عربيات: ستستمر معاناة المجتمع من آثار “الفاقد التعليمي” ما لم تتم معالجته

عربيات: ستستمر معاناة المجتمع من آثار “الفاقد التعليمي” ما لم تتم معالجته

عمّان – البوصلة

رصدت الخبيرة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة” عددًا ممّا وصفته بـ “الآثار الجانبية” التي أثرت بشكلٍ كبيرٍ على أبناء المجتمع الأردني، لا سيما بعد جائحة كورونا وما نتج عنها من مشكلات خاصة فيما يتعلق بـ”الفاقد التعليمي” الذي كانت له آثار خطيرة على الطلاب والعملية التعليمية والمجتمع برمته، وما ارتبط به من “آثار جانبية” أخرى مرتبطة بمنظومة القيم والأخلاق في المجتمع وتراجعها.

وقالت عربيات: “يعتقدُ كثيرٌ من الناس أن عبارة آثارٌ جانبيَّة تقتصرُ فقط على استخدام دواءٍ معيَّن، وخصوصاً إذا كانت المدة طويلة، وهذا ما يخطر على بال أي إنسان إذا سمع هذه العبارة، لكني رأيتُ أنها عبارةٌ شاملةٌ لكثيرٍ من الأمور في حياتنا العلمية والعملية، لكنِّي سوف أركِّز على الآثار الجانبية التي أصابت العملية التعليمية وبعض الآثار الجانبية التي أصابت بعمق المنظومة التربوية الأخلاقية”.

وأضافت بالقول: “نعلمُ جميعاً ما ترتَّبَ عن جائحة كورونا من إغلاقات، والتي أثَّرت بشكلٍ مباشر على أبنائنا الطلبة، وظهرَ مصطلح الفاقدُ التعليميّ الذي لم يكن وهمياً، بل شعرَ به جميع الناس من فئات المجتمع المختلفة، سواءً داخل البيوت، أو في المدارس والجامعات، إضافةً إلى الفاقد السُّلوكي والتربوي والأخلاقي المنتشر في المجتمع  منذ سنوات بكل ما تعني هذه الكلمات من معاني”.

المستشارة التربوية بشرى عربيات: الآثار الجانبية نتيجة حتمية للفاقد التعليمي إذ لا يوجد تعليم دون تربية

إقرأ أيضًأ: خبيرة تربوية تحذر من “عناكب الجهل” وتطالب بمواجهتها بـ “نشر الوعي”

الفاقد التعليمي

وأضافت عربيات: لنبدأ بالفاقد التعليمي الذي لم يتم تعويضه حتى الآن، وإن كانت هناك محاولات متواضعة، سواءً من خلال طباعة كُتيِّبات تمَّ توزيعها على طلبة المدارس الحكومية وبعض المدارس الخاصة الملتزمة بقرارات وزارة التربية والتعليم، لكن المشكلة تكمن في آليَّةِ التطبيق.

وتساءلت: “هل يا تُرى تمَّ تعويض الفاقد التعليمي؟ وهل كانت هناك أوقات خارج الحصص الصفِّيَّة لتعويض هذا الفاقد؟ وهل تمَّ أصلاً إنهاء مناهج الفصل الدراسي من هذا العام أو العام الماضي؟ للأسف الشديد، لا!”.

إقرأ أيضًا: العنفُ الجامعيّ يطفو للسطح مجددًا.. لماذا غابت لغة الحوار؟

وتابعت بالقول: “ذلك لأن ما نسمعه وما نراه من مشاهدات دليل واضح على عدم تعويض الفاقد التعليمي، وعلى عدم إنهاء المنهاج المقرر لعامٍ ونصفٍ مضت في كثيرٍ من المدارس الحكومية والخاصَّة واقتصر التعليم على مرحلة الثانوية العامة، وكأنَّ التعليم فقط توجيهي!”.

وأضافت عربيات: ألا يدرك هؤلاء المعلمون أنَّ عدم إنهاء المناهج سيكونُ له آثار جانبية في قادم الأيام والأعوام؟ ألا يدرك أصحاب تلك المدارس التي قصَّرت بحقوق الطلبة أن هذا التقصير ستكونُ له أيضاً آثاراً جانبية على نوعية التعليم؟!

تثبيت التوقيت الصيفي

ولفتت عربيات إلى أنّ هناك أمرًا مهمًا جداً نشأَ عنه آثارٌ جانبية، وهو تثبيت التوقيت الصّيفي في فصل الشتاء، فكان الأثرُ الأول في تمديد عطلة ما بين الفصلين لتصبح خمسة أسابيع تقريباً باستثناء المدارس التي تقوم بتدريس البرامج الأجنبية.

وأشارت إلى أن هذا القرار كان حكيماً، كي لا  يتعرض طلبة المدارس الحكومية تحديداً لمخاطر الطريق خصوصاً في الصباح الباكر، وفي المساء للمدارس ذات الفترتين، لكنَّ الريَّاحَ جرَت بما لا تشتهي السُّفُنُ، فجاء الجوُّ صحواً دافئاً في شهر العطلة، وظهر الأثرُ الجانبيّ الثاني عند عودة الطلبة لدوام الفصل الدراسي الثاني، فما إن بدأَ الفصل الثاني وداوم الطلبة يومين فقط !!، دخل منخفضٌ جوِّي من أصلٍ قطبيّ، فتقرر تعطيل المدارس حفاظاً على صحة الطلبة بالتأكيد، لكن لا أحد يمكنه أن ينكر أنه سيترتب على ذلك آثار جانبية تزيد من فجوة الفاقد التعليمي، بل ربما تزيد من عدم رغبة الطلبة على النهوض صباحاً والذهاب إلى المدرسة في قادم الأيام بعد انتهاء موجة الثلج، وبالتالي ستظهر آثار جانبية سلبية في العملية التعليمية!

إقرأ أيضًا: “توجيهي بدون توجيه”.. هكذا أفرغت المرحلة الثانوية من مضمونها الحقيقي

وختمت حديثها بالقول: لا بدَّ أن نشيرَ أيضاً إلى الآثار الجانبية التي أصابت كافة شرائح المجتمع في الجانب الأخلاقي والسلوكي والتربوي، موضحة أن ذلك يظهر من خلال العديد من الممارسات السلوكية أثناء استخدام الطريق، وفي الأسواق التجارية، وعند قيادة السيارات، والأسلوب المستفزّ لاستخدام الهاتف الخلوي.

وعبرت عن أسفها الشديد من أنّ هذه الآثار نتيجة حتمية للفاقد التعليمي إذ لا يوجد تعليم دون تربية، ولا توجد تربية دون تعليم، فكما يقال أن المقدِّمات الصحيحة تؤدِّي إلى نتائجَ صحيحة، فإذا غاب التعليم، غابت التربية، والعكسُ صحيح، لذلك علينا جميعاً أن نتنبَّه للأخطار الناتجة عن ما فقدهُ أبناؤنا الطلبة من تعليمٍ وتربيةٍ وسلوك، ذلك لأنَّ هناك آثاراً جانبية لا ينفعُ معها طبٌّ ولا دواء، كما أن هناك آثاراً جانبيَّة مجتمعية لا ينفعُ معها حجرٌ ولا لقاح!

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: