المحامي مصطفى محمد نصرالله
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

قراءة قانونية لمشروع قانون حقوق الطفل

المحامي مصطفى محمد نصرالله
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:


قبل البدء بدراسة مشروع قانون حقوق الطفل، لابد من التوافق على مجموعة من المحددات والقواعد العامة لبدء نقاش متوازن وهادئ، بغية الوصول إلى نتيجة إيجابية وتحقيق الهدف الظاهر المرجو من القانون، بما يكفل حفظ حقوق الطفل مع عدم المساس بحقوق الأسرة والمجتمع، وسيتم مناقشة الموضوع وفق المحاور التالية:
المحور الأول: المنطلقات والمحددات:


أولاً: تجدر الإشارة إلى كون القانون موضوع الدراسة ما يزال في مرحلة النقاش بوصفه مشروع قانون، وبالتالي فإنه يبقى محلاً للبحث والنقاش والتعديل حتى يتم إقراره وفقاً للطريق التي رسمها الدستور، وإلى أن يستقر مشروع القانون على ما يتم من تعديلات ويصبح محلاً للتنفيذ.
ثانياً: من غير المقبول لأي جهة احتكار الرأي القانوني، وادعاء أحقيتها دون سواها في طرح الرأي القانوني واعتماده، ورفض حق الغير في طرح تصوراته وآرائه القانونية.
ثالثاً: انطلاقاً من الدور الأساسي والمهم الذي يهدف مشروع قانون حقوق الطفل إلى تحقيقه، ونظراً للأهمية الكبرى التي يحظى بها الطفل من مختلف الأطراف في المجتمع الأردني، فيجدر التنبيه إلى ضرورة تنظيم حوار يجمع كافة الأطراف المعنية والاستماع لتوصياتها ومقترحاتها؛ للوصول إلى مشروعٍ ناضجٍ للقانون وتحقيق الغايات التي يهدف لها في ظلّ تقبّل مجتمعيّ له، ومن هذه الأطراف على سبيل المثال لا الحصر: (نقابة المحامين، مؤسسات رعاية الطفولة والأسرة، عمداء وأساتذة الحقوق في الجامعات الأردنية)، وغيرهم من مؤسسات المجتمع.
رابعاً: مع التقدير للدور المهم الذي تقوم به اللجنة القانونية في مجلس النواب، إلا أنها مطالبة بدعوة أصحاب الرأي والفكر والتخصص، ومناقشة آرائهم وتصوراتهم لمشروع القانون، للوصول إلى مقترحات بناءة تتناسب مع طبيعة المجتمع الأردني ونظامه العام.
خامساً: لا يختلف أصحاب الرأي والاختصاص القانوني على أن مشروع قانون الطفل محل النقاش، يعدّ امتداداً لاتفاقية سيداو التي ثار خلاف كبير حولها في المجتمع الأردني، وما تزال محل نقد لما تضمنته من مواضيع تخالف طبيعة قيم المجتمع الأردني.
سادسا: يشكل مشروع القانون تعارضاً واضحاً وتجاوزاً لقانون الأحوال الشخصية، الذي أناط به المشرع معالجة قضايا الأسرة بجميع مكوناتها؛ حيث يحفظ للطفل حق الرعاية والنفقة والتعليم، ويكفل للأبوين حقوقاً متوازيةً مع واجباتهم تجاه الأبناء في التربية والتوجيه والإرشاد، والمتتبع لقانون الأحوال الشخصية يجد أن جميع أو جلّ ما طالب به مشروع قانون حقوق الطفل، مُتضمّن بشكل واضح وصريح في قانون الأحوال الشخصية.
سابعاً: تجدر الإشارة إلى أن قانون حقوق الطفل بعد استكمال إقراره سيصبح هو الأولى بالتطبيق في المواضيع المتعلقة بحقوق الطفل استناداً إلى القاعدة الفقهية والقانونية (العام يقيد الخاص)، ولن يكون لعبارة (استناداً إلى أي قانون آخر) التي وردت في القانون قوة في تقييد القاعدة القانونية المذكورة في حال تعارض مواد قانون حقوق الطفل مع أي قانون آخر.


المحور الثاني: ملاحظات على القانون

بتتبع المنطلقات السابقة فإننا نغدو أكثر اطمئناناً وثقةً حول إمكانية الوصول إلى القانون الأفضل الذي يحقق مصلحة الطفل وفق ما يسعى له المشرع، وبعد ما تمّ بيانه يمكن طرح بعض الملاحظات على مشروع القانون:

  1. خلا مشروع القانون من باب التعريفات التي يُرجع إليها في توضيح مصطلحات القانون ويزيل عنها الغموض الذي يُسهّل عمل القضاة والقانونيين والمحامين عند تطبيق القانون، ومن الضرورة بمكان أن يفرد في مشروع القانون باب للتعريفات يساعد في قراءة المصطلحات القانونية التي قد يكون لها أكثر من معنى ويختلف في تفسير معناها الأشخاص، فيكون باب التعريفات هو المرجعية والضابط للجميع عند تطبيق القانون، ومن هذه المصطلحات التي تحمل أكثر من معنى:
  2. ورد في نص الفقرة (ب من المادة 5) مصطلح “تخدم الحرية”، إلا أنّه لم يتمّ بيان المقصود في الحرية للطفل، وما هو معيار الحرية المعتمد، وما هي جوانب وضوابط هذه الحرية التي يُطالَب بها مع الاحتفاظ بخصوصية الأسرة، وبما يتوافق مع طبيعة المجتمع الأردني.
  3. وردت في الفقرة (أ من المادة 7) عبارة “التعبير عن رأيه سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة أو الفن أو بأي وسيلة أخرى”، ويظهر من استقراء هذه العبارة أن النص بحاجة إلى ضبط من خلال تعريف مفصل لبعض المفاهيم، كمفهوم التعبير عن الرأي مع بيان ضوابط وحدود هذا المفهوم.
  4. يجدر بيان ماهية المعلومات الضرورية التي يحتاجها الطفل وفقا لمصطلح “طلب المعلومات” الذي ورد في (الفقرة ج من المادة 7)؛ حيث إنه من المهم تحديدها وتعريفها بما يضمن حصول الطفل على المعلومات التي تهمه في تعليمه وشخصيته، بما لا يتعارض مع الدين والقيم وأخلاق المجتمع، وبما يحفظ عدم تعريض الطفل لمشاكل قانونية في حال حصوله على معلومات تمس أمن الوطن.
  5. وردت في الفقرة (أ من المادة 8) عبارة “احترام حياته الخاصة”، ومن الضروري وضع تعريف واضح لهذه العبارة درءاً لأي مشكلة مستقبلية في تنفيذ هذا النص.
  6. ما ورد في الفقرتين (أ و ب من المادة 24) حول “الحق في المساعدة القانونية والتمثيل القانوني”، وهنا تظهر إشكالية مهمة حول مدى أحقية وإمكانية توقيع وكالة للمحامي من قبل الطفل، علماً بأنه لا يتمتع بأهلية التوكيل وفقاً لما هو منصوص عليه في القانون المدني.
  7. ورد في (الفقرة أ من المادة 18) عبارة “الحق في المشاركة في التجمعات والنوادي”، على المشرع أن يوضح من خلال باب التعريفات ما هي طبيعة الأندية التي سيسمح للطفل بالانضمام لها في ظل تنوع الأندية المرخصة والكثير منها لا يناسب أعمار الأطفال.
    المحور الثالث: توصيات لصاحب القرار
    إن ما سبق يوجب على المشرع وضع باب للتعريفات؛ لتجنب الإشكالات المستقبلية التي تظهر من خلال التطبيق العمليّ للقانون أمام القضاء والمحاكم الناشئة عن عدم وضوح النصّ و/أو غموضه و/أو تعارضه مع غيره من النصوص القانونية.
    وبالانطلاق من الدور المهم للقوانين الناظمة لحياة الطفل ومساسها المباشر بفئة واسعة من المجتمع، فإنه من الضروري أيضا أن تسعى الحكومة التي قدمت مشروع القانون إلى طمأنة الشارع العام حول الأسباب الموجبة لهذا القانون وبيان مدى الحاجة الفعلية له، وما إذا كان يوجد نقص تشريعي لا يكتمل إلا بإقرار هذا القانون.
    ونشير هنا إلى أن للمجتمع الأردني الحق في إظهار التوجس والخوف من مشروع القانون في ظل ما صدر من تصريحات حكومية عن الأسباب الموجبة للقانون، حيث نشر في جريدة الغد العدد (6347) بتاريخ (19/4/2022) تصريح لوزير التنمية الاجتماعية حول الأسباب الموجبة لإقرار القانون، وصفها فيه بكونها “دفعة قوية بخصوص التزامات الأردن الدولية، لا سيما أن الأردن قد صادق على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل عام 2006 “، وكذلك أوضح الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة “أن القانون جاء ترجمةً لاتفاقية حقوق الطفل”، ويظهر من خلال تأكيد التصريحات الصادرة عن شخصيات رسمية أن الدافع لتقديم مشروع القانون هو الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
    ونرى في هذا المجال، أنه لا يوجد ضرورة لقانون مستقل يعالج المسائل المتعلقة بالطفل نظراً لوجود عدد كافٍ من القوانين التي تناولت حقوق الطفل ورعايته واحتياجاته ومنها: (قانون الأحوال الشخصية، قانون الأحداث، قانون حماية الأسرة، القانون المدني وقانون رعاية الطفولة)، وغيرها من القوانين التي غطت في ثناياها معظم ما جاء في مشروع القانون.
    ورغم تأكيد الحكومة تحفظها على بعض مواد اتفاقية حقوق الطفل، ومنها المواد (14، 20، 21) لمساسها بقيم وأخلاق المجتمع، وأن التحفظ تمّ بموجب قانون، وذلك في تصريح صادر عن وزيرة الدولة للشؤون القانونية، إلا أن إحدى النقاط التي تثير التخوف لدى المواطنين والقانونيين هو عدم التوضيح فيما إذا كان يمكن سحب التحفظ من قبل الحكومة، بموجب خطاب ترسله الى الأمين العام دون علم أو موافقة أي جهة أخرى على السحب، لذلك فمن الضرورة النص على عدم إمكانية سحب التحفظ إلا بعد الموافقة على ذلك من قبل مجلس الأمة بموجب قانون.
    ويجب التنويه إلى أن التخوف الذي نشهده لدى فئات عديدة في المجتمع الأردني من إقرار مشروع القانون، يعكس اهتمامها الكبير بالطفل وحقوقه؛ فهي لا ترفض مشروع القانون بكليته، وإنما ترى ضرورة إعادة النظر في بعض مواده لما تنطوي عليه من تعارض مع دين الدولة ودستورها، ولمساسها بقيم المجتمع وتماسك الأسرة الأردنية التي تشكل أساس المجتمع، مع التأكيد على الدور المهم الذي أوكله الدستور للقانون في حفظ كيان الأسرة الشرعي وتقوية أواصرها وقيمها.
    وبالنظر إلى أن المجتمع الأردني الذي تسعى جميع فئاته إلى تحقيق المصلحة المثلى للطفل لا يمكن تجزأته، واستنادًا إلى ما كفله الدستور من حق لجميع المواطنين في إبداء آرائهم بحرية والمساهمة في الحياة السياسية والاجتماعية، فإننا نرى ضرورة عدم التعجل في إقرار مشروع القانون والعمل الجاد مع مكونات المجتمع المهتمة لإعادة دراسة مشروع القانون للوصول إلى قانون تتبناه غالبية المجتمع ويحقق مصلحة الطفل المرجوة.
    وللوصول إلى قانون يحقق المصلحة الفضلى للأسرة الأردنية وفق قيمها الدينية والأخلاقية، وينسجم مع دين الدولة المحدد بالدستور بدين الإسلام، ويكون موافقاً للدستور الأردني والقوانين والتشريعات المعمول بها في المملكة، ونظراً لكون القانون متعلقًا بشريحة واسعة من المجتمع الأردني، فمن الضروري الوصول إلى حالة توافق حول القانون وطمأنة كافة شرائح المجتمع والمواطنين، على أن هذا القانون هو منتج وطني وليس إملاءً خارجياً مرتبطاً بالدعم المالي، وعليه نشير لبعض التوصيات التي قد تساهم في الوصول إلى حالة توافق وتفهم شعبي لمشروع القانون:
  8. التروي في دراسة مشروع القانون، وعقد الورشات الحوارية المتخصصة بالشراكة مع أصحاب الاختصاص والمهتمين ونقابة المحامين ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب، بدعوة من اللجنة القانونية في مجلس النواب.
  9. إعادة النظر في صياغة مشروع القانون وضبط مصطلحاته ومواده، والعمل على إزالة كل تعارض أو غموض، ويكون ذلك ممكناً من خلال قيام مجلس النواب بردّ القانون أو قيام الحكومة بسحب القانون وإعادته إلى ديوان الرأي والتشريع، الذي يتمتع بالكفاءة والخبرة التشريعية لمراجعة القانون وتقديمه بصورة واضحة بعيدة عن أي لبس أو غموض.
  10. مبادرة الأطراف الفاعلة كالأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والكفاءات من أساتذة القانون بتقديم الآراء القانونية والتوصيات حول القانون، وإرسالها الى اللجنة القانونية لمجلس النواب ليتم دراستها والاستفادة منها لبناء مشروع قانون متكامل وناضج يحظى بقبول شعبي، ويكون هذا ممكناً في حال لم يتم سحب مشروع القانون من قبل الحكومة لمراجعته.
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts