“عرس” بنكهة القلق وسرطان الصناديق والشغب يضرب “هيبة الدولة”

“عرس” بنكهة القلق وسرطان الصناديق والشغب يضرب “هيبة الدولة”

عمّان – البوصلة

رغم إعلان الأمن العام إنهاء جميع مظاهر الشغب والاحتجاج؛ إلا أنّها استمرت في عددٍ من محافظات المملكة عبر قطع الطرق وتخريب الممتلكات العامّة وحرق بعض المرافق، في مشهدٍ أثار استياءً واسعًا ممّا تشهده “أعراس الحكومة الديمقراطية” التي وصلت حدّ “الإعجاز” في ترتيباتها بحسب مسؤولين عنها.

“الشغب”، و”الفرح” المبالغ فيه ضربا هيبة الدولة التي أكدت مرارًا وتكرارًا أنّها مستعدة لكافة السيناريوهات وفرض الأمن وسلطة القانون على المخالفين؛ الذين اعتاد الأردنيون “إفلاتهم من العقاب”، على الرغم من أنّ “عصا الدولة الغليظة” حاضرة للمعارضين والنشطاء حد ملأ السجون ليس بالمجرمين بل “بالمعلمين” ومنع الإفراج عنهم إلا بكفالات فلكية وصلت لأرقامٍ خيالية.

“هيبة الدولة” تفرض على الحزبيين والنقابيين والنشطاء ومؤسسات المجتمع المدني، فيما يفلت “فتى الشغب المدلل”، و”فتى إطلاق رصاص الفرح المدلل” عادة من عقاب الدولة، فأيّ هيبة تتركها الحكومة بنفوس الأردنيين تجاه ما يجري على الأرض، فلا ديمقراطية عادلة تسمح بتنافسٍ حرٍ شريف للجميع، ولا عقابٍ عادلٍ يطال جميع المخالفين، وإن كانوا من “مدللي الدولة” وأبنائها المقربين، أم أنّ “العين الحمراء” حاضرة فقط لـ “قوى الشر المؤدلجة بالسواد” بحسب مراقبين.

إعادة تشكيل ديمقراطية الفجأة والمناسف

هذه المشهد دفع الوزير الأسبق الدكتور بسام العموش إلى إعادة تقطيع وزن الديمقراطية وموسيقاها في بلدنا وفصل حروفها عن بعضها البعض لتعبر عن حقيقة ما يجري من أحداث مؤسفة على الأرض بعد كل مشهد انتخابي فهي بنظره (دي…..مو…..قراطية) بين قوسين وللقارئ أن يفهم معناها.

ويضيف العموش: إن الديمقراطية عند المتعاملين بها جديا” حزمة متكاملة : تنافس شريف قانوني . برامج تنبع من حاجات المجتمع والدولة …تداول سلطة …من يفوز يحكم …من يخسر يعارض .. وكلاهما يؤكد على مصلحة الوطن .

ويتابع حديثه، “ديمقراطية تقوم على تنافس البرامج وليس العشائر، ديمقراطية نهج وليست خطابات،  ديمقراطية تصويت قناعة وليس بيع أصوات.  ديمقراطية لا يتبعها إطلاق نار ولا حرائق ولا تخريب ولا تكسير. وبناء الدولة عمل تراكمي ولهذا يعلو البنيان . ديمقراطية يسير فيها الناس عبر تعليم مدرسي وجامعي ومدرسي وإعلامي ومنزلي.  ليست ديمقراطية الفجأة ولا ديمقراطية المناسف . ديمقراطية لا تتلاعب بها الجهات المسؤولة ، تحارب من لا تريد فتسقط معارضيها وتوصل مطيعيها ومطبليها.  ديمقراطية ليس فيها صرف المبالغ الطائلة ، وليس فيها  استغلال البطون الجائعة ولا البطون الطامعة”.  

ويؤكد أنها ديمقراطية نظيفة لا تتلاعب بها أصابع من وراء حجاب، ما يجري في بلاد العرب لا يمكن تسميته ديمقراطية بل هو : دي…..مو…..قراطية، على حد وصفه.

وأضاف “اذا أردتم الخير انسوا هذا الجيل كله من حكومة ونواب وأحزاب وراهنوا على جيل بعد ربع قرن تربونه من نعومة أظفاره على الديمقراطية الصحيحة،  وليس ربع القرن بفترة طويلة ، وأخذنا استراحة من ( دي….مو….قراطية) خير للبلد ومستقبله لان الطريق الصحيح لا يحتاج أن نضحك على أنفسنا بل علينا محاربة سرطان الصناديق الحالية لنصل إلى صناديق نفتخر بها”.

نكهة الخوف والقلق

بدوره تساءل الإعلامي حسن الشوبكي لعيون من؟  لماذا كل هذا العنف؟ لماذا الخروج على القانون؟  لماذا يتكاثر الملثمون بعد دقائق من نتائج أي انتخابات لدينا؟ لماذا يحرقون البلديات والشوارع والميادين؟  لماذا نضطر آلى إخلاء المرضى من مستشفى بشمال البلاد بسبب كثرة الغاز المسيل للدموع.. تفريقا للغاضبين؟

ويتابع تساؤلاته بالقول: لماذا تضطر قوات الامن والدرك منذ اغلاق الصناديق وحتى ساعات الفجر الى ملاحقة مثيري اعمال الشغب في عمان والزرقاء ومادبا واربد وجرش وباقي المحافظات ؟

ونوه إلى أن الشباب الذين تستهدفهم الندوات والورشات والأوراق ليشاركوا وليكونوا أدوات التغيير .. يغرر بهم وتشترى ذمم بعضهم ، ويتلاعب اصحاب المال الاسود بعوزهم وفقرهم وبطالتهم ، ويدفعونهم لممارسة أبشع أشكال التعصب  ، ثم حرق المشهد ، وصولا الى الاعتقال على يد الامن ؟ لماذا ؟ 

 وتساءل لماذا يصر البعض على أنه عرس؟ عرس بنكهة القلق والعبث والخوف؟

وقال الشوبكي: لماذا ينفلت حملة السلاح  ، ليملأ رصاصهم السماء من فوقنا  ؟ مرشحهم العبقري الذي ” انتصر ” في المعركة لا يستحق رصاصة واحدة  ! وسيعلمون قريبا أنه ليس لهم بل لذاته ولمصالحه !

وعبر عن أسفه: حزين جدا على بلادي وشوارعها وناسها .. حزين على ليلة بشعة ومرعبة دفع ثمن عبثها للأسف رجال الامن والاهالي الذين تم ترويعهم والمرضى الذين تم تشريدهم لعيون هذا المرشح او ذاك ممن يتلاعبون بالتركيبة الاجتماعية وبالضمائر وبسلامة البلاد وأمنها  !

وختم بالقول: إجابة ” لماذا”  .. ليست مطلوبة من الشاب الملثم ولا من المرشح الفاسد ؟  إنها موجهة لكل من يسمح بحدوث هذه الجرائم وتكرارها في كل موسم انتخابي  .. أو موسم فتنة !

استعادة الدولة لشعبها

من جانبه قال الصحفي علي سعادة في تعليقه على المشهد: لسنا بحاجة إلى تطوير منظومة سياسية ولا ورش اقتصادية ولا إلى مبادرات، فقط ، نريد استعادة الدولة لشعبها الذي بدأت تفقده على وقع حكومات وأشباه رجال دولة وطبقة من “الفساد القانوني” إداري ومالي، وكتاب يبحثون عن دور مستشار لا يستشار، وصحافة مسلوبة الإرادة تتقن صناعة الوهم ولعب دور الحاوي في خداع المواطن وجلبه إلى غرفة نوم الحكومة وهو مغلوب على أمره.

وختم حديثه بأن الشباب لم يشاركوا في “عرس الديمقراطية”، بعضهم، للأسف، أحرق إطارات وحاويات قمامة، وأشعل الحرائق، ربما ليس غضبت لخسارة مرشحه، وإنما غضب من الشهادة الجامعية المعلقة في صالون بيته التي أصبحت نقمة عليه، فهي لا تسمن ولا تغني من جوع!

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: