علي محمد فخرو
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

في مواجهة التضليل الإعلامي

علي محمد فخرو
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

لو أن غوبلز، وزير الإعلام في النظام الألماني النازي بعث من جديد لقال لنفسه: كم كانت ماكنة إعلامنا ودعايتنا بدائية لو أننا قارناها بمثيلتها في الزمن الحالي. ذلك أن وسائل التضليل والتلاعب بعقول البشر قد تطورت بصورة مذهلة وأصبحت تمثل نمطا تواصليا له أسسه النفسية والتضليلية التي يقوم عليها وله منهجيات تطبيقية لا حصر لها ولا عد.

استمع لمحطات الراديو وشاهد محطات التلفزيون واقرأ الصحف اليومية المطبوعة أو الإلكترونية وتابع ما يدور في شبكات التواصل الاجتماعي، سواء المحلية منها أو الإقليمية أو الدولية، لتقتنع بأن هناك أصولا وفنونا وسيركات بشرية مسلية تكون فيما بينها مدرسة قائمة بذاتها: مدرسة التضليل الإعلامي العصرية.

 ما يهمنا هو أن يعي شباب وشابات الأمة من المناضلين والمناضلات السياسيين أساليب التضليل حين يندمجون أو يشاركون في مختلف ساحات الإعلام. لنذكر بعض الأمثلة. في الصحافة أبرز الكذب في عناوين كبيرة لإبراز أهمية الخبر أو التعليق الكاذب في ذهن القارئ. ومن أجل تبرئة الذمة ضع في الصفحات الداخلية تكذيبا أو تعليقا متواضعا يحمي الصحيفة من المساءلة ولكن لا يصحح الانطباع الأول. والنتيجة هي أن يشرب أغلب القراء سم الكذب وينشروه.

وإن أردت إبعاد الناس عن الاهتمام بوضع بائس أو فضيحة لا تشرف نظاما فما عليك إلا الإلهاء عن طريق التركيز على هوامش الموضوع أو إضافة قصص تافهة من حوله. وهكذا سيضيع الموضوع الأصلي بينما ينشغل الناس بالثرثرة الملهية.

وإذا كنت تريد أن تبدو محايدا ومعنيا بإبراز الحقيقة فاعقد جلسة تلفزيونية فيها متحدث بارع يدافع عن وجهة النظر التي تريد تمريرها وفيها متحدث ضعيف مشتت التركيز يدافع عن وجهة النظر الأخرى التي تريد أن ينساها الناس.

ومن أجل إلحاق هزيمة بأي مجادل حامل لوجهة نظر مخالفة لما تريده السلطة أو مؤسسات المصالح الفئوية المشترية لوسائل الإعلام يلجأ بعض الإعلاميين إلى ما يعرف «بتكتيكات الينسكي» المكيافيلية القائمة على ممارسة الكذب وعدم الاعتراف بالقيم الأخلاقية الحاكمة لممارسة النقاش.

وهي تكتيكات كثيرة، من أبرزها: الترديد أثناء النقاش بأن أفكارك هي السائدة والحديثة بينما أفكار خصمك هي خشبية تجاوزها الزمن. مثال على ذلك ما يسمعه الناس الآن من بعض الكتبة أو المحاورين من أن الفكر العروبي القومي وشعاراته الشهيرة ما عادت صالحة لأزمتنا الحالية. أو وضع خصمك في النقاش في موضع الدفاع عن النفس عندما تلفق كل الاتهامات بشأن نفاقه السياسي أو تعصبه المذهبي أو القبلي. أو الاستهزاء بمن يجلس أمامك لإظهاره كإنسان مجنون أو متطرف أو متدين مهووس أو لديه رغبات جنسية مخجلة. وفي كل ذلك تستعمل الكلمات الشعبية السائدة من أجل إثارة المخاوف الغوغائية الشعبوية، وهي كلمات كثيرا ما تعبر عن انحيازات عرقية أو ثقافية أو دينية.

واليوم، وبعد أن أصبح التواصل الاجتماعي الوسيلة الإعلامية الأهم والأكثر انتشارا، فإننا نجد أنفسنا أمام وسائل تضليل جديدة. لقد انتشرت التعليقات المستفزة الهادفة إلى تشتيت الانتباه أو الدفع نحو اليأس، وكثرت التعابير العنصرية الفجة، أو وسائل الهيمنة على النقاش من خلال الادعاءات الكاذبة بامتلاك الحقيقة أو الأخبار السرية الصحيحة. بعض هؤلاء يقرأون أو يكتبون جملا معدة لهم سلفا من قبل جهات مشبوهة تظهرهم وكأنهم هم العقلاء المعتدلون وأصحاب الحجج المتوازنة بينما يتهمون خصومهم بكل أنواع الانتماءات السياسية أو الثقافية الملفقة.

 موضوع التضليل الإعلامي أصبح موضوع كتب ومجلدات، بعد أن أصبحت وراءه جهات استخباراتية أو مصالح كبرى، وبعد أن صار أحد أهم ساحات التنافسات والصراعات الدولية. الكل يريد الاستيلاء على عقول الناس ومشاعرهم وأرواحهم.

مطلوب من شباب وشابات الحراكات السياسية العربية، المنظمة أو العفوية، أن يعوا موضوع التضليل الإعلامي بكل جوانبه لأن بعض الجهات ستستعمله في مواجهة أحلامهم وطموحاتهم والشعارات التحررية التي يطرحونها.

الشروق المصرية

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts