ياسر أبو هلالة
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

قلوب ملآنة على منصات التواصل

ياسر أبو هلالة
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

كنا بحاجةٍ لخلل تقني حتى نشهد موجة الشماتة العالمية بعملاق التواصل الاجتماعي فيسبوك، وسلالاته إنستغرام وواتساب. ولم تضف موظفة فيسبوك في شهادتها أمام الكونغرس مزيدا على قلقنا بشأن استباحة أطفالنا من منصّات التواصل، بقدر ما وثقت ما نعرفه بشهادات داخلية قاطعة، مبنية على دراسات وخبرات عملية. ما يحدث في فيسبوك يتكرّر، وبشكل أسوأ، في التيك توك وسناب شات ويوتيوب. وتقف دولة بعظمة الولايات المتحدة عاجزةً أمام هذا الغول الذي يلتهم أطفالنا، تماما كأي رب أسرةٍ لا يستطيع معرفة ما يشاهده أطفاله، ولا التحكّم فيه، ولا حمايتهم من الأضرار، ولا معالجتها بعدما تفتك بهم.

أثبتت كتب ودراسات كثيرة في الغرب، قبل جلسة استماع الكونغرس، الأثر المدمّر لمنصات التواصل على الأطفال والمراهقين. وبدونها كان الآباء يدركون ذلك، ويقفون عاجزين أمام توحّشها الذي لا يمكن وقفه. والضرر الذي وقع على هذا الجيل من الصعب إصلاحه، فالمشاهير الذين يتصدّرون تلك المنصّات، وفي مقدمتهم كيم كارداشيان وعائلتها، يمثلون أقبح ما يمكن أن يكون عليه الإنسان، فكل فتاة مشغولة في إبراز مفاتنها وتسليعها من خلال التعرّي وعمليات التجميل والابتذال، بعيدا عن أي قيمة أو خلق.

في الأحوال الطبيعية، تحتاج كارداشيان وأسرتها إلى تدخل علاجي، لكنها بقوّة المنصّات صارت قدوة مدمرة. كل مستخدم، أنثى أو ذكر، في حاجة إلى اللايكات، ولو تطلب ذلك ممارسة كل أشكال الابتذال والتغابي (التهبل) لإغواء الجمهور واستدرار إعجابه. وتحتاج المراهقة إلى شيطان أكبر عمرا ومليء بالنوايا السيئة، لإرشادها نحو أقصر الطرق إلى الشهرة. كل مراهق يحتاج أن يكون دونجوانا تلهث وراءه الفتيات، وكل فتاة تحتاج أن تكون كارداشيانة يهيم بها الشباب، وتتقاتل عليها شركات العطور لترويج منتجاتها. في النتيجة، يُصدم الاثنان بواقع أنهما عاديان لا يثيران اهتمام أحد، فالملايين منصرفون عنهم إلى ما هو أهم منهم. وفي الأثناء، يتعرّضون لكل أشكال التحرّش والتنمر، وهو ما حقق أعلى نسب اكتئابٍ عند المراهقين، قادت بعضهم إلى محاولات الانتحار أو الانتحار فعلا.

كان الكونغرس واضحا، أن يضع عملاق التواصل الاجتماعي الضوابط ويطبقها أو أن الكونغرس يقوم بهذه المهمة. للأسف، العالم العربي المهزوم حضاريا يقف مستسلما أمام تلك المنصّات، مع أنه يستطيع أن يفعل ما فعله الكونغرس. وقد ثبت أن الدول والمنصّات قادرة على الضبط عندما تريد. فعلى سبيل المثال، ظلت منصّات التواصل مرتعا لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، واليوم لا تجد لها أثرا.

وفي “قداسة” الرواية الصهيونية، تجد المنصّات تعمل على أكمل وجه، وفي الحرب العدوانية في مايو/ أيار الماضي، شهدنا المحاربة المنهجية للرواية العربية للصراع، حتى مع كبار المشاهير، فالخوارزميات قادرةٌ على استكشاف أي كلمة أو حرف أو صورة بأي لغةٍ تشيد بشهيد أو أسير.

لا توجد منصّة آمنة للأطفال والمراهقين، والكبار يتعرّضون لمشكلاتٍ من نوع آخر، فهم يتعرّضون لانتهاك الخصوصية، ويُفرض عليهم محتوى لا يرغبون به. الحكومات وأجهزة الأمن والمشرّعون وقادة الرأي في العالم العربي في وادٍ آخر. يستنفرون عندما يتعلق الأمر بالجانب الإيجابي للمنصّات، وهو حرية التعبير. ولذلك تجد دولا، في لحظةٍ ما، تحجب منصّة كاملة لحسابات سياسية، ولا يهمها مستقبل الأطفال والأجيال.

والمشكلة ليست في الدول، بل في الجمهور أيضا، فعندما أسّست منصة باز، وهي أول منصّة تواصل عربية، آمنة من حيث المحتوى، وأول منصّة في العالم تمنح المستخدم حق التوثيق، لا تمنّ به عليه، تجد الجمهور يفضل الأجنبي بعيوبه. قصارى القول، على الدول والمجتمعات أن تتحرك حمايةً لها من الأضرار، والكونغرس علّق الجرس، وهذا لا يلغي، في أي حال، الإيجابيات الكبرى لتلك المنصّات.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts