة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة“، إنّ المصادر التي يحصل عليها جيلٌ بأكمله من الشباب على “المواد التي تُغيّب العقل” متعددة وكثيرة، الأمر الذي انعكس بشكلٍ كبيرٍ على ارتفاع نسبة الجرائم الأسرية التي يقف خلفها في أغلب الأحيان من هم في ريعان الشباب، مؤكدة في الوقت ذاته على أنّ الأسرة هي التي تتحمّل المسؤولية بالدرجة الأولى عن سلوكيات أبنائها ومراقبتهم وتقويم سلوكهم حتى لا يوقعوا الأذى على أنفسهم وعلى مجتمعهم.

ولفتت عربيات إلى أنّه انتشرت في الآونة الأخيرة أخبارٌ عديدة تشيرُ إلى جرائم أُسرية، وأخرى غير أُسرية،سواءً داخل البيوت أو الأحياء أو حتى في الجامعات، واللافت في هذه الجرائم أن الفاعل في سنّ الشباب، وكان الأمرُ يُعزى أحياناً إلى تعاطي هؤلاء الشباب للمخدرات.

وتابعت بالقول: “ربما يكونُ هذا أحد الأسباب التي تعمل على تغييب العقل، وغيابه، لكن لو فكَّرنا في الأمر قليلاً، من أين يحصلُ هؤلاء الشباب على هذه المواد التي تُذهِبُ العقلَ وتشلُّ التفكير؟ لا شك أن هناك مصادر يلجأُ لها هؤلاء، فما هي تلك المصادر؟”.

المخدرات والمُسكرات

وأشارت إلى أنّ “أسهل وأسرع طريقة تستهدفُ الشباب هي التسوق عبر الإنترنت لمستحضرات يقال أنها فيتامينات، أو مقوِّي للعضلات، وربما مهدِّئات، أو مواد توصف بأنها تعمل على تقوية الذاكرة في الإمتحانات، ولا يدري هؤلاء أن كل هذه الوسائل تعمل على تغييب العقل، إذ ربما تكونُ أنواعاً من المخدرات!”.

المستشارة بشرى عربيات: الأسرة هي المسؤول الأول والأخير عن تربية الأبناء ومراقبتهم ومنع سلوكياتهم الخاطئة بحق أنفسهم ومجتمعهم

واستدركت عربيات بالقول: لا شك أن هناك فئة أخرى تتعاطى المخدرات بشكلٍ مباشر، دون الحاجة إلى التسوق عبر الإنترنت وغيره، ذلك لأنَّ الشباب العاطل عن العمل مستهدف من أجل الحصول على المال بالدرجة الأولى، ومن أجل أهداف أخرى أيضاً.

إقرأ أيضًا: خبيرة تربوية تطالب بالتصدي لمظاهر “أزمة الأخلاق” في مجتمعنا

ولفتت إلى أنّ هناك مصدرًا آخر يعمل على تغييب العقول، وهو شرب الخمر والمسكرات، لا شك أن هناك قوانين تمنع بيع هذه المواد للمراهقين، ولكن للأسف الشديد لا يوجد من يمنع وصول الخمر إلى هذه الفئة، سواءً عن طريق الأسرة مباشرة، أو عن طريق أصدقاء السوء، وما أكثر هؤلاء.

وقالت عربيات: ولمن لا يعلم، أو لا يريدُ أن يعلم ، فإنّ هناك حفلات يقيمها طلبة المدارس في بيت من البيوت لأحد الأُسر، أو في إحدى المزارع الخاصة، وهي فعلاً حفلات عيد ميلاد أحد الطلبة، لكن للأسف يتخللها شرب الخمر، وقد يتم تقديم هذا المنكر من المضيف أو يحمل كل طالب أو طالبة معهم كمية من الخمر تكفيهم للسهرة! ولا يوجد بالتأكيد رقابة على هؤلاء، ذلك لأنها حفلة خاصة، عيد ميلاد أو تخريج!،فماذا نتوقع من شباب وفتيات تترنَّحُ في حفلات مختلطة؟ وكيف يمكن لهؤلاء بناء المجتمع وعقولهم غائبة؟!

انتشار الهواتف ومسؤولية الأسرة  

أما الأسلوبُ المنتشر وبقوة والذي يعملُ على تغييبِ العقل، هو انتشار الهاتف الخلوي بين أيدي الأطفال والمراهقين دون حسيب أو رقيب، إذ توجد تطبيقات يسهر من خلالها مجموعة من الطلبة كلٌّ في بيته، وهذه السهرات يتخللها لعب لعبة جماعية سواءً على “بلاي ستيشن” أو ألعاب إلكترونية من مواقع مختلفة، بالتأكيد هذا النوع من الألعاب لا يبني، بل يهدم! والأسوأ أن تستمر السهرة لساعات الصباح الباكر، بحجة عطلة نهاية الفصل، مستدركة بالقولك لكن المصيبة تكمن في تغييب عقول هؤلاء بحيث لا يمكن لأيٍّ منهم القيام بعمل مفيد أثناء النهار، ناهيك عن عدم وجود رغبة للدراسة أو القراءة، وبالتالي ينشاُ عن هذه الممارسات جيلاً بل أجيال غائبة العقل، لتقع فريسة سهلة في أيدي كثير من المُغرضين، ذلك لأن الشباب عمادُ الأمم ومنبعُ الهمم، ولذلك هم الفئة المستهدفة لتغييبِ عقولهم!

إقرأ أيضًا: مستشارة تربوية تحذر من “العدوى السلبية” التي تفتك بالمجتمع

وعبرت عن أسفها الشديد أنّ الأسرة هي المسؤول الأول والأخير عن كل ما يحدث، فمن يرضى لابنه أو ابنته السهر إلى وقت متأخر سواءً داخل أو خارج البيت، ومن يسمح لأبنائه أطفالاً ومراهقين،   استخدام بطاقة الإئتمان لشراء ما يريد من ألعاب عن طريق الإنترنت دون أدنى متابعة، “هذا النوع من الآباء ليسو مجرد حيوانات تُنجب ولا تُربي”، على حد وصفها.

كرة القدم وتغييب العقول

وتابعت المستشارة التربوية حديثها بالقول: بما أن الشيء بالشيء يُذكَر، فلا بد من التذكير بوسيلة أخرى تهدرُ طاقات الشباب وتعملُ على تغييبِ عقولهم، وهي الإندفاع وبقوة إلى ملاعب كرة القدم التي تستهلك من طاقاتهم الكثير، وتستنزف من ثروات الأمم الكثير، هذا النوع من تغييب العقل نوعٌ يفسرونه على أنه رياضة وبناء أجسام، وهذه حقيقة، ولكن يجب أن لا يكون هذا على حساب بناء العقل!

“أضف إلى كل ما سبق أسلوب سخيف كان وما زال منتشراً في بعض المدارس الخاصة، وهو يوم ارتداء الزيّ الحرّ وقد يُسمى أيضاً يوم البيجاما، ليأتي الطلبة مرتدين البيجاما، بكافة الموديلات والألوان وللأسف فإن هذه الظاهرة انتقلت إلى بعض الجامعات مؤخراً وانتشرت فيديوهات تؤكد ذلك، فأين هي رقابة الجهات المعنية؟ وإلى أين نحنُ ذاهبون ؟ إذ من المفروض أن صروح العلم تعمل على بناء العقول، وليس تغييبها!”، على حد قول عربيات.

وخلصت عربيات في نهاية حديثها إلى “أن تغييب العقول، وخصوصاً فئة الشباب سيؤدي بالضرورة إلى هدم جيلاً كاملاً وربما أجيال، هذه الأجيال ستكون تائهة، حائرة، لا هدف لها، ولا تعرف أصلاً أنها أضاعت الهدف،ولا تدرك أيضاً أنها ليست على الطريق المستقيم! وبالتالي ستكون فريسة سهلة لأي فكرٍ متطرف، ولأي غاصبٍ يعملُ على احتلال العقول!”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: